قال تعالى :
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {7/167}


قال الامام ابن كثير في تفسيره :
" تَأَذَّنَ " تَفَعَّلَ مِنْ الْأَذَان أَيْ أَعْلَمَ قَالَهُ مُجَاهِد وَقَالَ غَيْره أَمَرَ وَفِي قُوَّة الْكَلَام مَا يُفِيد مَعْنَى الْقَسَم مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَة وَلِهَذَا أُتْبِعَتْ بِاللَّامِ فِي قَوْله " لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ " أَيْ عَلَى الْيَهُود" إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ يَسُومهُمْ سُوء الْعَذَاب " أَيْ بِسَبَبِ عِصْيَانهمْ وَمُخَالَفَتهمْ أَوَامِر اللَّه وَشَرْعه وَاحْتِيَالهمْ عَلَى الْمَحَارِم


إذاً ، الآية تتنبأ لليهود بأن سيكون في مستقبلهم من يسلطه الله عليهم بالعذاب وذلك الى يوم القيامة . فماذا حدث ؟
أولا الآية من سورة الاعراف وهي سورة مكية ، وهي فترة مبكرة من الدعوة الاسلامية ، فهي رقم 39 في ترتيب نزول السور ، بينما عدد السور المكية 86
وقد نزلت قبل سورة (طه) رقم 45 والتي كانت من اسباب اسلام عمر بن الخطاب ، حيث كان المسلمون في هذا الوقت لا يتجاوزون خمسة واربعين فردا .
الخلاصة ان هذا يثبت الفترة المبكرة جدا في تاريخ الدعوة الاسلامية التي نزلت فيها سورة الاعراف .

وجه الاعجاز في الآية :
هو إعجاز إخبار بالغيب وإعجاز تاريخي ، فالآية تتكلم عن ما سيقابله بني اسرائيل من عذاب بسبب عصيانهم وكفرهم بآيات الله و جحودهم رسوله صلى الله عليه وسلم ، لذلك أعلمهم الله عز و جل بأنه سوف يبعث عليهم من يعذبهم وذلك الى يوم القيامة .
وماذا في ذلك ؟
في ذلك أنه قد حدث ما تنبأ به القرآن الكريم تماما ، وهو ان اليهود قد سلط الله عليهم في فترات تاريخية كثيرة جدا من يضطهدهم ويعذبهم ، بل أعلمهم ان ذلك
سيكون الى يوم القيامة . وهو دليل أيضا على ان اليهود لن يرجعوا عن غيهم كأمة تجاه الاعتراف بمحمد صلى الله عليه وسلم ابدا وإلا لرفع الله عنهم العذاب بصورة نهائية ولم يذكر أنه "إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " وهو ما حدث وما يحدث ، فمازال اليهود يكيدون للإسلام والمسلمين وسيستمر هذا الى يوم القيامة . وهو وجه آخر للإعجاز . لآنه
لو تراجعت أمة اليهود كجماعة واحدة عن كفرها بالإسلام لما تحققت هذه الآية .


نماذج من ما تعرض له اليهود من عذاب على يد غيرهم من الشعوب :
الحقيقة انه قد تسلط عليهم كثيرا من الشعوب قبل و بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم . ولكننا سنتناول فقط ما هو بعد بعثته حتى لا يقال ان محمد صلى الله عليه و سلم كان عالما بتاريخ اليهود ، لا . سنتناول ما تم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (القرن السابع الميلادي) حتى يتبين لكل منصف وجه الاعجاز الإخباري المستقبلي فيها :


Usury became a proximate cause of much anti-Jewish sentiment during the Middle Ages


أصبح الربا والسبب المباشر لكثير من المشاعر المعادية لليهود في العصور الوسطى

In Italy and later Poland and Germany, John of Capistrano stirred up the poor against the usury of the Jews; Bernardinus of Feltre, aided by the practical notion of establishing mont-de-piétés, called for the expulsion of Jews all over Italy and Tyrol and caused the massacre of the Jews at Trent.
في القرن الثامن الميلادي :
في ايطاليا ثم مؤخرا في بولندا وألمانيا ، أثار جون كابيسترانو الفقراء ضد ربا اليهود
برناردينوس اوف فلتري نادى بطرد اليهود من جميع ايطاليا وتيرول ( بين ايطاليا والمانيا ) وتسبب في مذبحة لليهود في ترنت (شمال ايطاليا) .



Between the years 250 CE and 1948 CE - a period of 1,700 years - Jews have experienced more than eighty expulsions from various countries in Europe - an average of nearly one expulsion every twenty-one years. Jews were expelled from England, France, Austria, Germany, Lithuania, Spain, Portugal, Bohemia, Moravia and seventy-one other countries.


ما بين عامي 250 ميلادية و 1948 ميلادية ، حوالي 1700 عام تعرض اليهود لأكثر من 80 عملية طرد من العديد من البلاد الاوروبية حيث تم طردهم من انجلترا و فرنسا والنمسا وليتوانيا واسبانيا والبرتغال وبوهيميا ومورافيا (جمهورية التشيك) وسبعين بلد آخر


في اسبانيا :
في عام 638 م و 653م و 681 م و 693 م و 1063م و 1212 م و 1240م و 1368م و 1354م و 1377م و 1449م و 1490م حيث تراوحت الحملات ما بين الحرق و المذابح الجماعية والطرد كان آخرها 1490 م حيث تم طرد اليهود و المسلمين .


في ألمانيا :
عام 1096 م و 1140 م و 1147م و 1264م و 1298م و 1394م و 1431م و 1499م و 1614م و 1920 م و 1930 م و 1938 م


في فرنسا :
في عام 1181 م و 1195 م و 1236 م و 1291 م و 1320 م و 1394 م و 1514 م و


في ايطاليا :
في عام 855 م و 945 م و 1021 م و 1231 م و 1292 م و 1415 م و 1480 م و 1540 م


هذا غير روسيا و رومانيا و النمسا و المجر و البرتغال و بوهيميا . ومن اراد المزيد يجده في الرابط التالي :


http://www.simpletoremember.com/arti...shPersecution/


ولكن ، لماذا لا نرى في عصرنا الحالي هذا الاضطهاد كما كان ؟


نعم لآن لهم في القرآن نبوءة أخرى بالعلو في الارض الى حين ، قال تعالى :


وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا {17/4}


نعم ، ها قد على بنو اسرائيل في الارض ولعلها الاخيرة بإذن الله ، حتى يسلط الله عليهم مرة اخيرة من عباده من يقهرهم بسبب فسادهم وبغيهم ، قال تعالى :


إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا {17/7}


لِيَسُوءُوا وُجُوهكُمْ " أَيْ يُهِينُوكُمْ وَيَقْهَرُوكُمْ كما كان يحدث من قبل ، حتى يحدث ما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم آخر الزمان :


أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ , فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ , حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ , فَيَقُولُ الْحَجَرُ وَالشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ , يَا عَبْدَ اللَّهِ , هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي , فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ , إِلا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ " . رواه مسلم


المدهش ان الاسم العلمي للغرقد وهو (Nitraria retusa) موجود في صفحة "زهور في اسرائيل" لمن يريد المراجعة :


http://www.flowersinisrael.com/Nitrariaretusa_page.htm


يعني أنه يزرع في اسرائيل فعلا . وهو شجيرة يمكن ان تصل الى مترين في الطول ولها أزهار .


انظر هذا التعليق على حديث الرسول صلى الله عليه و سلم :
تحت عنوان (The Gharqad Tree) او شجر الغرقد :
Note: According to a hadith attributed to Mohammed (Sahih Muslim, Book 41, Number 6985), Judgment Day will see Jews hiding behind stones and trees which will betray them to their Muslim attackers. Only behind the gharqad tree, which we know as the boxthorn, will Jews be safe. (Israeli prime minister Binyamin Netanyahu was once photographed planting a boxthorn.)


المصدر :
http://www.frontpagemag.com/2011/david-solway/the-gharqad-tree/


الترجمة :
طبقا لحديث منسوب لمحمد (صحيح مسلم ، كتاب 41 ، رقم 6985 ) يوم الدينونة سيقوم اليهود بالاختباء خلف الحجر و الشجر فيقومان بفضح مخبأه لمهاجمه المسلم إلا شجرة الغرقد الذي يعرف عندنا باسم (boxthorn) ، حيث يكون اليهودي في أمان خلفه . (وقد شوهد
رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو وهو يزرع شجرة (boxthorn) في صورة فوتوغرافية .)





والله أعلم متى يأتي هذا العصر ، ولكن نرجع للآية الكريمة لنراجع ما ثبت من معلومات :
الآية نزلت في وقت مبكر جدا من الدعوة الاسلامية
كان المسلمين لا يتجاوز عددهم 45 فرد
لم تكن مكة مسكنا لليهود مثل المدينة
لم تكن ثمة أي عمليات عدائية بين المسلمين واليهود بعد
لم تكن الجزيرة العربية مركزا ثقافيا او حضاريا تتوفر فيه المخطوطات التاريخية او تعقد فيه الندوات والمناقشات العلمية الدينية
لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم يعرف القراءة
فكيف عرف النبي عن اليهود أنهم سيتعرضون لتسليط مختلف شعوب الأرض عليهم لمئات السنين وهو ما حدث ؟
وهل هناك شعوب أخرى أذاقها الله ذلك العذاب بحيث يكون حدوث ذلك أمر طبيعي ؟
ألم يكن من الممكن ان ينقرض الشعب اليهودي تماما من الأرض فلا يحدث ذلك ؟
كما ان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على بقاء أمته و كذلك اليهود حتى يتقاتلوا قرب قيام الساعة . وهذا ايضا اعجاز ، لآن كلا من الأمتين كان معرضا للفناء والتلاشي ، المسلمون في اول مراحل دعوتهم ، واليهود على مر العصور نتيجة بغض الشعوب لهم .
وصلى اللهم على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم