هل النجوم هي من ترجم الشياطيين؟

قالــوا على سبيل التهكم والسخرية : إن القرآنَ يخبرُ عن النجومِ الهائلةِ في حجمها، والتي يكبر حجم بعضهاعن الأرض آلاف المرات،أن الله خلقها ليرجم بها الشياطين ولا شيء غير ذلك ......

واستندوا في ذلك بما جاء في قوله:"وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ " (الملك 5).

الرد على الشبهة

أولاً : إن القرآن الكريم لم يخبرنا أن اللهَ خلق النجومَ من أجل أن ترجم الشياطين بل اخبرنا أنه خلقها كي تُضيء في السماء، ويهتدي بها الناس إلى طريقهم ...

قال تعالى:" وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)" (الإنعام ).

جاء في التفسير الميسر: والله سبحانه هو الذي جعل لكم أيها الناس النجوم علامات، تعرفون بها الطرق ليلا إذا ضللتم بسبب الظلمة الشديدة في البر والبحر، قد بيَّنَّا البراهين الواضحة; ليتدبرها منكم أولو العلم بالله وشرعه.اهـ

ثانيًا : إن الآية الكريمة التي استند بها المعترضون على شبهتهم لم تخبر أن النجوم هي تحرق الشياطين بل الآية تقول:"وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ". (الملك 5).

نلاحظ: أنها تتحدث عن مصابيح مضيئة تحرق الشياطين ، وهذه المصابيح قد تكون نجومًا بالفعل وقد تكون شُهبا ،لكننا تعلمنا أن القرآن يفسر بالقرآن الكريم ؛ لذلك نجد في موضع آخر أن اللهَ يتحدث عن شهبٍ لا عن النجوم ....

دلت على ذلك آيات قرآنية توضح المعنى :

1-قوله: أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)(الجن).
2- قوله : وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)(الحجر ).

3- قوله: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) (الصافات).

إذن من خلال ما سبق يتبين لنا: أن اللهَ يحرقُ الشياطين الذي يريدون استراق السمع بأن يرسل عليهم شُهبا تحرقهم ، لا بإرسال النجوم كما ادعى المعترضون.....

وبالتالي : لا يحق لعاقل أن يعترض على أمر غيبي لما يشاهده بعينه ، كما لا يحق له أن يعترض على عقوبة قدرها اللهُ على بعض الشياطين الذي يسترقون السمعَ بإرسال شهبٍ حارقةٍ لكل واحدٍ منهم ....

كتبه/ أكرم حسن مرسي
باحث في مقارنة الأديان