أريوس أكثر شخصية كيلت لها الاتهامات والانتقادات من مختلف الطوائف المسيحية على السواء منهم من أنكر أهميته ودوره وجعله كأي (مهرطق!!!) ذهب وذهبت معه أفكاره وبقيت آراء منتقديه تلوح دائما لمن يود الإطلاع على هاته الشخصية المهمة.
ومنهم من جعله الشيطان الذي كاد أن يغير وجه المسيحية المغيرة أصلا!!!!
سأعرض في هذه المشاركة البسيطة آرائهم حوله واختلافاتهم فيه عبر كامل مراحل حياته ولادته ، سيامته وتدرجه في الرتب الكنسية إلى ظهور
هرطقته ومجمع نيقية .....إلى وفاته وبالأحرى إغتياله ليموت ميتة بشعة
الجزء الأول
أولا : د. أسد رستم
يقول تحت عنوان آريوس والآريوسية الآتي :
"...نكاد لا نعلم شيئاً عن آريوس قبل خروجه على الكسندروس أسقف الإسكندرية. وجلّ ما نعلمه هو، أنه ليبي المولد والمنشأ وأنه أَمَّ الإسكندرية وتعلّم فيها وشايع ملاتيوس لدى خروجه على بطرس. ثم تراجع فسيم شماساً. ثم انتقد رئيسه في أمر توبة الجاحدين فقطع. فالتجأ على أخيلاس فسامه كاهناً. ثم وثق فيه الكسندروس فجعله خادم كنيسة بفالكس.
وكان آريوس فيما يظهر عالماً زاهداً متقشفاً يجيد الوعظ والإرشاد فالتف حوله عدد كبير من المؤمنين ولا سيما عذارى الإسكندرية اللواتي نذرن أنفسهن للعمل الصالح، فأصبحن فخر كنيسة مصر. وانضم إلى هؤلاء عدد كبير من رجال الاكليروس الذين وجدوا في وعظه غذاء للنفوس فآثروا الاصغاء إليه على الرغم من التخالف في التعليم بينه وبين الأسقف رئيس الكنيسة...."
ثانيا :في كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج يقول عن آريوس :

1 – ظهر أريوس ودخل التاريخ فجأة، رجل متوقد الذكاء حاضر البديهة لكنه مملوء مكرًا وخداعًا يظهر خلاف ما يبطن ويتقن الدسائس والوقيعة. كان في أول أمره مجهول الذكر حتى أننا لا نعرف عن حياته سوى أنه ولد بإحدى مدن ليبيا (270-236 م.) ووفد إلى الإسكندرية في حبرية البابا ثاؤنا (البابا 16) وقد التحق بالمدرسة اللاهوتية وتبحر في العلوم الدينية والمدنية وتبحر في دراسة الفلسفة المسيحية وكان أريوس مصابًا بداء الكبرياء والغطرسة ومن غرائزه حبه للجدل والمقاومة.
2- في عام 308 م. رسم شماسًا ثم كاهنًا في عام 310 م. وفي عام 313 م. عين كاهنًا لكنيسة بوكاليا بالاسكندرية ومن المعروف أن البابا بطرس خاتم الشهداء أسقط أريوس من رتبته ثم جاء البابا ارشيلاوس وأعاده إلى الشركة! وكان أريوس يطمع بدخوله السلك الكهنوتي إلى الوصول إلى البطريركية ولكنهم خذلوه ورسم ألكسندروس الذي قام بحرم أريوس وناهض بدعته.
3- كان أريوس ذا منظر مهيب يوحى بالصرامة والنسك وكان عذب الحديث ولكن كل ذلك كان ستارًا لنفس مملوءة خبثًا ودهاءًا وغرورًا.
4- ونظرًا لما كان يظهر على وجهه الشاحب من مسحة الجمال وما كان يظهره من تقشف وتواضع وما في كلماته من قوة وما في صوته من نبرات جذابه، كل ذلك كان يبدو كأنه أعد خصيصًا للخداع فقد جذب إليه كثيرًا من العذارى. كما جذب إليه الجماهير بوعظه القدير وفصاحته ومنطقه القوى. وذلك لم يكن بمستغرب أن ينتشر أريوس كما أنه أكتسب فيما بعد إلى جانبه الأباطرة لأنه كان يخدم أطماعهم السياسية.
5- كان مزيجًا عجيبًا من النقائص التي صهرت في بوتقة الغرور والتي يتميز بها دائمًا كبار الهراطقة وأن السر الأعظم الذي يكمن وراء هرطقة أريوس وكفره وعناده الشنيع يمكن تلخيصه واختصاره في أن أريوس كان يملك معرفة دينية ولكن لم يكن يملك أخلاقًا دينية.
6- كان فصيحًا ماكرًا ونزل بالقضية اللاهوتية إلى الشارع وصار يبسطها لعامة الناس والأطفال فشوه الرأي الأرثوذكسي بصورة جعلته يبدو لأكثر الناس لا يمكن قبلوه.
7- وضع ثاليات (قصائد وأناشيد) وحشاها من أرائه الهرطوقية... وصار الناس يرددونها لحلاوة أنغامها.
8- كان يدخل الشوارع والأندية والمجتمعات ويعمل مظاهرات فانضم إليه كثير من الشعب.
9- أحدث بلبلة بين البسطاء فكان يسأل الناس "هل أنت أكبر أم أبوك"...
ومن ردود أثناسيوس في هذا "الماء من النبع... ولكن منذ أن كان النبع نبعًا فالماء فيه لم تمر لحظة من الزمان يكون فيها نبع ولا يكون ماء... وإلا كيف يكون نبع".
ثالثا : في السنكسار القبطي :
تت عنوان نياحة البابا أثناسيوس الرسولى ال20 ( 7 بشــنس) :ولكن اريوس مات ميته شنيعة كما قال سقراط ( ك 1 ف 68 ) "إنما أمات الله اريوس في مرحاض عمومي حيث اندلقت أمعاؤه وقد اعتبر الشعب هذه الميتة انتقاما للعدل الإلهي...
تحت عنوان : اجتماع مجمع نيقية المسكونى الاول سنة 325 ميلادية ( 9 هـاتور) :
وكان سبب اجتماع المجمع هو محاكمة اريوس الذي كان قسا بالإسكندرية ، وجدف علي ابن الله الرب يسوع المسيح قائلا "إنه لم يكن مساويا لله أبيه في الجوهر . وانه كان هناك وقت لم يكن فيه الابن" ...... واستحضروا اريوس وطلبوا منه إقراره بالإيمان . فجدف وقال "كان الاب حيث لم يكن الابن" . فلما افهموه ضلاله ولم يرجع عن رأيه ، حرموه هو ومن يشاركه رأيه واعتقاده .
وتحت عنوان استشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء 17 ( 29 هـاتور) :
وفي أيام هذا البابا ظهر اريوس المخالف ، فنصحه القديس بطرس كثيرا إن يعدل عن رأيه الفاسد فلم يقبل ، فحرمه ومنعه من شركة الكنيسة ، واتصل بالملك مكسيميانوس الوثني ، إن بطرس بطريرك الإسكندرية يحرض الشعب علي ألا يعبدوا الإلهة ، فحنق جدا وامتلأ غيظا ، وأوفد رسلا أمرهم بقطع رأسه ، فلما وصلوا إلى الإسكندرية فتكوا بالشعب ، ودمروا اغلب البلاد المصرية ، ونهبوا الأموال ، وسلبوا النساء والأطفال ، وقتلوا منهم نحو ثمانمائة وأربعين آلفا ، بعضهم بالسيف والبعض بالجوع والحبس ، ثم عادوا إلى الإسكندرية ، وقبضوا علي الاب البطريرك وأودعوه السجن
يقول عزت أندراوس نقلا عن كتاب الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة للأسقف الأنبا أيسذورس - الجزء الأول ص 286 - 288

أشتهر البابا ألأكسندروس فى الكنيسة فى العالم القديم بمحاربة بدعة آريوس وبداية ذلك وتفاصيله أنه عندما جلس البابا ألكسندروس على الكرسى السكندرى تقدم كاهنان من ثغر (ميناء) الأسكندرية بشكوى ضد آريوس متهمينه بأنه : " أنكر مراراً لاهوت المسيح فى عظاته وخطبه العلنية "
وكان أرشلاوس البابا السابق قد قبله فى شركته بالرغم من نصيحة ووصية سلفه البابا بطرس الشهيد الذى أوصى كل من أرشيلاوس والأسكندروس قائلاً لهما لا تقبلا آريوس فى الشركة وذكر لهما الرؤيا التى رآها البابا بطرس الشهيد بأنه رأى ثوب المسيح ممزق وذكر له الرب يسوع فى الرؤيا أن الذى مزقه هو آريوس , وبمجرد إطلاع البابا ألكسندروس على الدعوى المقدمة له من الكاهنين دعا رهطــاً من الأساقفة الذين يتولون إيبروشيات قريبة من الأسكندرية , وفحصوا تلك الدعوى فحكم آباء هذا المجمع المحلى بأن : -
*** يكف آريوس عن تعليمه الهرطوقى
ولكن آريوس لم يخضع لهذا الحكم بل تمرد وإزداد عتواً وقحة ونشط ينادى بتعليمه المخالف للكنيسة فى السر والعلن , فتضايق البابا الكسندروس من جسارة آريوس فدعى لعقد مجمع محلى آخر موسع فحضر مائة أسقف من مصر وليبيا التى كانت تابعة لمصر وبعد مناقشة الموضوع وقعوا على قرار : -
*** بطرد آريوس وأسقفين معه وحرمهم من درجات الكهنوت .
لم يقبل آريوس هذا الحرم وكان له شخصية جذابة وكان رجلاً حاذقاً يتظاهر بالتقوى محبوباً من كثيرين فتمادى فى تمرده فإستمر يقيم الخدمات الكنسية والقداسات ويلقى العظات والخطب ضد تعليم الكنيسة المستقيم ويحرض الشعب على قبول فكره حتى جذب الكثيرين , ولما رأى البابا الكسندروس شدة تأثيره إضطر أن يطردة من الثغر , وينشر قرار المجمع المحلى فى جميع كنائس الأمبراطورية البيزنطية .
غادر آريوس الأسكندرية وأتجه إلى فلسطين حيث وجد من ينضم إليه , ومن هناك بدأ يتكلم مع الأساقفة فى كل مكان فكون جبهة ضد البابا الكسندروس وكانت تقوى وتتكاثر يوما بعد يوم , وقام آريوس بعرض أضاليله التى لاتوافق التعليم الأرثوذكسى فإنضم إليه ثاغوتوس أسقف نيقيا , وأسوابيوس أسقف نيكوميديا , وكان أسقف نيكوميديا يتمتع بشخصية مؤثرة ( لأنه فيما يقول المؤرخين من أقارب أسرة الأمبراطور قسطنطين الحاكمة كما كان رجلاً مخادعاً لا يظهر ما يبطنه )
وحدث أن الإمبراطور ذهب إلى هذه المدينة فقابله اسقفها وظل يكلمة حتى أستماله إلى جانب آريوس الهرطوقى .
ولم يكن آريوس بالرجل الذى يهدأ فقد ألف بعض الأغانى وضع فيها ضلالته وسموم أفكاره ووضعت لها ألحان شجية ونشرها بين عامة الشعب فحفظها العامة وترنموا بها فى المنازل والإجتماعات شاربين سموم أفكارة الضالة القتالة بدون أن يتفحصوا كلماتها .