أصل الفرق بين أهل السنة وأهل البدع والاهواء

إنّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا، ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له.وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسولُه. أما بعد:

فمن القواعد المتبعة عند أهل العلم – الموفقين - استدل ثم اعتقد. ومن قواعد غيرهم من أهل التحزب والتمذهب والتعصب اعتقد ثم استدل!.
وفرق كبير بين الأمرين بل إن الأمرين كما ترون معكوسان، ففرق كبير بين أهل التوفيق والرحمة وبين أهل الخذلان والنقمة.

فالموفق تنشرحُ صدرهُ للوحي وللدليل، وحيث أوصلهُ الدليل يعتقدُ .. يُعَقِّدُ قَلبَهُ على ما أوصلهُ الدليل إليه.
وأما الآخر فعندهُ أشياء جاهزة، عندهُ عقائد موروثة، عندهُ قناعات لا يمكنهُ أن يحيدَ عنها، والشرعُ عندهُ بمثابة المُستودَع
الذي يخرجُ منهُ ما يوافق هواه، فعندهُ أصلا قناعات فهو يعتقدُها ثم يبحثُ لها في الشرع عن دليل.

ففرق كبير بين الطرفين.

أهل السنة يقولون: استدل ثم اعتقد.
أهل البدعة يقولون: اعتقد ثم استدل!.

هذه القاعدة مؤخوذة من مقولة ذهبية للإمام وكيع بن الجراح، قال الإمام وكيع فيما أَخرجَ عنه الإمام البخاري في جزئِهِ رفع اليدين:
"من استدل بالحديث كما جاء فهو من أهل السنة. ومن استدل بالحديث لِيُقَوِّيَ رأيه فهو من أهل البدعة".
من استدل بالحديث كما جاء على مراد الشرع، كما أراده الشرع فهذا من أهل السنة.
ومن استدل بالحديث لِيُقَوِّيَ رأيه، عنده رأي سابق جاهز، عنده عقيدة جاهزة، فيبحث في أدلة الشرع عما يوافق رأيه، فهو من أهل البدعة.

ففرق بين أن تخدم أنت الشرع، وبين أن تبحث عن الشرع ليخدمك.
فرق بين أن تدور أنت مع الشرع، وبين أن تُدَوِّرَ الشرع معك.
فرق بين أن تمتثل أمر الله وأن تنصاع لأوامره، وبين أن تصوغ وأن تلوي النصوص لتوافق هواك ومشربك.

هذه قاعدة يسيرة، كلمات قليلة، لكن لو أردنا أن نتكلم بآثارها وشؤمها عند أهل البدع لاحتجنا لبسط ذلك إلى كلمات كثيرات طويلات، لاحتجنا
إلى أبواب عظيمة من أبواب التصفية ولجهود كبيرة من جهود العلم.

هذا تفريغ - بتصريف يسير - لكلمة ألقاها فضيلة الشيخ الوالد "أبو عبيدة" مشهور حسن آل سلمان حفظه الله في بداية درس الفتاوى - فتاوى فجر السبت -
منقول