بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد :
فإننى أكتب هذا الموضوع وأنا على علم تام بخطورة الخوض فيه وما جرأنى عليه هو الخوف من ذنب كتمان العلم ... ولأن هذه الفتاوى كوارث حقيقة فى رقاب من أطلقوها وبما أن الله عليم بذات الصدور ... ولأننى لا أستطيع تصديق نسبة بعضها لأهل العلم المعروفين فربما دلس عليهم ..... لن أذكر أى أسماء أو روابط فقط سأذكر نص الفتوى وأدلة تفنيدها ..... والله الموفق والمستعان .
الفتوى الأولى :
فتوى تحريم تعدد الزوجات :

((ولم أعرف آية تمت قراءتها بإبتسار وإساءة فهمها عن عمد مثل هذه الآية التى فسروها على أنها إباحة تعدد غير مشروطة ، وأعتقد أن هذا الدفاع المستميت هو من باب "الطفاسة " الذكورية لا الرخصة الشرعية ،ومن قبيل "فراغة العين " الرجالى لا من باب التحليل الدينى
[ الآية مثار الجدل والتى إعتمد عليها معظم الفقهاء وتعلق بأهدابها الرجال من بعدهم لتحليل تعدد الزوجات فى الإسلام هى الآية رقم 3 من سورة النساء " وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فإنكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألاتعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاتعولوا " ،ولكى نفهم أن إنتزاع ماطاب لكم من النساء من سياقها لترويج فكرة تعدد الزوجات على إطلاقها هو إنتزاع به قدر كبير من سوء النية والألاعيب الفقهية،ولنسأل أنفسنا لماذا نزلت هذه الآية وماهى الظروف التى قيلت فيها حتى نعرف ماذا يقصد قرآننا الكريم بفكرة التعدد وماهو الهدف منها ؟، وكيف قرأها فقهاء تونس المستنيرين ومؤخراً المغرب الذين إتهمهم البعض بالجهل والتدليس نتيجة تغريدهم خارج السرب وخروجهم عن مسار القطيع وإستفزازهم لكسالى الفقه بتشريعهم القانونى الذى يمنع تعدد الزوجات ؟،هذه الرخصة التى قررتها الآية إرتبطت بظرف معين ومحدد مثل ماحدث بعد غزوة أحد وإستشهاد عدد كبير من الرجال تركوا نساءهم أرامل من بعدهم ،فجاءت الآية لإنقاذ هؤلاء الأرامل ووضع حد لإضطهادهن والسماح لكل منهن بالحصول على فرصة زواج شريف فى كنف رجل يحميها وتنتقل إليه مسئولية العناية بها وبأولادها ،وكان الشرط أن يأخذها مع أولادها ولايتركهم وحيدين بغير عائل أو حماية ،ولو فكرنا بمنطق اللغة العربية فإن جواب الشرط "فإنكحوا ماطاب لكم " مرتبط بالشرط الذى هو " وإن خفتم ألاتقسطوا فى اليتامى " ،أى أنه بعبارة أخرى كما قال المفكر محمد شحرور أطلق الكم حتى أربعه وقيد الكيف بأن تكون أرملة ذات أيتام ،ولو فهمنا الآية مثلما فهمها معظم الرجال من أنها إطلاق للتعدد فلابد أن نقرأ النصف الثانى من الآية التى تتحدث عن الخوف من عدم العدل والذى فسره معظم الفقهاء القدامى بأنه العدل المادى ،وبالمناقشة الهادئة نجد أن العدل المقصود الشامل مستحيل بين الزوجات وليس هذا كلامى ولكنه كلام القرآن الذى قال فى محكم آياته " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " وماكان معلقاً على شرط مستحيل فحكمه ببساطة حكم الموقوف
.
))
التفنيد :
أولاً : كل هذا الهراء ..... يتم ضحده بحديث واحد من صحيح البخارى :
أنه سألَ عائشةَ عن قوله تعالى : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا . قالتْ : يا بن أختي، اليتيمةُ تكونُ في حَجْرِ وَلِيِّهَا، فيرغبُ في مالِها وجمالِها، يُريدُ أن يَنْتَقِصَ صَداقَها، فنُهوا عن ينكحوهن إلا أن يُقْسِطُوا لهن فيكملوا الصداق،وأُمِروا بنِكاحِ مَن سِواهُنَّ من النساءِ . الراوي: عروة بن الزبير المحدث:
البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5064
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فمن الواضح جلياً أن الآية لا تتحدث عن كفالة اليتيم ولا الأرملة إطلاقاً ... بل الآية تقتضى إباحة التزوج بأكثر من إمرأة ..... وليس هناك نص فى الشرع بأكمله أوضح من هذا فى ذلك الشأن .... ناهيكم عن السنة والإجماع !!!
واللغز الحقيقى هو كيفية إتيانه بهذا التفسير الشاذ المنكر ؟؟؟!!!
ثانياً :
إدعائه أن الله أقر بعدم القدرة على العدل ..... فهو مردود بقوله تعالى : وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ......
فكيف يقر الله بأن الرجل لن يستطيع أن يعدل ... وفى نفس الوقت يحذر من مجرد الخوف من عدم العدل ويجعله سبباً لتحريم التعدد ؟؟!!
أم أن هذه الآية لا معنى لها ـ حاشا لله ـ ؟؟!!!
فإذا تبين فساد هذا الإدعاء الباطل .... لم يسعنا سوى التسليم للتفسير الذى توصل إليه العلماء وهو أن المقصود بالعدل .. هو العدل المادى .. أو بمعنى أدق ... العدل المقدور عليه خاصة وأن عليه الدليل الواضح من سنة النبى صلوات الله عليه وسلامه : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقسمُ فيعدلُ ويقول : اللهمَّ هذا قَسْمي فيما أملكُ ، فلا تلُمْني فيما تملكُ ولا أملكُ يعني القلبَ الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:
ابن دقيق العيد - المصدر: الإلمام بأحاديث الأحكام - الصفحة أو الرقم: 2/664
خلاصة حكم المحدث: [اشترط في المقدمة أنه] صحيح على طريقة بعض أهل الحديث
ثالثاً : فى هذه الفتوى تطاول صارخ على علماء المسلمين جميعهم .... الأقدمين والمحدثين .... بل وعلى الصحابة رضوان الله عليهم الذين قاموا بالتعدد ..... وهو تطاول لا يقبله مسلم ... نسأل الله الهداية للجميع.


الفتوى الثانية :
فى شرح حديث تشبه الرجال بالنساء والعكس :
((اعلم أن الله عز وجل كرم الرجل بكونه ذكرا فإذا تشبه بالنساء حط نفسه عن مرتبته ورضي بخسة الحال فاستوجب اللعن وأما المرأة إذا تشبهت بالرجال فإن ذلك يوجب مخالطة الرجال لها ورؤيتها وهي عورة غير مستورة))
التفنيد :
الله كرم الرجل بكونه ذكراً؟؟؟!
أولم يقل الله تعالى فى كتابه :
( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ؟؟!!
وبالمناسبة : هذه الفتوى إهداء لمن أخبرونى بأن هذا الموضوع لا قيمة له :
http://majles.alukah.net/t116368/
كذلك فالإجابة على هذا السؤال وهو : لماذا حرم الله تشبه الرجال بالنساء والعكس ؟
ما هى إلا خوض فى أمور غيبية ولا يجوز الخوض فيها إلا بنص صحيح .
أما القول بأن سبب تحريم تشبه المرأة بالرجل أن ذلك يقتضى خروجها وهى غير مستورة .. فبطلانه سبب بسيط وهو أن تشبه المرأة بالرجل فى غرفة نومها دون أن يطلع عليها بشر محرم أيضاً!!
الفتوى الثالثة :
((ليس فى النساء نبيات ولا مرسلات لأن الذكورة أكمل !!))
التفنيد :
للمرة الثانية : الخوض فى الأمور الغيبية دون نص صحيح .... كذلك فإن صاحب هذه الفتوى إعتقد أن الأنوثة نقص لا يتلائم مع تكريم الله للأنبياء .... وهذه كارثة .
فلنبدأ : كيف إختار الله الأنبياء ؟؟؟
قال تعالى : إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
وبما أن أكرم الناس عند الله هم الأنبياء فلا شك أنهم كذلك أتقى الناس ... لذلك كرمهم الله وأعطاهم مقام النبوة ... أليس كذلك ؟
دعونا نفترض وجود إمرأة قلبها شديد النقاء ودرجة تقواها لا مثيل لها وكذلك وجود رجل له نفس المواصفات .... فهل يعطى الله الرجل مقام النبوة ولا يعطيه للمرأة لمجرد أنها إمرأة ؟؟
قال رسول الله :

إنَّ اللَّهَ لا ينظرُ إلى صورِكُم وأموالِكُم ، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأعمالِكُم الراوي: أبو هريرة المحدث:
مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 4651
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
مع التنبيه : أننى لست بصدد إثبات نبوة النساء أو نفيها ... هذه ليست قضيتى .... كل ما أقصده أنه لو لم يكن فى النساء من نال تكريم الله والقرب منه ذلك الذى ناله الأنبياء ... فهذا يرجع إلى درجة التقوى التى كان عليها هؤلاء الأنبياء والتى لم يكن عليها سواهم .... هذا كل ما فى الأمر .

الفتوى الرابعة :
((لا يجوز للزوج أن يأمر زوجته بأمور فيها تعنت وقهر وإذلال ... كما لا يجوز لها معصيته!!))
التفنيد :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنما الطاعةُ في المعروفِ الراوي: علي بن أبي طالب المحدث:
الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2327
خلاصة حكم المحدث: صحيح
والمعروف : هو ما عرف حسنه بالعقل أو الشرع ... وإنما وسيلة قصر !!


الفتوى الخامسة :
من حقوق الزوج على زوجته أن تنفق عليه إن كان معسراً وكان لها مال والدليل :
فقالت يا نبيَّ اللَّهِ إنَّكَ أمرتَنا اليومَ بالصَّدقةِ وعندي حليٌّ لي فأردتُ أن أتصدَّقَ بهِ فزعمَ ابنُ مسعودٍ أنَّهُ هوَ وولدَهُ أحقُّ من تصدَّقتُ بهِ عليهم فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صدقَ ابنُ مسعودٍ زوجكِ وولدكِ أحقُّ من تصدَّقتِ بهِ عليهم الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 3/121
خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات‏‏
التفنيد :
لم يلاحظ مطلق هذه الفتوى أن الحديث يدور حول الصدقة .. والصدقة مستحبة أصلاً وليست واجبة إنما الواجبة هى الزكاة ........ ثم الصدقة لا تكون بالمال فقط ... بل تبسمك فى وجه أخيك صدقة !!.
كذلك فكلمة ( أحق ) صيغة تفضيل وليست قصراً .
كما أن النفقة واجبة على الزوج ولو كانت الزوجة غنية بالكتاب والسنة والإجماع ... وهو دين فى رقبته لا يبرأ منه إلا بالقضاء أو الإبراء .... إلا أنه لو كان معسراً فلا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها .

الفتوى السادسة :
الزواج بنية الطلاق جائز وفيه فائدة للمغتربين !!!
التفنيد :
كون الزواج بنية الطلاق جائزاً : مسألة إختلف عليها أهل العلم .... ومن أباحها منهم إستنكرها وإستقبحها ..
كما قال مالك رحمه الله : ليس هذا من أخلاق الناس .
إلا أن هذه ليست المشكلة الوحيدة ..... فهذا المفتى يبدو وكأنه يشجع عليه .... وكأن الإسلام يجيز غش الآخر وكأن المرأة فى الإسلام ما هى إلا أداة للمتعة مجردة من المشاعر والكرامة ...
مع العلم أن الراجح من أقوال أهل العلم هو التحريم :
قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - :
هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع " المتعة " يقتضي منع النكاح بنية الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشّاً ، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها ، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية ، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات ، وما يترتب على ذلك من المنكرات ، وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشّاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له ، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
نقلاً عن " فقه السنَّة " للسيد سابق ( 2 / 39 ) .


الفتوى السابعة :
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : هل من الواجب على الزوجة أن تطبخ الطعام لزوجها ؟ وإن هي لم تفعل ، فهل تكون عاصية بذلك ؟
فأجاب : "لم يزل عُرْف المسلمين على أن الزوجة تخدم زوجها الخدمة المعتادة لهما في إصلاح الطعام وتغسيل الثياب والأواني وتنظيف الدور ونحوه ، كلٌّ بما يناسبه ، وهذا عرف جرى عليه العمل من العهد النبوي إلى عهدنا هذا من غير نكير ، ولكن لا ينبغي تكليف الزوجة بما فيه مشقَّة وصعوبة ، وإنما ذلك حسب القدرة والعادة ، والله الموفق " انتهى من "فتاوى العلماء في عشرة النساء" ص 20 .
وبهذا يتبين أن الراجح وجوب الخدمة بالمعروف ، وأن المرأة مطالبة بالعمل في البيت ، كما أن الرجل مطالب بالعمل والكسب خارجه .
ومن تمسك بقول الجمهور في نفي وجوب الخدمة ، قيل له : والجمهور لا يوجبون على الزوج علاج زوجته إذا مرضت ، وعللوا ذلك بأن العلاج ليس حاجة أساسية ، أو بأن النفقة إنما تكون فيما يقابل المنفعة ، والتداوي إنما هو لحفظ أصل الجسم .
ولكن من نظر إلى كون العلاج أصبح حاجة أسياسية في هذا العصر ، تبين له رجحان القول بوجوب معالجة الزوج لزوجته .

التعليق :
أولاً : وجوب خدمة الزوجة لزوجها ثابت بالعرف ... لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .. هذه قاعدة فقهية
لا يجوز إنكارها .
ثانياً : هذه الفتوى تفتقر إلى الأمانة العلمية للأسف ــ الله أعلم بما فى الصدور ــ :
وذلك فى قول المفتى : ومن تمسك بقول الجمهور في نفي وجوب الخدمة ، قيل له : والجمهور لا يوجبون على الزوج علاج زوجته إذا مرضت ، وعللوا ذلك بأن العلاج ليس حاجة أساسية.
فكل عالم يؤخذ منه ويرد ..... وإذا إلتزمت بقول الجمهور فى مسألة ما ... هذا لا يعنى أن على الإلتزام ببقية الأقوال .... والأمثلة على ذلك كثيرة .. فالعلامة إبن القيم الجوزية خالف أستاذه إبن تيمية فى عدة مسائل .. كما أنه إتفق وإختلف مع الإمام إبن حزم الأندلسى فى عدة أمور .
وكان الأولى بالمفتى أن يعلم العوام هذه القاعدة التى تحقق مبتغاه وترد على من تمسك بقول الجمهور دون بينة أو برهان : الحق لا يعرف بالرجال .. بل إعرف الحق تعرف أهله .
ملحوظة : أنا لا أسعى لتصيد الأخطاء ... ولكن هذه الفتوى إستغلت إستغلالاً سيئاً ..... فرأيت أحدهم وقد كتب فى إحدى المقالات أن الزوجة التى ترفض خدمة زوجها إذا مرضت يجوز تركها بدون علاج حتى تموت !!!
مع العلم أن المسألة كما أسلفنا ترجع إلى العرف ... فقد تكون الزوجة من بيئة لا تقوم فيها المرأة بخدمة زوجها .. فعندها لا يكون ذلك ( الشرط العرفى ) موجوداً أصلاً .. فيسقط وجوب الخدمة عنها .

إنتهى بحمد الله .... وأرجو من كل قلبى ألا يكون لهذا الحديث بقية !!!