منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,741
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-04-2024
    على الساعة
    12:49 AM

    افتراضي منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

    منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏


    للكاتب : عبد الغني العمراني الزريفي



    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وأشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: القرآن الكريم كتاب الله الخالد، ومعجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا تفنى، وهو كتاب منتظم الآيات، متعاضد الكلمات، لا نفور فيه ولا تعارض ولا تضاد ولا تناقض، صدق كلها أخباره، عدل كلها أحكامه، وصدق الله تعالى إذ يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82)، فهذه الآية تنفي عن القرآن الكريم التعارض في معانيه ومبانيه.


    قد يظهر للمتأمل للنصوص الشرعية بأن بعضها ظاهره التعارض، فهل هذا واقع حقيقة أم لا؟ وللجواب على هذا السؤال لابد من بيان أقوال العلماء في جواز وقوع التعارض.
    مذهب العلماء في جواز وقوع التعارض


    يرى جمهور الفقهاء والمحدثين عدم وقوع التعارض بين الأدلة الشرعية مطلقا، سواء كانت قطعية أم ظنية، في الواقع ونفس الأمر، وإذا وقع تعارض بينها، فهذا يكون في ذهن المجتهد وتصوره، لا في حقيقة الواقع، لخفاء وجه إزالة التعارض بينها عليه، كعدم معرفته للناسخ والمنسوخ من الدليلين المتعارضين لجهله بتاريخ المتقدم منهما والمتأخر، أو كعدم معرفته وجه الترجيح بينهما، لخفاء عليه، ولخطئه في فهم المراد.
    قال ابن القيم في زاد المعاد: «وقد ظن طائفة من الناس أن هذه الأحاديث معارضة بأحاديث أخرى تبطلها وتنقضها، ونحن نقول بحمد الله لا تعارض بين أحاديثه الصحيحة صلى الله عليه وسلم ، فإذا وقع التعارض فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم ، وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتاً، فالثقة يغلط، ويكون أحد الحديثين ناسخا للآخر إذا كان يقبل النسخ، أو يكون التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه صلى الله عليه وسلم ، فلابد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة، وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه، ليس أحدهما ناسخا للآخر، فهذا لا يوجد أصلا، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق، والآفة من التقصير في معرفة المنقول والتمييز بين صحيحه ومعلوله، أو من القصور في فهم مرادهصلى الله عليه وسلم ، وحمل كلامه على غير معناه». (زاد المعاد في خير العباد لابن القيم الجوزية، ج 3 / ص 113، المطبعة المصرية).


    وللشاطبي رحمه الله في هذا المجال كلام نفيس لا بأس بإيراده تتميما للفائدة، يقول رحمه الله: «من تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض، فالشريعة لا تعارض فيها البتة، ولا يوجد دليلان أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ أمكن التعارض بين الأدلة عندهم. وعلى الناظر في الشريعة أن ينظر بعين الكمال، وأن يوقن أنه لا تضاد بين آيات القرآن، ولا بين الأخبار النبوية، ولا بين أحدهما على الآخر، فإذا أدى بادئ الرأي إلى ظاهر اختلاف، فوجب عليه أن يعتقد انتفاء الخلاف، لأن الله تعالى قد شهد له أن لا اختلاف فيه، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82)، وعليه فليقف وقوف المضطر السائل عن وجه الجمع، أو المسلِّمِ من غير اعتراض». (الموافقات للشاطبي، ج4 / ص 294، بتصرف، تحقيق عبد الله دراز، دار الفكر العربي).

    منهج العلماء في رفع التعارض ودفعه


    إذا بان للمجتهد دليلان متعارضان ماذا عليه؟ أو ما موقف العلماء عند تعارض الدليلين؟ أيحاول الجمع بينهما، ويعمل بكل منهما، أو يقدم الدليل القوي على الضعيف، أو يحكم بنسخ أحدهما على الآخر، أو لا، أم ماذا؟ للجواب عن هذا لا بد من بيان أراء الأصوليين والمحدثين من العلماء.
    ذهب الجمهور غير الحنفية إلى أن حكم التعارض بين الأدلة الشرعية ما يلي: وذلك حسب التفاوت في الرتبة أولا فأولا:

    - الأول: الجمع بين المتعارضين بأي نوع من أنواع الجمع؛ حيث إن العمل بهما ولو من وجه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية، لأن الأصل في كل واحد منهما هو الإعمال، لا الإهمال.
    - الثاني: الترجيح أي تفضيل أحدهما على معارضة الآخر، وذلك عند تعذر الجمع بين المتعارضين، فالفقيه يلجأ إلى الترجيح عند عدم إمكان الجمع، وذلك بوجه من وجوه الترجيح.
    - الثالث: إن تعذر على المجتهد الجمع والترجيح ينظر في تاريخ الدليلين المتعارضين، فإن عرفه، فإنه حينئذ ينسخ المتأخر المتقدم؛ حيث إنه لا يتصور ورود نصين متعارضين من الشارع الحكيم في زمن واحد.
    - الرابع: الحكم بسقوط الدليلين المتعارضين عند تعذر معرفة التاريخ، أو عند العلم بتقارن الدليلين مع عدم إمكان الجمع والترجيح، ثم بعد ذلك يكون الرجوع إلى البراءة الأصلية، ويفرض كأن الدليلين غير موجدين، وقد ذهب بعض العلماء إلى القول بالتخيير بدلا من السقوط. وذلك إن كان الدليلان مما يمكن فيه التخيير، وإلا يحكم بالسقوط والرجوع إلى البراءة الأصلية. وهذه صورة فرضية لا وجود لها.



    وذهب جمهور المحدثين إلى أن حكم الدليلين المتعارضين ما يلي:

    - الجمع بين المتعارضين ما أمكن بأي وجه من وجوه الجمع؛ وعليه فيحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص ونحو ذلك.
    - إن تعذر الجمع فإنه يحكم بنسخ المتقدم بالمتأخر إن علم التاريخ.
    - إن تعذر الجمع وتعذرت معرفة التاريخ فإنه في تلك الحالة يحكم بترجيح أحدهما على الآخر.
    - فإن تعذر كل ذلك فإنه يجب التوقف، أو الحكم بسقوط المتعارضين.

    وخلاصة القول لا يبدو اختلاف كبير بين مذهبي الجمهور والمحدثين، كل ما في الأمر أن المحدثين يرون أنه بعد تعذر الجمع بين الدليلين ينظر في التاريخ ويحكم بنسخ السابق باللاحق، فهم يقدمون النسخ على الترجيح عكس الجمهور.

    ومن أمثلة الجمع والتوفيق بين الدليلين المتعارضين ما يلي:

    - ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط» مع ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم «أنه فعل ذلك في بيته» (الحديثان رواهما أحمد ومالك)، فإنه يمكن ترجيح أحدهما على الآخر، ويمكن الجمع بينهما، فجمع العلماء بينهما بحمل النهي على حرمة التوجه والاستدبار إلى القبلة بهما في الصحراء والأفنية، ويحمل حديث الجواز، على ذلك في الأبنية والمحلات المعدة لذلك.

    ومثاله أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد عن ابن عمر عن حفصة)، مع ما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخل على بعض أزواجه فيقول: «هل من غذاء، فإن قالوا لا، قال: فإني صائم» ويروى «فإني إذن صائم» (أخرجه مسلم)، فالحديث الأول يدل على أنه لا بد من عقد نية الصوم قبل الفجر، والحديث الثاني لا يدل على ذلك. بل فيه جواز عقد النية بعد الفجر، فتعارض الحديثان فيحمل الأول على صوم الفرض، وإن كان عاما في كل صوم، ويحمل الثاني على صوم النفل.
    ومن أمثلته أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها» (أخرجه مسلم).

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم،ثم إن من بعدهم قوما يشهدون ولا يستشهدون» (أخرجه البخاري)، فالحديث الأول يجيز قبول الشهادة قبل أن يطلبها صاحب الحق، سواء في حقوق الله تعالى أو في حقوق العباد، والحديث الثاني لا يجيز ذلك مطلقا، فتعارضا في الظاهر، فيحمل الحديث الأول على نوع من الحقوق وهي حقوق الله تعالى، فتجوز الشهادة بدون طلب، ويحمل الحديث الثاني على نوع آخر من الحقوق وهي حقوق العباد، فلا تجوز الشهادة إلا بطلب، فينتفي التعارض بين الحديثين.

    ومن الأمثلة أيضا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (آل عمران: 102). مع قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن: 16). فتحمل الآية الأولى على التوحيد، بدليل قوله عز وجل بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (آل عمران: 102). والثانية على الأعمال.

    وكقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (النساء:3)، مع قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (النساء: 129)، فالأولى تُفهم إمكان العدل، والثانية تنفيه. والجواب: أن الأولى في توفية الحقوق، والثانية في الميل القلبي، وليس في قدرة الإنسان.

    ومن الأمثلة التي يقدم فيها الترجيح على ما عداه من النسخ وغيره:


    الترجيح بكون الراوي صاحب القصة، فالخبر الذي يكون راويه صاحب القصة أرجح من خبر غيره، كترجيح خبر عائشة رضي الله عنها: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» (أخرجه البخاري في كتاب النكاح)، على خبر أبي سعيد الخدري: «إنما الماء من الماء»، فلما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها صاحبة القصة رجح خبرها على خبر أبي سعيد الخدري المعارض.

    ومثاله أيضا ترجيح رواية أبي رافع على رواية ابن عباس، قال أبو رافع: «تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة، وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما.» (أخرجه أحمد في مسنده)، وقال ابن عباس: «تزوجها وهو محرم» (أخرجه البخاري في كتاب النكاح) فأبو رافع باشر القصة، فهو أولى.

    ومن أمثلة النسخ ما يلي:


    قال عز وجل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ و} (البقرة: 240)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (البقرة: 234).

    فهاتان الآيتان متعارضتان حول عدة المتوفى عنها زوجها، فالآية الأولى تفيد أن عدتها سنة، بينما تفيد الأخرى أن عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ولقد ذهب الجمهور إلى القول بأن الآية الأولى منسوخة بالآية الثانية؛ حيث إنه لا يمكن أن يتأتى بينهما جمع أو ترجيح.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 14-11-2013 الساعة 10:55 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتاب : الأناجيل النصوص الكاملة ، النصوص اليهودية المسيحية المقدسة
    بواسطة مجيب الرحمــن في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-12-2013, 12:48 AM
  2. أربع قواعد تدور الأحكام عليها ويليها نبذة في اتباع النصوص مع احترام العلماء - عربي
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-01-2010, 01:00 AM
  3. شبهة التعارض بين آيتين حول تكريم الإنسان
    بواسطة الريحانة في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-05-2006, 01:41 PM
  4. التعارض بين النظام الديمقراطي ونظام الحكم في الإسلام
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-08-2005, 07:34 AM
  5. التعارض بين الخلاص والفدو
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-08-2005, 08:39 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏

منهج العلماء في رفع التعارض بين النصوص الشرعية‏