خامساً ، مجموعة الحروف المتوسطة المجهورة :
1) حروفها :
اللام ، والنون ، والعين ، والميم ، والراء . والمجموعة فى قولهم : " لِنْ عُـمَـرُ " .
2) طبيعة مخارجها :
طبيعة مخارج هذه الحروف الخمسة تجعل الصوت يعاق أولاً حيث موضع تصادم طرفي المخرج ، ثم يحيد عنه ليجري ثانياً ، وعندما يعاق صوت الحرف المتوسط فى مخرجه فإنه لايعاق إعاقة تامة كالإعاقة فى مخرج الشديد ، بسبب أن هناك فتحة فى المخرج يستطيع أن ينحرف إليها صوت الحرف بسهولة لينفذ من خلالها ، وعندما يجري صوت الحرف المتوسط فإنه لايجري جرياناً تاماً كجريان الحرف الرخو ، بسبب إعاقته أولاً ، ولذا فإن هذه الحروف توسطت بين كمال الشدة ( كمال احتباس الصوت ) ، وبين كمال الرخاوة ( كمال جريان الصوت ) ، بسبب طبيعة مخارجها .
3) درجة اهتزاز الحبلين الصوتيين :
مع انغلاق طرفي المخرج ، ينغلق الحبلان الصوتيان فى ذات الوقت ، ثم ينفتحان فوراً مع انحراف صوت الحرف عن المخرج المغلق ليجري من خلال الفتحة التي ينفذ منها صوته ، ومازال طرفا المخرج فى حالة تصادم ، وبسبب قوة اعتماد القارئ على طرفي المخرج المغلق إغلاقاً غير تام ، فإنّ الحبلان الصوتيان يتباعدان ( مع انحراف صوت الحرف وجريانه ) ويهتزان بقوة ليخرج كل الهواء الموظف للنطق بالحرف متكيّفاً بصوته ولا يخالطه النفس الكثير ، ويكون الهواء الموظف للنطق بالحرف المتوسط قليلاً .
4) الصفات الصوتية الأخرى المؤثرة فى توسط وجهر هذه الحروف :
**حروف التوسط الخمسة اتفقت جميعها فى استفالها وانفتاحها ، إلاّ أن انحراف صوت كل حرف منها إلى بقعةٍ أخرى يجري فيها انتهاءً غير التي احتبس فيها ابتداءً ، ميّز كل حرف منها عن غيره ، ليس فى الصوت ؛ لأنّ اختلاف مخارج هذه الحروف كفيلٌ بذلك ، فليس بين أيٍّ منها تجانس ، ولكن ميّزها من حيث اتجاه انحراف هذا الصوت ، خاصة مع الحروف المتقاربة منها ، وهي : اللام والراء والنون والميم :-
* أولاً ، اللام : -
يعاق صوتها عند حافتي اللسان الأماميتين ، فينحرف عنهما ليجري فى الحافتين الخلفيتين ، فاكتسبت اللام صفة الانحراف .
* ثانياً ، الراء :-
يعاق صوتها فى جانبي ظهر طرف اللسان ، فينحرف عنهما ليجري فى وسط طرفه ، فاكتسبت الراء صفة الانحراف مع التكرير ، وهي أقوى حروف التوسط اعتماداً على مخرجها لكونها تحمل صفتي قوة ليس لهما ضد ، بخلاف أخواتها : اللام والنون والميم ؛ اللاتي تحمل كل واحدة منهن صفة قوة واحدة من الصفات التي ليس لها ضد .
* ثالثاً ، النون :-
يعاق صوتها فى طرف اللسان الدقيق ، فينحرف عنه ليجري فى الخيشوم ، مما جعلها تكتسب صفة الغنة .
* رابعاً ، الميم :-
يعاق صوتها عند منطبق الشفتين ، فينحرف عنه ليجري فى الخيشوم ، مما جعلها كذلك تكتسب صفة الغنة .
* أما العين فإنّ صوتَها يعاق فى وسط الحلق فينحرف ليجري فيه من غير أن يترك هذا المخرج الضيق ، ولضيقه وبعده عن الفم ؛ لم تكتسب العين صفةً ذاتيةً أخرى من الصفات التي ليس لها ضد ليتحدّد معها موضع انحراف صوتها ، ولهذا فإنّ أخطاء النطق بهذا الحرف تتمثل فى عدم ضبط مخرحه ، وعدم ضبط قوة اعتماد القارئ على طرفيه ؛ ليتوسّط صوتُه بين كمال الشدة وكمال الرخاوة .
** وحروف التوسط – ولاشك – حروف محققة ، على الرغم من ابتداء صوتها فى بقعةٍ ما ، وانتهائه فى بقعةٍ أخرى ، إلاّ أنّ ابتداء الصوت متعلق بتصادم طرفي مخرج الحرف ، وانتهائه أيضاً متعلق بانتهاء تصادم طرفي هذا المخرج ، فإذا انتهى هذا التصادم ، انتهى معه جريان صوت الحرف المتوسط ، ومن هنا يأتي الخطأ فى النطق بحروف التوسط ، لأنّ القارئ لايستطيع أن يتحكم فى زمن الاحتباس حيث أنّ انحراف صوت الحرف فور إعاقته لاإعمال فيه ، كما أنّ المخرج غير مهيّأ لاحتباس الصوت احتباساً تامّاً ، ولكن الخطأ يأتي من طول زمن جريان الحرف عقب احتباسه ، نتيجة إضعاف القارئ اعتماده على مخرج الحرف المتوسط .
5) ملاحظات عامّة على حروف هذه المجموعة :
أ) طبيعة مخارج حروف التوسط هي السبب فى توسط أصواتها بين كمال الشدة وكمال الرخاوة ، فمع قوة اعتماد القارئ على طرفي مخرج كل حرف منها وانغلاقهما ، فلابد من احتباس الصوت لإعاقته فى المخرج المغلق الذي لايسمح بمرور الصوت من خلاله ، إلاّ أنّ هذه الإعاقة سرعان ما يزول أثرها ؛ لأنّ الصوت يجد له منفذاً ينحرف إليه ليجري فيه ثم ينقطع لاإراديّاً ، فإذا انقطع صوت الحرف المتوسط لاإرادياً ؛ فهذا دليلٌ على ضبط مخرجه وضبط درجة اعتماد القارئ عليه ، أما إذا قصر زمن جريانه فهذا نتيجة زيادة قوة اعتماد القارئ على طرفيه ، وأما إذا طال زمن جريانه فهذا نتيجة إضعاف قوة اعتماد القارئ على طرفيه .
ب) زمن الحرف المتوسط هو مجموع زمني العملين : الاحتباس الغير تام والجريان الغير تام ، أي : زمن إعاقته واحتباسه فى المخرج وزمن انحرافه وجريانه فى الفتحة ، فصوت الحرف المتوسط يُعاق ويَحتبس ، فينحرف ويجري ، فينقطع لاإراديّاً فى زمن النطق به ، وهو زمن التوسط ، ولا يمكن الفصل بين زمن الاحتباس وزمن الجريان ، لأنّ العملين يتواليان لاإراديّاً فى أثناء قولك : " اَعْ " ، " اَلْ " ، " اَرْ " ، " اَنْ " ، " اَمْ " ، ولذلك نقول أنه لازمن بين الاحتباس والجريان بمعنى أنه لايمكن الفصل بين العملين كما يحدث مثلاً فى الحروف الشديدة المهموسة التي يبتدئ صوتها باحتباس يمكن أن يقف عليه القارئ ويتحكم فى زمنه طولاً وقِصراً ، وينتهي بجريان النفس الذي يتحكم فيه القارئ أيضاً فيبتره بتراً أو يُكسبه صوتاً ، أما حروف التوسط فلا يمكن بحال من الأحوال فصل زمن الاحتباس عن زمن الجريان ومهما حاولت ذلك فلن تستطيع إليه سبيلاً ، ولهذا وُصف احتباس صوت الحرف المتوسط بأنه احتباس غير تام ، حيث لاتحكُّم للقارئ فى زمنه ولأنّ انحرافه وجريانه فوريٌّ ومرهونٌ بمجرد التصادم بين طرفي المخرج ، كما أن هذا الجريان غير تام كجريان الحرف الرخو الذي يجري صوته فى مخرجه المحقق بمجرد التصادم بين طرفيه ، أما جريان صوت الحرف المتوسط فإن ابتداءه باحتباس جعله أدنى مرتبةً فى الجريان من الرخو ولذا وُصف بأنه غير تام .
وجميع حروف التوسط متساوية من حيث زمن النطق بها لعدم تباينها فى صفات القوة والضعف المكتسبة ، باستثناء الراء التي فاقتهنّ قوة بتكرارها ، ولهذا السبب اختلفت أخطاء النطق بها عن أخواتها والتي سببها زيادة قوة الاعتماد أو إضعافها عند تحقيق التصادم بين طرفي مخرج الحرف المتوسط .
ج) الحروف المجهورة كلها تحتاج إلى قوة فى الاعتماد على مخارجها ، ولكن هذه القوة تختلف باختلاف طبيعة هذه المخارج :
فمخرج الحرف الشديد يحتاج إلى قوة اعتماد أكبر من التي يحتاجها مخرج الحرف المتوسط ، ومخرج الحرف المتوسط يحتاج إلى قوة اعتماد أكبر من التي يحتاجها مخرج الحرف الرخو ، ولهذا تدرّجت هذه الحروف من حيث زمن النطق بها ، فأقصرُهُنّ زمناً : الشديد ، يليه المتوسط ، يليه الرخو .
وانتبه إلى أنه : كلما قوي الاعتماد على مخرج الحرف ، كلما قصُر زمن النطق به .
د) والهواء الموظف للنطق بالحرف المجهور قليل ، لاهتزاز الحبلين الصوتيين بقوة كافية لجعل كل الهواء المار من بينهما يتكيف بصوت الحرف عند النطق به ، فلا يخالطه النفس الكثير .
المفضلات