بسم الله الرحمن الرحيم
----------------------
من هم المسلمون؟الجزء الثانى والعشرون
-------------------
حادثة الافك-1
--------------
واستمرارا للقاعدة الفقهية أنه لا يعلم الغيب الا الله،وأن رسول الله(ص) هو بشر مثلنا يوحى اليه ولا يعلم الغيب،فلما خرج رسول الله(ص) فى غزوة من الغزوات،وكانت برفقته فى هذه الغزوة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق أبى بكر رضى الله عنهما،بعدما فازت فى القرعة التى يجريها رسول الله(ص) بين زوجاته ليختار بها مرافقته منهن فى تلك الغزوة كسابقاتها من الغزوات،وكانت رضى الله عنها حينئذ جارية حديثة السن،كما وصفتها جاريتها بريرة بأنها تنام عن عجين أهلها فتأتى الداجن فتأكله،وكان الحجاب قد نزل(أى فرض على المسلمات)،وكانت تحمل فى هودج مخصص لها يحمله جمل،فان استراحوا فى مكان أنزلوا الهودج وهى بداخله،ثم يرفعونهما سويا عند الرحيل.
فبعدما فرغ رسول الله(ص) من غزوته وقفل راجعا وكانوا قد استراحوا بمكان بالقرب من المدينة المنورة،أذن مؤذن بالرحيل ذات ليلة فحملوا الهودج كما يحملونه كل مرة على الجمل،وكانت من حداثة سنها وقلة وزنها،فلم تكن بالسمينة،فلم يشعروا ان كانت بداخله أم لا.
وعندما وصلوا الى المدينة المنورة وأنزلوا الهودج فلم تخرج منه السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها،وبحثوا عنها وسألوا الذين كانوا بقرب محملها،واستغرب رسول الله(ص) غيابها،ولم يدع أنه يعلم مكانها فانه لا يعلم الغيب الا الله.
وبينا هم على ذلك عند الظهيرة اذا برجل يأتى أمام جمله،حاملا سوادا فوقه،فاذا به الصحابى صفوان ابن المعطل رضى الله عنه،وكان مشاركا لهم فى الغزوة،وتأخر عنهم لبعض شئونه،فسألوه عن أم المؤمنين عائشة،فأشار الى أنها هى التى فوق الراحلة،وأنه أثناء قدومه وجد سوادا نائما مكان استراحتهم،فلما اقترب منه واسترجع أفاقت بصوت استرجاعه من نومها فعرفها لأنه كان قد رأها قبل الحجاب،فخمرت وجهها بجلبابها،ولم يكلمها بكلمة واحدة فانها زوج رسول الله(ص) وأم المؤمنين حتى على حداثة سنها،فأناخ راحلته فقامت اليها فركبتها،فحمدوا الله على سلامتها ونجاتها من شر البيداء،وصدق كل الناس قصة صفوان رضى الله عنه بما فيهم رسول الله(ص).
ويبدو أن نومها فى الصحراء بلا فرش ولا غطاء قد أثر فى جسدها الرقيق رضى الله عنها فاشتكت تعبا والتزمت بيتها.
ولكن ابليس لا ينبغى له أن يترك تلك الفرصة أن تمر دون أن يستفيد منها فى الايقاع بين صفوف المؤمنين،كعهده منذ تعهد بالايقاع بهم من ذلك اليوم الذى أبى أن يسجد لأبيهم أدم(ص) حيث أمره رب العالمبن،فكان أول الكافرين.
ووجد ابليس أملا فى نفس أحد الصحابة وهو عبد الله ابن أبى ابن سلول،فوسوس اليه أن هل يعقل أن تمر ليلة بين رجل وامرأة فى البيداء دونما يحدث بينهما حادث؟.
فلم يسأل عبد الله ابن سلول نفسه ان كان هو مكان صفوان ابن المعطل ووجد أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فى موقفها هذا،ما كان فاعلا بها؟،والله ما كان فاعلا الا ما فعله ابن المعطل من غض البصر وتبجيل لأم المؤمنين وهو منهم،فهى أمه وأمنا بأمر الله وتشريعه،فان أمهاتنا هى بشهادتهن وشهادة أبائنا وذوينا،أما السيدة عائشة كباقى أزواج الرسول(ص) المكرمات رضى الله عنهن،فهى أمنا الى يوم القيامة بشهادة الله رب العالمين،فقد قال أصدق القائلين سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم،وأزواجه أمهاتهم،وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين)،صدق الله العظيم،6-سورة الأحزاب.
ولم يسأل ابن سلول نفسه ان كان رسول الله(ص) قد وجد زوج ابن سلول أو ابن المعطل أو غيرهما فى موقف أمنا عائشة ما كان فاعلا بهن؟،والله ما كان رسول الله(ص) فاعلا الا ما فعله ابن المعطل رضى الله عنه.
ولكنها الفتنة،فقد قال رب العالمين:بسم الله الرحمن الرحيم(ومن يرد الله فتنته،فلن تملك له من الله شيئا)،صدق الله العظيم،41-سورة المائدة،وهى من قواعد ادارة الله لملكه الى يوم القيامة.
وكذلك فال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(ألم،أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون،ولقد فتنا الذين من قبلهم،فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين،أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا،ساء ما يحكمون)،صدق الله العظيم،4:1-سورة العنكبوت.
يتبع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.