بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي ىلة وصحبة وسلم وبعد
عبر بريد موقع شبكة الحقيقة وصلتني تلك الرسالة
فوجدت انه لازما علي ان انشرها باذن الله واضعها بين ايديكم لما فيها من العبر
نص الراسالة ( تم فقط حذف البريد المرسل منه الرسالة )
----------------
نسخة جديدة معدّلة و مصححة عن قصة إسلامي
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيد المرسلين
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
أما بعد 00
فهذه قصتي أحببت أن أرويها لما فيها من فوائد و عبَر ، و أشهد الله تعالى على صدقي و عدم مبالغتي في أدنى أمر من الأمور 0
جعلنا الله و إياكم من الذين أشارت إليهم أعلام الهداية و وضحت لهم طريق النجاة و سلكوا سبيل الإخلاص و اليقين 0
نشأت و ترعرعت في أسرة تحب العلم و تحرص عليه ، فأخي مهندس وأخواتي حاصلات على شهادات جامعية عليا من طب و هندسة و آداب و تجارة0أما والدي و والدتي فقد استطاعوا بعون الله تعالى أن يغرسوا فينا الكثير من الأخلاق الحسنة و المُثل العليا و أن يكونوا لنا قدوة في هذه الأخلاق 0 فوالدي ربّانا على المال الحلال، و مع أنه كان برتبة عميد و كان بإمكانه أن يجمع ثروة فيما لا يرضي الله تعالى و لكنه أبى ذلك0 و والدتي غرست فينا الأدب و العفّة و التهذيب ، وكان كل منهما يخاف علينا و يحرص على سمعتنا 0 أما من ناحية الاعتقاد ، فأفراد عائلتي ما كانوا من المسلمين السّنة ،بل كانوا ينتمون إلى إحدى الطوائف المنشقّة عن الإسلام 0
عشت طفولة ممتعة بين أحضان الطبيعة ، و انتقلت من المرحلة الإبتدائية إلى المرحلة الإعدادية و الثانوية ، و درست بعدها في معهد لإعداد المدرسين قسم اللغة الإنكليزية ،ثم تعيّنت بعد التخرج كمدرّسة في إحدى المدارس الإعدادية في منطقة ريفية 0 و بما أني كنت طموحة للأفضل ، فقد درست البكالوريا ثانية و دخلت كلية الآداب 0
كل هذه السنين التي مرّت من عمري ، كانت تبدو للعيان لامعة برّاقة ، ولكنها في الحقيقة ليست أكثر من زجاج متكسّر ! فمع أني حققت نجاحاً في مجالات شتى 00 إلا أني كنت ضمنياً ضائعة وأفتقد إلى الطمأنينة و السّكينة الرّوحية !! و خاصة في تلك السنوات الخدّاعات التي ظهر فيها الملاحدة و الكفرة والعلمانيون لينفثوا سمومهم في عقول و نفوس الناس إلا من رحم ربّك ! فأفسدوا الناس عامة بدعوتهم للتخلي عن إيمانهم و مبادئهم ، وأفسدوا المرأة خاصة بدعوتها إلى التبرج و السفور و مزاحمة الرجال و مخالفة فطرتها بحجة التحرر و التخلص من الرجعية و التخلّف !!
و بهذا ، فقد كنت ناجحة في المجال العلمي، لكن و للأسف ، كنت أنهل ثقافتي من ماء عكر و أنا أحسب أني أحسن صنعاً !
كنت ناجحة في المجال التعليمي ، لكني بالواقع ضللت و أضللت و أنا أظن أني صلحت و أُصلحت !!
كنت ناجحة في الحياة الإجتماعية ، و يلتفّ حولي الكثير ون يطرونني و يصفّقون لي ، و لكني ضمنيّاً كنت ضائعة و متشتتة !!
أربع و عشرون عاماً مرّوا من حياتي و أنا أعيش للحياة الدنيا ، أمرح و أضحك ، ألبس أجمل الثياب و أتزين بأبهى زينة ، حفلات رحلات زيارات 000 أما التفكير في الآخرة فقد كنت أتناساه و لكنه ما كان ينساني !! كان يراودني من حين لآخر ليزعج صفوتي و يقلق راحتي لبرهة من الزمن ثم يرتحل !! فكان يحضرني في مناسبات يُقدّرها الله تعالى لي كأن أرى جنازة مثلاً تمرّ من أمامي ، أو أن أسمع قرآناً أو قصة دينية أو وعظاً من التلفاز أو من معلمة الديانة !! فقد كنت منذ نعومة أظافري أتأثر كثيراً و تدمع عيوني لسماع هذه الأشياء لكن لفترة وجيزة فقط ثم أعود لأنغمس في الدنيا 0
المهم ، بقيت على هذا المنوال حتى جاء عام 1994 ليكون بداية لتحوّل جذري في حياتي ، فقد بدأت الابتلاءات و المحن بشتى أنواعها تتوالى عليّ و على عائلتي ،أزمات و أزمات اجتمعت لتهزّني من الأعماق و تجعلني أميل نحو الهدوء و الحزن 0 و حُبب إلى نفسي قراءة الكتب التي تتعلق بفلسفة الوجود و الإنسان و الروحانيات 0
بعد حين من الزمن ، شاء الله تعالى أن أزور خالي في المشفى لعيادته بعد أن أجرى عملية جراحية ، و حين دخلت إلى غرفته فوجئت بضعفه و شحوبه و حالته المتردّية ، كان يلفظ أنفاسه الأخيرة متمدداً لا حول له و لا قوة !! الجميع من حوله واقفون عاجزون لا يستطيعون نفعه بشيء !! شهدت منظراً ما شهدته في حياتي قط ، منظر إنسان يخصّني يصارع الموت و يُحتضر ، ثم توفي و بدأ البكاء و الصراخ يعلو ، و الرعب يسود الجو ، حاولت الثبات قدر المستطاع كي أصبّر أسرته و أواسيهم ، لكن هذا الثبات لم يدم أكثر من فترة قليلة ثم انهارت أعصابي بعدها و أخذوني إلى المنزل ليبعدوني عن هذا الحدث ،إلا أن هذا الحدث كان قد انتقل ليعيش في أعماقي ، فقد صار التفكير بالموت هاجسي ، و التساؤلات خواطري : " كيف يموت الإنسان ؟ أين تذهب روحه ؟ ماذا بعد الموت ؟ هل فكرة التقمّص صحيحة أم ً أن الروح تعيش حياة برزخية إلى يوم القيامة ؟ هل يوجد عذاب في القبر ؟ أكيد سأموت يوماً ما ، فماذا سيحل ّ بي ؟! هل أنا على السراط المستقيم يا ترى أم أني في ضلال مبين ؟! ماذا 00و هل 00 و كيف 000؟؟؟!!! "
عشت في دوامة و صراع فكري رهيب أرّقني و أحرقني 00 و روّعت فكرة الموت و الأمور ( الميتافيزيقية ) أيامي و لياليّ ، و جعلتني أخاف و أرتعب من البقاء في المنزل بمفردي أو من النوم في الغرفة لوحدي دون أخواتي،و خيّمت عليّ الأوهام في النهار و الكوابيس في الليل حتى اسودّت عيشتي ! حاولت أن أقرأ في بعض كتب المذهب عندنا و لكني ما وجدت فيها ما يشفي آلامي 0 فماذا عساي أن أفعل مع هذه المعضلة النفسيّة التي ألمّت بي؟ لا بد من الخروج منها و إلا أهلكتني !!
فكرت و فكرت 00و وصلت إلى قناعة معينة ، أنه يكفيني أن أؤمن بالله و أن أبتعد عن المحرّمات و أحب الناس كلّهم و لا أؤذي أحداً ، و أن أعمل أعمالاً خيرية و كفى 00 ثم قررت أن أملأ أوقاتي كلّها كي لا يبقى عندي أدنى و قت من الفراغ 00 صرت أداوم في المدرسة صباحاً ، ثم في الجامعة ظهراً و عصراً ، و في المساء كنت أعطي دروساً خصوصية لبعض الطالبات ، ثم أعود للمنزل بعد أن ينفذ وقودي فأغطّ في نوم عميق حتى الصباح 0 أما يوم الجمعة فكان لتنظيف المنزل و الحياة الإجتماعية 00و يوم الثلاثاء يوم إجازتي ، خصصته لممارسة هواية من هواياتي 00فاشتريت آلة موسيقية ( أورغ ) ، و سجّلت بمعهد خاص لتعليم العزف 00 و هكذا صارت أوقاتي مملوءة تماماً 0
بقيت على هذه الحال ما شاء الله لي أن أبقى ، و ظننت أني انتصرت على أزماتي بهروبي من ذاتي 00 لكن الله سبحانه أراد أن يُنبهني و يذكّرني ! وكأنه يقول لي ( يا أمَتي أين المفرّ ؟) 000 فقد مرضت مرضاً شديداً بعد هذا العناء الطويل ، و أصبت بحمّى ألزمتني الفراش ، و تراجعت صحّتي و ضعف جسدي و شعرت أنه قد اقترب أجلي ، تأزّمت و خفت من المصير المجهول الذي ينتظرني ، بكيت و تضرّعت إلى الله تعالى00وناجيته بدموع غزيرة و قلب محروق :
( يا رب ، سبحانك ، لماذا خلقتني و أين المصير ؟ يا رب ، هل أنا على حق أم على باطل ؟ هل الملّة و المذهب الذي أنتمي إليه صحيح أم زائف ؟ لماذا وُلدت على هذا المذهب و لم أولَد في غيره ؟ و هل مفروض علي أن أتّبع آبائي و أجدادي أم أني أستطيع أن أبدّل مذهبي ؟!و إن كان، فأي دين أو مذهب أختار ؟! يا الله 00يا رحمن يا رحيم 00لا تقبض روحي الآن 00أحيني و سأبحث و أجتهد للآخرة ، فماذا تساوي هذه الدنيا بكل زخارفها أمام لحظة الموت ؟! 00 لا تقبضني يا رب حتى تهديني إلى الحق المبين ) 0
فاستجاب الله تعالى دعائي و ردّ إليّ صحتي و عافيتي 0 و بدأتُ مسيرتي في البحث عن الحقيقة 0
صرت أتردد إلى المكتبة للقراءة و الاطلاع على الكتب الدينية و الروحانية 00 و بدأت أتنقّل من كتاب دين إلى آخر ، و أبحث في شرائع و مذاهب و فلسفات متعددة 00 و ما أكثرها !!
ثم سألت نفسي بعد أن طال الطريق عليّ و كدت أتمزق بين فروعه و تشعّباته : " كم سيلزمني من العمر حتى أختم القراءة في كل حقل من هذه الحقول ؟؟!! و كيف سأعرف أيها منهم الحق ؟! "
عدت للرجوع إلى الخالق الهادي النور 00 و دعوته أن يعينني و ينوّر بصيرتي و يلهمني الهدى 0 0 سبحانه 0 و للمرة الثانية ، منّ عليّ الكريم الحيي الذي يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردّهما صفرا ، و استجاب لدعائي ، إذ كنت في معرض للكتاب فوقع بصري على المصحف الشريف و انشرح له صدري 00 فاشتريته ، و صرت أقرأ فيه قبل النوم ليلاً و بعد الاستيقاظ صباحاً ، و بدأت أشعر براحة نفسية ملحوظة ، و صرت أجد فيه حلاً لكثير من مشاكلي و ذهاباً لكثير من همّي و غمّي و حزني 0
بعد شهور جاء رمضان الخير و الرحمة و البركة ، و شعرت بهاتف داخلي يدعوني لصيام هذا الشهر فلبّيت النداء ، و بدأت رحلتي الروحية مع الصيام و القرآن و الدعاء 0 عشت في رمضان أمتع لحظات حياتي ، و خاصة تلك التي قبل الإفطار ، إذ كنت أخرج إلى الشرفة أدعو و أناجي الخالق و أسبحه دون أن أكترث ببرد الشتاء آنذاك ، فحرارة الإيمان بداخلي كانت تكفيني !
وأذكر أني دعوت الله حينها بدعوات ثلاث كانت كلها مستجابة و بفترة وجيزة مما زادني إيماناً و تثبيتاً 0
لكن هذا المسار الذي سلكته لفت انتباه الأهل و تساؤلاتهم ، و راحوا يحقّقون معي و يعترضونني بآرائهم و أفكارهم التي تربّوا عليها ،إلا أني صمدت بفضل الله تعالى و ما تأثرت ، و أكّدت لهم أن هذه الأمور تريحني نفسياً فقط فهدأوا 0
انتهى شهر المغفرة و الرحمة ، و مرت شهور بعده تعطّشت روحي خلالها للمزيد من العبادات و القربات ، كنت أستيقظ في فترة السّحر لأذكر الله بما يتيسّر و أدعوه 0 ثم كان صوت الآذان يصلني من بعيد من المنطقة المجاورة في هدوء الفجر و صفائه ليجعلني أتمنى أن أقوم و أصلّي ! لكن كيف يصلّون ؟ و من سأسأل عن كيفية الصلاة ؟ كان عندي صديقات مسلمات و لكني كنت أشعر بالحرج من أن أسألهم ، و ظننت بأن الخوض في المسائل الدينية سوف يكون أمراً شائكاً و حساساً و قد يوصلني إلى أمور غير مستحبة ، لذلك تركت الموضوع إلى أجل غير مسمى 0
توالت الأيام 00 و كأي فتاة في ريعان الصبا كان يتقدم لخطبتي الكثير من الشبّان ، إلا أني ما وجدت منهم الشخص المناسب بسبب ذوقي الصعب في اختياري لزوج المستقبل ، لكن أمي و بعض المقرّبين بدأوا يعظونني و ينصحونني كي لا أعقّد المسائل كثيراً و يبيّنون لي حاجة كل فتاة إلى الزواج حتى لا يأتي عليها يوم تجد فيه نفسها وحيدة ، و خاصة بعد وفاة الأهل و انشغال الأخوة 0 فأقنعوني إلى حد ما ، فدعوت الرب تبارك و تعالى أن يرزقني بالزوج الصالح الذي يأخذ بيدي إلى الصراط المستقيم و أتابع معه طريقي الذي ابتدأته في البحث عن الحق !
و ما هي إلا شهور حتى تقدّم لخطبتي شاب يعمل في الإمارات ،كان هذا الشاب يتميّز بصفات إيجابية عديدة و أهمها " الإيمان " فقد لمست كثرة ذكره لله في أول زيارة لنا مع أمه ، و حين أتيحت الفرصة ، أسرّ لي بأنه قد صام شهر رمضان الماضي و أنه يذهب إلى المسجد في كل يوم جمعة لحضور خطبة و صلاة الجمعة !! هذا الأمر جعلني أوافق على الفور 0و تمّت الخطوبة و كتب الكتاب ثم سافر و تبعته بعد شهرين إلى هناك ،سافرت كعروس تحلم بحياة ملؤها الحب و الإيمان و السكينة 0
هبطت الطائرة في مطار دبي ، و معها ، هبطت أحلامي الوردية إلى أرض الواقع المرير !! أجل 00فقد فوجئت بأن زوجي و للأسف الشديد كان على عكس ما تخيّلته تماماً فيما يخص مزاجه و أخلاقه و معاملته !! لن أطيل الوصف في هذا الجانب لكن يكفي أن أقول بأن حياتي كانت معه ألماً و عذاباً و شقاءً و دموعاً 00
كنت أحاول أن أتصبّر بالله و أقول في نفسي ربما تكون هذه المحنة تكفيراً عن ذنوبي ، ربما صقلاً لشخصيتي ، لن أفقد ثقتي بالله فهو لن يأتيني إلا بخير إن شاء الله تعالى00 فطلبت من زوجي أن يعلّمني الصلاة ففعل ، و ما كان يعرف آنذاك إلا ركعتي الجمعة فقط و لا يصلّي سواهما ، فتعلمتهما و صرت أصلّيهما حين أشعر بالضيق و الغمّ 0 ثم رحت أتوق للمزيد من الصلاة ، فسألت زوجي عن أوقات الصلوات و عدد الركعات ، فقال لي بأنه لا يعلم ، و لم يشجعني كثيراً على ذلك 0 لكن روحي الظمأى اشتاقت لتعلّم الصلاة على أصولها ، فمن عساي أن أسأل و أنا في بلاد الغربة و لا أعرف أحداً إلا بعض العائلات من أهل الطائفة ؟! خطر لي أن أذهب إلى المسجد المجاور لبيتنا و أسأل الإمام ، إلا أني خجلت و ما تجرّأت ،و خاصة أني كنت امرأة سافرة !!
لكن حين ينقطع الرجاء يبقى الأمل في رب الأرض و السماء 00
رفعت يدي إليه جلّ في علاه و دعوته أن يعلّمني و يهديني و ألححت في الدعاء ، و إذ بالجواب يأتيني بطريقة عجيبة ! فقد كنت في أحد الأيام أنظّف المنزل و أرتّب الأدراج ، و بينما أنا كذلك ، وقعت يدي على بطاقة مكتوب عليها بعض الآيات القرآنية ، و على خلف البطاقة مكتوب ما يلي : صلاة الصبح ركعتان 0 صلاة الظهر أربع ركعات 00000 الخ !
طبعاً قد يكون أحد الأشخاص قد أعطاها لزوجي فوضعها في الدّرج و نسيها ، لكني فرحت بترتيب رب العالمين كثيراً ، و لم أكد أصدّق عيوني ! فتعلّمت الصلاة و بدأت أواظب عليها 0
كنت أستمتع بالصلاة كثيراً ، إلا أن صلاتي كانت من غير وضوء ! فما كنت أعرف كيف يتوضّأون ! فكنت أدخل إلى الحمام قبل موعد الصلاة و أغتسل بشكل عشوائي ثم أصلّي 0 استمرّيت هكذا لفترة من الزمن ثم بدأت الشكوك تساورني في صحة صلاتي و شعرت بضرورة تعلّم الوضوء 0 لكن أنّى لي هذا ؟ و من سيعلّمني ؟!
سيعلّمني الأحد الصّمد ، العليم الخبير ! ففي أحد الأيام عاد زوجي من العمل و بيده جريدة ، و أخبرني أن وزارة التربية تعلن عن حاجتها لمدرسين و مدرسات من شتى الاختصاصات ، و راح يشجعني للتقدّم لأن هكذا فرصة قد لا تعوّض ، فوافقت على فكرته و قدّمت طلباتي و بدأت أستعد لفحص المسابقة ، كان زوجي يشجّعني كثيراً لمصلحتي و لمصلحته تبعاً ! فأخبرني بأن لديه معارف في منطقة " خورفكان " حيث تعمل الزوجة هناك كمدرّسة و تستطيع أن تنفعني و تساعدني 0 فانطلقنا لزيارتهم ، و قامت السيدة بإحضار كل ما عندها من كتب تخص طرائق التدريس، و بعد أن انتهت الزيارة أخذنا الكتب و رجعنا إلى المنزل 0 و هناك ، جلست في الصالة أتصفّح الكتب و أطّلع عليها و إذ بورقة مطوية موجودة ضمن أحد الكتب لفتت انتباهي ، أخذت الورقة و فتحتها ، و إذ بكلمات مكتوبة بخط السيدة و بالقلم الرصاص : ( طريقة الوضوء : المضمضة ثلاث ، الاستنشاق ثلاث 0000الخ) !!!
فسبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر 0
أخبرت زوجي بما يحصل و علّمته مما علّمني ربي 0 و سبحان الله ، فقد كان يخاف الله برغم كل ما يُظهر من سوء ، و كان يتقبّل مني ما يتعلّق بأمور الدين و إن كان يجادل و يعاند في البداية !
كل شيء كان على ما يرام فيما يخص عبادتي ما عدا أمراً واحداً كان يريبني و يقلقني ، إذ كانت تأتيني وساوس شيطانية و نفسانية حين كنت أتشهّد في الصلاة و أقول : " أشهد الاّ إله إلا الله و أشهد أن محمداّ رسول الله "! فالملّة التي كنت أنتمي إليها كانت تشكك في نبوّة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلّم ، و تثير حوله الشبهات و لا حول و لا قوة إلا بالله !
هذا الأمر كان يعذّبني و يؤرقني ، فكنت أستيقظ في جوف الليل أو قبل الفجر لأدعو الله أن يبصرني و يهديني 00
فو الله الذي لا إله إلا هو ، ما هي إلا أيام حتى حدث أمر غريب ، فقد زارنا صديق زوجي الذي كان يؤثّر عليه سابقاً و يأخذه إلى المسجد لحضور خطبة و صلاة الجمعة ، جاء ليبارك لنا في زواجنا و أحضر معه هدية ، كانت الهدية عبارة عن شيئين اثنين : مسجّلة ، و كتاب : ( سيرة رسول الله ) !!
أخذت الكتاب بقوة و بلهفة ، و قرأته و سهرت عليه حتى الثانية صباحاً و لم اتركه حتى أنهيته ، أنهيته و الدموع تنهمر من عيوني ثم قلت: ( أشهد ألاّ إله إلا الله و أشهد أنّ محمّداً رسول الله ) 0
و من ذاك اليوم صرت متيّمة في كل ما يتعلّق بأمور الدين الإسلامي ، صرت أتابع البرامج الدينية في التلفاز بشكل دائم ، أستمع لكلام المشائخ و أتعلّم منهم و أقارن بين ما يقولونه و بين ما كنت عليه سابقاً ، و بدأت أهدم القديم البالي و أبني الجديد السامي 0 صرت مولعة بسماع القرآن ، و أفضّله على الأغاني و المعازف من قبل أن أعرف أنها محرّمة !
و الجدير بالذكر ،أني كنت أعلّم زوجي بكل ما أتعلمه لأنه ما كان يملك الوقت الكافي لمشاهدة البرامج بسبب دوامه الطويل و الصعب ، فكان يستمع إلي و كلّه آذان صاغية ، و يوماً بعد يوم بدأ زوجي يتغير نحو الأفضل في أقواله و أفعاله و أخلاقه و معاملته لي و للآخرين ، إلى أن وصلنا بفضل الله تعالى إلى مرحلة من التآلف و الصداقة حسدت نفسي عليها !
حتى في الأمور الدنيوية صار التوفيق حليفنا ، إذ قُبلت في سلك التدريس و تعيّنت بمدرسة من أفضل مدارس دبي من حيث الإدارة و الكادر التدريسي و غيره، و سكنا في بيت جميل و رخيص نسبياً وقريب من مدرستي ، ثم حصلت على رخصة قيادة و اشتريت سيارة ، و بدأ زوجي يرتقي في عمله وتتيسّر أمورنا عامة و لله الحمد 0
أما من الناحية الإجتماعية فكانت علاقتنا طيبة مع الجميع ، طبعاً ما كنّا نظهر لهم إسلامنا اتقاءً للمشاكل ، و لكنا كنا نتناقش معهم حين تسنح لنا الفرصة في بعض الأمور التي تخص جانب العقيدة و نبيّن لهم حقيقة الإسلام بأسلوب غير مباشر ، و بذلك كنا نتعايش بسلام مع المعارف في الإمارات و مع الأهل و الأقارب في سوريا أثناء الإجازات 0
لكن ! شاء الله تعالى أن يختبر إيماننا ليعلم أنعبده في الشدة و الضرّاء كما نعبده في الرّخاء و السراّء ! أنثبت عند المحن كما ثبت الصحابة الكرام ! ؟ إذ يقول الله سبحانه و تعالى في سورة آل عمران :
( إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله و تلك الأيام نداولها بين الناس و ليعلم الله الذين آمنوا و يتخذ منكم شهداء و الله لا يحب الظالمين * و ليمحّص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة و لمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم و يعلم الصّابرين * ) 0
فالذي حصل أني قد بدأت أزداد إيماناً و التزاماً حين باشرت عملي في مدرستي ، فكل ما حولي كان يعزز ذلك : الحجاب كان ضرورياً و له جزء من درجة التقرير، و المواد التدريسية لا بد من ربطها ببعضها و بالتربية الإسلامية ، و المحاضرات الدينية كانت تُقام في المدرسة عند بعض المناسبات الدينية كرمضان أو ليلة الإسراء و المعراج و غيرها ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كانا مستمرّان ، بالإضافة إلى توزيع الكتب و الأشرطة الدينية على مدار السنة 0
ثم ازداد التزامي أكثر و أكثر بتعيين أمينة مكتبة جديدة في المدرسة ، و قد كانت سيدة إماراتية قمّة في الالتزام و التدين و النشاط الدعوي ، هذه الإنسانة كان لها التأثير على معظم المدرسات بشكل عام و عليّ بشكل خاص ! فقد أحبّتني كثيراً و أحببتها أكثر في الله ، ما كنت أترك فرصة إلا و أذهب إليها في المكتبة نجلس معاً نذكر الله و نستمع معاً إلى بعض الأشرطة ، و حين لمست مني التعطّش لطلب العلم الشرعي راحت تمدّني بالكتب و الأشرطة الإسلامية ، و تأخذني لحضور المحاضرات الدينية 0 و طبعاً ما كانت تعرف شيئاً عن حياتي الخاصة فيما يتعلّق بالدين و المذهب ، و ما أخبرت بذلك أحد 0
فما حدث أن زوجي بدأ يلاحظ التزامي ، فما عاد الأمر مجرد صلاة الفرائض الخمسة و صيام رمضان فحسب ، بل صار الأمر يتطور و يزداد يوماً بعد يوم ! صار هناك صلاة النوافل و قيام الليل و صيام التطوع ، و الصدقات و قراءة الكتب و سماع الأشرطة و حضور المحاضرات 000و غير ذلك من الأمور الأساسية و الفرعية في الدين التي بدأت أطبقها في حياتي و أدعوه إليها !
هذا الأمر أقلقه و روّعه كثيراً ، و صار يعترضني و يقول لي : " لا تتطرّفي ، إلى أين ستصلين ؟ "
لكني أكّدت له أني لست متطرّفة بل أنا أطبّق فقط دين الله تعالى ، و ذكرت له قوله تعالى في سورة البقرة : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يُردّون إلى أشدّ العذاب و ما الله بغافل عما تعملون ) 0
و كنت أعطيه أشرطة متنوعة ليستمع إليها في السيارة في طريقه للعمل ، فكانت تؤثر به هذه الأشرطة كثيراً و تثبته و ترفع معنوياته 0
و بدأنا ندعو الناس من المعارف من أهل الطائفة هناك حسب ما يتيسّر لنا، و كان منهم من يتقبّل منّا بطريقة أو بأخرى و منهم من يعترض ، و منهم من يقتنع لكنه يخاف من التغيير و ما يصحبه من أذى المجتمع من أهل الملّة 0
الجدير بالذكر ، أني حتى ذلك الحين كنت لا أزال غير محجبة ! أقصد أني كنت أتحجب في المدرسة أو حين أخرج بمفردي لبعض حاجاتي ، لكن حين كنت أرافق زوجي كنت أرتدي ثياباً و زيّاً مختلفاً تماماً ، فقد كان يمنعني من الحجاب و يعترض عليه بشدة !
و في أحد الأيام ذهبت إلى المكتبة العامة في دبي ، و قد كنت أتردد إليها بأوقات فراغي بهدف المطالعة ، فكتبها كانت مختارة و منتقاة فيما يتماشى مع الشريعة ، أما الكتب الكفرية و الفسقية فما كان لها مكان هناك !
المهم ، قدّر الله تعالى ، و لحاجة معينة ، أن أتعرّف في المكتبة على امرأة شامية متزوجة في الإمارات ولا تتجاوز التاسعة عشر من عمرها و تدرس في كلية الشريعة ! من خلال الحديث معها أخبرتها بأن زوجي يمنعني من الحجاب ، فراحت تجمع لي الأدلة من الكتاب و السنة لتقنعني بوجوب الحجاب و أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 0 كان كلامها مؤثراً و بليغاً إلى أقصى حد فعدت إلى المنزل و عزمت على مواجهة زوجي في موضوع الحجاب و فعلت ذلك ، فثار بالبداية و غضب و لكني حاولت إقناعه بشتى الطرق 0 و حين رأى إصراري وافق و لكن على مضض 0
تحجبت و كنت سعيدة جداً بحجابي ، و هذا قادني إلى الامتناع عن مصافحة الرجال !
من ذلك الوقت بدأ الأذى لنا ممن حولنا ، فبدأت أتعرض إلى الهمز و اللمز و الامتعاض من المحيطين ، و لكني كنت قد تهيأت نفسياً لمثل هذا و حملت نفسي على الصبر و الثبات ، و كان لي في رسول الله صلى الله عليه و سلّم و الصحابة أسوة حسنة 0
جاء موعد الإجازة و السفر إلى سورية ، كان ينتابني شعور من القلق و الكآبة و أحس و كأن شيئاً ما سيحدث ، لكني كنت أستعيذ بالله من هذه الوساوس 0 ثم سافرنا ، و هناك بدأت المأساة ! فأول شيء حدث أن تفاجأ الجميع بحجابي و عدم مصافحتي للرجال من غير المحارم ، و عدم مصافحة زوجي للنساء من غير المحارم مما قادنا إلى مواقف في منتهى الإحراج ! ثم تفاجأوا بزوجي يصلي ! و تيقّنوا من إسلامنا ! فأعلنوا الحرب علينا !!
كنت ألمح الغضب و الامتقاع في وجه زوجي فأحاول تثبيته قائلة :
" و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " ، و لكن السخط بدأ يظهر عليه بشكل واضح !
ثم نزلت عند أهلي و ذهب هو لزيارة أقاربه 0
أما أهلي و أقاربي فقد بدأت النقاشات بيننا تعلو و تستعر ! و وقفوا جميعاً ضدي ! لكني تصبّرت بالله و قلت بنفسي : حسبي الله و نعم الوكيل 0 يكفيني من البشر زوجي ، فهو معي و يساندني و يقف بجانبي0
لكن زوجي الذي أثق به و أعلّق عليه آمالي كان قد نزل عند أقاربه و استلموه ! فما تركوا وسيلة لصدّه عن سبيل الله إلا اتبعوها ، بالوسوسة و السخرية و التخويف و التهديد و التعنيف 00 ثم بالمغريات و الزخرفات الدنيوية بشتى أنواعها من نزهات و أكل و شرب و موسيقا و رقص و نساء كاسيات عاريات !!
فانقلب الرجل على عقبيه و انتكس !! و لا حول و لا قوة إلا بالله !!
ليس ذلك فحسب ، بل راح يغتابني و يبهّتني و يهجوني و يفشي أسراري و يذكرني بالسوء أمام أهله و أهلي ، و يتهمني بالتطرف و التعقيد ! و يشكوني إليهم و يضع كل الحق علي في هذا الأمر و يبرّء نفسه !
اسودت الدنيا في وجهي و ضاقت عليّ بما رحبت ، و شعرت بقمّة الأسى و الألم ، فبكيت بحرقة ، و دعوت الله في جوف الليل و تضرّعت ! ثم غفوت بعد ذلك و إذ بي أرى في المنام أني أقرأ القرآن ، و بينما أنا أقرأ وصلت إلى موضع سجدة فسجدت ، و في سجودي رحت أدعو و أذكر الله ، و إذ ، سبحان الله ، بملائكة كالنور ينزلون من السماء و يجتمعون حولي يريدون أن يأخذوني ، و شعرت بالغبطة و الانشراح العظيم و تابعت قراءة القرآن في منامي و في الحقيقة ! فسمعتني أختي أقرأ و أوقظتني من النوم !
هذه الرؤية ، و لله الحمد و المنّة ، ساهمت في تثبيتي إلى حدكبير !
انتهت الإجازة الحزينة المؤلمة و عدنا إلى الإمارات ثانية ، وكان لا يزال في نفسي شيء من الأمل في أن يعود زوجي إلى إيمانه السالف ، فحاولت أن أكلّمه فرفض أن يسمع مني كلمة واحدة ، و راح يوبّخني بكلمات جارحة !
حاولت أن أعطيه أشرطة معينة فرفضها و رماها جانباً ، ثم منعني من سماع الأشرطة أو قراءة الكتب أو الخروج للمحاضرات ، و طلب مني أن أقطع صلتي بصديقتي أمينة المكتبة ، و حذّرني من أن أصلي أكثر من الفرائض ، أو أن أصوم النوافل ، و طلب مني خلع الحجاب و ارتداء الثياب المغرية ! ثم تراجع قليلاً و سمح لي أن أتحجب و لكن بحجاب يُظهر نصف شعري مع ثياب أنيقة تظهر المفاتن !!
طبعاً أنا رفضت معظم ما قاله ، و سايرته في موضوع الاستزادة في طلب العلم و العبادة مؤقّتاً راجية أن يعود إلى صوابه ! لكنه عاد أسوأ مما كان عليه في بداية زواجنا ، و صار يعاملني معاملة سيئة حين اطمأن أن أهلي ضدي في موضوع الدين ، فقد كان يهاب منهم نوعاً ما و خاصة من والدي !
فكرت بما عساي أن أفعله ، فاتصلت بأحد أصدقائه المسلمين ، و أخبرته باختصار عن انتكاس زوجي ، و طلبت منه أن يقف بجانبه و يحاول إرجاعه إلى إيمانه السابق ، فتحمّس الأخ للموضوع و دعى زوجي إليه ثم كلّمه بأسلوب غير مباشر عن خطر الردّة عن الإسلام ، و ذكّره بالآخرة و بالعقاب و الثواب ! و بذلك استطاع التأثير عليه بعض الشيء !
عدت للدوام في المدرسة بعد فترة انقطاع ، و استقبلتني أمينة المكتبة بحفاوة ، ثم راحت تدعوني لحضور محاضرة في مكان ما ، فاعتذرت منها 00 ثم لاحظت التغيير و الكآبة عليّ و أصرّت أن تعرف ما بي ، و لماذا أرفض الذهاب للمحاضرات ! فشعرت أني بحاجة إلى صديقة تحمل عني أعبائي التي أثقلت كاهلي ، فدعوتها إلى زيارتي ، ثم كلمتها عن كل تفاصيل حياتي و عن الأزمة التي أعيشها لكني لم أخبرها عن اسم الطائفة التي كنت أنتمي لها ، فبكت و تعاطفت معي كثيراً و وعدتني أنها لن تتخلى عني أبداً 0 و في اليوم التالي أحضرت لي كتاباً يتحدث عن الطوائف المنشقّة عن الإسلام و موقف الشرع منها ، فأخذته و قرأت ما كتب فيه عن طائفتي السابقة ، فتفاجأت بأنهم يذكرونهم أحياناً بأشياء غير صحيحة ! ثم صُعقت حين قرأت عبارة : (و لن تُقبل توبتهم ) !!!
يا للهول !! لن تقبل توبتهم ؟! معقول ؟! هذا ظلم !! لماذا ؟! أبَعد هذا كله لن تقبل توبتي ؟!
بكيت و بكيت 00 ثم اتصلت بصديقتي و ذكرت لها ما قرأت و طلبت منها أن تقطع صلتها بي ! فقد كنت شبه محطّمة وقتها !!
كادت المسكينة أن تجنّ ! و بكت لبكائي ،ثم اتصلت بي بعد نصف ساعة ، و قالت لي : " أختاه ، لقد اتصلت للتوّ بمركز الدعوة و الإرشاد في دبي و التابع للمملكة العربية السعودية ، و أخبرتهم عنك ففرحوا كثيراً بإسلامك ، و بنفس الوقت غضبوا لما هو مكتوب في هذا الكتاب كثيراً ! و قالوا أنه غير صحيح ، فباب التوبة مفتوح لكل الناس ما لم تغرغر الروح أو تطلع الشمس من مغربها !! فأبشري أختاه !! و يقول لك الشيخ أن تكلّميه في مركز الدعوة لتسمعيه بنفسك "
فاتصلت بالشيخ و راح يؤاسيني و يرفع معنوياتي و يثبتني بكلماته ، و عرض عليّ أن يرسل لي مجموعة من الكتب إلى أي عنوان قريب 0 فشكرته كثيراً و قلت له أنه لا يوجد عندي عنوان بريد إلا عنوان زوجي ، و هذا مُحال ! لكني سأحاول أن أجد وسيلة لجلب الكتب إن تمكّن لي ذلك 0
بعد بضعة أيام اتصلت بي صديقتي أمينة المكتبة و أخبرتني أنها اتصلت بأحد الشيوخ الثقات فأخبرها بضرورة إشهار إسلامي !
فوافقت على ما قاله الشيخ ، و ذهبت برفقتها و دون علم زوجي إلى مركز الدعوة و الإرشاد ، و التقيت بالشيخ الذي كان قد كلّمني بموضوع الكتب سابقاً ، و هو نائب مدير المركز و سعودي الجنسية ، فأشهرت إسلامي بعد أن كلمني عن بعض القضايا التي تخص الدين ، و أعطاني شهادة إشهار الإسلام و مجموعة كبيرة من الكتب و الأشرطة 0 و عدت إلى المنزل و كأني قد وُلدت من جديد ، اغتسلت بنية الإسلام و شعرت براحة نفسية عارمة 0
بعد بضعة أيام دعتني صديقتي أمينة المكتبة إلى زيارتها فذهبت بعد أن أخذت موافقة زوجي 0 و إذ بها تخبرني بأن الشيخ قد قال لها بضرورة إشهار زوجي لإسلامه ! و إلا فأنا لا أحلّ له !! ثم جعلتني أكلّمه بنفسي كي أسمع الجواب و رأي الشرع من ذلك 0
فاستصعبت الأمر عليّ كثيراً ، و عدت إلى المنزل و الهمّ يملؤني ، كيف سأفاتحه بالموضوع ؟!
حاولت أن أتلطف إليه ، و حين شعرت بأن مزاجه رائق كلّمته بالموضوع ! فما إن سمع ذلك حتى ثار و غضب ، و صار يزبد و يرعد ، و هددني بإخبار والدي !!
عندها ، جمعت قواي و كلمته بحزم و شدة ، و قلت له :
" اسمعني جيداً ، قد صبرت عليك كثيراً و احتملت منك الكثير ، ليس لضعفي أو لذلي ، و لكني أطيع الله في الصبر عليك 00و إن لم تشهر إسلامك ، فأنت لا تحل ّ لي "
قال : "ماذا تقصدين "
قلت " " الطلاق و هذا من حقي ! "
عندما سمع مني هذا هدأ و سكن ، و وافق على إشهار إسلامه 0 فقد كان يحبني كثيراً برغم كل ما يفعله معي 0
أشهر إسلامه ، و لكن هذا لم يغير شيء في أخلاقه أو سلوكه أو معاملته بل حتى في إيمانه ! فقد كانت قناعته أن يؤدي الفرائض فحسب و لا يزيد عن ذلك قيد أنملة ، و كل شيء أكثر من ذلك في رأيه هو عبارة عن ( تطرّف ) 00 و بذلك لا يهمّه أن يجلس مع أقوام يشربون الخمر و يرقصون و يختلطون رجالاً و نساء دون أن ينكر عليهم ذلك 0
و كانت قناعته أن لو رزقنا الله بأولاد فليس لنا أن نربيهم على الإسلام بل نتركهم يختارون الطريق الذي يريدون !
كانت قناعته ألا يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و يعارض موضوع الدعوة !
و كان يرفض موضوع سكننا في منطقة مسلمين في حال عدنا إلى سورية!
عندها شعرت بالخطر على ديني معه ، و خفت من الفتنة !
فقد كنت أصبر على طبعه و سوء أخلاقه و معاملته فقط لأنه صار مسلماً ! و لكن بعد أن لمست هذا الضعف في إيمانه و التذبذب في عقيدته ! انعدمت المحبة نحوه و تلاشت الثقة فيه و سقط من عيني تماماً !
و سقط من عين أهلي كذلك بعد أن عرفوا حقيقته !
ففكرت ، و استخرت ، ثم طلبت الطلاق !
رفض بالبداية ، و حاول أن يُصلح ، لكن وعوده كلها كانت زائفة !
عاودت طلب الطلاق ثانية ، و ألححت عليه ، فوافق أخيراً 0
تم الطلاق وافترقنا بعد أربع سنوات من حياتنا الزوجية و لا أولاد بيننا و لله الحمد ، ثم انتقلت لأسكن في سكن المدرسات و ما بقي لي سوى الله سبحانه فهو نعم المولى و نعم النصير0
يتابع إن شاء الله ,
المفضلات