قالوا: عن عائشة زوج النبي نفسها؛ قد شَبَّهَتْ معاوية بفرعون مصر الكافر...
فلماذا مازلتم تحترمون معاوية بن أبي سفيان ؟!

تعلقوا على ذلك بما جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج3 / ص143 ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤُوط.
قالَ الإمامُ الذهبي: " أَيُّوْبُ بنُ جَابِرٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَلاَ تَعْجَبِيْنَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الخِلاَفَةِ؟ قَالَتْ: وَمَا يُعْجَبُ؟ هُوَ سُلْطَانُ اللهِ يُؤْتِيْهِ البَرَّ وَالفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ أَرْبَعَ مائَةِ سَنَةٍ ".

الرد على الشبهة

أولاً: إن النبي I أوصى بأصحابه خيرًا، وقد لعن من سب أصحابه أو طعن فيهم... دل على ذلك ما يلي:

جامع الجوامع برقم 516 قال r : "لا تسبوا أصحابي لعن الله من سب أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " (الدارقطني في الأفراد عن أبى سعيد)
2-المعجم الأوسط للطبراني برقم4771 عن عائشة قالت قال رسول الله r:" لا تسبوا أصحابي لعن الله من سب أصحابي".

3-المعجم الكبير للطبراني برقم12709 عن ابن عباس قال: قال رسول الله r : "من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".

4-صحيح مسلم برقم 4596 قال r:"النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ".


ثانيًا: إن الرواية التي آتى بها المعترضون لا تصح؛ بيّن ضعفها أخي أبوعمر الباحث كما يلي :

الْعِلَّة الأولى: أيوب بن جابر الحنفي.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ أيوب بن جابر … ضعيف }.راجع : تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص57 ، ط مؤسسة الرسالة

العلة الثانية : أصل الرواية جاء من كتاب مجهول صاحبه هو كتاب: جزء القاسم بن موسى الأشيب، ص12 للْقَاسِمُ بْنُ مُوسَى الأشيب: {حَدَّثَنَا عَبْدَةُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: تَعْجَبِينَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْخِلافَةِ؟ قَالَتْ: ” وَمَا يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ اللَّهُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ أَهْلَ مِصْرَ أَرْبَعِ مِائَةِ سَنَةٍ }.

مُؤَلِّف الكتاب مجهول الحال لم يَذكرْ فيه العلمـاءُ جَرحًا ولا تعديلًا !

قال الإمام الخطيب البغدادي:

{ القاسم بْن موسى بْن الحسن بْن موسى، والد القاضي أبي عمران موسى بْن القاسم بْن الأشيب.
حدث عَنِ الحسن بْن عرفة، وإسماعيل بْن زياد الأبلي.
روى عنه ابنه أبو عمران، وأبو الميمون بْن راشد الدمشقي }. راجع :تاريخ بغداد للإمام الخطيب البغدادي ج14 /ص436 ، ط دار الغرب الإسلامي.

ورواية المجهول عندنا لا نحتج بها.

قال الإمام أبو عمرو ابنُ الصلاح:
{ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَـاهِيرِ }.راجع : علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر.

قال الإمام ابْنُ كَثِيرٍ:
{ فَأَمّا الْـمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ، أَوْ من سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فهذا ممن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ }راجع : الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للإمام ابن كثير ص309، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية. أهـ بتصرف.


ثالثًا: بعد بيان ضعف الرواية المغني عن كل تأويل؛ أحببتُ أن أضع بين يد القارئ ما قاله النبي ص في حق معاوية t ، وكيف أثنى عليه خيرًا ، ودعا له بالخير... جاء ذلك في الآتي:

1- قوله r:" اللهم اجعله هاديًا مهديًا، واهده، واهد به " .(أخرجه البخاري في التاريخ 4/1/327 وابن عساكر في تاريخه 2/133/1) ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وحكم عليه الشيخ الألباني بالصحة وذكر تحسين الترمذي له في (سننه 3842) راجع: (السلسلة الصحيحة 4/9691).

2- عن العرباض بن سارية السلمي قال: "سمعت رسول الله r يقول: اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب". (صحيح ابن حبان 16 /192 ، و صحيح ابن خزيمة 3/214 والطبراني في المعجم الكبير 18/251 وأحمد في المسند 4/127 وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 3227).

3- دعا النبي r لمعاوية بقوله: "اللهم علمه الكتاب والحساب, وَقِهِ العذاب ". سنن الإمام الترمذي بأحكام الشيخ الألباني ص865، ط دار المعارف - الرياض، ت: مشهور بن حسن آل سلمان. وصححه العَلَّامَة الألبانيُّ في صحيح سنن الترمذي.

4- قال رسول الله r قال: " أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا ".
قال ابن حجر في الفتح: " وقوله قد أوجبوا: أي فعلوا فعلاً وَجَبَتْ لهم به الجنة "....
قال المهلب: " في هذا الحديث منقبة لمعاوية t؛ لأنَّه أَوَّلُ مَنْ غَزَا البحر". أهـ بتصرف.

وعلى هذا أكون قد نسفت الشبهة الواهية نسفًا - بفضل الله I -.

كتبه / أكرم حسن
باحث في مقارنة الاديان