بسم الله الرحمن الرحيم
----------------------
من هم المسلمون؟الجزء الثامن عشر
-----------------------------------
وان نحن تحدثنا عن قواعد يدير الله سبحانه بها شئون كونه،وباقى خلقه ما أعلمنا الله سبحانه بها وما لم يعلمنا.
فاننا نتحدث عن خالق كل شىء،والأشياء هى:العرش والماء والكرسى،فالسماوات والأرض وما فيهن،فالملائكة والجن والانس،حيث قال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(واذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم،فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه،أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى،وهم لكم عدو،بئس للظالمبن بدلا،ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض،ولا خلق أنفسهم،وما كنت متخذ المضلين عضدا)،صدق الله العظيم،51،50-سورة الكهف.
وان قلنا ليس كمثله شىء،فان ذلك يعنى أن ليس من بين ما ذكرنا من الأشياء ما يرقى رقيا فائقا لا مثيل له ليكون مثيلا لله سبحانه خالق كل شىء،تعالى الله عما يشركون.
وأن المؤثرات المادية التى خلقها الله سبحانه مع خلق خلقه،وهى الزمن والمسافة والكتلة والحرارة،قد خلقها خالقها لتؤثر فى خلقه ولكن ليس لها تأثير عليه سبحانه،وأنه سبحانه يقدر تأثير تلك المؤثرات على خلقه فجعله متفاوتا،حيثما وكيفما وأينما يشاء هو وحده سبحانه.
فاننا نتحدث عن قواعد وأسس وقوانين أرساها سبحانه ليدير بها مخلوقاته شئونهم فيما بينهم وبين أنفسهم فى الحياة الدنيا كما قدر لهم،وليدير هو سبحانه بها كل خلقه كما يريد هو،سبحانه وتعالى عما يصفون.
بل وأنه سبحانه قد أعلم كل خلقه بها،وأعلنهم بأنه سبحانه ملتزم بها عهدا عليه من ذاته.
وان من تلك القواعد على سبيل المثال لا الحصر قوله سبحانه:يا عبادى،انى حرمت الظلم على نفسى،وجعلته بينكم محرما،فلا تظالموا،فان الظلم ظلمات يوم القيامة،صدق الله العظيم،وصدق رسوله الكريم(ص) فيما بلغ عن رب العزة.
ومن تلك القواعد الراسخات بأمره قوله سبحانه لرسوله الكريم(ص):بسم الله الرحمن الرحيم(انك لا تهدى من أحببت،ولكن الله يهدى من يشاء،وهو أعلم بالمهتدين)،صدق الله العظيم،56-سورة القصص.
فقد كان من المهتدين هند بنت عتبة قاتلة حمزة ابن عبد المطلب رضى الله عنه عم الرسول الكريم(ص)،والتى مثلت بجسده من بعد موته،بل وأكلت جزءا من كبده،انتقاما لأبيها وأخويها الذين ماتوا فى معركة مع المسلمين،وكذلك كان من المهتدين (وحشى) ذلك الرجل الذى سلطته هند لقتله،وكذلك كان من المهتدين عكرمة رضى الله عنه ابن أبى جهل لعنة الله عليه.
ولم يكن من المهتدين عماه أبو طالب الذى رعاه بعد موت جده عبد المطلب،وأبو لهب الذى أنزل الله فيه وزوجه سورة باقية الى يوم الدين حيث قال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(تبت يدا أبى لهب وتب،ماأغنى عنه ماله وما كسب،سيصلى نارا ذات لهب،وامرأته حمالة الحطب،فى جيدها حبل من مسد)،صدق الله العظيم،سورة المسد.
فكما هدى الله سبحانه الكثير من ضعفاء وبسطاء أهل مكة بداية الى نور الاسلام،ثم من بعد ذلك هدى أسيادها وشرفاءها،من قبل هجرة الرسول(ص) ومن بعدها،فكذلك هدى الكثير من أهل المدينة المنورة من النصارى واليهود وبعض المشركين،من قبل الهجرة ومن بعدها.
وكان من هؤلاء الذين هداهم الله لنوره بعد الهجرة عبد الله ابن سلام حبر يهود المدينة بعدما رأى رسول الله(ص) بعينه وسمع منه وعنه ما سمع،ما قد أكد له أنه هو النبى الذى تتحدث عنه كتب الأولين بكل الأمارات والعلامات،وأنه خاتم النبيين،فاستقر أمره على الاسلام،فأسرع بالذهاب الى بيت رسول الله(ص) ودار بينهما حديث كان من بينه أنه جاءه ليعلن اسلامه بين يديه ولكن قال لرسول الله(ص) أن اليهود قوم بهت،وطلب منه أن يحضرهم ويسألهم عنه بينهم قبل ذلك،فأحضرهم رسول الله(ص) وسألهم:ما تقولون فى عبد الله ابن سلام؟،فقالوا باجماع وتأكيد مع الاستغراب من السؤال:هو حبرنا وابن حبرنا،وعظيمنا وابن عظيمنا،فقال عبد الله ابن سلام:أما وقد شهدوا بما شهدوا فانى أشهد أن لا الاه الا الله،وأن محمدا رسول الله،فأصابهم الوجوم من روع الصدمة،ثم أفاقوا لأنفسهم فقالوا:بل هو كلبنا وابن كلبنا،وذليلنا وابن ذليلنا،ليتأكد رسول الله(ص) من كونهم قوم بهت.
يتبع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.