بسم الله الرحمن الرحيم
-----------------------
من هم المسلمون؟الجزء السادس عشر
-------------------------------------
وحيث أن حياة رسول الله(ص) هى أسوة حسنة للمسلمين جميعا فى حياته ومن بعد مماته،وذلك فى شتى النواحى البشرية والحياتية،ومن تلك النواحى كانت صفة التوكل على الله،وليس التواكل على الله.
فالمتوكل على الله يأخذ بكل الأسباب الدنيوية والمادية والبشرية المتاحة التى يجدها فى انجاح مصالحه بما لا يسبب ضررا للأخرين،ثم يرفع كفى الضراعة الى الله سائلا رحمته وتوفيقه،وحبذا لو صلى صلاة الاستخارة كما علمنا اياها رسول الله(ص)،ثم من بعد ذلك يرضى بمشيئة الله،فان كانت مشيئة الله نجاحا وتوفيقا،فالحمد والشكر على نعمائه،وان كان غير ذلك فصبر ورضى بقضائه،أخذين فى حسباننا قول مالك الملك سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(ان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)،صدق الله العظيم،30-سورة الكهف،وهى من القواعد الراسخات لادارة الله لكونه،فى جملة اعتراضية لم يحدد خلالها دينا لمن أحسن عملا،أثناء الحديث عن ثوابه للمؤمنين،وقوله سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(وما تشاءون الا أن يشاء الله،ان الله كان عليما حكيما)،صدق الله العظيم،أى علم فحكم سبحانه،30-سورة المرسلات،وهى أيضا من قواعد ادارة الله لكونه سبحانه،وكذلك قوله سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(ان الله يرزق من يشاء بغير حساب)،صدق الله العظيم،37-سورة أل عمران،ولم يحدد سبحانه هنا دينا لمن يرزقه بغير حساب فى قاعدة راسخة أيضا من قواعد ادارة الله لكونه.
وحسبنا قول رسول الله(ص):عجبا لأمر المؤمن أن أمره كله لخير،فان أصابته سراء شكر،فكان خيرا له،وان أصابته ضراء صبر،فكان خيرا له،صدق رسول الله(ص).
أما المتواكل على الله فانه لا يفهم العلاقة التى بيننا وبين خالقنا،فانه يفترى على الله الكذب ان ظن أن الله سبحانه وتعالى سيأتيه كل يوم بخرق للماديات التى خلقها سبحانه،أو بمعجزة،حتى الأنبياء والصالحين لا يحدث ذلك معهم الا بمشيئة مطلقة لله سبحانه أو من بعد دعاء مستجاب من أحدهم،وذلك أيضا من بعد مشيئة الله.
وكان المشركون قد اجتمعوا بمكة بعدما نفذ صبرهم تجاه رسول الله(ص) فقرروا أن يقتلوه،وعرض عليهم أبو جهل فكرة أن يأتوا من كل قبيلة برجل،ثم ينتظروا لحظة خروج رسول الله(ص) من بيته فينقضوا عليه ويضربوه بسيوفهم ضربة رجل واحد،فيتفرق دمه بين القبائل،ولا يستطيع بنو عبد مناف الذين هم أسرة رسول الله(ص) شيئا تجاه ذلك الا القبول بالدية،وكان ابليس اللعين جالسا بينهم متشكلا فى هيئة رجل منهم،فلما سمع فكرة أبى جهل قال لهم نعم الراى ما قال الرجل.
وما كان يدرى رسول الله(ص) ما يحاك له،فقال أن الله أرسل له أخاه جبريل ليخبره بمؤامرة المشركين وطلب منه ألا يبيت ليلته فى بيته.
فأرجع رسول الله(ص) الفضل كعادته لصاحب الفضل،الله رب العالمين،ولم يدعى أنه عرف ذلك بفطنته أو بخبرته.
وكان رسول الله(ص) دائما هو امام المتوكلين على الله فبعد أن أعد رسول الله(ص) العدة وحسب الحسابات،هم بالخروج من بيته،ولكن أبو بكر الصديق رضى الله عنه استطلع بعينه من فتحات الباب فوجد شبابا مدججين بالسلاح.
وهنا أخبرنا رسول الله(ص) أن الله أرسل له أخاه جبريل(ص) ليقول له أن الله يأمره بالخروج عليهم فان الله سيرسل عليهم النوم،وهم وقوف على أرجلهم وأجفانهم مفتوحة،ولكنهم لن يروه باذن الله وقال له اقرأ عليهم سورة يس حتى اذا خرج عليهم كان يقول:بسم الله الرحمن الرحيم(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون)،صدق الله العظيم،9-سورة يس.
وهنا أتى عمل الله سبحانه حيث قال:بسم الله الرحمن الرحيم(واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك،أو يقتلوك،أو يخرجوك،ويمكرون،ويمكر الله،والله خير الماكرين)،صدق الله العظيم،29-سورة الأنفال،والمكر هو احكام التدبير مع عدم بيانه للأخرين،فأخذ رسول الله حفانا من التراب ووضعها على رأس كل منهم وهم فاتحى أعينهم ولا يرونه باذن الله،تنفيذا لأمر الله له مع جبريل(ص).
وظلوا على حالهم هذا حتى شروق الشمس،فمر عليهم رجل فانتبهوا فسألهم عما يرقبون،فقالوا نتربص بمحمد،فقال لهم خيبكم الله فلقد خرج عليكم ومعه صاحبه،فجروا الى باب الرسول(ص) وفتحوه عنوة وجروا الى فراشه الذى يرون من ينام عليه فوجدوا ابن عمه عليا رضى الله عنه ينام مكانه،ونبه كل منهم الأخر لينفض التراب من على رأسه.
وجروا الى الطريق لعلهم يلحقون برسول الله(ص)،وهم يجرون ذيول الخيبة التى أراد الله أن يصيبهم بها لعلهم يرجعون الى أنفسهم،ونجى الله سبحانه رسوله الكريم(ص) وبدأ طريق الهجرة هو وصاحبه فى حماية الله سبحانه.
يتببع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.