بسم الله الرحمن الرحيم
----------------------
من هم المسلمون؟الجزء الخامس عشر
--------------------------------------
ورغم أن المشركون قد أذوا أتباع رسول الله(ص) ايذاء شديدا،ولم يستطيعوا أن يفعلوا معه كما يفعلونه بالضعفاء الجانب من المؤمنين،لمنعته من ناحية قومه من قريش وعلى رأسهم عمه أبى طالب،وزوجه السيدة خديجة رضى الله عنها،فقد أرسلوا وفدا الى عمه أبى طالب طالبين أن يعرض عليه أن يجعلوه ملكا عليهم،أو أن يعطونه من الأموال حتى يكون أغناهم،على أن يترك ذلك الأمر،أو أن يخلى بينهم وبين أبن أخيه الرسول الكريم(ص) فيقتلوه،فرد أبو طالب بأن دم الرسول(ص) فى منعة منه هو شخصيا ومن قومه قريش،وراح يعرض باقى العروض على رسول الله(ص)،فرد عليه رسول الله(ص) ردا باقيا الى يوم القيامة قائلا:والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى شمالى على أن أترك ذلك الأمر ما تركته،حتى يظهره الله،أو أهلك دونه،وكان الله سبحانه قد أرسل اليه جبريل(ص) ومع ملك الجبال مرة أخرى قائلا له:ان الله قد أرسلنى ان سألتنى أن أجعل لك جبل أحد ذهبا،فقال(ص):لا،لأنه يعلم أن ثواب الأخرة خير وأبقى له ولأمته من بعده من الذهب والثروات،التى تروح وتجىء،من بعد اذن الله بها.
فلما توفى عمه أبو طالب وتوفت بعده السيدة خديجة فى عام واحد أسموه لذلك بعام الحزن،أصبح الطريق خاليا لايذاء رسول الله(ص) وبقية أصحابه رضوان الله عليهم جميعا،فأجمع المشركون على أن يقاطعوا أل عبد المطلب وأتباع رسول الله(ص)،فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم،ولا يتبادلون التجارة معهم،وحاصروهم فى شعب مكة حصارا تاما لمدة ثلاث سنوات عجاف،حتى أكل المسلمون أوراق الشجر هم وأبناؤهم،وكان الرسول(ص) قادرا على أن يسأل الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء كل يوم كما أنزلها على الرسول عيسى ابن مريم(ص) وعلى الحواريين من قبل،أو أن يفجر من تحتهم ينبوعا كما فعل مع جده اسماعبل(ص) وأمه السيدة هاجر رضى الله عنها،وكذلك لم يطالبه الصحابة بمثل ذلك،كما طالب قوم موسى(ص) منه لما تعرضوا لايذاء فرعون وقومه،ولكنهم أثروا الصبر على الايذاء فى سبيل الله اعمالا لسنة الله فى خلقه فى تغليب الأسباب الدنيوية التى أمر الله بانفاذها،وطمعا فى الفوز بالجنة،فاما الصبر والجنة واما الكفر والنار واليعاذ بالله،واما الجهاد ولم يكونوا قد أمروا به.
وكان المشركون قد كتبوا صحيفة المقاطعة وعلقوها فى الكعبة ليعلم كل الناس والقادمين من خارج مكة بأمرها فيلتزمون بها،حتى مرت سنوات ثلاث فأصبحوا يوما وقد سلط الله القرضة فأكلت الصحيفة الا من كلمة (باسمك أللهم)،فعلموا أنهم كانوا على باطل فطالب أمثلهم طريقة بانهاء المقاطعة،ورغم ذلك لم يتوقف المشركون عن ايذاء الرسول(ص) والذين أمنوا معه.
وهنا يأمر رسول الله(ص) الجزء الباقى من الصحابة بالهجرة هم أيضا ولكن هذه المرة الى المدينة المنورة،وكان جزء كبير من أهلها من النصارى وجزء يسير من اليهود،وتسلل المسلمون من مكة الى المدينة هربا من ايذاء الكفار،ووجدوا بين أهلها ترحيبا ورحمة افتقدوها فى مكة.وفى عقبهم جاء الأمر من الله الى رسوله(ص) بالهجرة هو أيضا،فأعد العدة وحسب الحسابات المادية التى تودى لنجاح المأمورية بعد مشيئة الله،ولم يركن بالأمر كله الى الله سبحانه القادر على كل شىء فأين العمل المادى الذى يجازيه الله سبحانه عليه،فقد كان رسول الله(ص) قادرا على أن يدعو رب العالمين ليرسل له البراق وجبريل(ص) ليسريا به كما سريا به من قبل الى المسجد الأقصى،ولكن اعمالا لسنة الله فى خلقه أخذ بالأسباب الدنيوية،فأسر الأمر الى صاحبه الصديق أبى بكر رضى الله عنه واستشاره لاختيار التوقيت المناسب والأسلوب المناسب فأشار عليه،وعرض أبو بكر رضى الله عنه أن يصاحب رسول الله(ص) فى الهجرة فوافق.
واختارا ليلة بعد أن تسكن الحركة فى مكة وينام معظم أهلها،واستقرا على رجل من المشركين ليكون لهما دليل سير مقابل أجر،وقاما بتجهيز بعض الطعام والماء،وطلب من ابن عمه على ابن أبى طالب رضى الله عنه أن ينام فى فراشه فوافق،تمويها للمشركين ان جاؤا صدفة يتحسسون أمره.
يتبع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.