قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى حول الرسول الكريم
صلى الله عليه وسلم
من هو الصادق الأمين ؟


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى المدعو (رشيد) على شاشة قناة الحياة النصرانية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُسَمَّى بالصادق الأمين.!

وكأنَّ المسلمين عاشوا على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان واهمين مخدوعين بقصة الصادق الأمين إلى أن أتى هذا البطل المغوار (رشيد) ليغوص في الكتب ويسبر أغوارها فيصحح للمسلمين ما أخطأوا فيه جميعاً طوال هذه القرون.!!

بدأ المدعو (رشيد) حلقته رقم 305 من برنامج سؤال جريء بسؤال من هو الصادق الأمين ؟

وقال ما معناه أننا سلمنا للشيوخ ورجال الدين دفة عقولنا، وهؤلاء الشيوخ والعلماء ظلوا طوال هذه السنوات يخدعوننا ويكذبون علينا حتى أوهمونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسمَّى بالصادق الأمين قبل البعثة، ونحن نردد خلفهم آمين.!

ومن عجيب الزمان أني سمعت للمدعو (رشيد) كلمة أعجبتني جداً، وأظن أنه ينبغي بالفعل على كل من شاهد هذه الحلقة أن يعمل بكلمته هذه.


قال بالحرف: { أطلب منكم جميعاً: ألا تأخذوا كلامي كَمُسَلَّمَـات ولا كلام الشيوخ، بل أطلبكم أن تبحثوا بعد أن تنتهي الحلقة عن كل كلمة أقولها، فإن كان ما أقوله في هذه الحلقة صادقاً فعليكم بقبول نتائجه، وإن كان كاذباً فالمسئولية أيضاً عليكم أن تبعثوا لي الأدلة التي تُظهِر هذا الكذب }.(1)

وكانت أسئلة (رشيد) كالتالي:
1- هل فعلاً لقبت قريش محمداً بالصادق الأمين ؟
2- من قال هذا الكلام في قريش ؟
3- ومن نقل لنا هذا الكلام ؟
4- على أي شيءٍ اعتمد الشيوخ لترديد هذا اللقب ؟
5- هل هناك نصوص صادقة اعتمدوا عليها، أم هي مجرد دعاية لا تستند على أي أساس ؟


ثم قال رشيد: النصوص هي الحكم بيننا، وهي التي سَتُظْهِر الحق من الكذب، وهي التي سَتُظْهِر من هو الصادق الأمين.

ومن سوء حظ المدعو (رشيد) أنه يتعامل في شبهاته هذه مع أمة الإسلام العظيم التي كانت أَوَّلَ كلمةٍ نزلت مِنْ ربهم عزَّ وجلَّ على نبيهم محمدٍ صلى الله عليه وسلم هي كلمة {اقْرَأْ}.
(2)
فهي أُمَّةُ الْعِلْمِ والْقِرَاءَةِ والْبَحْثِ والتَّحْقِيقِ والتَّدْقِيقِ والدليل والبرهان.

وهي الأُمَّةُ الوحيدة التي يحوي كتابُها قولَه تعالى: { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.(3)
وعَمَلاً بوصية (رشيد) سنفتح الكتبَ والمراجعَ للناس لِنكشفَ للجميع كيف يُدَلِّس النصراني (رشيد) على ضحاياه من مستمعيه ويخدعهم.


وللرد على (رشيد) أقول:

أولاً: نبينا محمد هو الصادق الأمين:
لقد بنى (رشيد) الحلقة بالكامل على جملة واحدة قالها وهي أنه لا توجد رواية واحدة صحيحة تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُدعى الصادق الأمين.!

ومعنى هذا أننا لو أتينا برواية واحدة صحيحة تقول بذلك نكون قد دَمَّرْنَا حلقة رشيد كاملة بل ونكون أيضاً قد دمرنا مصداقية رشيد تماماً أمام مشاهديه.
قال الإمامُ الطَّحَاوِيُّ:

{ حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، حدثنا عباد بن عوام ، عن هلال بن خباب ، حدثني مجاهد ، حدثنا مولاي عبد الله بن السائب قال : كنت فيمن بنى البيت ، فأخذت حجرا ، فكنت أعبده ، فإن كان ليكون في البيت الشيء ، فأبعث به فيصب عليه ، ولقد كان يؤتى باللبن الطيب فأبعث به فيصب عليه ، وإن قريشا اختلفوا وتشاجروا في الحجر أين يضعونه ، حتى كاد يكون بينهم قتال بالسيوف ، فقال : انظروا أول رجل يدخل من باب المسجد ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : هذا أمين ، وكانوا يسمونه في الجاهلية أمينا ، فقالوا : هذا محمد ، فجاء وأخذ ثوبا وبسطه ، ووضع الحجر فيه ، فقال لهذا البطن ، ولهذا البطن ، ولهذا البطن : « ليأخذ كل واحد منكم بناحية الثوب » ، ففعلوا ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في مكانه « . وكذلك كان أبو سفيان بن حرب على ما كان في قلبه عليه صلى الله عليه وسلم يومئذ في جوابه قيصر لما سأله : هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال - يعني النبوة }.(4)
وهذا حديث صحيح لا مطعن فيه ، توافرت فيه شروط الحديث الصحيح الخمسة.

وذكره الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ فقال:
{ فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمـًا، قَالُوا: أَوَّلَ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ...}.(5)
وذكره الإمام الحاكم في المستدرك بلفظ:
{ فَقَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الْأَمِينَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ رَضِينَا بِكَ }.(6)
ولاحظْ عزيزي القارئ أن الرواية نفسها تقول: {وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الْأَمِينَ}
وهذا يعني أن هذا اللقب كانت قُرَيْشٌ بالفعل تُلَقِّبُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
فلماذا يقول رشيد أنه لا توجد رواية واحدة صحيحة تقول أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يلقب بهذا اللقب ؟
هل لم يَرَ رشيد كُلَّ هذه الروايات ؟ ألم تَـمُـرَّ عليه قط ؟ لماذا لم يسأل رشيد أحدَ علماء المسلمين ؟ هل قرأ رشيد هذه الروايات ولكنه أخفاها عن مشاهديه ؟
لاشك أنه يتبع في هذا قول بولس الذي يقول:
{فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدْ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ}.(7)
فهذه عقيدة بولس ومن يصدقه من النصارى أمثال رشيد وهي: طالما أنك تدعو للإيمان المسيحي الذي يؤمنون به فلا بأس أن تكذب، لأنَّ في كذبك هذا زيادةً لمجد الله وصدق الله.!!!!
عقائد غريبة !!
وأما لقب الصادق فما أكثره في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة وقد شَهِدَ له به القاصي والداني ، الحبيب والعدو ، المسلم والكافر ، اسمـاً ووصفاً، فعلاً وقولاً.
فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم أعلم الناس به كانوا يلقبونه بهذا اللقب
فيقول عبد الله بن مسعود:
{حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ }.(8)
ويقول أبو هريرة:
{ سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ صلى الله عليه وسلم }.(9)
وإليك رد جعفرَ بنَ أبي طالب على ملكُ الحبشة حينما سأله عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد في مسنده:
{ أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، " فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام }.(10)
بل ولما سأل هِرَقْلُ أبا سفيان قبل إسلامِه عن النبي صلى الله عليه وسلم
{ قَالَ: فَكَيْفَ صِدْقُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: كُنَّا نُسَمِّيهِ الأَمِينَ }.(11)
قد يقول رشيد أن هذه شهادة أصحابه الذين عاصروه وأحبوه فأين شهادة المشركين له بالصدق؟
فنقول: لما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته الشريفة المباركة وَجَمَعَ بطون قريش ونادى فيهم قائلاً: { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟
قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا }.(12)
وفي رواية أخرى عند البخاري قال المشركون له: { مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا }.(13)
وهذه شهادة المشركين أنهم لم يـُجَـرِّبُوا عليه كذبةً واحدةً قَطُّ، ولم يروا منه إلا الصدق.

الله أكبر الله أكبر
هذا هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرسولُ النبيُّ الأمينُ الصادقُ.
يتبع ،،