ضوابط في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

للكاتب : وليد دويدار
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن التأثير الحاصل باستخدام المسلمين لمواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية واضح وبيّن، مما يجعلنا في حاجة ماسّة لمعرفة ضوابط التعامل مع هذه المواقع، ولاسيما وأنه لا يوجد بيت يخلو في هذه الآونة من ذلك، ولكثرة هذه الضوابط وأهميتها، نوجزها في النقاط الآتية:
عليك بالإخلاص في القول والعمل، وإن تركت شيئاً من المحرمات في هذه المواقع فاتركه لله، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه.
احرص على نشر الخير؛ فإن الدال على الخير كفاعله، ومن الصدقة الجارية: علم يُنتفع به، فانشر الخير عن الموثوقين كالعلماء والدعاة الربّانيين، ولا تحقرن من المعروف شيئاً إن الجبال من الحصى.
لا تنفق وقتك كله مع هذه المواقع وإن قصدت الخير، فأنت محتاج إلى إنجاز مهمات لا ينبغي تأجيلها بحجة الانشغال بهذا التواصل؛ فإن لهذه المواقع جذبا غريبا وعجيبا، يقطع معها الإنسان الساعات، فينشغل عن الأمور المهمة، ويقع في التقصير ويُنسب له.
حاول الاستفادة من المواقع النافعة، وصفحات العلماء ولاسيما كبارهم، كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله جميعاً، وعلماء أهل السنة الذين استفاضت سيرتهم بالتقوى وصلاح الدين والعلم. ومواقعهم مشهورة معروفة.
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: فاتقوا الله في أبنائكم، ولا تتركوهم لفضاء هذه المواقع الواسع، الذي تاه فيه كثير من الشباب بين التواصل المحرّم، ومشاهدة ما يغضب الله عز وجل، وتضييع أوقاتهم فيما لا فائدة فيه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).
لا تنشغل بمواقع التواصل الاجتماعي عن الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، وحضور مجالس العلم؛ فإن الوقت أنفاس لا تعود، وأنت مسؤول عن عمرك فيما أفنيته؟، وشبابك فيما أبليته؟. ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان يذكر الله على كل أحيانه، ويقوم حتى تتفطر قدماه، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
لا تنقل حديثاً وأنت لا تدري مدى صحة نسبته إلى رسول الله[: فقد قال[: «لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجِ النَّارَ» متفق عليه.
لا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه، قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.
إياّك والشائعات! ونشر العداوات! باقتحام الخصوصيات، وإذاعة الفضائح والأسرار، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً كما عند الإمام البخاري: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، قَالاَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ، يَكْذِبُ بِالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»، وقال أيضاً: «كفى بالمرء إثماً أن يُحدّث بكل ما سمع» رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأخيراً إيّاكم ومحقرات الذنوب! التي إذا اجتمعت على العبد أهلكته، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَزَلُوا بِأَرْضٍ قَفْرٍ مَعَهُمْ طَعَامٌ لَا يُصْلِحُهُمْ إِلَّا النَّارُ، فَتَفَرَّقُوا فَجَعَلَ هَذَا يَجِيءُ بِالرَّوْثَةِ، وَيَجِيءُ هَذَا بِالْعَظْمِ، وَيَجِيءُ هَذَا بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا أَصْلَحُوا بِهِ طَعَامَهُمْ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَقَّرَاتِ، يَكْذِبُ الْكَذْبَةَ، وَيُذْنِبُ الذَّنْبَ، وَيَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ»، والله أعلم وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.