الماء قد يكون سبباً للحياة (كل شيء حي) وقد يكون سبباً للموت (فأغرقناهم)

والنار قد تكون منفعة (توقدون) وقد تكون مضرة (طائف من ربك وهم نائمون)

والرياح قد تبشّر بالمطر (بشرى بين يدي رحمته) وقد تكون ريحاً حاملة للعذاب (ريح فيها عذاب أليم)

والأخ قد يكون سبباً للخير (وزيراً من أهلي هارون أخي) وقد يكون سبباً للشر (ألقوه في الجب)

المال والأولاد قد يكونون نعمة (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وقد يكونون نقمة (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذّبهم بها في الحياة الدنيا...)

حتى العلم يمكن أن يكون سبباً للهداية (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقد يكون سبباً للفتنة (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)

والابن قد يكون عوناً (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وقد يكون شقاء (والذي قال لوالديه أفٍّ لكما أتعدانني أن أُخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمِن)

والزوجة قد تكون سبباً للمودة والرحمة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها...) وقد تكون سبباً للنكد (إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم)

ما معنى كلّ هذا؟

معنى هذا ألا نركن للأسباب والأشياء ونظن أنها سبب النفع أوالضر أو سبب السعادة أو الشقاء، ولكن نتوكل على مسبب الأسباب ورب الأشياء ومدبّر الأمر لأن جلب النفع ودفع الضر كله بيده.

يروى في الإسرائيليات أن موسى عليه السلام مرض فلجأ لله تعالى فأمره أن يأكل من نبتة فأكل منها فشفي. ثم مرض مرة أخرى فذهب بنفسه فأكل منها فلم يشف فشكى ذلك لله تعالى فأوحى إليه أنه أكلها في المرة الأولى بأمر الله فكان هذا سبب الشفاء فالشفاء بيد الله وليس من النبتة.

صحيح أننا نأخذ بالأسباب التي سخّرها الله لنا ولكنّ توكّلنا يكون على الله، يقول محمد راتب النابلسي: يجب على المسلم أن يأخذ بالأسباب كأنّها كل شيء ويتوكّل على ربّ الأسباب كأنها لا شيء.

وهذا الظن بالله تعالى –أنّ الخير بيده- كفيل بأن يوصلنا لأعلى درجات الإيمان والتوكل والطمأنينة (ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكلّ شيءٍ قدراً)