القرآن كتاب حجة وبرهان ودعوة وأخلاق ولكننا نجد أنه في بعض المواطن استخدم أسلوب التشبيه بالحيوانات (كمثل الكلب) (كمثل الحمار) (كالأنعام) وفي أحيان أخرى استخدم لغة التهديد (من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها)، ووجّهت أقسى الألفاظ لشخصيات بعينها (عتل بعد ذلك زنيم) (تبّت يدا أبي لهب وتبّ)

الإسلام ينهى عن السبّ واللعن ويدعو إلى الجدال بالحكمة والموعظة الحسنة فلماذا نجد في القرآن مثل تلك الآيات التي جرحت مشاعر كثير من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين والمنافقين؟!

الجواب -والله أعلم- أنّ الله تعالى يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة والعلم والحلم مبيّناً لهم الأدلة والبراهين حتى لا تبقى لهم حجّة، ويجيب على جميع أسئلتهم وتساؤلاتهم ويعطيهم الفرصة تلو الفرصة، حتى إذا رأوا الحقّ واستيقنته أنفسهم ثمّ كفروا بعد ذلك عن علم وإصرار وظلم وعناد وباتوا يجادلون لدحض الحقّ والسفسطة ولم يعد للحجّة أي قيمة نالوا من الأوصاف ما يستحقّون.

انظروا إلى جميع الآيات التي يرونها سبّاً سترون أنها موجّهة لتلك الفئة من النّاس، وهذه بعض الأمثلة:

1- الحديث عن المسخ والتهديد به (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ 65) البقرة، هل كان هؤلاء بسطاء غافلون؟ أم أنهم ذكّروا وأنذروا مراراً وتكراراً فلم يبالوا وفسقوا وظلموا حتى أصابهم المسخ (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ 165 فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ 166 ) الأعراف

فقد وصفهم بنسيان ما ذكروا به والظلم والفسق والعتوّ، فهم مدركون لحجم جريمتهم ومصرّون عليها.

سيقولون: هذه القصة غير موجودة في كتبنا! نقول كتبكم المحرفة ليست حجة على القرآن بل القرآن حجة على كتبكم وإنّ إنذار الأنبياء لهم بالعقوبات الشديدة والأوبئة وجعلهم صفير هزء والقطع من بين الشعب مع التشديد على حرمة السبت وتكرار التحذير من انتهاكها كلها لا تستبعد فكرة المسخ بل فكرة المسخ موجودة في كتابهم في قصة مسخ الله لزوجة لوط.

وهدّدهم بطمس وجوههم حتى تصبح كالأدبار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً 47) النساء

فهذه الآية جاءت بعد الآيات التي تتحدث عن شرائهم الضلالة ورغبتهم في إضلال الآخرين وتحريفهم الكتاب وقولهم سمعنا وعصينا وليّ ألسنتهم.
وكان اليهود يعرفون صدقه وأنه النبي الموعود ويجدون نعته واسمه في كتبهم التي بين أيديهم وبشّر به أنبياؤهم وأخذوا عليهم العهد باتّباعه ومع ذلك جحدوه وحاربوه.
(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 211) البقرة.

2- الذي شبّهه الله بالكلب: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ 175وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 176) الأعراف

فهذه الآية هي مثل لعلماء السوء الذين يؤتيهم الله العلم فيأبون إلا الضلال شبّههم بالكلب لأنه يبقى يلهث في حال التعب والراحة وهؤلاء يلهثون وراء الدنيا لا يردعهم علمهم.

وقال بعض المفسرين أنها نزلت في بلعام بن باعوراء الذي طلب منه قومه الكفار أن يدعو لهم على موسى وكان عنده اسم الله الأعظم، فدعا عليه رغم معرفته بنبوة موسى وحقّه.

فالعلماء أولى الناس بخشية الله وهم أكثر الناس اطلاعاً على آياته فإن كان كل ما يحفظونه من سطور وحواشٍ وكل ما اطلعوا عليه من علوم ودلائل لم يترجم إلى أخلاق وخشية لله فأيّ كلام ينفع معهم بعد ذلك؟

انظروا إلى بعض علماء ومفتي سوريا وقادة لبنان كيف جلبوا لأنفسهم المسبّة والمذمّة بعد أن كانوا رموزاً، انظروا كيف هووا بأنفسهم إلى أسفل سافلين بعد أن آتاهم الله آياته فانسلخوا منها بوقوفهم مع الطاغية المجرم وتزكية جنوده المفسدين في الأرض.

3- تشبيه الكفار بالأنعام: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ 179) الأعراف

فهؤلاء لهم أعين ترى آيات الله في الكون وفي أنفسهم وفي كل شيء ولكنهم (لا يبصرون) ولهم آذان طرقت طبلتها الدعوة والحجة ولكن (لا يسمعون) فهم تماماً كالأنعام وهو تشبيه بليغ لأنّ الغنم لا تفهم من كلام الراعي لها ومعانيه إلا الأصوات.

وتأمّلوا السياق الذي جاء فيه تشبيههم بالأنعام هنا: (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا 40 وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا 41 إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا 42 أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا 43 أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا 44) الفرقان

فالله تعالى لم يشبّههم بالأنعام إلا بعد أن أراهم ما يكفي من الآيات والدلائل والبراهين ليؤمنوا (بقايا قوم لوط الذين هلكوا بكفرهم وفحشهم، وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم النموذجية التي نشأت بينهم وعلموا صدقها وأمانتها، ودعوته الواضحة المنيرة فأبوا إلا أن يتصرفوا أمامها كالأنعام.

4- تشبيه الذين حمّلوا التوراة ثمّ لم يحملوها بالحمار(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 5) الجمعة

التشبيه يصف واقعاً بأدق وصف وأبلغ تشبيه، فأي إنسان يحمل العلم ثمّ لا ينتفع به فما الفرق بينه وبين الحمار الذي يشقى بحمل الكتب الثقيلة وهو لا يدري ما فيها؟

والقرآن ليس أوّل من عاب عليهم ذلك، بل أنبياؤهم عابوا عليهم ذلك أيضاً، ألم يقل المسيح عليه السلام: (لا تعطوا القدس للكلاب ولا تلقوا جواهركم قدّام الخنازير لئلّا تدوسها بأرجلها وترجع فتمزّقكم) متى 7: 6

والناظر في حال أهل الكتاب عموماً يرى أنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني فهم يصدقون كل ما يلقى إليهم من أحبارهم ورهبانهم ويردّدونه مثل الببغاء دون تفكير ولا اعتراض إلا من رحم ربّي.

تحاور نصرانياً فتقول له: المسيح لا يمكن أن يكون إلهاً لأنه كان يأكل ويشرب ويذهب للحمام ويمرض والإله كامل لا يحدث له ذلك. فيقول: بل هو إله 100% وإنسان 100% وقد مات لأجلنا. تقول له: الإله لا يموت ومن دبّر شؤون الكون والإله ميت؟ فيسترسل وهو يشرح لك فلسفة الفداء والخلاص. تثبت له أنّ هذه الفلسفات دخيلة على دين الأنبياء ودعوتهم وأنها منقولة عن الديانات الوثنية القديمة فيتجاهل ذلك تماماً، تقول له: المسيح لم يأمرك أن تعبده أو تصلي له بل هو نفسه كان يصلي. فيستنكر ذلك ويردّ بقوة بأنّ المسيح أعلى وأجلّ من أن يصلّي فتأتيه بآيات من كتابه بأنّ المسيح صلى وصام ودعا واستغفر.... فيتفاجأ ويختفي حيناً من الدهر ثمّ بدل أن يعود مؤمناً تائباً يعود لك بشبهات جديدة وصور رومانسية عن الصلب والفداء.. ثمّ يعتب على القرآن لأنه سمّاهم "ضالّين"!

5- ذمّ الله تعالى للوليد بن المغيرة: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ 10 هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ 11 مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ 12 عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ 13 أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ 14 إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ 15 سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ 16) القلم

نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة. يقول ابن عباس: لا نعلم أحداً وصفه الله بهذه العيوب غير هذا. فوصفه بأنه كثير الحلف وهي صفة المنافقين ومهزوزي الشخصية ووصفه بأنه مهين أي فاجر حقير. والهماز المغتاب الطّعّان في الناس والمشاء بنميم الذي يمشي بالنميمة بين الناس، وبأنه مناع للخير معتد أثيم. وعتلّ أي جاف غليظ القلب عديم الفهم، وبعد كل تلك الأوصاف زنيم أي ابن زنا وكان كذلك. ثمّ توعّده بخطم أنفه وكنى بالخرطوم عن الأنف تشبيهاً بخرطوم الفيل والخنزير إمعاناً في إهانته وإذلاله. والسؤال لماذا نال الوليد بن المغيرة هذا النصيب الكبير من الذمّ؟

الوليد بن المغيرة مرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويقرأ القرآن فاستمع لقراءته وتأثّر بها ثم ذهب إلى مجلس قومه فشهد شهادته في القرآن قال: "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ، والله إنّ له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة وإنّ أعلاه لمثمر وإنّ أسفله لمغدق وإنه ليعلو وما يعلى عليه".

فخافوا إسلامه فذهب إليه أبو جهل ليخوّفه من أن إسلامه سيضرّ بسمعته فسمع لأبي جهل وبقي يفكّر ماذا يقول في شأن محمد، فحجج كاهن ومجنون وشاعر لم تعد تنفع فأوصلته أفكاره إلى القول بأنّ محمداً صلى الله عليه وسلم ساحر!

فكان جحوده بعد يقين وكفره بعد إيمان وكذبه بعد تصديق فاستحقّ الذمّ بجدارة.

6- (تبت يدا أبي لهب وتبّ) المسد، أبو لهب كان عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بابن أخيه أخلاقه وصدقه وعقله ومع ذلك كان يؤذيه ويكذّبه أمام الناس. عن طارق المحاربي قال: "بينا أنا بسوق ذي المجاز إذ أنا بشابّ حديث السنّ يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. وإذا رجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه –مؤخر القدم- ويقول: يا أيها الناس إنّه كذّاب فلا تصدّقوه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هو محمد يزعم أنه نبي، وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذّاب". صفوة التفاسير 3/ 617 عن القرطبي 20/ 236

العرب وخصوصاً قريش وخصوصاً أقارب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أولى الناس بالإيمان بهذه الرسالة التي نزلت بلغتهم على رجل فيهم ومنهم يعرفون أحواله وأخلاقه وعقله وفيها ذكرهم وشرفهم بالإضافة إلى أنها أرادت إخراجهم من الظلمات إلى النور ومع ذلك كفر كثير منهم وقابلوها أقبح المقابلة فاستحقوا الذمّ. وما كان كفرهم إلا لإصرارهم على التمسك بدين آبائهم وأجدادهم دون نظر لحجة ولا اكتراث لدليل، بالإضافة إلى خوفهم من فقدان بعض الأمور الدنيوية.

7- اللعن، نجد في القرآن: (لعنة الله على الكافرين) (لعنة الله على الكاذبين) (لعنة الله على الظالمين) واللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى، ففي الآيات السابقة يبيّن لنا الله تعالى الفئات المستوجبة للعن إنذاراً وتحذيراً حتى نبتعد عن تلك الصفات وتنجنّب الطرد من رحمته: الكفر والكذب والظلم.....

ولا يعني هذا التحذير أنّ الإسلام دين لعن أو يدعو للّعن، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء". رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني.

وأخيراً... الذي يجادل الفئة العنيدة من الكفار على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم يلاحظ أنّهم فرحون بما هم عليه، متعصّبون ورومانسيون ولا يريدون الحقيقة ولا يبحثون عن دليل ولا برهان، إنّهم كما وصفهم الله تعالى: يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق.

كم آية رآى فرعون من موسى حتى رآى البحر يفلق أمامه كل فرق كالطود العظيم فأبى إلا أن يهلك نفسه.

وقوم المسيح عليه السلام لم يتوقفوا عن طلب الآيات منه رغم كلّ ما رأوه من إحياء للموتى وإبراء للأكمه والأبرص حتى قال لهم: الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية. وبعد أن رآى غلاظة رقابهم كانت كثير من خطاباته لهم قاسية حتى قال عنهم جهال وعميان وأفاع وحيّات وغير ذلك.

والملحدون يرون النظام ثمّ يؤمنون بالصدفة ويرون الإبداع ثمّ يؤمنون بالعبثية ويرون النسق ثمّ يؤمنون بالعشوائية ويرون الأحافير ثمّ يؤمنون بالتطوّر ويرون التنوّع الحيوي المتقن ثمّ يؤمنون بأنّ الطفرات ولّدت كلّ ذلك وينظرون إلى أنفسهم في المرآة ثمّ يقولون جاءت هي والقرد من أصل واحد! إن كانوا هم يقولون عن أنفسهم قروداً!

فما يسمّونه سبّاً في القرآن إنما هو في الحقيقة وصف لحال هؤلاء من خلال ضرب الأمثال من غير مبالغة ولا ظلم. والذمّ الموجّه لفئات أو شخصيات محدّدة فهذا لأنها استحقّت هذا الذم.
ولم يصفهم القرآن بذلك إلا بعد أن أراهم آياته فعرفوها وأنكروها على بصيرة.