نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى ... 2 3
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على سؤالهم كيف تقولون بتواتر القرآن رغم أن أسانيد قراءات القرآن تنتهى عند القراء العشر ؟


    ادعى المغرضون أن القرآن غير متواتر مستدلين بأن أسانيد قراءات القرآن تنتهي عند القراء العشر و كأنهم فهموا من انحصار أسانيد قراءات القرآن إلى عدد معين أن القرآن لم يجيء عن غيرهم ، و هذا ينم عن جهلهم بعلوم القرآن خاصة علم القراءات .
    و القرآن الكريم رواه جمع عن جمع يستحيل العادة تواطؤهم على الكذب فقد رواه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مئات الصحابة و رواه عن مئات الصحابة آلاف التابعين و هكذا إلى أن وصل إلينا ، و أسانيد القراءات القرآنية ما هي إلا غيض من فيض من الأسانيد .

    وقد اشتهر بإقراء الناس القرآن، وتعريفهم أوجه قراءته طائفة من الصحابة قد احتجزوا عن الخروج إلى ميادين الفتح؛ ليعلموا الناس ويفقهوهم في دينهم، ويقرئوهم القرآن الكريم .

    ومن هؤلاء عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب فارس الإسلام، احتجز عن الجهاد بالسيف؛ ليكون له جهاد العلم والقرآن, وأُبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء .


    وعن هؤلاء أخذ كثيرون من الصحابة والتابعين، وأقرءاهم القرآن بوجوه القراءات، وكلها يتفق مع المكتوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.


    ولما أخذ المقرئون للقرآن من الصحابة ينقرضون حمل التابعون ذلك العبء الكريم، فقاموا بحقه، ويظهر أنَّ المقرئ كان يقرئ طالب القرآن القراءات كلها، ويختار منها ما يطوع له لسانه من غير إعوجاج، فكان الصحابة وكبار التابعين يقرءون بالأوجه كلها، ولكن يختار المستحفظ ما يقوى عليه لسانه .


    وفي آخر عصر التابعين خلَّف من بعد قراء الصحابة والتابعين خلف طيب، وجد التخصص في قراءة من القراءات أولى من حفظ جميعها، فإنه إذا كان ذلك في طاقة الصحابة ومن داناهم من كبار التابعين، فمن وراءهم دون ذلك؛ إذ أخذت الطبيعة العربية تضعف عن حمل العبء كاملًا، فعني من أفاضل القراء من صغار التابعين، وتابعي التابعين برواية كلِّ واحد منهم قراءة واحدة؛ ليسهل عليه نطقها، ورووها متواترة، فكانت الرِّحَال تشَدُّ إليهم يتلقَّون عنهم، ويأخذون بما يقرئه كل واحد .
    واشتُهِر من هؤلاء الذين خلفوا عهد الحفاظ من الصحابة الذين كانوا يقرئون الناس من صحابة وتابعين - اشتهر سبعة كانوا من بعد أئمة القراء .

    وهم : عبد الله بن عامر المتوفَّى سنة 118هـ، وعبد الله بن كثير المتوفَّى سنة 120هـ، وعاصم بن مهدلة الأسدي المتوفَّى سنة 128هـ، وأبو عمرو بن العلاء شيخ الرواة المتوفَّى سنة 154هـ، وحمزة بن حبيب الزياد العجلي المتوفَّى سنة 156هـ، ونافع بن نعيم المتوفَّى سنة 169هـ، وعلي بن حمزة الكسائي إمام الكوفيين المتوفَّى سنة 159هـ، وقراءات هؤلاء السبعة هي المتفق عليها التي نالت الإجماع، ولكل واحدة منها سندها المتصل المتواتر، وطريقه، وهو محفوظ في علم القراءات، وأجمع المسلمون على التواتر فيها .

    وقد ألحق علماء القراءات وأهل الخبرة فيها ثلاثة غيرهم صحت قراءتهم، وثبت تواترها، وهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع المتوفَّى سنة 132هـ، ويعقوب بن إسحاق الحضري المتوفَّى سنة 185هـ، وخلف بن هشام .

    وقراءات هؤلاء بإضافتها إلى القراءات السبع تكون عشرة كاملة[1] .

    و تواتر قراءات العشرة ليس عن طريق ما دوّن في الأسانيد، لأنها ترجع إلى عدد محصور، ولكن إذا نظرت إلى أن هذا العدد المحصور لم يختص بها، بل كانت روايته هذه يقرأ بها غيره ممن لا حصر لهم- غاية الأمر أن المدوّنين اقتصروا على هؤلاء ليضبطوا ما دوّنوه ويحرروه- فإنك تعلم قطعا أنها كانت متواترة ولا تزال متواترة .


    فليست القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية- ليس الأمر كذلك- ولكنها إنما نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا، وإلا فأهل كل بلدة كانوا يقرءونها أخذوها أمما عن أمم، ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل العلم بالقراءات لم يوافقه على ذلك أحد، بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها [2].

    و لنضرب مثلا رواية حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السُلمي عن عبد الله ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ليس معنى هذا السند تفرد حفص بالرواية عن عاصم فقد روى عن عاصم خلق كثير ،و ليس معنى هذا السند تفرد عاصم بالرواية عن أبي عبد الرحمن السُلمي فقد أقرأ أبو عبد الرحمن السُلمي خلق كثير ،و ليس معنى هذا السند تفرد أبي عبد الرحمن السُلمي بالرواية عن ابن مسعود فقد أقرأ ابن مسعود خلق كثير .


    و قال ابن الجزري – رحمه الله - : « إِضَافَةُ الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ إِلَى أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ وَرُوَاتِهِمُ الْمُرَادُ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ الْقَارِئَ وَذَلِكَ الْإِمَامَ اخْتَارَ الْقِرَاءَةَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ مِنَ اللُّغَةِ حَسْبَمَا قَرَأَ بِهِ، فَآثَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ حَتَّى اشْتَهَرَ وَعُرِفَ بِهِ، وَقُصِدَ فِيهِ، وَأُخِذَ عَنْهُ ; فَلِذَلِكَ أُضِيفَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ إِضَافَةُ اخْتِيَارٍ وَدَوَامٍ وَلُزُومٍ لَا إِضَافَةَ اخْتِرَاعٍ وَرَأْيٍ وَاجْتِهَادٍ »[3] .


    و قال شهاب الدين الدمياطي – رحمه الله - : « فإن قيل : الأسانيد إلى الأئمة وأسانيدهم إليه - صلى الله عليه وسلم- على ما في كتب القراءات أحاد لا تبلغ عدد التواتر؟ أجيب بأن انحصار الأسانيد المذكورة في طائفة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم, وإنما نسبت القراءات إليهم لتصديهم لضبط الحروف وحفظ شيوخهم فيها, ومع كل واحد منهم في طبقته ما يبلغها عدد التواتر »[4] .
    و قد حكى ابن الجزري – رحمه الله – عن شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب بيبرود الشافعي– أنه قال : « معذور أبو شامة حيث إن القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية وخفي عليه أنها نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا وإلا فكل أهل بلدة كانوا يقرؤنها أخذوها أمما عن أمم ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل بلده لم يوافقه على ذلك أحد بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها » .


    ثم قال ابن الجزري – رحمه الله – : « صدق ومما يدل على هذا ما قال ابن مجاهد قال لي قنبل قال لي القواس في سنة سبع وثلاثين ومائتين: الق هذا الرجل -يعني البزي- فقل له: هذا الحرف ليس من قراءتنا يعني "وما هو بميت" [إبراهيم: 17] مخففا وإنما يخفف من الميت من قد مات ومن لم يمت فهو مشدد, فلقيت البزي فأخبرته فقال لي: قد رجعت عنه.

    وقال محمد بن صالح؛ سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: كيف تقرأ ﴿ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ، وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] فقال: لا يعذب بالكسر. فقال له الرجل: كيف وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- "لا يعذب" بالفتح؟ فقال له أبو عمرو: لو سمعت الرجل الذي قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم- ما أخذته عنه، وتدري ما ذاك؟ لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة.

    قال الشيخ أبو الحسن السخاوي : وقراءة الفتح أيضا ثابتة بالتواتر. قلت: صدق لأنها قراءة الكسائي.

    قال السخاوي: وقد تواتر الخبر عند قوم دون قوم وإنما أنكرها أبو عمرو لأنها لم تبلغه على وجه التواتر .

    قلت : وهذا كان من شأنهم على أن تعيين هؤلاء القراء ليس بلازم ولو عين غير هؤلاء لجاز، وتعيينهم إما لكونهم تصدوا للإقراء أكثر من غيرهم أو لأنهم شيوخ المعين كما تقدم ومن ثم كره من كره من السلف أن تنسب القراءة إلى أحد، روى ابن أبي داود عن إبراهيم النخغي قال: كانوا يكرهون سند فلان وقراءة فلان »[5] .


    [1]- المعجزة الكبرى القرآن ص 26
    [2] - الموسوعة القرآنية المتخصصة ص 318
    [3] - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1/52
    [4] - إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر لشهاب الدين الدمياطي ص 9
    [5] - منجد المقرئين ومرشد الطالبين لابن الجزري ص 79
    طبيب

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على زعمهم أن آية : ﴿ وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ﴾ زيد فيها ﴿و ما خلق ﴾




    ادعى المغرضون أن آية : ﴿ وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ﴾ زيد فيها : ﴿ و ما خلق ﴾ و استدلوا بقول عَلْقَمَةَ دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا ، فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلًا فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ : أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ ، قَالَ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ ، قَالَ : أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوِسَادِ وَالمِطْهَرَةِ ؟ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِي أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ ؟ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَاللَّيْلِ ، فَقَرَأْتُ : ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ . وَ النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى . وَ الذَّكَرِ وَ الأُنْثَى قَالَ : « أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَاهُ إِلَى فِيَّ ، فَمَا زَالَ هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونِي »[1] .


    و الجواب أن الثَّابِتُ فِي مَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ وَالْمُتَوَاتِرُ ﴿ وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ﴾ ، وَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قِرَاءَةٍ : وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى: نَقْلُ آحَادٍ مُخَالِفٌ لِلسَّوَادِ، فَلَا يُعَدُّ قُرْآنًا[2] .

    و قَالَ الْقَاضِي ابن العربي - رحمه الله - : « هَذَا مِمَّا لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ بَشَرٌ، إنَّمَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الصُّحُفِ؛ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ لِأَحَدٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقَعُ النَّظَرُ فِيمَا يُوَافِقُ خَطَّهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ ضَبْطُهُ، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ بِنَقْلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا؛ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ، وَيَنْقَطِعُ مَعَهُ الْعُذْرُ وَتَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ » [3].


    و قَالَ الْمَازِرِيُّ - رحمه الله - : « يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ خَالَفَ النَّسْخَ فَبَقِيَ عَلَى النَّسْخِ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ مُصْحَفُ عُثْمَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الْمَحْذُوفُ مِنْهُ كُلُّ مَنْسُوخٍ وَأَمَّا بَعْدَ ظُهُورِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ فَلَا يُظَنُّ بأحد منهم أنه خالف فيه .


    وأما ابن مَسْعُودٍ فَرُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَمَا ثَبَتَ مِنْهَا مُخَالِفًا لِمَا قُلْنَاهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ بَعْضَ الْأَحْكَامِ وَالتَّفَاسِيرِ مِمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَكَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَكَانَ يَرَاهُ كَصَحِيفَةٍ يُثْبِتُ فِيهَا مَا يَشَاءُ وَكَانَ رَأْيُ عُثْمَانَ وَالْجَمَاعَةِ مَنْعَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَيَظُنَّ ذَلِكَ قُرْآنًا »[4] .


    و قال ابن عاشور – رحمه الله - : « وَ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : « دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ ( َعْنِي ابْنَ مَسْعُود ٍ) الشَّامَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ؟ فَقُلْتُ : أَنَا . قَالَ : كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ ؟ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى قَالَ سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ :
    " و َاللَّيْلِ إِذَا يغشى وَالنَّهَار إِذا تَجَلَّى والذَّكَرَ وَالْأُنْثَى " قَالَ : أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ هَكَذَا "


    وَسَمَّاهَا فِي الْكَشَّافِ : قِرَاءَةَ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَيْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهَا ، وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ : أَنَّهُ أَقْرَأَهَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَيَّامَ كَانَ الْقُرْآن مرخّصا فِيهِ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى بَعْضِ اخْتِلَافٍ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ التَّرْخِيصُ بِمَا قَرَأَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَهُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْقُرْآنِ ، و َكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - »[5] .


    و قال الألوسي – رحمه الله - : « وقرأ ابن مسعود « والذكر والأنثى » وتبعه ابن عباس كما أخرج ذلك ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عنه ونسبت لعليّ كرم الله تعالى وجهه .


    وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم من علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه فقال له أبو الدرداء ممّن أنت؟ فقال: من أهل الكوفة قال: كيف سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -يقرأ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ؟ قال علقمة : « والذكر والأنثى » فقال أبو الدرداء : " أشهد أني سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقرأ هكذا وهؤلاء يريدوني على أن أقرأ وما خلق الذكر و الأنثى والله لا أتابعهم " . وأنت تعلم أن هذه قراءة شاذة منقولة آحادا لا تجوز القراءة بها لكنها بالنسبة إلى من سمعها من النبيّ - عليه الصلاة والسلام -في حكم المتواترة نجوز قراءته بها »[6] .


    [1]- رواه البخاري في صحيحه 5/28 حديث رقم 3761
    [2] - البحر المحيط في التفسير لأبي حيان الأندلسي 10/492
    [3] - أحكام القرآن لابن العربي 4/405
    [4] -المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 6/109
    [5] - التحرير و التنوير لابن عاشور 30/480
    [6] - روح المعاني للألوسي 15/366
    </B></I>
    طبيب

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على زعمهم أن قوله تعالى : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ نقص منه و صلاة العصر




    زعم المغرضون أن قوله تعالى : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ نقص منه و صلاة العصر و استدلوا بما رواه أَبو يُونُسَ ، مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ : أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، قَالَتْ : إِذَا بَلَغْتَ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ ، فَآذِنِّي ، فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا ، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " قَالَتْ : سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[1] قالوا : وفي القرآن لا توجد كلمتي "وصلاة العصر" و من ثم فالقرآن محرف .

    و الجواب أن الثَّابِتُ فِي مَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ وَالْمُتَوَاتِرُ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ ، وَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قِرَاءَةٍ : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ : نَقْلُ آحَادٍ مُخَالِفٌ لِلسَّوَادِ، فَلَا يُعَدُّ قُرْآنًا .


    و عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾ [ البقرة : 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ، فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ نَسَخَهَا اللهُ، فَنَزَلَتْ : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238] ، " فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقِ لَهُ: هِيَ إِذَنْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقَالَ الْبَرَاءِ : قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ، وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ[2] ، و هذا الحديث يدل أن زيادة : و صلاة العصر من منسوخ التلاوة ، و عائشة - رضي الله عنها - لم تعلم بالنّسخ ، لكن غيرها قد علم بالنسخ في الآية .


    و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : « اعْلَم أَن هَذِه الْآيَة كَذَلِك نزلت، ثمَّ نسخ مِنْهَا ذكر صَلَاة الْعَصْر، وَلم تعلم عَائِشَة أَن ذَلِك نسخ، فقرأتها على الْقِرَاءَة الأولى. وَقد سبق هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ فِي مُسْند الْبَراء بن عَازِب »[3] .




    [1]- رواه أحمد في مسنده 5/505 حديث رقم 24448
    [2] - رواه مسلم في صحيحه 1/483 حديث رقم 630
    [3] - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي 4/414
    </B></I>
    طبيب

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على زعمهم بحذف آية " خمس رضعات يحرمن "من القرآن



    زعم المغرضون أن هناك آية في القرآن كانت تتكلم عن عدد الرضعات التي يحرمن و قد حذفت بعد وفاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - و استدلوا على ذلك بقول عَائِشَةَ : " كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ : عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ "[1]


    والجواب قول عائشة – رضي الله عنها - : "وهن مما يُقرأ من القرآن" ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك، فإنه غير موجود في المصحف العثماني. وأجيب بأن المراد : قارَبَ الوفاة ، والأظهر أن التلاوة نُسِخَت ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتوفي وبعض الناس يقرؤها [2] .



    و قال على القاري : « (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ) بِسُكُونِ الشِّينِ وَفَتَحَ الضَّادَ (مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) أَيْ: مُشْبِعَاتٌ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ مُتَفَاصِلَةٍ عُرْفًا (فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ) أَيْ: آيَةُ خَمْسِ رَضَعَاتٍ (فِيمَا يُقْرَأُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ .


    (مِنَ الْقُرْآنِ) تَعْنِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ كَانَ يَقْرَؤُهُ عَلَى الرَّسْمِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي زَمَانِ الْوَحْيِ فَكَيْفَ بَعْدُ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَتْ بِذَلِكَ قُرْبَ زَمَانِ الْوَحْيِ.


    قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ تِلَاوَتَهَا قَدْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَتَرَكُوهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ قَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ عَنِ الِاخْتِلَالِ وَالنُّقْصَانِ وَتَوَلَّى حِفْظَهُ وَضِمْنَ صِيَانَتِهِ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ( سورة الحجر الآية 9 ) فَلَا يَجُوزُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يَضِيعَ مِنْهُ آيَةٌ وَلَا أَنْ يَنْخَرِمَ حَرْفٌ كَانَ يُتْلَى فِي زَمَانِ الرِّسَالَةِ إِلَّا مَا نُسِخَ مِنْهُ.

    قَالَ الْأَشْرَفُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ عَائِشَةِ وَهُوَ (فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ) عَائِدٌ إِلَى عَشْرِ رَضَعَاتٍ وَحِينَئِذٍ احْتَاجَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَا ذَكَرَهُ وَيَقُومُ هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلًا لِمَنْ قَالَ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَحْصُلُ بِأَقَلِّ مِنْ عَشْرِ رَضَعَاتٍ وَلَوْ جَعَلَ الضَّمِيرَ الْمَذْكُورَ عَائِدًا إِلَى خَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ مَعَ قُرْبَةٍ لَقَامَ دَلِيلًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَاسْتُغْنِيَ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْعَشْرَ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ وَاسْتَقَرَّ النَّسَخُ وَتَقَرَّرَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهَا فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ أَيْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ نَسْخِ الْعَشْرَةِ بِالْخَمْسِ فِي حَالَةِ اسْتِقْرَارِ الْخَمْسِ وَكَوْنِهِ مَقْرُوءًا فِي الْقُرْآنِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)


    قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَيْ: أَنَّ النَّسْخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ تَأَخَّرَ إِنْزَالُهُ جِدًّا حَتَّى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَيَجْعَلُهَا قُرْآنًا مَتْلُوًّا لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ فَلَمَّا بَلَغَهُمُ النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُتْلَى »[3] .


    و قال محمد أبو شهبة : « هذه الرواية مهما صحت فهي آحادية لا يثبت بها قرآن؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، ثم هي أيضا لا تعارض القطعي الثابت بالتواتر، وهو القرآن الذي بين أيدينا اليوم، وغاية ما تدل عليه هذه الرواية أنها خبر لا قرآن » [4].


    [1]- رواه مسلم في صحيحه 2/1075 حديث رقم 1452
    [2] - مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص 244
    [3] - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي القاري 5/2079
    [4] - المدخل لدراسة القرآن ص 295
    </B></I>
    طبيب

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على زعمهم أن تعدد القراءات يدل على اضطراب النص القرآني وتحريفه ، وسببه عدم تنقيط المصحف العثماني



    ادعى المغرضون أن تعدد قراءات القرآن يدل على اضطراب النص القرآني ، و لحوق التحريف به ، و أنه ليس من عند الله مستشهدين بقوله تعالى : ﴿ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ﴾ ، و ادعوا أن تعدد القراءات قد يكون مرجعه عدم تنقيط المصحف العثماني .



    و كلامهم ينم عن جهلهم بعلوم القرآن خاصة علم القراءات ، و القراءات القرآنية هي الوجوه المختلفة التي سمح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقراءة النص القرآني بها قصدًا للتيسير، والتي جاءت وفقًا للهجة من اللهجات العربية القديمة .


    وقد تكفل الزركشي بالتفرقة بين القرآن والقراءات بقوله: "القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - للبيان والإعجاز، والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كِتبة الحروف، أو كيفيتها، من تخفيف وتثقيل وغيرهما"[1]


    و قال المارغني المالكي : « القراءات هي اختلاف الوحي في الحروف وكيفيتها، غير أنها تعتمد كلية على التلقي والمشافهة ؛ لأن هذا العلم الإسلامي الخالص لا يحكم إلا بالسماع والمشافهة ، ولذا فقد اشترط العلماء في صحتها ضوابط منها :
    1- أن توافق القراءة رسم المصحف العثماني.
    2- أن تنقل بالتواتر؛ لأن القراءات الصحيحة لا تثبت إلا السند الصحيح المتواتر حتى، ولو وافقت رسم المصحف الإمام.
    3- أن توافق وجها من وجوه اللغة العربية.
    فإذا تحققت هذه الضوابط تحققت صحة القراءة، وإذا اختل ضابط منها اختلت القراءة، وضعف العمل بها.


    والقراءات القرآنية وحي من عند الله تلقاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الله بواسطة ملك الوحي جبريل عليه السلام، ولقنه النبي - عليه الصلاة والسلام - لصحابته، وعنه نقلت القراءات القرآنية بالتواتر »[2] .


    و إن قيل ما السبب الذي أوجب أن يختلف القراء في قراءة القرآن على قراءاتمتعددة فالجواب ما قاله ابن تيمية : « وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ : مَا السَّبَبُ الَّذِي أَوْجَبَ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْقُرَّاءِ فِيمَا احْتَمَلَهُ خَطُّ الْمُصْحَفِ؟ فَهَذَا مَرْجِعُهُ إلَى النَّقْلِ وَاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِتَسْوِيغِ الشَّارِعِ لَهُمْ الْقِرَاءَةَ بِذَلِكَ كُلِّهِ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقْرَأَ قِرَاءَةً بِمُجَرَّدِ رَأْيِهِ ؛ بَلْ الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ .


    وَهُمْ إذَا اتَّفَقُوا عَلَى اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِيِّ وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالْيَاءِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّاءِ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا خَارِجًا عَنْ الْمُصْحَفِ. وَمِمَّايُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَلَى يَاءٍ أَوْ تَاءٍ وَيَتَنَوَّعُونَ فِي بَعْضٍ كَمَا اتَّفَقُوا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ فِي مَوْضِعٍ وَتَنَوَّعُوا فِي مَوْضِعَيْنِ .


    وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ كَالْآيَتَيْنِ فَزِيَادَةُ الْقِرَاءَاتِ كَزِيَادَةِ الْآيَاتِ؛ لَكِنْ إذَا كَانَ الْخَطُّ وَاحِدًا وَاللَّفْظُ مُحْتَمَلًا كَانَ ذَلِكَ أَخْصَرَ فِي الرَّسْمِ .


    وَالِاعْتِمَادُ فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ عَلَى حِفْظِ الْقُلُوبِ لَا عَلَى الْمَصَاحِفِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " إنَّ رَبِّي قَالَ لِي أَنْ قُمْ فِي قُرَيْشٍ فَأَنْذِرْهُمْ. فَقُلْت: أَيْ رَبِّ إذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي - أَيْ يَشْدَخُوا - فَقَالَ: إنِّي مُبْتَلِيك وَمُبْتَلٍ بِك وَمُنْزِلٌ عَلَيْك كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا ويقظانا فَابْعَثْ جُنْدًا أَبْعَثْ مِثْلَيْهِمْ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَك مَنْ عَصَاك وَأَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْك " فَأَخْبَرَ أَنَّ كِتَابَهُ لَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ إلَى صَحِيفَةٍ تُغْسَلُ بِالْمَاءِ؛ بَلْ يَقْرَؤُهُ فِي كُلِّ حَالٍ .


    كَمَا جَاءَ فِي نَعْتِ أُمَّتِهِ: " أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ " بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ لَا يَحْفَظُونَهُ إلَّا فِي الْكُتُبِ وَلَا يَقْرَءُونَهُ كُلَّهُ إلَّا نَظَرًا لَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.


    وَ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَالْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ الْمَنْسُوبَةَ إلَى نَافِعٍ وَعَاصِمٍ لَيْسَتْ هِيَ الْأَحْرُفَ السَّبْعَةَ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ .


    وَكَذَلِكَ لَيْسَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعَةُ هِيَ مَجْمُوعَ حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ؛ بَلْ الْقِرَاءَاتُ الثَّابِتَةُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ - كَالْأَعْمَشِ وَيَعْقُوبَ وَخَلَفٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ وَنَحْوِهِمْ - هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْقِرَاءَاتِ الثَّابِتَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ عِنْدَ مَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ.


    وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَمْ يَتَنَازَعْ فِيهِ الْأَئِمَّةُ الْمَتْبُوعُونَ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا تَنَازَعَ النَّاسُ مِنْ الْخَلَفِ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ الْإِمَامِ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَالْأُمَّةُ بَعْدَهُمْ هَلْ هُوَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ وَتَمَامِ الْعَشَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ هُوَ حَرْفٌ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا؟ أَوْ هُوَ مَجْمُوعُ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ وَالثَّانِي قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْقُرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَحْرُفَ السَّبْعَةَ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا خِلَافًا يتضاد فِيهِ الْمَعْنَى وَيَتَنَاقَضُ؛ بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَمَا تُصَدِّقُ الْآيَاتُ بَعْضُهَا بَعْضًا.


    وَسَبَبُ تَنَوُّعِ الْقِرَاءَاتِ فِيمَا احْتَمَلَهُ خَطُّ الْمُصْحَفِ هُوَ تَجْوِيزُ الشَّارِعِ وَتَسْوِيغُهُ ذَلِكَ لَهُمْ ؛ إذْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى السُّنَّةِ والإتباع لَا إلَى الرَّأْيِ وَالِابْتِدَاعِ .


    أَمَّا إذَا قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ هِيَ الْأَحْرُفُ السَّبْعَةُ فَظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذَا قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ حَرْفٌ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ قَدْ سُوِّغَ لَهُمْ أَنْ يَقْرَءُوهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ مَعَ تَنَوُّعِ الْأَحْرُفِ فِي الرَّسْمِ؛ فَلَأَنْ يُسَوَّغَ ذَلِكَ مَعَ اتِّفَاقِ ذَلِكَ فِي الرَّسْمِ وَتَنَوُّعِهِ فِي اللَّفْظِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَهَذَا مِنْ أَسْبَابِ تَرْكِهِمْ الْمَصَاحِفَ أَوَّلَ مَا كُتِبَتْ غَيْرَ مَشْكُولَةٍ وَلَا مَنْقُوطَةٍ؛ لِتَكُونَ صُورَةُ الرَّسْمِ مُحْتَمِلَةً لِلْأَمْرَيْنِ كَالتَّاءِ وَالْيَاءِ وَالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَهُمْ يَضْبِطُونَ بِاللَّفْظِ كِلَا الْأَمْرَيْنِ وَيَكُونُ دَلَالَةُ الْخَطِّ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا اللَّفْظَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ الْمَسْمُوعَيْنِ الْمَتْلُوَّيْنِ شَبِيهًا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ الْمَعْقُولَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلَقَّوْا عَنْهُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ إلَيْهِمْ مِنْ الْقُرْآنِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ جَمِيعًا »[3]


    و على ما تقدم فالقراءات القرآنية وحى من عند الله و ليس اجتهاد من اجتهادات العلماء ، و ليس لقارئ القرآن الحرية في قراءة القرآن بحسب ما يرى ولو شذ بل لابد من التزام الكيفيات أو الوجوه المنقولة إلينا تواتراً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقرأ بوجه منها أو أكثر لكن لا يحل له أن يقرأ بما لم يتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصح ثبوته ويشتهر وتتوفر فيه صحة السند والموافقة للرسم العثماني وموافقة القواعد النحوية كما قرر ابن الجزري [4].


    و القراءات القرآنية ليست في كل كلمات القرآن أي لا تشمل كل كلمات القرآن بل تشمل كلمات محصورة وردت فيها مضبوطة معلومة، لا زيادة فيها ولا نقصفقد تكون كلمة واحدة في الآية كلها .


    مثل قوله تعالى : ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ كلمة مالك فيها قراءتان : مالك و مَلِك ، و معنى مالك القاضي المتصرف في شئون يوم القيامة أما ملك أي من بيده الأمر والنهى و مقاليد كل شيء يوم القيامة و كلا المعنيين صحيح لا تعارض فيه بل في القراءتين تنوع يثري المعنى .



    قال ابن عثيمين : « و "الملك" أخص من "المالك" وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك : يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛ ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس ؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك »[5] .



    و مثل قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍفَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًابِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( سورة الحجرات الآية 6 ) كلمة فتبينوا فيها قراءتان : فتبينوا و فتثبتوا و معنى فتبيّنوا من التبيين ، ومعنى فتثبّتوا منالتثبّتوالتبيين تطلّب بيان الحقيقة من الكذب و الصواب من الخطأ ،ومعنى التثبّت التحري وتطلّب الثبات ، وهوالصدقو كلا المعنيين صحيح لا تعارض فيه بل في القراءتينتلازم فالتبين من الأمر هو الطريق الموصل للتثبت في الأمر و التثبت في الأمر هو ثمرة التبين، ومن تبين فقد تثبت، ومن تثبت فقد تبين .

    و مثل قوله تعالى : ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ منْ أَنفسِكمْ ( سورة التوبة من الآية 128 ) كلمة أنفسكم فيها قراءتان : أَنفُسِكمْ و أَنفَسِكمْ إحداهما بضم الفاء والثانية بفتحها والمعنى على الأول منكم لَا من غيركم، والمعنى على الثانية (من أنفَسكم) أي من أعلاكم نسبًا. وبمجموع الآيتين، وكل آية منهما قرآن بذاتها، أنه بعث فيكم رسولا منكم، لَا من غيركم، وهذه منَّة، ومن أعلاكم نسبا وشرفا وهذا شرف للرسالة، والنبيون يبعثون من أعلى الأوساط[6] .


    و عن المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ .


    فَقُلْتُ : مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ ؟ قَالَ : أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقُلْتُ لَهُ : كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ ، الَّتِي سَمِعْتُكَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَقُودُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا ، وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ .



    فَقَالَ : « يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا » فَقَرَأَهَا القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « هَكَذَا أُنْزِلَتْ » ثُمَّ قَالَ : « اقْرَأْ يَا عُمَرُ » فَقَرَأْتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « هَكَذَا أُنْزِلَتْ » ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ »[7].


    و هذا الحديث يبين أن اختلاف القراء في قراءة بعض كلمات القرآن إنما حدث في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما تلاه عليهم وسمعوه منه مشافهة، ولم يأت هذا الخلاف نتيجة النظر في المصحف المكتوب المقروء الخالي من النقط والشكل كما توهم المغرضون لجهلهم بعلوم القرآن فالقرآن يؤخذ بالتلقي و السماع ،و المسلمون من جيل الصحابة ومن تبعهم بإحسان لم يتعلموا القرآن عن طريق الخط العربي من القراءة في المصاحف , وإنما تعلموه سماعًا واعيًا ملفوظًا كما خرج من فم محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و القرآن يجب أن يُسمع بوعى قبل أن يقرأ من المصحف.


    و المراد بالأحرف السبعة في الحديث سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد " نحو ( أقبل , وتعال , وهلم , وعجل , وأسرع ) فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد ، أو لمعانٍ مختلفة و لكن اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد وذلك توسيعًا عليهم، ورحمة بهم، وكان الصحابة يقرؤون مما تعلموا، دون أن يُنكر أحد على أحد ،و عندما حدث إنكار لهذا ، كما كان من أمر عمر - رضي الله عنه - مع هشام بن حكيم بيَّن له - صلى الله عليه وسلم - أن ليس في ذلك ما يُستنكر ، وأقر كل واحدٍ منهما على قراءته ، ولو كان في الأمر شيء لبيَّن لهم ذلك ، أَمَا وإنه لم يفعل فقد دلَّ ذلك على أن الاختلاف في القراءة أمر جائز ومشروع .


    و قال ابن حزم – رحمه الله - : « أما قَوْلهم إننا مُخْتَلفُونَ فِي قِرَاءَة كتَابنَا فبعضنا يزِيد حروفاً وبعضنا يُسْقِطهَا فَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافا بل هُوَ اتِّفَاق منا صَحِيح لِأَن تِلْكَ الْحُرُوف وَتلك الْقرَاءَات كلهَا مبلغ بِنَقْل الكواف إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا نزلت كلهَا عَلَيْهِ فَأَي تِلْكَ الْقرَاءَات قَرَأنَا فَهِيَ صَحِيحَة وَهِي محصورة كلهَا مضبوطة مَعْلُومَة لَا زِيَادَة فِيهَا وَلَا نقص فَبَطل التَّعَلُّق بِهَذَا الْفَصْل وَللَّه تَعَالَى الْحَمد »[8] .

    [1] - المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن الكريم وقراءاته د. أحمد مختار ص 16
    [2] - دليل الحيران على مورد الظمآن للمارغني المالكي ص 3
    [3] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 13/401 - 402
    [4] - تقويم طرق تعليم القرآن وعلومه لسعيد أحمد حافظ ص 56
    [5] - تفسير الفاتحة و البقرة لابن عثيمين ص 12
    [6] - زهرة التفاسير لأبي زهرة 7/3494
    [7]- رواه البخاري في صحيحه 6/194حديث رقم 5041
    [8] - الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 2/64
    __________________
    </B></I>
    طبيب

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    الرد على زعمهم أن قوله تعالى : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ نقص منه قد



    زعم المغرضون أن قوله تعالى : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ نقص منه قد و استدلوابحديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ﴾ وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: « يَا صَبَاحَاهْ » فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : « أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الجَبَلِ ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيّ َ؟ » قَالُوا : مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا ، قَالَ : « فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ » قَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ ، مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا ؟ ثُمَّ قَامَ ، فَنَزَلَتْ : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ وَقَدْ تَبَّ، هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ[1] .


    و الجواب وَقَدْ تَبَّ هذه إحدى القراءات القرآنية غير المتواترة قال ابن العربي : « مَرَّتْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قِرَاءَتَانِ: إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ: " وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ. وَرَهْطَك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ". وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ وَقَدْ تَبَّ وَهُمَا شَاذَّتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ رَوَاهُمَا عَنْ الْعَدْلِ، وَلَكِنَّهُ كَمَا بَيَّنَّا لَا يُقْرَأُ إلَّا بِمَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ »[2] .


    و قال النووي – رحمه الله -: « مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَشَ زَادَ لَفْظَةَ قَدْ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ »[3] .


    قال ابن حجر – رحمه الله - : « وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِيمَا نَقَلَ الْفَرَّاءُ عَنِ الْأَعْمَشِ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَرَأَهَا حَاكِيًا لَا قَارِئًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ يَوْمَئِذٍ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَمِرُّ على قرَاءَتهَا كَذَلِك وَالْمَحْفُوظ أَنَّهَا قِرَاءَة بن مَسْعُودٍ وَحْدَهُ »[4]


    وَ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وَأُبَيٍّ بن كعب " وَقَدْ تَبَّ"[5] بدلا من ﴿ وَتَبَّ ﴾ لا تعارض المعنى بل تؤكده أي و قد خسر أو وقد حصل الهلاك عليه و عليه يكون قَوْله تَعَالَى : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ كلمة ﴿ تَبَّتْ ﴾ أي هلكت و ﴿ يَدا أَبِي لَهَبٍ ﴾ أي عبد العزى بن عبد المطلب، ﴿ وَتَبَّ ﴾ أي هلك هو ، فالأولى: مشت تمشية الدعاء عليه. والثانية: أخرجت مخرج الخبر، أي وقد حصل الهلاك عليه، فهذه الجملة على هذا على تقدير قد، ويؤيده قراءة ابن مسعود و أبي وقد تب بالتصريح بقد .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد حامدا لله و مصليا على نبيه - صلى الله عليه وسلم - الأربعاء 15 /جماد أول/1434هـ ، 27/مارس/2013م




    [1]- رواه البخاري في صحيحه 6/179حديث رقم 4971
    [2] - أحكام القرآن لابن العربي 4/467
    [3] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 3/83
    [4] - فتح الباري لابن حجر 8/503
    [5] - انظر تفسير القرطبي 20/236
    طبيب

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    441
    آخر نشاط
    13-01-2017
    على الساعة
    02:58 AM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abcdef_475 مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ماشاء الله يا دكتور موضوع ممتاز

    قرات ما كتبته على عجالة على ان اعاود القراءة بعد ذلك بتأني لاتعلم واستفيد من حضرتك

    جزاك الله خيرا
    جزاكم الله خيرا على مشاركتكم الطيبة
    طبيب

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    20
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-10-2014
    على الساعة
    10:19 PM

    افتراضي

    جزاك الله خير يادكتور وزادك من علمه
    قرات الموضوع واحتاج اقراه عدة مرات والاحتفاظ به وذلك لروعته ولما فيه من علم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى ... 2 3

نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. القرآن الكريم والقراءات القرآنية - تواتر واعجاز
    بواسطة ابو علي الفلسطيني في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 26-12-2019, 07:08 PM
  2. نقض افتراءات للتشكيك في مصدرية القرآن و دلالته على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
    بواسطة د.ربيع أحمد في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 02-05-2013, 04:43 PM
  3. رد افتراءات المبشرين على آيات القرآن الكريم
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-12-2012, 12:38 PM
  4. الفرق بين ضياء الشمس ونور القمر فى القران الكريم, إشارة علمية فى القران الكريم
    بواسطة heshamzn في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-05-2005, 03:36 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم

نقض افتراءات للتشكيك في تواتر و صحة نقل القران الكريم