بسم الله الرحمن الرحيم

الأسرة هي اللَّبنَة الأولى في بناء المجتمع، والأم في الأسرة هي المربية والمعلمة والمثل الأعلى لأولادها، وهي السكن والألفة والمودة لزوجها، حتى قيل:

إن من نعم الله تعالى على العبد، بعد الايمان، المرأة الصالحة، ولا يخفى على مسلم تردي الأوضاع الأسرية بعامة، وآثار الثقافة الغربية والإعلامية على الأسرة المسلمة بخاصة.

1 - يريدها أن تكون حليف زوجها المؤمن، تؤيده في دعوته، وتنشطه في عمله، ترغبه في جهاده، وتصبر على ما يكلفها ذلك من حرمان.. وربما ضيق رزق، وفقد زوج أو ولد. تقول السيدة خديجة - رضي الله عنها - للنبي صلى الله عليه وسلم وقد خشي على نفسه حين جاءه الوحي أول مرة '' كلا والله ! لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر '' .

2 - يريدها أن تكون مع زوجها ربة بيت، ومربية أولاد، وأنس زوج، تعف عما حرم الله تعالى، تنأى عن معصيته سبحانه: '' فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله '' (سورة النساء: 34) تقدم كل شيء لله تعالى، همها الأكبر رضاء زوجها في رضى الله تعالى. ولقد بذلت السيدة خديجة - رضي الله عنها - ما لها كله للدعوة، وكانت للرسول صلى الله عليه وسلم نعم الزوجة، وربت أولادها خير تربية.

3 - يريدها أن تكون المرأة الصادقة، الصادقة في حياتها مع زوجها ونفسها الصادقة مع أولادها الذين تربيهم على مثل حزم أبي بكر، وقوة عمر، وحياة عثمان، وعلم علي، وشجاعة خالد، وكرم عبد الرحمن بن عوف وبر خديجة، وعلم عائشة، وطاعة أسماء.

4 - يريدها أن تكون المرأة الصابرة، ترضى بقضاء الله تعالى، وتصبر على بلائه في نفسها، وزوجها وأولادها، لا بد في الحياة من البلاء·· والعافية·· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : '' أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم، فمن صلب دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض، ما عليه خطيئة '' (رواه البخاري وأحمد)وتصبر عن معصية الله تعالى، فلا ترضى أن تفقد صبرها عن المنكرات، وتسقط كما يسقط فراش النساء أمام المغريات، لتحترق على شهوات الرجال، مقابل كلام معسول، ومال مبذول وأمنية موعودة، ثم.. ثم تكون العاقبة الى النار وبئس القرار· وتصبر على طاعة الله تعالى لا ترضى عنها بديلاً، لا تفوتها صلاة أينما كانت، ولا تخالط الرجال مهما احتاجت، ولا تلبس لبس الفاسقات مهما دعيت وأغريت. وهي تعيش على هذا الصبر بأنواعه، مع زوجها، وأولادها، وأهلها، ومجتمعها، تتواصى في ذلك كله به، قال الله تعالى: '' إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر '' (سورة العصر: 3).
إنها المرأة العفيفة الشريفة، الملازمة على ذكر الله تعالى وطاعته، إنها مدرسة النبوة في بناء أمهات الغد الواعد..


(إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) ابن حبان -صحيح-.
رزقنا الله الجنة ونعيمها