هل إله الإسلام مبدل لكلماته أم لا ؟!

قالوا : إن هناك تناقضات في القرآن ؛ فتارة يقول : {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ} [يونس:64] {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف:27] ؛ وتارة يقول : {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} [النحل:101].

أليس هذا تناقضًا أيها المسلمون...؟!

الرد على الشبهة

أولاً : إن كلمات الله في الآيتين الأوليتين معناهما : سنن الله التي تتبدل ولا تتغير ؛ مثل: الحياة والموت ، والنصر والهزائم ، والصحة والمرض ، والبعث والحساب ، والوقوف بين يدي الله ، والجنة والنار.... فهذه سنن لا تتبدل كتبها الله عنده ، لن تتغير مع خلق الله ....
وأما الآيتين الأخيرتين فتتحدثا عن الشرائع والأحكام من الأوامر والنواهي التي ينزلها الله وفقا لطبائع البشر وحياتهم ومعيشتهم الزمنية ؛ فهذه يغيرها الله وفقا لأرادته ومشيئة لما يتناسب مع سعة الإنسان وهذا من رحمته أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها ؛ فمثلا : في شريعة آدم كان الأخ يتزوج من أخته كي تستمر الحياة والنوع ؛ وأما في شريعتنا فإن هذا الفعل كبيرة من الكبائر ، ونكاح الأخت من المحرمات... فلم تعد هناك ضرورة لذلك لكثرة جنس الإنسان...

وعلى ما سبق يزول الإشكال عند المعترضين -بفضل الله تعالى -.

وبالنسبة للحديث عن الناسخ والمنسوخ فقد أفردتُ له بحثًا في أول هذا الكتاب تحت قوله تعالى : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) (البقرة). تكلمتُ فيه عن تعريفه بنوعيه ، وأقسامه ، والحكمة منه ...ثم ذكرت أن كتاب المنصرين المقدس قد ملئ بالناس والمنسوخ وذكرت أمثلة كثيرة منه على ذلك بفضل الله تعالى .

ثانيًا : إن التناقض الحقيقي هو الذي جاء به يسوع بحسب الأناجيل ؛ فقد زعم أنه لن يغير حرفًا واحدًا من العهد القديم - شريعة موسى- ، وذلك لما قال: لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئتُ لأنقض بل لأكَمِّل. فإنى الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. (متى 5 : 17-18) ، وقد غير وبدل كثيرًا برئيه هو.... وذلك فيما يلي :

1- في شريعة موسى العين بالعين والسن بالسن... وذلك في سفر العدد إصحاح 19 عدد 21 "لا تشفق عينك.نفس بنفس.عين بعين.سن بسن.يد بيد.رجل برجل"

ثم جاء يسوع و بدل شريعة موسى في هذا الأمر ، وذلك في إنجيل متي إصحاح 5 عدد 38 عدد 39 " سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن.
وأما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشر. بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا.

2- في شريعة موسى  يوجد الطلاق وأحكامه ... وذلك في سفر العدد إصحاح 24 عدد 1 : 4 " إذا اخذ رجل امرأة وتزوج بها فان لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته
ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر
فان ابغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها له زوجة
لا يقدر زوجها الأول الذي طلقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست.لان ذلك رجس لدى الرب.فلا تجلب خطية على الأرض التي يعطيك الرب إلهك نصيبا ".

ثم جاء يسوع و بدل هذا التشريع ، كما في إنجيل متى إصحاح 5 عدد 31 :32 " وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق.
وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني.ومن يتزوج مطلقة فانه يزني".

3- في شريعة موسى  تعظم السبت لكونه يوما مقدسا للرب... وذلك في الآتي:
1- سفر الخروج إصحاح 20 عدد8 " اذكر يوم السبت لتقدسه ".

2- سفر الخروج إصحاح 31 عدد 14 " فتحفظون السبت لأنه مقدّس لكم.من دنّسه يقتل قتلا.أن كل من صنع فيه عملا تقطع تلك النفس من بين شعبها ".

ثم جاء يسوعُ المسيح و بدل الوصية وعمل في يوم السبت... وذلك في الآتي :
1- إنجيل متى إصحاح 12 عدد 1 :2 " في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع.فجاع تلاميذه وابتدأوا يقطفون سنابل ويأكلون.
فالفريسون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت ".


2- إنجيل يوحنا إصحاح 5 عدد 18" فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه.لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضًا: إن الله أبوه معادلا نفسه بالله ".

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل إله المنصرين- يسوع- مبدل لكلماته أم لا ؟!

كتبه / أكرم حسن مرسي
الأحد الساعة 11 إلا تلت ظهرا
الموافق 7/4/2013م