صدور قول شاذ ينقض اتفاق الفقهاء المتقدمين

لقد نقلنا ما قاله فقهاء مختلِف المذاهب ومنهم المذهب الحنبلي في مشروعية سفور وجه المرأة , كما نقلنا ما قاله علماء أجلاء عن اتفاق أو إجماع المتقدمين علي أن الوجه ليس بعورة.ولكنا مع كل هذا لم نغفل عن صدور قول شاذ من البعض يقرر أن المرأة كلها عورة حتي ظفرها , وقد أشار عدد من الفقهاء إلي هذا القول الشاذ :

** غالب أقوال الفقهاء هنا عن ستر العورة في الصلاة.

قال ابن عبد البر: ( وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شئ من المرأة عورة حتي ظفرها..).

وقال أبو الوليد الباجي: ( وذهب بعض الناس إلي أنه يلزمها أن تستر جميع جسدها).

وقال ابن رشد: ( وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن وأحمد إلي أن المرأة كلها عورة).

وقال ابن قدامة: ( وقال بعض أصحابنا: المرأة كلها عورة لأنه قد روي في حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم ( المرأة عورة) وهذا قول أبي بكر بن الحارث بن هشام , قال: المرأة كلها عورة حتي ظفرها).

وقال النووي: ( حكي الماوردي و المتولي عن أبي بكر بن عبد الرحمن التابعي أن جميع بدنها عورة).

نلاحظ علي هذه الأقوال أن الجميع أرجع القول بأن المرأة كلها عورة إلي أبي بكر بن عبد الرحمن, عدا أبي الوليد الباجي فلم يصرح وقال: (ذهب بعض الناس) مجهلا القائلين بهذا القول مما يعني ضعف القول من ناحية والشذوذ من ناحية.

وأن القاضي ابن رشد أضاف أحمد إلي بكر بن عبد الرحمن , ونحسب , بعد أن قرر ابن قدامة أنه لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة , نحسب أن إسناد ابن رشد وغيره هذا القول للإمام أحمد قد يرجع إلي لبس وقع نتيجة رواية عنه تفيد وجوب ستر جميع بدن المرأة أمام الرجال.وسنعود لتوضيح هذا اللبس ومناقشته بعد قليل تحت عنوان "رأي فقهي يطرحه فقهاء حنابلة يخالف اتفاق الفقهاء المتقدمين".

وابن قدامة يقول: لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة... ثم يقول: ( وقال بعض أصحابنا المرأة كلها عورة...وهذا قول أبي بكر بن الحارث) مما يعني شذوذ هذا القول.

ثم يأتي ابن عبد البر ويقول: ( قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث هذا خارج عن أقاويل أهل العلم)