القرآن الكريم والصناعات الحديثة
أوّلاً : الألبسة والمنسوجات الصناعية المستخرجة من الزّيوت الثّقيلة : النفط (القطران ) .
" سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النّار" ( ابراهيم 50 )
لقد استطاعت الصناعات الحديثة استخراج خيوط وأنسجة وأقمشة وألبسة وجلود من الزيت الثقيل النفط ( القطران ) بحيث يبدو هذا الأمر لأول وهلة مستحيل الحدوث .
لقد قدّمت هذه المنسوجات في العصر الحديث خدمات كبيرة للإنسانية عندما أصبح عدد سكان الأرض بالمليارات ولم يعد باستطاعة الأنسجة الطبيعية المصنوعة من قطن وصوف وحرير وغيرها أن تلبّي حاجات الإنسان المستمرّة لهذه الأشياء .
وهنا يجب أن نقول أنّ هذه المنسوجات والألبسة الصناعية لا تقارن بالألبسة الطبيعية من حيث النوعية والمتانة والجودة فالألبسة الطبيعية لا تسبب ظواهر أو أعراض تحسّسية بقدر ما تسبّبه الألبسة الصناعية .
لكن على كل حال فالألبسة الصناعية مقبولة ولا بأس بها في درجات الحرارة العادية التي نعيشها على سطح الأرض ، لكن ضررها وتأثيرها يزداد بارتفاع درجات الحرارة بحيث يصبح امتصاصها للحرارة أكبر ويصبح الجلد أكثر تعرّضاً للتحسّس منها لعدم امتصاصها العرق من سطح الجلد وتكون أشدّ اشتعالاً ونواتج احتراقها من غازات مختلفة أكثر ضرراً وإزعاجاً من الألبسة الطبيعية .
لذلك وصف الله عزّ وجلّ لباس أهل الجنّة من الألبسة الطبيعية :
" ولباسهم فيها حرير " ( الحج 23 )
بينما لباس أهل النّار من القطران :
" سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النّار " ( ابراهيم 50 )
وأخيراً نقول كيف خطر ببال علماء الأجانب استخراج الألبسة من الزيوت الثقيلة ؟
هل ذلك نتيجة دراستهم للقرآن الكريم ؟ الله أعلم .
ثانياً : الخلائط المعدنية :
لقد أشار القرآن الكريم إلى الخلائط المعدنية وعَلّمنا كيفية صنعها ، كما أشار إلى خواصها :
" آتوني زبر الحديد حتّى إذا ساوى بين الصّدفين قال انفخوا حتّى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً " ( الكهف 96 )
ما هي الخلائط المعدنية ؟ :الخليطة المعدنية مزيج من معدنين أو أكثر . فائدتها أن الصناعة الحديثة تتطلب صفات فيزيائية وآلية ميكانيكية للمواد اللازمة لاتتوفّر في معدن صرف لوحده لذلك لجأ العلماء إلى صنع خلائط معدنية تتمتّع بصفات فيزيائية وآليّة تلبّي هذه المطالب الصناعية .
أمّا طريقة صنعها فتتم بصهر المعادن المطلوبة بنسب مختارة حسب المواصفات المرغوبة ويمزج المصهور حتى تصبح الخليطة متجانسة .
لنعد إلى الآية الكريمة السابقة : لقد طلب ذو القرنين من القوم إحضار الحديد وتجميعه ثم أمر بإشعال النار الشّديدة بحيث يتم صهر الحديد ثم إحضار النحاس المصهور أيضاً ( قطراً ) وصبّه فوق الحديد فحصل بذلك على خليطة الحديد مع النّحاس ، وفائدتها أنّها أصبحت أشدّ قساوة من الحديد لوحده أو النحاس لوحده، وتعرف القساوة فيزيائياً أنّها مقاومة المعدن لعملية ثقبه وبذلك تكون الخليطة قاسية ومتينة .
وهنا نلاحظ أنّ القرآن الكريم قد ذكر هذه الفائدة بقوله عزّ وجلّ :
" فما اسطاعو أن يظهروه وما استطاعو له نقباً " ( الكهف 97 )

من كتاب خواطر علمية من كتاب الله تعالى
للمؤلف محمد صفوح الموصللي
دمشق