بسم الله الرَحمن الرَحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن ولاه ، وبعد :
فانَ من بين المسائل الحديثية المهمة ، تبرز قضية الرواية عن أهل الأهواء والبدع ، وما ينبني عليها من الاختلاف في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، على أساس قبول هذه المرويات أو ردها،كما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى 0
وقد رتَبت الموضوع على هيئة مباحث هي :
المبحث الأول :تعريف البدعة لغةً واصطلاحا".
المبحث الثاني :المراد بأهل الأهواء والبدع .
المبحث الثالث: ذم البدع والأهواء.
المبحث الرابع: منشأ الرَمي بالابتداع.
المبحث الخامس: خطورة الجرح بالابتداع.
المبحث السادس: إٍنحراف الجارح عن المجروح.
المبحث السابع: مذاهب العلماء في رواية المبتدع .
المبحث الثامن : تخريج صاحبي الصحيحين عن أهل الأهواء والبدع.

المبحث الأول :تعريف البدعة لغة واصطلاحا"
البدعة لغة
قال ابن فارس (ت 395 هـ) : ((بدع : الباء والدال والعين أصلان : أحدهما : ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال ، والآخر : الانقطاع والكلال ، فالأول قولهم : ابتدعت الشيء قولا" أو فعلا" ، إذا ابتدأته لاعن سابق مثال ، والله بديع السماوات والأرض والعرب تقول تقول : ابتدع فلان الركي إذا استنبطه ، وفلان بدع في هذا الآمر ، قال الله تعالى :)( ما كنتَ بدعا" من الرسل )) [الأحقاف :9 ] أي ما كنتُ أولَ .
والأصل الآخر قولهم: ابتدعت الراحلة ، إذا كلّت وعطبت 000 ومن بعض ذلك اشتقت البدعة )) 0
وقال محمد بن أبي بكر الرَازي (ت 666 هـ ): " أبدع الشيء اخترعه لا عن مثال ، والله بديع السماوات والأرض أي مبْدعهما ،والبديع المبتْدع أيضا" 000 والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال ،واستبدعه عدَه بديعا" ،وبدعَه تبديعا ، نسبة إلى البدعة )) 0
ومما سبق يتبين إن البدعة اسم هيئة من الابتداع ،وهي كل ما أُحدث على غير مثالٍ سابق، وهي تطلق في عالم الشر والخير ، وأكثر ما تستعمل عرفا في الذم 0

البدعة اصطلاحا
اختلفت الأنظار في تعريف البدعة ، ما بين موسع ومضيّق ،إلا أنها من حيث الجملة مضمونها واحد ،ومن هذه التعاريف :
1 0 تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) :
قال رحمه الله تعالى : " البدعة : ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الآمة من الاعتقادات والعبادات ، كأقوال الخوارج والروافض والقدرية والجهمية ، وكالذين يتعبدون بالرقص والغناء في المساجد ، والذين يتعبدون بحلق اللحى واكل الحشيشة ، وأنواع ذلك من البدع التي يتقيَد بها طوائف من المخالفين للكتاب والسنة)) 0
وقال في موضع آخر :(( البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب ، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة ، فهو من الدين الذي شرعه الله وان تنازع أولو الأمر في بعض ذلك ،وسواء كان هذا مفعولا" على عهد النبي أو لم يكن ) ) 0
2 0تعريف الإمام العلامة الأصولي النظار الشاطبي (ت 790 هـ) :
قال – رحمه الله -:( (البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ) ) 0
3 0 تعريف الحافظ ابن رجب الحنبلي (ت 794 هـ):
قال – رحمه الله :-( ( والمراد بالبدعة ما أُحدث مما لا اصل له في الشريعة يدل عليه ، وأما ما كان له اصل في الشرع يدل عليه فليس بدعة شرعا وان كان بدعة لغةً000 فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة ، والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة ، وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية ) ) 0
4 تعريف الحافظ السخاوي (ت 902 هـ):
قال رحمه الله :( البدعة هي ما أُحدث على غير مثال متقدم فيشمل المحمود والمذموم 000 ولكنها خصًت بالمذموم مما هو خلاف المعروف عن النبي ،فالمبتدع من اعتقد ذلك لا بمعاندة بل بنوع شبهة )) .
ومن التعاريف السابقة نتوصل إلى هذه الخلاصة :
أ‌- إن البدعة إحداث في الدين فيخرج بذلك ما أحدث ولم يقصد به الدين ،وإنما قصد به تحقيق مصلحة دنيوية كإحداث بعض الصناعات والآلات من اجل تحقيق مصالح الناس الدنيوية 0
ب‌- إن البدعة ليس لها اصل في الشرع يدل عليها ،آما ما دلت عليه قواعد الشريعة فليس ببدعة ،وان لم ينصَ الشارع على عينه كصنع الطائرات الحربية ونحوها بقصد الاستعداد لقتال الكفار والذّب عن المسلمين ففعله هذا ليس بدعة مع أن الشرع لم ينص على عينه ولم يستخدمه الرسول 0
ت‌- إن البدع كلها مذمومة فلا توجد بدعة حسنة لان البدع مصادمة للشريعة ،مضادّة لها فهي مذمومة بكل حال 0
ث‌- البدعة في الدين قد تكون بالنقص فيه كما تكون بالزيادة نصَ على هذا السيوطي ، غير انه يحتاج إلى تقييده بأن يكون الباعث على النقص هو التدين ، اما إن كان الباعث عليه غير التدين فليس بدعة كترك أمر واجب لغير عذر فأنه معصية لابدعة ، وكذلك ترك شيء من النوافل لايعد بدعة 0

المبحث الثاني : المراد بأهل الأهواء والبدع
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله -:(روى ابن حُميد عن مالك قال : لم يكن شيء من هذه الأهواء في عهد النبي  وأبي بكر وعمر وعثمان )) .وكأن مالك يشير بالأهواء إلى ما حدث من التفرق في أصول الدَيانات من أمور الخوارج والروافض والمرجئة ونحوهم ممن تكلم في تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم أو في تخليدهم في النار أو في تفسيق خواص هذه الأمة أو عكس ذلك من زعم أن المعاصي لا تضر أهلها،وانه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد ، وأصعب من ذلك ما حدث من الكلام في أفعال الله تعالى في قضائه ، وأصعب من ذلك ما حدث من الكلام في ذات الله وصفاته مما سكت عنه النبي والصحابة والتابعون لهم بإحسان 000 )) أ.هـ
إذا فالمقصود بأهل الأهواء أهل القبلة الذين لا يكون معتقدهم معتقد أهل السنة وهم :الجبرية ،والقدرية ، والرَوافض ، والخوارج ،والمعطَلة ،والمشبَهة ،وكل منهم اثنا عشر فرقة فصاروا اثنين وسبعين 0

المبحث الثالث : ذم الاهواء والبدع

وقبل بيان هذه الخيوط التي تعلقّوا بها نذكر كلمة إجمالية في :
أ‌- ذم البدع والابتداع وما هم عليه من الاضطراب والاختلاف 0
ب‌- لزوم الاتباع 0
ت‌- سبب وقوعهم في الغلط 0
أ)ذم البدع والابتداع
وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة نقتبس منها حديثين هما :
1 1 0حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت ( (قال رسول الله  : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) 0
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى –( ( فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أنّ كالعمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود 0ويدل بمفهومه على أنّ كلّ عمل عليه أمره فهو غير مردود ، والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه 0 وقوله :((ليس عليه أمرنا ))إشارة إلى أن أعمال العاملين كلها ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة ،فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها فمن كان عمله جاريا" تحت أحكام الشريعة موافقا" لها فهو مقبول ومن كان خارجا" عن ذلك فهو مردود )) أ.هـ كلامه0
فهذا الحديث مما ينبغي حفظه ، واستعماله في إبطال المنكرات ،وإشاعة الاستدلال به ،كما يقول الإمام النووي – رحمه الله –0
2 2 0حديث العِرباض بن سارية وفيه :((وإيّاكم ومحدثات الأمور ،فإن كلّ محدثة بدعة ،وكلّ بدعة ضلالة )) 0
قال الحافظ ابن رجب :((وقوله  (( كل بدعة ضلالة )) من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له اصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة ،والدين بريء منه ، وسواء ذلك في مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة )) أ0هـ
والبدعة سبب لاستجلاب لعنة الشارع  لقوله : (( من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )) ، وقد استدل بهذا الحديث غير واحد من أهل العلم على أن المبتدع ملعون وانه مستحق للوعيد 0 وهو من المطرودين عن الحوض 0
ولهذا سلك سلفنا الصالح سبلا شتى في التحذير من المبتدعة من خلال :
1. تحريم مجالستهم 2.النهي عن حبهم وتعظيم شأنهم واتخاذهم بطانة 3.النهي عن تزويجهم 4.النهي عن تغسيلهم واتباع جنائزهم 5.تحقير شأنه بالقول والفعل وبغضه وهجره والإعراض عن الإصغاء لكلامهم وسماع مقالتهم 6. النهي عن التهاون بأمر البدع مهما ظهر من صغرها في نفسه .
2. اضطراب أهل البدع واختلافهم
أما تفرقهم واختلافهم وتنازعهم وتباغضهم فيقول الإمام أبو القاسم الاصفهاني ((وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين ،أو شيعا"وأحزابا" لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد ويبدًع بعضهم بعضا"، بل يرتقون إلى التكفير يكفر الابن أباه ،والرجل أخاه والجار جاره ،تراهم أبدا" في تنازع وتباغض واختلاف تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم ((تحسبهم جميعا" وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون )) ا.ه
قال شارح الطحاوية – رحمه الله -:(( فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا" ، ومن ممادح أهل العلم انهم يخطئون ولا يكفرون ))
ولا يعلم هؤلاء ماذا حرموا من نصوص الوحي وفيهم يقول شيخ الإسلام ابو إسماعيل الهروي :((سبحان الله ،ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي ،واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر ؟ وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر ؟ قنعوا بأقوال استنبطتها معاول الآراء فكرا ، وتقطعوا أمرهم بينهم لاجلها زبرا ،وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا" فاتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورا")) ا.ه
قال الإمام احمد بن حنبل –رحمه الله تعالى – في وصفهم: ((فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب ، مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم ، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبًهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين )) ا.هـ
والعجب من حال هؤلاء يدًعون لانفسهم علوما وأحوالا وإيمان العوام اقوى من إيمانهم ،وبصيرتهم أتم من بصيرتهم ، وهم مع ذلك أتم تسليما لنصوص الوحي ،واعظم انقيادا للحق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – في كلام جامع :((انك تجد أهل الكلام اكثر الناس انتقالا من قول إلى قول وجزما بقول في موضع ،وجزما بنقضه وتكفير قائله في موضع آخر وهذا دليل عدم اليقين 0
فأن الإيمان كما قال قيصر لما سأل آبا سفيان عمن أسلم مع النبي  هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه ؟ قال :لا، قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد 0
ولهذا قال بعض السلف – عمر بن عبد العزيز أو غيره – من جعل دينه غرضا" للخصومات اكثر التنقل 0
أما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ، ولاصالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده ،بل هم اعظم الناس صبرا" على ذلك وان امتحنوا بأنواع المحن وفتنوا بأنواع الفتن ،
قال شيخ الإسلام :(( والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة ومخالفتها للكتاب ، والسنة ،كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة …)) ا.هـ
المبحث الثالـــث :ذم البدع والأهواء
وقد ورد الذم في صور مختلفة منها :
1- إن عمل المبتدع مردود لقوله  : ((من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))وفي رواية :((من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو ردّ)) 0
2-إن ما نسبه المبتدع من عمل إلى الشريعة وهو ليس منها فهو ضلالة والدين بريء منها لقوله ص (( فأن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة ))0
3 إن الإحداث في الدين استجلاب للعنة الشارع قال (( من احدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ))0
4 إن أهل الحوادث والبدع من المطرودين عن حوض النبي لقوله  : ((اني لكم فرط على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم ،فيذب كما يذب البعير الضال ، فأقول :فيم هذا ؟ فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقا")) 0
المبحث الرابع : منشـأ الرّمي بابتداع
قال العلامة جمال الدين القاسمي (1332هـ)((من المعروف في سنن الاجتماع ان كل طائفة قوي شأنها وكثر سوادها ، لابدّ ان يوجد فيها الأصيل والدخيل والمعتدل والمتطرف ،والغالي والمتسامح ، وقد وجد بالاستقراء ان صوت الغالي أقوى صدى واعظم استجابة ،لان التوسط منزلة الاعتدال ومن يحرص عليه قليل في كل عصر ومصر0
واما الغلو فمشرب الأكثر ،ورغيبة السواد الأعظم ،وعليه درجت طوائف الفرق والنحل ، فحاولت الاستئثار بالذكرى والتفرد بالدعوى 0واول من فتح هذا الباب – باب الغلو في إطالة اللسان بالمخالفين –الخوارج ،فأتى قادتهم عامتهم من باب التكفير لتستحكم النفرة من غيرهم ،وتقوى رابطة عامتهم بهم ، ثم سرى هذا الداء إلى غيرهم وأصبحت غلاة كل فرقة تكفر غيرها وتفسّقه ،أو تبدعه أو تضلله لذلك المعنى نفسه )) ا.هـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ردّه على البكري :((وهذه الطريقة التي سلكها هذا وأمثاله هي طريقة أهل البدع الذين يجمعون بين الجهل والظلم ، فيبتدعون بدعة مخلفة للكتاب والسنة وإجماع الصحابة ،ويكفرون من خالفهم في بدعهم ،كالخوارج المارقين الذين ابتدعوا ترك العمل بالسنة المخالفة في زعمهم للقرآن ،وابتدعوا التكفير بالذنوب وكفّروا من خالفهم .
وكذلك الرافضة ابتدعوا تفضيل علي على الثلاثة ،وتقديمه في الإمامة والنص عليه ، ودعوى العصمة له وكفروا من خالفهم وهم جمهور الصحابة وجمهور المؤمنين 0
وكذلك الجهمية ابتدعوا نفي الصفات ، المتضمن في الحقيقة لنفي الخالق ولنفي صفاته وأفعاله وأسمائه ، وأظهرت القول بأنه لا يرى ،وان كلامه مخلوق خلقه في غيره لم يتكلم هو بنفسه ، ثم امتحنوا الناس فدعوهم إلى هذا وجعلوا يكفرون من لم يوافقهم على ذلك 0
وكذلك الحلولية والمعطلة للذات والصفات يكفّر كثير منهم من خالفهم ،لهذا كان أهل العلم والسنة لايكفّرون من خالفهم ،وان كان ذلك المخالف عليك وزنى بأهلك ،ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله ،لان الكذب والزنا حرام لحق الله ،وكذلك التكفير حق لله فلا يكفّر إلا من كفّره الله ورسوله )) 0
والجماعة في أهل الأهواء والبدع ((وإذا كان هؤلاء –أي الخوارج –الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفّروا مع أمر الله ورسوله ص بقتالهم ،فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غليظ فيها من هو اعلم منهم ، فلا يحل لإحدى هذه الطوائف أن تكفّر الأخرى ولا تستحلّ دمها ومالها، وان كان فيها بدعة محققة ، فكيف إذا كانت المكفّرة لها مبتدعة أيضا" وقد تكون بدعة هؤلاء اغلظ ،والغالب انّهم جميعا" جهّال بحقائق ما يختلفون فيه )) ا.ه
المبحث الخامس : خطر الجرح بالابتداع

الجرح بالابتداع من اخطر أنواع الجرح ،وهو يأتي في المرتبة الثانية بعد الجرح بالكذب في حديث رسول الله ص ، وذلك لانه يختص بأمر العقيدة التي عليها مدار الكفر والإيمان ، ولهذا كانت التهمة به عظيمة تستلزم نوعا" من التمحيص والتثبيت والتروي يفوق التمحيص في أي سبب من أسباب الجرح من غيرها 0
قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ( ت310 ه) : ((لو كان كل من ادّعي عليه مذهب من المذاهب الرّديئة تثبت عليه ما ادعي عليه ،سقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك اكثر محدثي الأمصار ،لانه ما منهم أحد إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه ، ومن ثبتت ٍعدالته لم يقبل فيها الجرح وما تسقط العدالة بالظن )) ا.ه
وقد سبقه إلى هذا المعنى الإمام احمد بن حنبل (ت 241 ه) فقال :((كل رجل تثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه )) ا.ه.
ولخطورة هذا النوع من الجرح نبّه العلماء إلى لزوم التروي والنظر في قبول جرح الراوي ،قال العلامة أبو الحسنات اللكنوي (ت 1304 ه) :((يجب عليك أن لاتبادر إلى الحكم بجرح الراوي بوجود حكمه من بعض أهل الجرح والتعديل ،بل يلزم عليك أن تنقّح الأمر فيه ،فأن الأمر ذو خطر وتهويل ،ولا يحل لك أن تأخذ بقول كل جارح في أي راوٍ كان ،وان كان ذلك الجارحون الائمة أو من مشهوري علماء الأمة ،فكثيرا" ما يوجد أمر يكون مانعا" من قبول جرحه ،وحينئذ يحكم بردّ جرحه وله صور كثيرة لاتخفى على مهرة الشريعة )) ا.ه
وقال الإمام الحافظ أبو الوليد الباجي (ت 474 ه): ((وانما يجوز للمجرح أن يذكر المجرح بما فيه مما يردّ حديثه لما في ذلك من الذب عن الحديث وكذلك ذو البدعة يذكر ببدعته لئلا تغتر به الناس حفظا" للشريعة وذبا" عنها ،ولا يذكر غير ذلك من عيوبه لانه من باب الغيبة ، قال سفيان الثوري في صاحب البدعة : يذكر ببدعته ولا يغتاب بغير ذلك ،يعني –والله اعلم – مافيه لاعلى وجه السّب له ،أو يقال فيه ما ليس فيه ،فإما أن يذكر فيه مما يثلم دينه على وجه التحذير منه فليس من باب الغيبة )) ا.ه
قال شيخ الإسلام :((ثم القائل في ذلك بعلم لابدّله من حسن النية فلو تكلم بحق لقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ورياء وان كان تكلم لاجل الله تعالى مخلصا" له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله من ورثة الأنبياء خلفاء الرسل )) ا.ه
المبحث السادس : انحراف الجارح عن المجروح
مما ينبغي تفقده عند الجرح حال العقائد، لينظر في صحة الجرح من عدمه ،وقد نصّ على ذلك غير واحد من العماء :
قال ابن دقيق العيد (ت702 ه): ((والآفة في هذا الباب تدخل من وجوه 000 ثانيها : المخالفة في العقائد فأنها أوجبت تكفير الناس بعضهم لبعض أو تبديعهم وأوجبت عصبية اعتقدوها دينا" يدينون به ويتقربون به إلى الله تعالى ونشأ من ذلك الطعن بالتكفير أو التبديع )) ا.ه.
وقال الحافظ الذهبي (ت748 ه) :(( ينبغي أن تتفقد حال الجارح من تكلم فيه بأعتبار الأهواء ، فان لاح لك انحراف الجارح ، ووجدت توثيق المجروح من جهة اخرى ، فلا تحفل بالمنحرف وبغمزه المبهم ،وان لم تجد توثيق المغموز فتأنّ وترفّق )) ا.ه
قال : ((وقد يكون نفس الإمام فيما وافق مذهبه أو في حال شيخه الطف منه فيما كان بخلاف ذلك والعصمة للأنبياء 00)) ا.ه
وزاد هذا إيضاحا" تاج الدين السبكي (ت771ه) حين قال :((ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك ، واليه أشار الرافعي بقوله : وينبغي أن يكون المزكون براء من الشحناء والعصبية في المذهب خوفا" من أن يحملهم على جرح عدلٍ وتزكية فاسق ، وقد وقع هذا لكثير من الأئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون ، والمجروح مصيب )) ا.ه
وقال خاتمة الحافظ ابن حجر (ت 852 ه) :((اعلم انه قد وقع من جماعة الطعن في جماعة بسبب اختلافهم في العقائد فينبغي التنبه لذلك وعدم الاعتداد به إلا بحق )) ا.ه
ومن أمثلة هؤلاء الذين ينبغي التبه لجرحهم بسبب اختلاف العقائد:
أ‌- الحافظ البارع الناقد الجوّال ،عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش المروزي ثم البغدادي المتوفى سنة 283ه . قال ابن عدي :ذكر بشيء من التشيع ،وارجو انه لايتعمّد الكذب0 وهو ممن له تعنت على أهل الشام 0
ب‌- حافظ العصر ، والمحدث البحر أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي ،مولى بني هاشم،محدث الكوفية ،شيعي متوسط،ضعّفه غير واحد ،وقوّاه آخرون ،كان أبوه نحويا" صالحا" يلقب بعقدة لعلمه بالتصريف والنحو0 ولد ابن عقدة سنة 249 ه ومات سنة 332 ه قال ابن عدي :00000 وكان مقدّما" في الشيعة وهو متعصب لاهل الرفض 0
ت‌- الحافظ أبو إسحاق ابر أهيم بن يعقوب السّعدي الجوزجاني ، سكن دمشق ،وبها توفي سنة 259 ه وهو شيخ الإمام النسائي صاحب السنن ،له كتاب في الجرح والتعديل وكتاب في الضعفاء ،وكان ناصبيا" شديد النصب والحط على علي رضي الله عنه فلا ينبغي أن يؤخذ قوله في أهل الكوفة0

المبحث السابع :مذاهب العلماء في رواية المبتدع

قسّم العلماء البدعة إلى قسمين :
1- بدعة مكفّرة :
وهي كما في شرح المهذّب : المجسّم ، منكر علم الجزئيات ، وقيل : قائل بخلق القرآن ، فقد نصّ عليه الشافعي واختاره البلقيني ومنع تأويل البيهقي له بكفران النعمة ، بأن الشافعي قال ذلك في حق حفص الفرد لمّا أفتى بضرب عنقه ، وهذا رادّ للتأويل 0
قال الحافظ السّخاوي :((أما البدع المكفّرة وفي بعضها ما لاشك في التكفيرية ،كمنكري العلم بالمعدوم القائلين ما يعلم الأشياء حتى يخلقها ، أو الجزئيات أو المجسّمين تجسيما" صريحا" ، والقائلين بحلول الألوهية في علي أو غيره ، وفي بعضها ما اختلف فيه ، كالقول بخلق القرآن ،والنافين للرؤية )) أ.ه
وممن هو محلق بالمبتدع من دأبه الاشتغال بعلوم الأوائل كالفلسفة والمنطق ،فأن انضمَ الى ذلك اعتقاده بما في علم الفلسفة من قدم العالم ونحوه فكافر، أو لما فيها مما ورد الشرع بخلافه واقام الدليل الفاسد على طريقتهم فلا نأمن ميله إليهم ،وقد صّرح بالحط على من ذكر وعدم قبول روايتهم وأقوالهم ابن الصلاح والنووي وغيرهما من الشافعية وابن عبد البر وغيره من المالكية والحافظ سراج الدين القز ويني وغيره من الحنفية وابن تيمية وغيره من الحنابلة ، والذهبي لهج بذلك في جميع تصانيفه .
ولابدّ من التنبيه إلى أن يكون ذلك التكفير متفقا" عليه من قواعد جميع الأئمة وذلك لانّ كل طائفة تدعي إن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفها فلو اخد ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف 0
فالمعتمد إن الذي ترد روايته من أنكر امرا" متواترا" من الشرع معلوما" من الدين بالضرورة أي نفيا" وإثباتا" وسواء كان ذلك في المسائل النظرية أو العملية ،أما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول يكفر بإنكارها وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع لا يكفر بإنكارها فهذا الفرق ليس له اصل عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ،ولاعن أئمة الإسلام وانما هو مأخوذ عن المعتزلة وامثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء وهو تفريق متناقض 0
قال ابن دقيق العيد:((الذي تقرّر عندنا انه لا نعتبر المذاهب في الرواية اذ لا نكفر أحدا" من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة ، فإذا اعتبرنا ذلك وانضمّ إليه الورع والتقوى والضبط والخوف من الله فقد حصل معتمد الرواية ))0
2- بدعة مفسّقة
مثل بدع الخوارج والرافضة الذين لا يغلون ذاك الغلو وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لاصول السنة خلافا" ظاهرا" لكنه مستند إلى تأويل ظاهر سائغ 0 وسيأتي له مزيد إيضاح قريبا" إن شاء الله تعالى 0
وعودا" على بدء نقول : إن من كفر ببدعة فللعلماء فيه أقوال ثلاثة :
القول الأول :
أن أخبار أهل الأهواء والبدع كلها مقبولة ، وان كانوا كفارا" أو فسّاقا" بالتأويل ،وبه قال جماعة من أهل النقل والمتكلمين 0
قال الخطيب البغدادي (ت 463 ه): (( وقد اصبح من ذهب إلى قبول إخبارهم بأن مواقع الفسق معتمدا" والكافر الأصلي معاندان ، واهل الأهواء متأهلون غير معاندين ،وبأن الفاسق المعتمد أوقع الفسق مجانة واهل الأهواء اعتقدوا ديانةً))0
ثم ردّ عليهم فقال :((ويلزمهم على هذا الفرق أن يقبلو خبر الكافر الأصلي فأنه يعتقد الكفر ديانة ،فان قالوا : قد منع السمع من قبول خبر الكافر الأصلي فلم يجز ذلك لمنع السمع منه ، قيل فالسمع إذا" قد ابطل فرقكم بين المتأول والمعتمد ، وصحّح إلحاق أحدهما بالآخر ، فصار الحكم فيها سواء ))0 وممن أطال النفس في الاستدلال لقبول أخبار أهل الأهواء الكفّار أو الفسّاق بالتأويل الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير (ت 819 ه) حيث ساق لذلك عشرة أدلة نذكر منها :
الأول : قوله تعالى ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم ))[سورة البقرة :282] فأمر الله تعالى بإشهاد رجلين من المؤمنين وهو يدل على إن العلة في ذلك لست هي العدالة 0
الثاني : قوله تعالى ((ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ))[سورة البقرة:282] فقوله : ذلك أدنى ، تنبيه ظاهر على إن المقصود قوة الظن وما هو اقرب إلى الصدق 0
الثالث : قوله تعالى:((ذلكم اقسط عند الله أقوم للشهادة أدنى أن ترتابوا))[سورة البقرة:282]واصل الآية وان كانت في الكتابة فقد دخلت معها الشهادة بقوله :((أقوم للشهادة)) 0
الرابع : ورد الشرع بشاهد ويمين ، واليمين فيها تهمة للحالف ،ولارفع للتهمة البتة ، فقامت مقام إشهاد آخر في قوة الظن لافي التعظيم ، وهذا شاهد قوي على إن العلة قوة الظن 0
الخامس :إن علماء الاصول عملوا في باب الترجيح بتقديم خبر من قوي الظن بإصابته ، لامن كثر ثوابه ومنزلته عند الله تعالى ومن ذلك قال العلماء لا يشهد العدل لنفسه ، ولا يحكم الحاكم لنفسه ، وان كان عدلا" وتقيا" وعللوه بقلة الظن المستفاد من العدالة لقوة الداعي الطبيعي إلى ذلك عند الحاجة والخصومة وحب الغلب ، وغيظ الحاسد، ومسرة الصديق من الدواعي الطبيعية المضعّفة لعلة الصدق ، ولا يبقى فيها إلا ظن ضعيف لا يصح الاعتماد عليه في الحقوق ولما كانت الداعية الطبيعية قوية في شهادة الإنسان لنفسه وحكمه لنفسه اجمع أهل العلم على المنع من ذلك 0
القول الثاني :
أن أخبار أهل الأهواء مقبولة إن كانوا يعتقدون حرمة الكذب ، واليه ذهب أبو الحسين البصري المعتزلي (436ه) وفخر الدين الرازي (ت 606 ه) والبيضاوي (ت 685 ه).
قال الفخر الرازي :((المخالف من أهل القبلة إذا كفّرناه كالمجسّم وغيره ،هل تقبل روايته أم لا ؟ الحق إن كان مذهبه جواز الكذب لم تقبل روايته وإلا قبلناها 0
لنا إن المقتضى للعمل به قائم ولا معارض فوجب العمل به ، بيان أن المقتضى قائم إن اعتقاده تحريم الكذب يزجره عن الإقدام عليه ، فيحصل ظن صدقه ،فيجب العمل به ،وبيان انه لامعارض انهم اجمعوا على أن الكافر الذي ليس من أهله القبلة ، لاتقبل روايته ،وذلك الكفر منتفِ هاهنا )) ا.ه
القول الثالث إن من كفر ببدعة لا يحتج به 0
وقد نقل الإمام النووي الاتفاق على ذلك ،وكذا أطلق القاضي عبد الوهاب في الملخص وابن برهان في الأوسط عدم القبول وقال : لاخلاف فيه ولم يذر الحافظ ابن كثير قولا" سواه فقال :((المبتدع إن كفر ببدعته فلا إشكال في ردّ روايته )) وتعقّب السيوطي تلك الدعوى فقال :((قيل: دعوى الاتفاق ممنوعة )) وقد مرّ حكاية الخلاف في المسألة 0
قال الحافظ :((والتحقيق انه يرد كل مفكر ببدعته لان كل طائفة تدعي إن مخالفيها مبتدعة ، وقد تبالغ فتكفرها فلو اخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف ، فالمعتمد إن الذي ترد روايته من أنكر أمرا" متواترا" من الشرع معلوما" من الدين بالضرورة أي نفيا" أو إثباتا" ،فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه وورعه وتقواه فلامانع من قبوله أصلا")) ا.ه
قال السخاوي :(( وقال شيخنا – هو ابن حجر – والذي يظهر أن الذي يحكم عليه بالكفر من كان الكفر صريح قوله، وكذا من كان لازم قوله وعرض عليه فالتزمه ،واما من لم يلزمه وناضل عنه فأنه لا يكون كافرا" ،ولو كان اللازم كفرا" وينبغي حمله على غير القطعي ليوافق كلامه الأول )) ا.ه
وسبقه إلى تقرير هذا المعنى الإمام ابن دقيق العيد فقال : ((الذي تقرّر عندنا انه لا نعتبر المذاهب في الرواية ،إذ نكفر أحدا" من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة ،فإذا اعتبرنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى والضبط والخوف من الله فقد حصل معتمد الرواية )) ا.ه واقرّه العلامة الصنعاني ،والعلامة القاسمي بعد أن نقلا الكلام بتمامه 0
وهذا الذي قاله الحافظ ، هو الحق الجدير بالاعتبار ويؤيده النظر الصحيح ،كما يقول العلامة المحدث احمد محمد شاكر -رحمه الله – وبه انتهى الكلام على من كفر ببدعته 0
أما من فسق ببدعته فقد اختلف العلماء فيه على خمسة أقوال :
القول الأول :
رد روايتهم مطلقا" 0
قال الخطيب البغدادي :(( اختلف أهل العلم في سماع من أهل البدع والأهواء كالقدرية والخوارج والرافض وفي الاحتجاج بما يروونه،فمنعت طائفة من السلف صحة ذلك لعلة انهم كفّار عند من ذهب إلى اكفار المتأولين وفسّاق عند من لم يحكم بكفر متأول، وممن يروى عنه ذلك مالك بن انس 0
وقال من ذهب إلى هذا المذهب : إن الكافر والفاسق بالتأويل بمثابة الكافر المعاند والفاسق العامد، فيجب أن لا يقبل خبرهما ولا تثبت روايتهما)) 0 ونقل هذا القول أيضا" عن القاضي أبي بكر الباقلاني واتباعه، ونقله الامدي عن ألا كثرين ،وبه جزم ابن الحاجب وهو قول الأستاذ أبي منصور والشيخ أبي إسحاق الشيرازي 0
وممن ذهب إلى هذا القول من أئمة المتقدمين ابن عيينة والحميدي ويونس بن أبي إسحاق وعلي بن حرب ومحمد بن سيرين والحسن البصري وغيرهم 0
وقد ذكر الخطيب جملة من الآثار لما استدل به أصحاب هذا المذهب منها :
1- حديث ابن عمر رضي الله عنهما :((يا ابن عمر ،دينك دينك ،إنما هو لحمك ودمك ،فانظر عمن تأخذ ،خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا)) 0
2- عن علي رضي الله عنه :((انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإنما هو الدين )) وبنحوه عن الضحاك بن مزاحم ومحمد بن سيرين 0
3- قال محمد بن سيرين :((كان في زمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ، ليحدّث حديث أهل السنة ويترك حديث أهل البدعة )) 0
4- قال علي بن حرب :((من قدر أن يكتب الحديث إلا عن صاحب سنة فأنهم يكذبون ،كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي ))0
5- وقال الإمام مالك بن انس :((لا يصلى خلف القدرية ،ولا يحمل عنهم الحديث ))0 ا.ه والى سقط أخبارهم ذهب أبو موسى إسحاق بن موسى الأنصاري أيضا" 0قال الحافظ ابن رجب :((والمانعون الرواية لهم مأخذان :
أحدهما :لكفر أهل الأهواء وفسقهم وفيه خلاف مشهور 0
والثاني الإهانة لهم والهجران والعقوبة ،وترك الرواية عنهم وان لم نحكم بكفرهم أو فسقهم 0ولهم مأخذ ثالث :وهو إن الهوى والبدعة لا يؤمن معه الكذب ،لاسيما إذا كانت الرواية مما تعضّد الراوي )) ا.ه 0
وردّ ابن الصلاح (ت643 ه) هذا المذهب بأنه :((بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث ،فان كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول )) ا.ه وعليه مشى النووي وابن كثير واقرّه الحافظ ابن حجر0
ومما يؤيد إن الإمام الشافعي كان يرمي إبراهيم بن أبي يحيى بالقدر ثم يروي عنه ويعلل ذلك بقوله :((لان يخرَ إبراهيم من بعد احب إليه من أن يكذب ،فكان ثقة في الحديث )) ونقل الخليلي عنه انه كان يقول : حدثنا الثقة في حديثه المهتم في دينه )) ونحوه قول أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة :(( حدثنا الصدوق في روايته ،المتهم في دينه عبّاد بن يعقوب )) 0
القول الثاني
قبول أخبار أهل الأهواء الذين لا يعرف منهم استحلال الكذب والشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة وبه قال من الفقهاء أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي فانه قال (( وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة ،لانهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم ، وهو محكمي عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري والقاضي أبي يوسف بل حكي عن الإمام أبي حنيفة وحكاه الحاكم في المدخل عن اكثر أئمة الحديث ، وقال الفخر الرازي : انه الحق ورجحه ابن دقيق العيد ، ونقله الحافظ ابن رجب عن : يحيى بن سعيد وعلي بن المديني ،قال ابن المديني :لو تركت أهل البصرة للقدر وتركت أهل الكوفة للتشيع لخربت الكتب 0 وقد روى الخطيب نصين لتأييد هنا المذهب هما أ((قال الشافعي : لم أر أحدا" من أهل الأهواء اشهد بالزور من الرافضة ))
ب- عن ابي يوسف القاضي قال "(( أجيز شهادة أهل ألا هواء أهل الصدق منهم ، إلا الخطابية والقدرية الذين يقولون : إن الله لا يعلم الشيء حتى يكون ))0
وللعلامة احمد محمد شاكر تعقّب دقيق لهذا المذهب الذي اشترط عدم استحلال الراوي الكذب فقال :(( وهذا القيد –اعني عدم استحلال الكذب – لاارىداعيا" له لانه قيد معروف بالضرورة في كل راوِ ،فانا لانقبل رواية الراوي الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة ،فاولى أن نردّ رواية من يستحل الكذب أو شهادة الزور )) ا.ه
القول الثالث
نقله الحافظ السخاوي عن بعضهم ولم يسمهم : بان رواية المبتدع تقبل إذا كانت روايته تشتمل على ما يرد بدعته ،لبعده حينئذ عن التهمة جزما" 0
القول الرابع
التفرقة من كانت بدعته صغرى ، فيقبل مرويّه،وبين من كانت بدعته كبرى فيرد مروية 0
لان هؤلاء إذا رد حديثهم ذهبت جملة من الآثار النبوية وفي ذلك مفسدة بينة، أما البدعة الكبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحطّ على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ،فلا ولاكرامة 0 قال الذهبي : فالشيعي الغالي في زمن السلف وعرفهم من تكلم في عثمان والزبير وطلحة وطائفة ممن حارب عليا" وتعرض لسبهم ، والغالي في زمننا وعرفنا هو الذي كفّر هؤلاء السادة وتبرأ من الشيخين أيضا" فهذا ضال مفتر ،ونحوه قول الحافظ : التشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان وان عليا" كان مصيبا" في حروبه وان مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم إن عليا" افضل الخلق بعد رسول الله ص فإذا كان معتقد ذلك ورعا" ديّنا" صار مجتهدا" ، فلا ترد روايته بهذا لاسيما إذا كان غير داعية واما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا يقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة 0 ا.ه
وقال الحافظ أيضا" :(( والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة فمن تقدّمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه ويطلق عليه رافضي وإلا فشيعي فأن انضاف إلى ذلك السب والتصريح بالبغض فغالِ في الرفض ، وان اعتقد الرجعة الى الدنيا فأشد في الغلو )) 0
وصوّب السيوطي عدم قبول رواية الرافضة وساب السلف لان سباب المسلم فسوق فالصحابة والسلف من باب أولى ، ثم نقل كلام الذهبي السابق وقال : وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا يحل لمسلم أن يعتقد خلافه 0
ونقل الإمام الذهبي اختلاف الناس في الاحتجاج برواية الرافضة على أقوال ثلاثة : المنع مطلقا" ،والترخص مطلقا" إلا من يكذب ويضع،والثالث :التفصيل بين العارف بما يحدّث وغيره0
وممن ورد عنه المنع من الرواية عن الرافضة ،الإمام مالك ،قال اشهب سئل مالك عن الرافضة فقال : لا تكلموهم ولا ترووا عنهم 0
وقال يزيد بن هارون : يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة 0
تنبيه :
ذكر الإمام الشاطبي إن البدعة الصغيرة تبقى على حكمها بشروط :
احدهما : أن لا يداوم عليها ،فان داوم عليها تكون كبيرة 0
الثاني:أن لا يدعو إليها فان البدعة تكون صغيرة بالإضافة ثم يدعو مبتدعها إلى القول بها والعمل على مقتضاها فيكون آثم ذلك كله عليه 0
الثالث : أن لانفعل في الموضع التي هي مجتمعات الناس أو المواضع التي تقام فيها السنن وتظهر فيها إعلام الشريعة 0
الرابع أن لا يستصغرها ولا يحتقرها فإذا توفرت هذه الشروط فيرجى أن تكون صغيرتها صغيرة فان تخلف شرط منها أو اكثر صارت كبيرة أو خفيف أن تصير كبيرة كما إن المعاصي كذلك 0
القول الخامس :
قبول أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء ،أما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم وممن ذهب إلى ذلك الإمام احمد وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك ويحيى بن معين ، وروي عن الإمام مالك قال الخطيب : وهو قول كثير من العلماء ،وقال ابن الصلاح : وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء ،وهو أعدلها واولاها وصححه الحافظ ابن حجر 0 قال ابن حبان :((وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف إن الصدوق المتقن ، إذا كانت فيه بدعة ،ولم يكن يدعو إليها إن الاحتجاج بأخباره جائز ، فإذا دعا إليها سقط الاحتجاج بأخباره ))0
قال السخاوي :((وليس صريحا" في الاتفاق لا مطلقا" ولا بخصوص الشافعية ولكن الذي اقتصر ابن الصلاح في العزولة الشق الثاني ، وهو محتمل أيضا" الإرادة الشافعية أو مطلقا" ،وبالجملة فقد قال شيخنا – أي ابن حجر –إن ابن حيان اغرب في حكاية الاتفاق ، ولكن يشترط مع هذين اعني كونه صدوقا" غير داعية ،أن لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشدها ويزينها فانا لا نأمن حينئذ عليه غلبة الهوى ،أفاده شيخنا وقد نصّ على هذا القيد في المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني )) أ.ه
ولنذكر نصوصا" عن الأئمة في التفريق بين الدعاة وغير الدعاة :
1- قال الحافظ محمد البرقي : قلت ليحيى بن معين أرأيت من يرمى بالقدر يكتب حديثه ؟ قال: نعم ،قد كان قتادة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وعبد الوارث، وذكر جماعة يقولون بالقدر وهم ثقات ،يكتب حديثهم مالم يدعوا إلى شيء 0
2- قيل لابن المبارك :تركت عمر بن عبيد وتحدّث عن هشام الاستوائي وسعيد وفلان وهم كانوا في عداده ؟ قال: إن عمرا" كان يدعو 0
3- وقيل أحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله سمعت من أبي قطن القدري ؟ قال : لم أره داعية ولو كان داعية لم اسمع منه 0
4- سئل احمد : أيكتب عن المرجئ والقدرية ؟ قال : نعم ،يكتب عنه إذا لم يكن داعيا" 0
وقد تعقّب هذا المذهب الحافظ ابن كثير فقال : ((قلت : وقد قال الشافعي : اقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لانهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم 0 فلم يفرّق الشافعي في هذا النص بين الداعية وغيره ، ثم ما الفرق في المعنى بينهما ؟ وهذا البخاري قد خرّج لعمران بن حطّان الخارجي مادح عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي ، وهذا من اكبر الدعاة الى البدعة والله اعلم )) 0
وتعقبه الذهبي أيضا" بقوله :(( فلقائل أن يقول كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان فكيف يكون عدلا" من هو صاحب بدعة : وجوابه إن البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بيّنة ))
قال العلامة احمد شاكر –رحمه الله -:((وهذه الأقوال كلها نظرية ، والعبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته والثقة بدينه وخلقه والمتتبع لاحوال الرواة يرى كثيرا" من أهل البدع موضعا" للثقة والاطمئنان وان رووا ما يوافق رأيهم )) ثم ساق كلام الذهبي المتقدم وقال : والذي قاله الذهبي مع ضميمة ما قاله ابن حجر هو التحقيق المنطبق على أصول الرواية )) أ.ه ، وهو ما نصّ عليه العلامة القاسمي 0
وانتصر لهذا القول الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين الألباني فقال :((والتشيع لا يضر في الرواية عند المحدثين ،لان العبرة في الراوي إنما هو كونه مسلما" عدلا" ضابطا" ،أما التمذهب بمذهب مخالف لاهل السنة فلا يعد عندهم جارحا" ،مالم ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة 000)) أ.ه
المبحث الثامن : تخريج صاحبي الصحيحين عن أهل الأهواء والبدع
قال العلامة جمال الدين القاسمي :((كان اعظم من صدع بالرواية عنهم الإمام البخاري رضي الله عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين احسن الجزاء ، فخرّج عن كل عالم صدوق ثبت من أي فرقة كان ، حتى ولو كان داعية كعمران بن حطان وداود بن الحصين ، وملأ مسلم صحيحه من الرواة الشيعة فكان الشيخان عليهما الرحمة والرضوان بعملهما هذا قدوة الإنصاف وأسوة الحق 000))
وهو في حقيقته يمثل رحمة أهل السنة والجماعة بأهل البدع والمعاصي ، وشاهد عدل على أنصافهم لغيرهم ، مع إن هؤلاء المبتدعة يكفرّ أو يبدّع أو يفسّق بعضهم بعضا" 0
ونذكر هنا خمسة أمثلة لمن اخرج لهم الشيخان أو أحدهما من أهل الأهواء والبدع على اختلاف بدعهم :
1- إسحاق بن سويد بن هبيرة العدوي التميمي الشاعر ،اخرج له الشيخان وابو داود والنسائي ، ورمي بالنصب ، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وقال : كان يحمل على علي بن أبي طالب وذكره أبو العرب في الضعفاء فقال : من لم يحب الصحابة فليس بثقة ولا كرامة وقال أبو حاتم الرازي :هو صالح الحديث له حديث واحد عند البخاري في الصيام مقرونا" بخالد الحذّاء 0
2- خالد بن مخلد القطواني الكوفي أبو الهيثم من كبار شيوخ البخاري ، روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة 0
قال الحافظ :((قال العجلي : ثقة فيه تشيع ، وقال ابن سعد : كان مستشيعا" مفرطا" ، وقال صالح جزرة : ثقة إلا انه كان متهما" بالغلو في التشيع ، وقال احمد بن حنبل : له مناكير وقال أبو داود : صدوق إلا انه يستشيع ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به قلت : أما التشيع فقد قدمنا انه إذا كان ثبت الأخذ ولاداء لا يضره لاسيما ولم يكن داعية الى رأيه ، واما المناكير فقد تتبعها أبو احمد بن عدي من حديثه واوردها في كأمله وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد وهو حديث واحد حديث ابي هريرة من عادى لي وليا"000 )) أ.ه
3- داود بن الحصين المدني وثقة ابن معين سعد والعجيلي وابن إسحاق واحمد بن صالح المصري والنسائي وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، لولا أن مالكا" روى عنه لترك حديثه وقال الجوزجاني : لا يحمدون حديثه ،وقال الساجي : منكر الحديث متهم برأي الخوارج ، وقال ابن حبان : لم يكن داعية ، قال ابن المديني : ماروى عن عكرمة فمنكر وكذا قال أبو داود وزاد : حديثه عن شيوخه مستقيم ، وقال ابن عدي : هو عندي صالح الحديث ،روى له البخاري حديثا" واحدا" في العرايا وله شواهد ، وقد روى عنه أصحاب الكتب الستة والإمام مالك في الموطأ 0
4- ذر بن عبد الله المرهبي أبو عمرو الكوفي أحد الثقات الإثبات ، وثقة ابن معين والنسائي وابو حاتم وابن نمير وقال أبو داود : كان مرجئا" وهجره إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير لذلك ،وروى عنه الجماعة 0
5- حسان بن عطية المحاربي ، مشهور ،وثقة الإمام احمد وابن معين والعجلي وغيرهم ، قال الازاعي : ما رأيت اشد اجتهادا" منه ، وتكلّم فيه سعيد بن عبد العزيز من اجل القول بالقدر ،وانكر ذلك الاوزاعي ،روى له الجماعة 0
وفيما ذكرناه من أمثلة كفاية ومن شاء المزيد فليراجع هدي الساري للحافظ ابن حجر رحمه الله ، وغيرها من المصادر الرجالية ،ونختم الكلام هنا بذكر قاعدة ذهبية للإمام الحافظ الناقد الذهبي (ت 748 ه) في من اخرج له الشيخان في صحيحهما ، قال رحمه الله تعالى :
((من اخرج له الشيخان على قسمين :
أحدهما ما احتجّا به في الأصول ، وثانيهما : من خرّجا له متابعة وشهادة واعتبارا" 0
فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثّق ، لولا غمز، فهو ثقة ، حديثه قوي 0 ومن احتجا به أو أحدهما ، وتكلّم فيه : فتارة يكون الكلام فيه نعتا" ، والجمهور على توثيقه ، فهذا حديثه قوي أيضا" 0
وتارة يكون الكلام في تليينه وحفظه له اعتبارا" ، فهذا حديثه لاينحطّ عن مرتبة الحس ، التي قد نسميها : من أدنى درجات الصحيح 0
فما في الكتابين بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ،ورواياته ضعيفة ، بل حسنة أو صحيحة 0
ومن خرّج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم من في حفظه شيء ، وفي توثيقه تردّد، فكل من خرّج له في الصحيحين ، فقد قفز القنطرة ،فلا معدل عنه إلا ببرهان بيّن0
نعم ،الصحيح مراتب ، والثقات طبقات ،فليس من وثّق مطلقا" كمن تكلم فيه ، وليس من تكلم في سوء حفظه واجتهاده في الطلب كمن ضعفوه ورووا له كمن تركوه ، ولا من تركوه كمن اتهموه )) أ.ه كلامه رحمه الله 0
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العامين واله وصحبه وسلم تسليما" كثيرا" الى يوم الدين ، سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لااله إلا أنت استغفرك واتوب إليك 0