القرارات والمواقف الأمريكية خلال العقد الأخير
رصدنا بعض القرارات والمواقف الأمريكية خلال العقد الأخير فكانت كما يلي :
1 ـ تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 24/3/1990 بالإجماع قراراً يعلن أن القدس الموحدة عاصمة إسرائيل ويجب أن تبقى كذلك .

2ـ وفي 24/4/1990 اتخذ مجلس النواب الأمريكي بأغلبية 378 صوتاً مقابل 34 صوتاً قرارا بـ ( الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ) .

3 ـ في 18/10/1990 طالب مجلس الشيوخ الأمريكي موسكو بفتح خط طيران مباشر مع تل أبيب لنقل المهاجرين اليهود .

4 ـ في 11/6/1997 تبنى مجلس النواب الأمريكي قراراً بتخصيص 100مليون دولار لبناء السفارة الأمريكية في القدس ، وصوت لصالح القرار 406 صوتاً مقابل 17صوتاً فقط .

5 ـ في 4/4/1998 وقع 81 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المائة على رسالة موجهة للرئيس " كلينتون " تطالبه بعدم ممارسة أي ضغط على ( إسرائيل ) لأن الحكومة الإسرائيلية نفذت التزاماتها وفقاً لاتفاقية أوسلو بينما أخل الفلسطينيون بهذه الالتزامات .

6ـ كل ذلك علاوة على سلسلة متصلة من استخدامات الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد كافة مقترحات القرارات التي تمس ( إسرائيل ) أو تدينها أو تحملها أية مسؤولية عن أي شيء.

7 ـ إضافة إلى الكم الهائل من القرارات والإجراءات والفيتوات التي اتخذتها ونفذتها الإدارة الأمريكية أيضا ضد العراق والسودان وليبيا .

فلماذا يا ترى نواجه نحن فلسطينيين وعرب ومسلمين مثل هذه السياسة الأمريكية المعادية حتى النخاع للأمة العربية والإسلامية ؟ فهل نحن يا ترى أمام إدارة صهيونية ؟! وأمام مجلس شيوخ ونواب أمريكيين أم صهيونيين ؟.أعتقد بقناعة راسخة وبالأرقام المحسوبة جيداً أن الكنيست الصهيوني لم يكن ليتخذ قرارات في القضايا المشار إليها بمثل هذه الأغلبية المتكررة لدى الأدلة والمجالس الأمريكية المتصهينة ، وحتى لو كانت قرارات الكنيست بالأغلبية الساحقة أو بالإجماع فهذه هويته وسياسته ووظيفته كمجلس صهيوني .

وأنقل هنا ما قاله "نواف الزرو" الصحفي المتخصص في الشئون الصهيونية في مقالة له تحت عنوان " عندما تكون واشنطن ونيويورك منطقتين محتلتين" نقتطف منها ما يلي :
" في مقالة قديمة له تحدث الصحفي الإسرائيلي ( أورى أفنيري ) رئيس تحرير مجلة (هعولام هزيه) العبرية سابقاً ، حول السياسة الأمريكية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي ، فكان ربما الوحيد في المجتمع السياسي الإسرائيلي الذي فضح حقيقة تلك السياسة ، حيث قال : ( إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تضغط على إسرائيل ، لأنها غير قادرة على ذلك بسبب مصالحها القومية المرتبطة بكل ما يتعلق بإسرائيل ) .

وأضاف أفنيري : ( من الناحية العملية فإن الولايات المتحدة تعتبر منطقة محتلة من قبل إسرائيل ، وهذا ليس احتلالا مباشراً مكشوفاً ، وحشياً وغبياً مثل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما هو احتلال محكم لا تجد له مثيلا ، أو شبيها أو أسوأ في الواقع العالمي، وربما ليس في تاريخ الشعوب ).

وأوضح أفنيري : ( أن مركز ثقل الاحتلال الإسرائيلي هو الكونجرس الأمريكي بمجلسيه اللذين يلعبان دوراً مركزياً في النظام السياسي الأمريكي، وبالتالي فإن السيطرة الإسرائيلية على الأجهزة صاحبة القرار في الولايات المتحدة مطلقة تقريباً, ويقول أفنيري : ( والحكم الإسرائيلي في نيويورك وواشنطن مستقر بصورة لا تقارن مع الحكم الإسرائيلي في غزة ورام الله ) .

لم يسجل التاريخ - ما زال الحديث لنواف الزرو ـ منذ نصف قرن من الزمن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية تجرأ على اتخاذ أي موقف ضد دولة الكيان الصهيوني ، ربما باستثناء " ايزنهاور " الذي تدخل إبان العدوان الثلاثي على مصر 1956 وطالب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من سيناء .
وبين ذلك العهد واليوم ، تكرست عملياً السياسة الأمريكية المنحازة لدولة الاحتلال والمعادية للأمة العربية ، ولعل غزو العدد الكبير من اليهود للإدارة الأمريكية ووزاراتها المختلفة يكرس أيضاً الصورة التي ذهب إليها أفنيري …

فالمصداقية الأمريكية تحطمت تماماً لدى أبسط المواطنين العرب ، والحيادية والنزاهة الأمريكية لم ولن تأتي ، والضغط الأمريكي لم ولن يأتي … والصراع سيبقى مفتوحاً مع دولة الاحتلال الصهيوني ، وليس أمام العرب من خيارات حقيقية سوى قدراتهم الذاتية والاعتماد على أنفسهم وتوظيف وتفعيل كافة الأوراق والأسلحة التي بحوزتهم بمنتهى المسؤولية التاريخية وأي شيء غير ذلك إنما هو هروب من المعركة الحقيقية وتخاذل مفجع عن القيام بتلك المسؤولية التاريخية ). انتهى الحديث .

8ـ وها هي ذي الإدارة الأمريكية بزعامة الرئيس الحالي جورج دبليو بوش محتلة بأكثر من18 مستشاراً رئيسياً.. والخارجية الأمريكية محتلة بوجود أكثر من24 سفيراً يهودياً متشدداً في دول العالم ، ووزارة الدفاع الأمريكية لا تتحرك ولا تقرر في الشأن الشرق أوسطي إلا بما يخدم التحالف الاستراتيجي والمصالح الإسرائيلية .

ومن عند النقطة الأخيرة أكمل حديثي وأعود لما هو مطروح علينا من الإدارة الأمريكية الإسرائيلية بشأن القدس والمطلوب موافقة سريعة على التنازل وتوقيع صك الإذعان قبل نفاد الوقت وفوات الأوان، وبالطبع لن نتحدث هنا جدياً عن الهذر التركي الذي يقترح تحويل المسجد الأقصى إلى متحف عالمي مفتوح …لقد بلغ الضغط الأمريكي ـ المباشر والغير مباشر ـ مداه على العرب وبلغ التراجع العربي أيضاً مداه، لولا ارتعاشات ضمير وخوف تاريخي تنتاب هذا الزعيم أو ذاك ، فيتراجع سريعاً عن خطوة كان قد وافق عليها بالأمس أو بالهمس .

وفي جرد الحساب الأخير نكتشف أن مائة عام من الصراع بين الحركة القومية الدينية الصهيونية ، وبين الحركة القومية العربية ، قد جرى اختصارها وابتسارها وتقزيمها إلى جزئيات صغيرة بل وهامشية أحيانا بعدما خضعنا للابتزاز ودخلنا المناقصات ، وقبلنا الضغوط وتخلينا عن كل مصادر المقاومة والرفض .

لقد بعنا فلسطين بقدسها، وقبلنا بقيام ( إسرائيل ) على أسنة الرماح الأوروبية الأمريكية، ثم رفضنا قرار التقسيم عام 1947 لنفقد ما تبقى من فلسطين عام 1967، وها نحن نفاوض ونساوم على شرائح مبعثرة من الأرض لنقيم عليها دولة تتحكم فيها إسرائيل براً وبحراً وجواً ثم ها نحن نفاوض على ما تبقى من القدس، فنقبل باختصارها من المدينة القديمة بكاملها إلى مبنى المسجد الأقصى فوق الأرض، بلا سيادة على أرضه وأساساته وساحته وحوائطه خصوصاً الغربية، تعبيراً عن تنازلات تاريخية من سيئ إلى أسوأ. من رفض قرار التقسيم عام 1947 إلى قبول كامب ديفيد عام 1978 ومن رفض كامب ديفيد إلى توقيع أوسلو 1993 - 1995 ومن أوسلو تناقصا إلى اتفاقيات الخليل وشرم الشيخ وواي ريفر، ومن التمرد على كامب ديفيد الثانية إلى قرب التوقيع في كامب ديفيد الثالثة، ومن السيادة الكاملة على القدس الشرقية إلى السيادة الغامضة باسم السيادة الإلهية على المسجد الأقصى …

ففي الوقت الذي انصرف العرب مسلمين ومسيحيين إلى مجرد التمسك بشعارات القدس لنا ، انكب الإسرائيليون على مدى الربع قرن الأخير، على إعادة تشكيل القدس بعد ضمها أثر عدوان 1967 , ولعل أهم ما فعلوه ليس فقط نقل العاصمة إليها وليس فرصة السيطرة الأمنية والدينية والبلدية على مجريات الحياة فيها ، لكن أهم ما فعلوه هو تغيير تركيبتها السكانية ليصبحوا هم الأغلبية بشرياً وواقعياً.

لقد كان عدد اليهود في القدس كلها عام 1914 هو 60 ألف يهودي فقط مقابل 70 ألف مسيحي، بينما كان عدد المسلمين نصف مليون، فإذا الوضع منذ عام 1967 حتى اليوم - 22/9/2007 - ينقلب رأساً على عقب ليصبح الإسرائيليون هم الأغلبية بعد ضم الشطر الغربي إلى القدس الشرقية وبعد محاصرة المدينة بسلسلة مركبة من المستوطنات الإسرائيلية هدفها تذويب الوجود العربي المسلم والمسيحي في بحر إسرائيلي يتيح لهم ترويج وتثبيت الإدعاء أنهم هم أصحاب المدينة العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل خصوصاً بعد حملات طرد العرب ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم وتحريم دخولهم المدينة أصلاً.

ولم يكن ذلك إلا ترجمة " للحلم الديني القومي " الذي أعاد بعثة تيودور هيرتزل الأب الروحي للحركة الصهيونية ، منذ نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر والذي عبر عنه في كتابه الشهير ( الدولة اليهودية ) الصادر عام 1902 ، لقد اتفق هيرتزل ـ في البدايات المبكرة ـ مع رفيق حلمه البروفيسور ( شاتس ) على مخطط تحويل القدس تدريجياً إلى مركز الحركة الصهيونية آخذاً في الاعتبار الحساسية الدينية الإسلامية والمسيحية حتى لا يستنفرا العداء مبكراً ولذلك جاء اقتراح " السيادة الإلهية " على الأماكن المقدسة في القدس القديمة ، فخا معنوياً جذاباً ..
الآن .. بعد مائة عام تقريباً .. يعود مقترح السيادة الإلهية بعد تعديله وتنقيحه في ظل التغيرات التي حدثت وخصوصاً السيطرة الإسرائيلية على القدس وتوسيع محيطها وتعبئتها بمئات الآلاف من المستوطنين ، سيادة الله التي طرحها بعض المفكرين والباحثين الأمريكيين واليهود ، تعنى فقط مبنى المسجد الأقصى فوق الأرض ما عدا حائط البراق( حائط المبكى) على أن يبلع العرب الطعم فيرتفع العلم الفلسطيني فوق المسجد وكفى .

وهكذا جاء اقتراح الرئيس كلينتون والذي هدد به عرفات ما لم يقبل شروط باراك لكن عرفات واجه كلينتون - يقول سليم الزعنون - بقوله : " بأن هذا ليس حلا وسطا أمريكيا ، إنما هو مشروع إسرائيلي بالكامل سبق أن اطلع عليه أحد أعضاء الوفد الفلسطيني مع أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي " .


وحصل عرفات على نسخة منه, و بادر عرفات لإبرازها أمام كلينتون، الذي أُسقط في يده ، ويقول الزعنون أن هذه الواقعة تحديداً هي التي جعلت "ياسر عبد ربه" وزير الثقافة والإعلام الفلسطيني يقول في إحدى المناسبات " إن الذي يدير الأمور في كامب ديفيد عصابة أغلبها من اليهود يقومون بتضليل كلينتون نفسه، وإذا بالرئيس الأمريكي بعد أن فاجأه عرفات بنسخة من المشروع الإسرائيلي توقف عن الحديث برهة ثم قال لعرفات مفتعلاً لغة الناصح : إني أخشى عليك من الكونجرس بعد انتهاء ولايتي الذي قد يقرر العودة للتعامل معك بصفتك إرهابياً ، ويوقف عنك المساعدات بما في ذلك المساعدات التي سبق أن تقررت كما أنه قد يقرر نقل السفارة الإسرائيلية للقدس .
وأضاف كلينتون : لدى توجس بأن باراك سيعود إلى إسرائيل للعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع شارون ( وحينما أصبح شارون رئيساً للوزراء جعل من باراك وزيراً للحرب في حكومته اختاره شارون لينتقم من عرب فلسطين الذين لم يعطوه أصواتهم وأسقطوه أمام شارون، وهو الآن يشغل نفس المنصب في حكومة إيهود إولمرت ). الـذي سيتـولى تنفيذ مخطط الترانسفير ( التهجير ) القصرى لشعبكم إلى الخارج لتصبحوا غير قادرين على إطعامه ، كما سيمنع 130 ألف عامل فلسطيني من العمل داخل إسرائيل ، وسيمنع 30 ألف عامل وتاجر فلسطيني من حملة بطاقات V.I.B من حرية التنقل وكل هذا سيؤدي إلى اندلاع ثورة جوع من قبل الشعب الفلسطيني ضدك )..
ثم التقط الحديث " كينث " مدير الـ CIA قائلاً : يبدو أن عرفات لا يدرك أنه يعيش في منطقة يسهل فيها تغيير الشعوب والحدود .

رد عرفات على كينيث موجها حديثه لكلينتون قائلاً : ( يبدو أنه يوجد داخل وفدك من يريد المشاركة في جنازتي، وطلب من كلينتون أن يقول لكينيث وللإسرائيليين، أن الذي يفاوضكم الآن هو عاقل فلسطيني خبر الحرب النظامية والعصابية ، وآمن بالسلام وحصل هو ورابين ( رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ) و "بيريس " ـ رئيس وزراء إسـرائيل اللاحق ورئيس دولة إسرائيل الحالي ومهندس المفاعل النووي في ديمونه ـ على جائزة نوبل لسلام الشجعان ، وهذا هو الحل الوحيد لإعادة الهدوء للمنطقة (!؟)..

وأضاف عرفات : أخشى عليكم إن كنتم تراهنون على ما تبقى من حياتي أن يأتي إليكم ، بعد خمسين سنة، مجنون فلسطيني ( !!!!!! ) يقول لكم لست موافقاً على أوسلو أو على أي شيء آخر، وحقوق الشعب الفلسطيني هي المنصوص عليها في القرار181 (؟؟؟)..

عند هذا الحد ، أشاد كلينتون بشجاعة عرفات قائلاً :
( لقد أفهموني أن سقفك أقل من هذا) ـ يقصد بكلمة سقف أي حد المفاوضات أو مستواها ـ. واقترح تأجيل التفاوض حول قضية القدس لمدة عشر سنوات .
وعلى الرغم من أن حكومة باراك قد تركت لحكومة شارون تركة مفاجئة وهي الرقم العالي في بدايات البناء في المستوطنات منذ أن شغل شارون منصب وزير الإسكان عام 1992 قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو ، وحسب معطيات جمعها عضو الكنيست "موسى راز " من " ميرتس " مستنداً إلى وزارة البناء والإسكان في عام 2000 تم البدء ببناء 1943 وحدة سكنية في إطار البناء العام في المستوطنات ..

وللمقارنة: في عام 1993 تم بناء 408 وحدات سكنية فقط وفي عام1994 تم بناء 571 وحدة سكنية ، ومنذ عام 1995 طرأ ارتفاع في عدد الوحدات السكنية واستمر حتى الرقم القياسي 1943عام 2000 وأشار " راز " أن 25 في المائة فقط من البناء هو بناء عام ، وبهذا يكون البناء الفعلي في المناطق يشكل أربعة أضعاف هذه الأرقام ، ويتضح أيضاً من معطيات وزارة الإسكان حسب " راز " أنه حتى الآن ( 28/2/2001) تم بيع 632 وحدة سكنية فقط في مشروع جبل أبو غنيم من بين حوالي 2000 وحدة سكنية معروضة للبيع ..

على الرغم من هذا كله سقطت حكومة باراك ، لأنه تحت الضغط الأمريكي (!!!) سمح بتقسيم القدس إلى أربعة أقسام - كما سبق ذكره
قسم يضم مبنى المسجد الأقصى فوق الأرض وهذا يخضع للسيادة الفلسطينية
قسم ثان يضم حائط المبكى .
قسم ثالث يضم ساحة المسجد الأقصى .
قسم رابع وأخير يضم الأرض تحت المسجد الذي يزعم الإسرائيليون أن بها أساسات الهيكل القديم .
والأقسام الثلاثة الأخيرة تخضع للسيادة الإسرائيلية ، أما باقي القدس الشرقية ـ القديمة ـ أما باقي المقدسات الإسلامية والمسيحية فلا حديث عنها أو حولها لأنها جزء من عاصمة إسرائيل الأبدية ، فكيف يسمح باراك لنفسه أن يتنازل عن قسم يضم مبنى المسجد الأقصى المبنى فوق الهيكل والذي يجب أن يزال وحتما سوف يزال وإلى أن يزال فعلى حكومة باراك أن تزال …