بسم الله الرحمن الرحيم
-----------
من هم المسلمون؟الجزءالثانى
-------------
فقضية الاسلام الكبرى،ومسألته العظمى،هى الايمان بالله الواحد الأحد،الفرد الصمد،الذى لم يتخذ صاحبة ولا ولد،وليس له شريك فى الملك،فسبحان الله عما يصفون.
فكما خلق الخلق وخلق لهم المفردات الأولية التى تؤثر فى حياتهم،وكياناتهم والتى يستطيعون بها تسيير أمور دنياهم،وهى الوقت(t)،والمسافة(L)،والكتلة(M)،والحرارة(T)،ومن تراكباتها تخرج قوانين الفيزياء التى تؤثر فى دنياهم،ومنها يستطيعون حساب الوقت من الفيمتو ثانية الى الدقيقة الى الساعة الى اليوم والأسبوع والشهور والأعوام والقرون،ومنها يحسبون مواعيدهم وزراعاتهم وحصادهم،وتجاربهم،وتجاراتهم وتاريخ جدودهم،ومسافات طرقهم وأسفارهم بالميكروميتر والسنتيمتر والكيلوميترواتجاهاتهم،بل ويحسبونها أيضا بسرعة الضوء،ومساحات بيوتهم وأراضيهم التى هى ملك له سبحانه،وأخلفهم فيها فيورثونها لأبنائهم وأحفادهم ويبيعونها للأخرين فيكسبون أموالا يستخدمونها فى أمور دنياهم،ويحسبون مساحات قراهم ومدنهم ودولهم،ويحسبون أوزان أكلهم وبضاعاتهم،وأدويتهم،ويحسبون حرارة الطقس وطهو طعامهم وصهر المعادن وسرعات حركاتهم وعجلات السرعة التزايدية والتناقصية،والطاقة الفاعلة والكامنة،ومسافات الكواكب والمجرات بالكيلوميتر والدقائق الضوئية،وجعل تلك المفردات تؤثر عليهم تأثيرا متفاوتا يقدره هو سبحانه بنفسه،فيجعل ذلك التأثير على بعضهم أينما ووقتما يشاء متضائلا الى درجة الانعدام،أو متعاظما الى درجة يسمونها مالانهائية،فتلك المفردات هى طوع أمره،ولكنها لا تجرى عليه سبحانه فهو خالقها.
فلا ينبغى أن بسأل سائل من أوجد الله واليعاذ بالله،أو متى بدأ الله ومتى ينتهى واليعاذ بالله،او ماهو طوله أو عرضه أو ارتفاعه واليعاذ بالله،أو ماهو حجمه أو وزنه أو شكله،واليعاذ بالله كما الأمر كذلك لا ينبغى أن نسأل عن انسان ماهو فرق جهده،وما هى شدة تياره،أو شدة اضاءته بالشمعة ولله سبحانه المثل الأعلى فليس كمثله شىء.
والأشياء هى كل مخلوقات الله من العرش والكرسى والماء فى بادىء الخلق،الى السماوات والأرض بكل الجمادات واللينات والسوائل والغازات،والظواهر الطبيعية والكونية،فالنباتات والحيوانات فالملائكة والجن والانس.
فليس من بين مخلوقاته شىء يشبهه سبحانه،أو شريك له فى الملك،فهو سبحانه خالق كل شىء،ومالك كل شىء،وليس من بين مخلوقاته شىء بينه وبينهم نسبا،وليس من بين مخلوقاته شىء يحتاج الله سبحانه اليه،أو يستعين الله به أو يستند الله سبحانه اليه واليعاذ بالله،تعالى الله عما يشركون.
فقول الله سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(قل هو الله أحد،الله الصمد،لم يلد ولم يولد،ولم يكن له كفوا أحد)،صدق الله العظيم،سورة الاخلاص،هى أساس خلق الله للدنيا،وأساس الاسلام الذى هو دين الله منذ أن خلق الخلق الى يوم القيامة،فقال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(ان الدين عند الله الاسلام،وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم،ومن يكفر بأيات الله،فان الله سريع الحساب،فان حاجوك فقل أسلمت وجهى لله،ومن اتبعن،وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم،فان أسلموا،فقد اهتدوا،وان تولوا فانما عليك البلاغ،والله بصير بالعباد)،صدق الله العظيم،20،19-سورة أل عمران.
وكذلك قال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه،وهو فى الأخرة من الخاسرين)،صدق الله العظيم،85-سورة أل عمران.
فان من يقبل غير الاسلام دينا،فهو يقبل غير الله الاها أو يقبل له شريكا فى الألوهية،فلن يقبل منه ذلك،فهو فى الأخرة من الخاسرين.
وقال رسول الله محمد(ص):(بنى الاسلام على خمس:شهادة ألا الاه الا الله،محمد رسول الله،واقام الصلاة،وايتاء الزكاة،وحج البيت من استطاع اليه سبيلا،وصيام رمضان)،صدق رسول الله(ص).
وأول ما واجه الرسول الكريم محمد ابن عبد الله(ص) بعد لقاء جبريل فى أول الوحى كان ايمان زوجه خديجة رضى الله عنها،وكان تبشير ورقة ابن نوفل لهما،وكان نصرانيا فى حينه،لما قصت عليه ما حدث لرسول الله فى غار حيراء،وهو الغار الذى كان يختلى فيه بنفسه تعبدا على دين أبيه ابراهيم أبى الأنبياء،حيث قال له أنه الناموس الأكبر الذى نزل على الأنبياء السابقين،وقال له ليتنى أكون حيا حين يخرجك قومك من قريتك فأناصرك،قال(ص):أو مخرجى هم؟،قال:ما أرسل نبى قبلك الا وأخرجه قومه.
وبدأ رسول الله(ص) فى الدعوة لدين الله سرا،فكان ايمان أبى بكر رضى الله عنه كأول الرجال المسلمين،من بعد السيدة خديجة كأول النساء المسلمات،ثم ايمان على ابن أبى طالب رضى الله عنه،ابن عم رسول الله(ص) كأول الغلمان المسلمين،وعدد قليل ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه.حتى أمره الله سبحانه بأن يجاهر بالدعوة،وكان قد عرف بالصادق الأمين بين قومه،لعفته وصدقه وأمانته،فنادى على قبيلته وأهله وقومه،فقال لهم أن ياقوم ما قولكم ان قلت لكم أن فرسانا قادمون ليهاجموكم من خلف هذا لجبل أو كنتم مصدقى؟،قالوا نعم ما عهدنا عليك كذبا،قال فانى رسول الله اليكم لأبلغكم رسالاته،فاختلف رد فعل قومه بين مصدق لصدق رسول الله(ص)،أو مستغرب حتى يتبين الأمر،أو مكذب ومستنكر،وكان من بين المستنكرين عم رسول الله(ص) أبى لهب الذى قال لرسول الله(ص):تبا لك يا محمد،ألهذا جمعتنا؟،مستنكرا أن ينزل الله رحمته على من يشاء من عباده،خاصة ان كان ابن أخيه الذى كان يحبه حبا شديدا لكونه ابن أخيه عبدالله،الذى مات قبل أن تلده أمه أمنة بنت وهب،فكان يرعاه مع جده عبد المطلب عطفا على حاله،ثم انقلب على عقبيه لما جاهر رسول الله(ص) برسالته،فكان هو وامرأته أول الكافرين برسول الله(ص)،وأكثر الحانقين والحاقدين عليه،فأنزل الله فيهما:بسم الله الرحمن الرحيم(تبت يدا أبى لهب وتب،ما أغنى عنه ماله وما كسب،سيصلى نارا ذات لهب،وامرأته حمالة الحطب،فى جيدها حبل من مسد)،صدق الله العظيم،سورة المسد.
ومن افضل ما يقال عن الاسلام،ذلك الحديث الذى نقل الينا عن أحد أصحاب رسول الله(ص) لما جاء من أمامه فقال:يا رسول الله ما الاسلام؟،فأوجز رسول الله(ص) قائلا:الاسلام حسن الخلق،ثم ما لبث أن جاءه من يمينه فقال:يا رسول الله ما الاسلام؟،فرد رسول الله قائلا:الاسلام حسن الخلق،ثم جاءه من يساره فقال:يا رسول الله ما الاسلام؟،قال رسول الله(ص):الاسلام حسن الخلق،فجاءه من خلفه قائلا:يا رسول الله ما الاسلام؟،فقال رسول الله(ص):ألا تفقه لا تغضب.فأوضح للناس جميعا أن الأساس فى الاسلام هو حسن الخلق،وأن أى سوء خلق ليس من الاسلام فى شىء،وأن الغضب هو الأساس فى سوء الخلق.
وقال الله سبحانه وتعالى عن نبيه المصطفى:بسم الله الرحمن الرحيم(وانك لعلى خلق عظيم)،صدق الله العظيم،4-سورة الملك،أى انك لعلى الخلق العظيم،أو أن أخلاقك تعلو فوق الخلق العظيم،فكان صادقا وحليما وأمينا وكريما ومقداما وعلى حياء جميل،ولم يك كاذبا ولا فاحشا ولا بذيئا ولا سبابا ولا لعانا ولا نماما ولا ساخطا ولا بخيلا ولا جبانا ولا مندفعا متهورا.
فكان رسول الله(ص) مثلا يحتذى به فى حسن الخلق،وهو أسوتنا فى ذلك فى معاملاته مع أهله وأصحابه وجيرانه وقومه وأصدقائه وأعدائه،فقال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا)،صدق الله العظيم،21-سورة الأحزاب.
وكذلك من أفضل ما ورد عن الاسلام ذلك الحديث الذى يحدثنا عن أن الصحابة كانوا يجلسون مع رسول الله ذات مرة فدخل عليهم رجلا له هيبة،شديد بياض الوجه،شديد بياض اللبس،لا يبدو عليه تراب السفر،فاقترب من رسول الله(ص)،وجلس بالقرب منه،لاصقا ركبتيه بركبتى رسول الله(ص)،ثم بدأ يسأل رسول الله(ص) قائلا:يارسول الله،ما الاسلام؟،قال رسول الله(ص):الاسلام شهادة ألا الاه الا الله وأن محمدا رسول الله،واقام الصلاة،وايتاء الزكاة،وحج البيت،وصوم رمضان،فقال له الرجل:صدقت،ثم عاد يسأل:يا رسول الله،وما الايمان؟،فقال رسول الله(ص):الايمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وبالقضاء والقدر حلوه ومره،قال الرجل:صدقت،ثم عاد فسأل:يا رسول الله،وما الاحسان؟،قال رسول الله:الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك،قال الرجل:صدقت،ثم قام فانصرف،ورحنا نتعجب لأمره،فقد كان يسأل رسول الله(ص) ثم يصدق،فقال لنا رسول الله(ص):هذا جبريل جاءكم ليعلمكم أمور دبنكم.
وان اقتطفنا زهورا من جنات أخلاق رسول الله(ص)،على سبيل المثال لا الحصر:
فنبدأ بيوم كان يسير رسول الله(ص) بطرقات مكة المباركة،فرأى على مرمى بصره امرأة تقف وأمامها حمل تريد أن يحمله عليها أحد السائرين،فلما اقترب قليلا عرفها،وعرف أنها من المشركين،وأن أباها مشركا،وأن اخوانها وزوجها وأبناءها من المشركين،ولكنه لم يغير سبيله فسار كأن لم يغير ماعرف عنها فيه شيئا،فلما اقترب منها قالت:تعالى فاحمل على ياولدى.
وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه،يتبع ان شاء الله.