الصيدلاني وحاجته للعلم الشرعي

يتميز ديننا الإسلامي الحنيف بكونه ديناً كاملاً شاملاً لجميع مناحي الحياة,
ولقد كفل الشرع خمسة ضروريات للفرد وعلى رأسها حياته القائمة على صحة جيدة,
والعلم هو أبرز سمات هذه الملة المباركة، حين نوه الشرع بفضله وعظيم قدره،
وجعل لأهله المكانة العليا والعاقبة المرضية،
وكانت أول كلمة نزلت من القرآن الكريم هي (اقرأ),
ومن ذلك قوله الله تعالى:

{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:114]

وقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -:

((مَنْ يُرِد الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهَهُ فِي الدِّين))؛ متفق عليه.




ومع تقدم الحياة وتعقّد الأعمال, أضحى من الضرورة على الجميع
- وبالذات أصحاب المهن المتخصصة - أن يكونوا ملمين بقدر مناسب مما يحتاجونه
من علمٍ شرعي في أعمالهم, فضلاً عن علاقتهم بربهم, ويبرز على رأس هؤلاء المهنيين
جمهور الصيادلة, وذلك لوجود العديد من القضايا والمتشابهات التي تواجههم يوميًا,
والتي تحتاج إلى قولٍ فصلٍ من شرعنا الحنيف في مهنة تتعامل مع
حياة البشر وأعراضهم مباشرة.

يقول د. صلاح الصاوي ود. عبدالله المصلح في كتابهم القيم
"ما لا يسع التاجر جهله", ص18:

"دأب المسلمون طوال تاريخهم الذي امتلأ
بالدخول في صناعة الحياة أن يكون كل ذي صنعة ومهنة ملمًّا بأحكامها الشرعية،
وذلك لما استقر في مسلمات عقيدتهم أن الأحكام الشرعية تستغرق الحياة كلها،
فما من فعل يصدر عن إنسان إلا ولله فيه حكم"،



وحيث إن المسلم مطالب بتعلم مسائل العقيدة والعبادات والمعاملات,
يصبح من الواجب على الصيدلي أن يطلع على الأحكام الشرعية الخاصة بمهنته،
فضلاً عن معرفة موقف الإسلام من الآداب والقضايا الأخلاقية في المهنة.

احتساب الأجر عند الله :


لما كان للصيدلة وعلوم الدواء فضل كبير في أمة الإسلام,
وجب على العامل بها أن يحتسب أجر ممارسته عند الله تعالى,
وأن يجدد النية ويعقد الأمل في خدمة دين الله والمسلمين,
وأن يحفظ أعراضهم ولا يفشي أسرارهم.

من المعلوم أن مهنة الصيدلة تتميز بتنوع تخصصاتها,
لذا ليس من المعقول الإلمام بجميع جوانبها, بل من باب أولى الاهتمام
بالجوانب الشرعية للتخصص الصيدلاني الدقيق ثم معرفة
ما يهم التخصصات الصيدلانية الأخرى.



أحكام مهمة :

من الضروري أن يكون الصيدلي عالماً ومطلعاً على أحكام التطبب والتداوي ,
ومن ذلك: علاقة الوحي بالدواء, أحكام التداوي العامة, التداوي بالمحرمات,
مسئوليات الصيدلي نحو المريض، سواء في المستشفى أو الصيدلية الأهلية (المجتمع).
كما أن الصيدلي قد يتعرض في صيدليته إلى السؤال عن أحكام أهل الأعذار من المرضى
لدلالتهم على كيفية أداء الطاعات، والإشارة إلى الرخص الشرعية الخاصة بهم
في مسائل الطهارة والصلاة، وإلى المفطرات وغير المفطرات من الأدوية،
وبالذات خلال شهر رمضان, وكذلك أحكام صرف الأدوية المخدرة
والنفسية وأدوية منع الحمل ونحوها.

أما الصيادلة العاملون في مراكز البحث
فإن الضوابط الشرعية للتجارب الدوائية على الأحياء تقع على رأس
أولوياتهم وغيرها من الأحكام ذات العلاقة.

بينما الصيادلة العاملون في المكاتب العلمية لشركات الأدوية
تصبح ضوابط الدعاية والترويج والفتاوى الشرعية ذات أهمية شديدة لهم,
وبالذات حول الهدايا الدعائية وتنظيم البرامج الترويجية للأدوية وخصوصًا الجديدة منها.
والأمر يتصل بالصيادلة المستثمرين في المجال, والمساحة هنا واسعة في معرفة
أحكام البيوع والتمويل ونحوها. وهناك الكثير من المسائل والإشكالات المتنوعة
التي يتعرض لها زملاؤنا الصيادلة كثيراً في مجالات عملهم المختلفة
ولا يتسع المجال لعرضها كلها.



نحن مطالبون؟:


إننا مطالبون أولاً بالاهتمام بهذه الجوانب المهمة في حياتنا اليومية
ابتداءً من الدراسة الجامعية للصيادلة بتخصيص ساعات دراسية لعرض تلك
القضايا وإجلاء موقف الشرع الحنيف منها, فضلاً عن ضرورة أن يقوم الصيادلة
بجمع الفتاوى المتعلقة بمهنتهم ونشرها في كتاب أو موقع إلكتروني
لعل الفائدة تعم, ويستفيد بخيرها عموم المسلمين.

منقول