إن الإيمان هو أغلى ما يمكن أن يَحْرِصَ عليه الإنسانُ المسلمُ في هذه الدار التي لا بقاءَ لها.

ومن أجل أن يتزود الإنسانُ المسلمُ بأعلى وأقوى قدرٍ مُمكنٍ من الإيمان لابد له من المعرفة الكاملة بهذا المسمى.

لابد للإيمان من شرطٍ واحدٍ حتى يتحقق؛ وسببين اثنين يساهمان في بنائه؛ ونتيجةٍ واحدةٍ تبرزه وتجسده:

الأول: الشرط الذي لا يمكن للإيمان أن يوجد من دونه هو سلامة القلب من المرض ـــ المرض النفسي المعنوي ـــ ؛ فإذا انعدمَ هذا الشرطُ انعدمَ المشروطُ، لأن جميعَ من كفروا من ذرية آدم عليه السلام (الكفر معناه التكذيب بالخبر الغيبي المعروض على الإنسان) كانت قلوبهم مريضةً.

الثاني: السبب الأول كون القلب عاقلاً، فإذا كان القلب عاجزاً عن العقل استحال على النفس أن تؤمن؛ والعقل معناه إدراك المعنى الحقيقي والصحيح للخبر (الكلام) المراد الإيمان به والتعرف على حقيقته ولبه، وهذه المهمة منوطة بالقلب.

الثالث: السبب الثاني وجودُ أَمْنٍ في القلبِ، وهذا ناتجٌ عن العلم والمعرفة الصحيحة الحقيقية (بالله) المنقدحة في القلب، لأن الفطرة المغروزة في الإنسان تَأْمَنُ لوجود العلم وتَجْزَعُ لوجود الجهل ـــ وخاصة في ما يتعلق بالأمر المصيري.

الرابع: النتيجة تصديق النفس للخبر (الكلام) المتعلق بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ وما كان لهذا التصديق(الإيمان=التصديق) أن يحدث لولا ثقة النفس في الْمُخْبِرِ الذي هو الرسول صلى الله عليه وسلم.


الخلاصة: لا يمكن للإيمان أن يكون قوياًُ ما لم تتوفر هذه الأربعة:

ــــ السلامة من مرض القلب؛

ــــ قلب عاقلٌ يعقلُ/يربطُ/يدركُ المعنى الحقيقي للخبر؛

ــــ أمن في القلب يُشعرُ النفسَ بالأمان؛

ــــ النتيجة النهائية هي تَصديقُ النفسِ بما عُرِضَ عليها من كلامٍ مصدره غيبي ـــ أي من اللهِ تعالى أتى به رسولٌ مُرسلٌ من قبله سبحانه وتعالى.


وهذا التفسير مأخوذٌ من النصوص القرءانية المحكمة التي سوف نتطرق إليها مستقبلاً إن شآء الله تعالى، فتابعونا.