بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المسلمون جميعا .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


سنتكلم اليوم عن بشارة ذات كلمات قليلة و لكنها ذي إشارة عظيمة عن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم .. كلمات نطق بها يوحنا المعمدان "يحيى بن زكريا عليه السلام" .. ذات مغزى كبير .. و قبل أن نبدأ التحدث عن البشارة القادمة .. نقدم لها بتلكم القصة العجيبة: فقد روى ابن اسحاق في سيرته أنه قدم رجل من يهود الشام يقال له ابن الهيبان إلى يهود بني قريظة فأقام عندهم .. قبل مبعَثِ رسول الله بسنتين .. يقول بعضهم "و الله ما رأينا رجلاً يصلي خيراً منه فكنا إذا قحطنا وقلّ علينا المطر نقول: يا ابن الهيبان اخرج فاستسق لنا فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجِكم صدقة فنقول: كم؟ فيقول: صاعاً من تمر أو مُدَّين من شعير. فنخرجه ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه نستسقي فو الله ما يقوم من مجلسه حتى تمطرَ ويمُرَّ الماء بالشعاب قد فعل ذلك مرة ولا مرتين ولا ثلاثة. فحضرته الوفاة واجتمعنا إليه فقال: يا معشر يهود! أترون ما أخرجني من أرض الخمر والخمير أي الشام إلى أرض البؤس والجوع أي يثرب؟ قالوا: أنت أعلم. قال: فإني إنما خرجت أتوقع نبياً قد أظل زمانُه .. هذه البلاد مهاجَرُه .. فاتبعوه ولا يسبقَنَّ إليه غيرُكم إذا خرج يا معشر اليهود. فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن يخالفه فلا يمنعكم ذلك منه .. ثم مات ابن الهيبان .. فلما حاصر النبي بني قريظة نزل بعضهم و منهم اسد وثعلبة ابني شعبة واسد بن عبيد و أسلموا تصديقا لقول بن الهيبان.

نبدأ بشارتنا بإذن الله .. فها هو يوحنا المعمدان يتكلم مع كتبة بني اسرائيل و فريسييهم فيقول "أنا أعمدكم بماء التوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" متى 3 : 9 - 13 و لن نتكلم هنا إلا عن عبارة واحدة هي "هو سيعمدكم بالروح القدس ونار"

- هل قرأتم سفر التثنية الاصحاح 9 و الذي يقول إن الله قد غضب على بني اسرائيل بسبب عبادتهم للعجل بعد أن كان موسى قد صعد لميقات ربه ليتلقى الألواح .. وكاد الله أن يهلكهم بنار تبيدهم .. ها هو موسى عليه السلام و حواره مع بني اسرائيل غلاظ القلوب .. اترككم مع الحوار التفصيلي على لسان موسى عبد الله .. فنستمع جيدا "حتى في حوريب اسخطتم الرب فغضب الرب عليكم ليبيدكم. حين صعدت الى الجبل لكي آخذ لوحي الحجر لوحي العهد الذي قطعه الرب معكم اقمت في الجبل اربعين نهارا واربعين ليلة لا آكل خبزا ولا اشرب ماء. واعطاني الرب لوحي الحجر المكتوبين باصبع الله وعليهما مثل جميع الكلمات التي كلمكم بها الرب في الجبل من وسط النار في يوم الاجتماع. وفي نهاية الاربعين نهارا والاربعين ليلة لما اعطاني الرب لوحي الحجر لوحي العهد قال الرب لي قم انزل عاجلا من هنا لانه قد فسد شعبك الذي اخرجته من مصر. زاغوا سريعا عن الطريق التي اوصيتهم. صنعوا لانفسهم تمثالا مسبوكا. وكلمني الرب قائلا. رأيت هذا الشعب واذا هو شعب صلب الرقبة. اتركني فابيدهم وامحو اسمهم من تحت السماء واجعلك شعبا اعظم واكثر منهم. فانصرفت ونزلت من الجبل والجبل يشتعل بالنار ولوحا العهد في يديّ فنظرت واذا انتم قد اخطأتم الى الرب الهكم وصنعتم لانفسكم عجلا مسبوكا وزغتم سريعا عن الطريق التي اوصاكم بها الرب. فاخذت اللوحين وطرحتهما من يديّ وكسّرتهما امام اعينكم. ثم سقطت امام الرب كالاول اربعين نهارا واربعين ليلة لا آكل خبزا ولا اشرب ماء من اجل كل خطاياكم التي اخطأتم بها بعملكم الشر امام الرب لاغاظته. لاني فزعت من الغضب والغيظ الذي سخطه الرب عليكم ليبيدكم. فسمع لي الرب تلك المرة ايضا. وعلى هرون غضب الرب جدا ليبيده. فصلّيت ايضا من اجل هرون في ذلك الوقت. واما خطيتكم العجل الذي صنعتموه فأخذته واحرقته بالنار ورضضته وطحنته جيدا حتى نعم كالغبار. ثم طرحت غباره في النهر المنحدر من الجبل" .. ثم لو قرأنا الكتاب المقدس فسوف تلاحظ أنه لا تأتي كلمة حوريب بعد ذلك إلا في الاصحاح 18 .. فيقول الكتاب المقدس "حسب كل ما طلبت من الرب الهك في حوريب يوم الاجتماع قائلا لا اعود اسمع صوت الرب الهي ولا ارى هذه النار العظيمة ايضا لئلا اموت" فبعد أن عبد بنو اسرائيل العجل و أراد الله أن يبيدهم بنار من فوق جبل حوريب صلى لأجلهم موسى فعفى الله عنهم .. فعرفوا حينئذ أنهم إن أطاعوا وحي الرب و روح قدسه فإن الله يرضى عنهم و إن هم عصوا الله .. فإن الله يغضب عليهم و علامة ذلك نار آكلة هي عقابه سبحانه و تعالى لهم .. كما ظهرت لهم رأي العين فوق جبل حوريب .. فقالوا لموسى بعد موتك لا نعود نرى هذه النار فكيف نعرف أننا على حق أو على باطل فرد الله عليهم بالوحي على لسان موسى مباشرة فقال لهم مؤكدا في سفر التثنية 18 : 15 – 22 "حسب كل ما طلبت من الرب الهك في حوريب يوم الاجتماع قائلا لا اعود اسمع صوت الرب الهي و لا ارى هذه النار العظيمة ايضا لئلا اموت. قال لي الرب قد احسنوا فيما تكلموا. اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك و اجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به. و يكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه. و اما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. و ان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبي باسم الرب و لم يحدث و لم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه" .. أليس ذلك كله هو ما تقوله الآيات الكريمة في سورة المائدة "إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ. وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ. وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ. وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"

نستخلص مما سبق أن يوحنا يتكلم إلى اليهود عن نبي آتي بعده و الذي كان الله قد وعدهم بإرساله في خيمة حوريب يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر .. فالنبي محمد بن عبد الله .. هو الذي جاء ليعمدهم بما قال به الله لموسى .. بقرآن يهدي أنزله روح القدس جبريل عليه السلام من عند الله .. فمن قبله و آمن به و اتبعه فقد فاز برضى الله في الدنيا و الآخرة .. و من رفضه و حاد الله و رسوله فسيف يذله في الدنيا و الذين كفروا إلى جهنم يحشرون.

إن كاتب انجيل متى حاول أن يجعل النبوءة ليسوع فيقول "حينئذٍ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه" .. و لكنه نسي أن يسوع نفسه و تلاميذه كانوا ومازالوا يعمدون بالماء و إلى اليوم .. فيوحنا يتكلم عن آخر ليس هو المسيح بن مريم عليه السلام .. يتكلم عن نبي الله محمد بن عبد الله فهو الغضب الآتي على اليهود من عند الله و الذي حذرهم يوحنا بن زكريا عليه السلام و الذي جاء بقرآن نزل به روح القدس من عند الله .. فمن رفض و حارب الله و رسوله فالسيف ينصر "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده". و أقول بمناسبة تلكم النبوءة صدق الله حين قال آمرا كل فرد من الأمة المسلمة أن يقول في صلاته "إهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم و لا الضالين" .. فاليهود هم المغضوب عليهم و الضالين هم النصارى المثلثين آكلي لحم الخنزير ناقضي الشريعة الذين يظنون أنهم الأمة المثمرة ورثة بني اسرائيل و هم آكلي الخنزير الذين يغيظون الرب بأعمالهم كما قال الكتاب المقدس "شعب يغيظني أمام وجهي ........ يأكل لحم الخنزير وفي آنيتهِ مرق لحوم نجسة"