هل أصحاب النبي محمد ارتدوا بعد موته ؟ (144 آل عمران ).

من الشبهات التي تناقلها المنصرون عن الشيعية الأمامية (الرافضة) أنهم قالوا : إن أصحاب محمد رسول الإسلام كفروا بعد موته إلا سبعة على أقصى التقدير هم :علي ، وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد.... مستدلين على ذلك بقوله  : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)  (آل عمران ).

الرد على الشبهة

أولاً : إن عنوان الشبهة باطل من أساسه لوجهن:
الوجه الأول : أن الوحي انتهى بموت النبي r فهذه الآية ما نزلت بعد وفاته ، كما يظن المنصرون..... وعليه يصبح عنوان سؤالهم باطل وكذب ....

الوجه الثاني : أن للآية سبب نزول لا يتعلق بتلك الشبهة الواهية ؛ فكل ما في الأمر أن الآية الكريمة تحكي موقفًا حدث في غزوة أحد وهو: أُشيع أن النبي r قتل في المعركة فإذا ببعض الصحابة يصيبهم حالة من الذهول ويتوقفون عن القتال ،ويتركون المعركة وهذا هو المقصود بقوله :  أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ 
وقد عاتبهم ربهم في موقف آخر قائلاً : وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)  (آل عمران).

وأما الفريق الآخر قال : موتوا على ما مات على رسول الله r وهذا المراد من قوله : وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.
دليل ذلك هو ما جاء في تفسير ابن كثير: لما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أُحُد، وقُتِل من قتل منهم، نادى الشيطان: ألا إن محمدًا قد قُتل. ورجع ابن قَمِيئَةَ إلى المشركين فقال لهم: قتلتُ محمدًا. وإنما كان قد ضرب رسول الله r فَشَجَّه في رأسه، فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس
واعتقدوا أن رسول الله قد قُتل، وجوزوا عليه ذلك، كما قد قَصَّ الله عن كثير من الأنبياء، عليهم السلام، فحصل وهَن وضعف وتَأخر عن القتال ففي ذلك أنزل الله -عز وجل- على رسوله r : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } أي: له أسْوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه.
قال ابن أبي نَجيح، عن أبيه، أنّ رجلا من المهاجرين مَر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه، فقال له: يا فلان أشعرتَ أن محمدًا rقد قُتِل؟ فقال الأنصاري: إن كان محمد r قد قُتِل فقد بلغ، فقاتلوا عن دينكم، فنزل: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } رواه [الحافظ أبو بكر] البيهقي في دلائل النبوة .
ثم قال تعالى منكرا على من حصل له ضعف: { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } أي: رجعتم القَهْقرى { وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } أي: الذين قاموا بطاعته وقاتلوا عن دينه، واتبعوا رسوله حيا وميتا.

ثانيًا : إن الشيعة الأمامية يعتقدون أن أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ...كفروا بعد موت النبي r ...
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو: من الذي حارب المرتدين بعد وفاة النبي r ؛ الذين امتنعوا عن تأدية الزكاة وأعلن عليهم حروب الرد وسماهم بالمرتدين، أليس هو أبو بكر وأصحابه ؟
الجواب : بلي .
إذن كنت أتمنى أن لا يردد المنصرون كلامًا كالببغاوات العجماوات ... وأن يكونوا منصفين .. ولكن هذا ما عاهدناهم عليه ..

ثالثًا : إن الاعتراض الحقيقي عند المنصرين المعترضين يكمن في أناجيلهم فهي تذكر أن أصحاب يسوع المسيح أنكره وباعوه ، وتركوه ..
أنكره بطرس ثلاث مرات ، وباعه يهوذا بثلاثين من الفضة ، وعند القبض عليه تركه الجميع وهربوا...
وأخيرا أقول لكل واحد منهم كما قال أبو الأسود الدؤالي :
" لا تنه عن خلقٍ وتأتيَّ مثله ** ** عار عليك إذا فعلتَ عظيمُ ".

وأقول له أيضًا كما نُسب ليسوع المسيح في إنجيل متى إصحاح 7 عدد3َلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أخيك !

كتبه / أكرم حسن مرسي