تابع ماقبله
(24) (كانتا ترغيمًا للشيطان) أي : إغاظة له، وإذلال.امأخوذ من الرغام وهو التراب، ومنه: أرغم الله أنفه، والمعنى: أن الشيطان لبس عليه صلاته، وتعرض لإفسادها ونقصها، فجعل الله تعالى للمصلي طريقًا إلى جبر صلاته، وتدارك ما لبسه عليه، وإرغام الشيطان ورده خاسئًا مبعدًا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم، وامتثل أمر ربه تعالى الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود، والله أعلم.
ومن العواصم ترك الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها
· عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها؛ فإنها تطلع بين قرني الشيطان".
صحيح (خ،م)
______________________________
(25) وجه ذلك واضح مما ذكره النووي -رحمه الله- حيث قال: قيل: المراد بقرني الشيطان حزبه وأتباعه، وقيل: قوته وغلبته، وانتشار فساده، وقيل: القرنان ناحيتا الرأس، وأنه على ظاهره، وهذا هو الأقوى، قالوا: ومعناه أنه يدلي رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة، وحينئذٍ يكون له ولبنيه تسلط ظاهر، فكرهت الصلاة حينئذٍ صيانة لها كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان.
حروز في الصباح والمساء
· عن أبان بن عثمان: قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء (26) ". فكان أبان قد أصابه طرف فالج (27) ، فجعل الرجل ينظر إليه، فقال له أبان: ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك ولكني لم أقله يومئذٍ ليمضي الله علي قدره.
حسن (د, ت, جه، ن، حم)
· عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة, كانت له عدل عشر رقاب, وكتبت له مائة حسنة, ومحيت عنه مائة سيئة, وكانت له حرزًا من الشيطان، يومه ذلك، حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك, ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم، مائة مرة، حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".
صحيح (خ،م)
· عن عبدالله بن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: "أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم! أسألك خير هذه الليلة، وأعوذ بك من شر هذه الليلة، وشر ما بعدها، اللهم! إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر" (28) .
صحيح(م)
· عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال أبو بكر: يا رسول الله مرني بشيء أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: "قل اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه (29) قال :قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك".
صحيح (د،ت)
______________________________
(26) في رواية أبي داود: "من قال : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي".
(27) الفالج: داء من الأدواء، والظاهر هنا أنه جرج، والله أعلم.
(28) في رواية: "رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها".
وفي نفس الرواية.. وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: "أصبحنا وأصبح الملك لله".
(29) قال المباركفوري –رحمه الله- الشرك، بكسر الشين، وسكون الراء، أي: ما يدعو إليه من الإشراك بالله، ويروى بفتحتين أي: مصائده وحبائله التي يفتتن بها الناس.
فضل المعوذات والتعوذ بها
· عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قال: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا فأدركته فقال: "قل" , فلم أقل شيئًا، ثم قال: "قل" , فلم أقل شيئًا، قال: "قل" , فقلت: ما أقول؟ قال: "قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" .
إسناده حسن (30) (د، ت، ن)
· وعن عقبة بن عامر الجهني قال: بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته في غزوة إذ قال: "يا عقبة قل" , فاستمعت ثم قال: "يا عقبة قل" , فاستمعت فقالها الثالثة، فقلت: ما أقول؟ فقال : "قل هو الله أحد"، فقرأ السورة حتى ختمها, ثم قرأ قل أعوذ برب الفلق وقرأت معه حتى ختمها, ثم قرأ قل أعوذ برب الناس فقرأت معه حتى ختمها، ثم قال: "ما تعوذ بمثلهن أحد" .
صحيح (ن)
· وفي رواية: "ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها" .
______________________________
(30) وقد ورد نحو هذا الحديث من وجه آخر عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: ولا يبعد أن يكون الحديث محفوظًا من الوجهين.
حرز أول النهار
· عن نعيم بن همار الغطفاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال ربكم تبارك وتعالى: ابن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره" .
حسن(حم)
حرز من السم والسحر
· عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اصطبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل" .
وفي بعض الروايات: "من أكل سبع تمرات عجوة مما بين لابتيها" (31) .
صحيح(خ،م)
______________________________
(31) أي: لابتي المدينة، والمراد: ما بين الحرتين، والتمر مقيد بصفة وعدد، أما الصفة فكونه من عجوة العالية، أما العدد فهو سبع تمرات.
تعويذ الصبيان
وقالت امرأة عمران لما وضعت مريم: (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)[آل عمران: 36].
· وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" .
صحيح (خ)
كفوا صبيانكم عند المساء
· عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان جنح الليل (1) - أو أمسيتم- فكفوا صبيانكم (2) ؛ فإن (3) حينئذٍ. فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب, واذكروا اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا, وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمروا (4) آنيتكم، واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئًا. وأطفؤا مصابيحكم " (5) .
صحيح (خ،م)
وفي بعض روايات مسلم: "فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابًا ولا يكشف إناءً" .
______________________________
(1) [إذا كان جنح الليل] هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والآداب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله -عز وجل- هذه الأسباب أسبابًا للسلامة من إيذائه، فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبي وغيره، إذا وجدت هذه الأسباب. وجنح الليل، بضم الجيم، كسرها، لغتان مشهورتان، وهو ظلامه، ويقال: أجنح الليل أي: أقبل ظلامه، وأصل الجنوح الميل.
(2) [فكفوا صبيانكم]، أي: امنعوهم من الخروج ذلك الوقت.
(3) [فإن الشيطان ينتشر] أي: جنس الشيطان, وفي رواية: الشياطين"، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذٍ.
(4) خمروا: غطوا.
(5) وفي بعض الروايات عند مسلم: "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطين تنبعث.." والفواشي: كل شيء منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم، وفحمة العشاء ظلمتها وسوادها.
وقال بعض العلماء: إن الظلمة التي بين صلاتي المغرب والعشاء الفحمة.
قلت: وهذا الحديث من الأحاديث التي غفل عنها وعن العمل بها كثير من صالحي المسلمين فضلاً عن عوامهم، ولو أمعنوا النظر فيه، وأقبلوا على العمل به لنجوا من أخطار كثيرة هم وذرياتهم وأموالهم، ولعافاهم الله في أبدانهم وأسماعهم وأبصارهم فلا يجعلوا للشيطان عليهم سبيلاً، ولا على أولادهم. وفي بعض طرق الحديث: "لا ترسلوا مواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس".
تجنب مواطن الشبهات
· عن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي" ، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم (1) ،وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا (2) " .
صحيح (خ،م)
______________________________
(1) في رواية: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".
(2) وفي رواية: "سوءًا".
ترك النجوى
· قال الله سبحانه و تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا( (1) [المجادلة:10].
· عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر, حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن يحزنه" (2) .
صحيح (خ،م)
______________________________
(1) المراد-والله أعلم- أن هذا التناجي يصدر عن المتناجين بتزيين الشيطان وتسويله لهم بذلك كي يحزن المسلمين الآخرين فيتوهموا إنما وقع التناجي في حقهم، وإنما يدور الحديث في شأنهم، فمن أحس من ذلك شيئًا فليستعذ بالله وليتوكل على الله، فإنه لا يضره شيء بإذن الله .
(2) في رواية في الصحيح: "فإن ذلك يحزنه".
لا تعينوا الشيطان على أخيكم
· عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب (1) ، قال: "اضربوه" قال أبو هريرة رضي الله عنه فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: "لا تقولوا هكذا، لا تعينوا (2) عليه الشيطان" .
صحيح(خ)
______________________________
(1) أي: قد شرب خمرًا ففي بعض الروايات: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران" .
(2) قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: ووجه عونهم للشيطان بذلك، أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي، فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان.
قلت: وعند أبي داود زيادة في آخره: "ولكن قولوا: اللهم اغفر له وارحمه".
تعليق: وهكذا ينبغي لكل مؤمن ألا يكون عونًا للشيطان على إخوانه المؤمنين، فإذا زلت قدم أحدهم فليقوموه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، والنصح حق لكل مسلم، والستر من خير الأبواب والمؤمن أخو المؤمن.
ترك قول: "لو" المصحوبة بالاعتراض على القدر
· عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان" (1) .
صحيح (م)
______________________________
(1) قال النووي _رحمه الله_: قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعًا، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر رضي الله عنه في الغار: ( لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا).
قال القاضي: وهذا لا حجة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن مستقبل، وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه، قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ( ما يجوز من اللو) كحديث: "لولا حدثان عهد قومك بالكفر لأقمت البيت على قواعد إبراهيم"، و"لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمتُ هذه"، و"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" وشبه ذلك لا اعتراض فيه على قدر، فلا كراهة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا هذا المانع، وعما هو في قدرته، فأما ما ذهب فليس في قدرته، قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه، لكنه نهي تنزيه ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن لو تفتح عمل الشيطان", أي: يلقي في القلب معارضة القدر ويوسوس به الشيطان.. هذا كلام القاضي.
قلت: وقد جاء من استعمال كلمة "لو" في الماضي قوله صلى الله عليه وسلم : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي"، وغير ذلك، فالظاهر أن النهي إنما هو على إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا، فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، والله أعلم.
التعوذ بالله عند وسوسة الشياطين والملحدين وترك الاسترسال في التفكير
· وعن أبي هريرةرضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته " (1) .
صحيح (خ, م)
· وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم (2) به، قال: "وقد وجدتموه؟" قالوا: نعم، قال: "ذاك صريح الإيمان" (3) .
صحيح(م)
· عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله" (4) .
صحيح (م)
وفي رواية: "فليقل آمنت بالله ورسله" .
1) [ فليستعذ بالله ولينته] معناه: إذا عرض له هذا الوسواس، فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغراء، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته، وليبادر إلى قطعها، بالاشتغال بغيرها، والله أعلم.
وقال الحافظ بن حجر -رحمه الله-:
[ ولينته] أي: عن الاسترسال في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها.
(2) [ إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم]، أي: يجد أحدنا التكلم به عظيمًا، لاستحالته في حقه سبحانه وتعالى.
(3) [ ذاك صريح الإيمان]، معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك.
(4) [ فليقل آمنت بالله] معناه: الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، قال الإمام المازري –رحمه الله- : ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها، قال: والذي يقال في هذا المعنى: إن الخواطر على قسمين، فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت، فهي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث، وعلى مثلها يطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرًا طارئًا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل، إذ لا أصل له ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة، فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها، والله أعلم .
التعوذ بالله عند الغضب
· قال الله سبحانه وتعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [ فصلت: 36].
· عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلمآنفًا؟ قال: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (1) " . فقال له الرجل: أمجنونًا تراني؟
صحيح (خ،م)
______________________________
(1) تفسير الاستعاذة: قال ابن كثير- رحمه الله-: والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى، والالتصاق بجانبه من شر كل ذي شر، والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبي:
يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به ممن أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره
التعوذ عند سماع نباح الكلاب
· عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق الحمير من الليل، فتعوذوا بالله؛ فإنها ترى ما لا ترون"
حسن (حم)
التعوذ بالله من الشيطان عند سماع نهيق الحمار
· عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطانًا" .
صحيح (خ،م)
طرد الشيطان من البيت
· عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر. إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"
صحيح (م)
حرز يحفظ به البيت والطعام من الشيطان
· عن جابر بن عبدالله، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال :أدركتم المبيت والعشاء" .
صحيح(م)
حرز آخر لحفظ الطعام من الشيطان
· عن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيضع يده، وإنا حضرنا مرة طعامًا، فجاءت جارية كأنها تدفع (1) ، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه. وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها. فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده! إن يده في يدي مع يدها".
صحيح (م)
______________________________
(1) في رواية: كأنها( تطرد) يعني: لشدة سرعتها قاله النووي، وعند مسلم رواية من حديث جابر مرفوعًا: "إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة؟"
قال النووي -رحمه الله-: فيه التحذير من الشيطان والتنبيه على ملازمته للإنسان في تصرفاته فينبغي أن يتأهب له ويحترز منه، ولا يغتر بما يزينه له
حرز يقوله من نزل منزلاً
· عن خوْلَة بنت حكيم السُّلمية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء (1) حتى يرتحل منه" .
صحيح (م)
______________________________
(1) قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يضره شيء" عام، فيدخل فيه شرور الجن، والإنس، والهوام، والسباع، وغير ذلك
حرز يقوله من سقط عن دابته
· عن رجل (1) قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته فقلت: تعس الشيطان، فقال: "لا تقل تعس (2) الشيطان؛ فإنك إذا قلت ذلك تعاظم، حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل: بسم الله؛ فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب".
صحيح (حم، د)
______________________________
(1) هذا الرجل صحابي، لقوله: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم"، فلا يضر عدم ذكر اسمه.
(2) تعس: أي هلك، ومثل هذا الكلام يوهم أن للشيطان تدخلاً في مثل ذلك. نقلاً من عون المعبود.
رد التثاؤب
· عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله، كان حقًا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع؛ فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان" .
صحيح (خ،م)
وفي رواية لمسلم: "إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم (1) ما استطاع؛ فإن الشيطان يدخل"، وفي رواية: "فليمسك بيده".
______________________________
(1) قال النووي –رحمه الله- : قوله: "فليكظم" الكظم هو الإمساك، قال العلماء: أمر بكظم التثاؤب ورده، ووضع اليد على الفم لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته، ودخول فمه، وضحكه منه.
ترك الخلوة بالنساء (1)
· عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما.." .
صحيح (حم، ابن حميد)
______________________________
(1) اللواتي لسن بمحارم.
حرز يقال عند الجماع
· عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله (1) ، قال: باسم الله، اللهم! جنبنا (2) الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك، لم يضره شيطان أبدًا" (3) .
صحيح (خ،م)
وفي رواية في الصحيح كذلك: "ولم يسلط عليه" .
______________________________
(1) أي يجامع أهله.
(2) في رواية"جنبني".
(3) قيل: المعنى لم يفتنه عن دينه، ويرده إلى الكفر ،وليس المراد عصمته من المعصية، فإن كل بني آدم خطاء، وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه، وقيل: المراد لم يطعن في خاصرته عند ولادته.
قلت: ويرد الأخير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود يولد إلا ويطعن الشيطان.. إلا ما كان من مريم وابنها". وفي الحديث الإشارة إلى ذكر الله ودعائه والاستعاذة من الشيطان، والتبرك باسم الله، والاستعاذة به من جميع الأسواء وفيه الاستشعار بأنه الميسر لذلك العمل والمعين عليه، وفيه إشارة إلى أن الشيطان ملازم لابن آدم لا ينطرد عنه إلا إذا ذكر الله.
الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة حرز من الشيطان
· عن أبي مسعود الأنصاري، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة، كفتاه" (1) .
صحيح (خ،م)
· وعن النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "إن الله تبارك وتعالى كتب كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا تقرآن في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال".
صحيح(ك)
______________________________
(1) قيل في شرح الحديث جملة أقوال، أحدها: أنهما كفتاه شر الشيطان..
حرز عند النوم
· عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات (1) ،ومسح بهما جسده.
صحيح "خ"
تتبع
سالم
المفضلات