بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد

لا شك أخي الكريم أنك صادفت في حياتك في دعوتك الى الله من يرفض ما تدعوه اليه ويعرض عنك ويقول لن أفعل ذلك حتى أقتنع أو أنا حر أفعل ما أريد

ولكن هل أنت حر فعلا؟

لطالما أسال هذا السؤال الكثير من مداد المفكرينوشكلا اشكالا فلسفيا تناولته العديد من أقلام الفلاسفة منذ قرون وتضاربت حوله آراِهم,

يرفض الفيلسوف الملحد جون بول سارتر زعيم الفلسفة الوجودية اعطاء أي وصف للحرية أو اعتبارها موضوعا للنقاش أو حتى تحديد ماهيتهاواذ يعتبر أنها أساس كل الماهيات, فاذا كانت فلسفته الوجودية تنص على كون الوجود يسبق الماهية خلافا للفلاسفة الماهويين كديكارت مثلا فهو يصل به الأمرالى تقديس الحرية واعتبارها أساسا حتى لهّا الوجود الانساني,يصور سارتر في خطاباته أن الانسان مشروع له كل الحرية في تحديد مستقبله وتقرير مصيره ككيف شاء دون قيد أو شرط,
غير أن كثيرا من الفلاسفة تصدوا لهذا التفكير العشوائي كهايدغر وفرويد وايمانويل مونيي حيثيرى هذا الأخير أن حرية الانسان حرية مشروطة خاضعة لمجموعة من الشروط و الوعي بهذه الشروط هو ما يجعل الانسان انسانا,انها الشروط البيولوجية و الاجتماعية والاقتصادية وغيرهاو ويتبنى خطاب العلوم الانسانية بمجمله نفس الرأي اذ يتناول الانسان كموضوع خاضع لمجموعة من الحتميات فبالنسبة لعلم الاجتماع والأنتروبولوجيا يمارس المجتمع من خلال فعل التنشئة الاجتماعية قهرا على الانسان فأنت مثلا عندماتريد أن تقتني شيئا من السوق فأنت لا تفعل ذلك بارادتك الخاصة بل تقتني ما تريده منك الدولة أن تقتنيه, فانلم تكن تريد اخراجنوع من السمك الى السوق لن تستطيع أن تشتريه رغم حريتك في ذلك‘أيضا مثلا أنت لا تتكلم اللغة التي تريد أنت بل تتكلم اللغة التي يتكلم بها عامة مجتمعكحتى وان لم تكن تريد التحدث بها,نفس الشيء بالنسبة للدين فأنت تدين بالدين الذي فتحت عينيك عليه بين أسرتك بل وغالبية مجتمعك,نستنتج من هنا أن توهم الحرية المطلقة اعتقاد خاطئ ليس في مجال الدين فحسب بل الحرية الحقيقية تنطلق من الوعي بشروطها وهكذا تنطلق الى التحرر الحقيقي كما عبر عنه امانويل مونيي,ذلك الوعي الذي يجعل منك انسانا حقا, أما عندما تحيد عن هذه الشروط فتكون غير واع وغير عاقل فليس معقولا ولا من الوعي أن تتكلم باليابانية مع شخص يتكلم معك بالعربية فقط لأنك حر ولو كنت تجيد التكلم بالعربية هذا ليس بتاتا من العقل ولا من المنطق فلن يحدث بينكما تواصل ولن يستقيم المجتمع الانساني أبدا,
فالوعي بشروط الحرية دليل على الرشد أي العقلأما عدم الوعي بها فهو دليل على الجهل أي اتباع شهوات النفس وقد سمي العقل عقلا لأنه من فعل عقل أي ربط , نقول عقلت الناقة أي ربطتها والدواب هي التي تربط لأنها لا تعي ما تفعل وتريد ان تفعل ما تريد,كذلك الشأن بالنسبة للنفس فهي ترغب في أن تفعل ما تريد لذلك يجب ربطها كذلك الشان بالنسبة للنفس فهي تتبع الشهوات وتفعل ما تشاء وهنا تقع المسؤولية على العقل ليربطها ويوجهها الى الصواب,
ومجمل القول أنك ان كنت مسلما و تتحكم فيك شريعة الاسلام فهي من شروط حريتك ,فان نصت الشريعة على أن يغض المرء بصره أو حين يأمر الشارع الحكيم بوجوب ارتدائك للحجاب لا مجال للقول انا حرة ان أردت تحجبت وان لم أرد لن أفعل ذلك, انالأمر لا يتوقف على رغبتك والسبب ما سبق ذكره , فأوامر الله تعالى تمارس اكراها على المسلم لأنها من شروط حريته,مثلما يمارس المجتمع عليك اكراه اللغة ومثلما تمارسه الدولة في فرضها للمنتجات التي تباع في الأسواق ,هذا من جانب الخطاب الفلسفي والمنطقي,

أما في ما يتعلق بالخطاب الديني, فيقول عز وجل " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"وقال كذلك "مَا كَانَ لـِمؤْمِنِِ وَلَا مومنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم" والخيرة بمعنى الاختيار ف أوامر الله لا مجال فيها للتردد أو التفكير فحريتك الحقيقية هي حينما تتبع المنهج الرباني لأنك تقوم بما يمليه عليك العزيز لا تمليه عليك شهواتك الذليلة والحقيرة أيهما أفضل؟ومن جهة أخرى ما يأمرك لله به يصب في صالحك وليس في ما يرك والعياذ بالله,فمثلا الفتاة عندما تتبرج في الشارع وتضع أنواعا من المك أب والعطور فهي توجه رسالة الى الناس "أنا أنثى ولست انسانا" والأنثى لا تصلح الا للتمتع فالأنوثة مكانها البيت والفراش لا الشارع والمكل هنا أن الفتاة في البيت لا تعتني بمظهرها بل ذلك لا يحدث الا حينما تقرر الخروج,في حين تعلن المرأة المسلمة بحجابها أنها انسان تتمتع بكرامتها وعنصر فاعل داخل المجتمع ماضية في هيام الابداع والتأسيس الخلاق تثبت جدارتها في أن تكون قائدةوجدارتها في تربية الأجيال,هذه هيالحرية الحقيقية التي تعلو فوق كلحرية وفوق كل ما قاله الفلاسفة, انها سبيل السعادة الحقيقية,
فأن تقول أنا حر في اعتراضك على أمر الاهي قول خاطئ باطل منطقا وشرعا,
هذا القول والفعل نتركه للبهائم التي لا تملك عقلا تجري أين تشاء وتتكاثر كيف تشاء, أما أنا وأنت فنحن أعظم مخلوق خلقه الله في هذا الكون وسخر لنا السماء والأرض فمن العيب أن تقدم على هذا الفعل,
ان الأوامر الاهية بمثابة قطار ماض في سكتهمن دون توقف وأنت تركبه‘ ولا تملك أن توقفه أو أن تغير اتجاهه حسب هواك بل أنت ملزم بالبقاء فيه أما حريتك فهي داخل هذا القطار تستطيع أن تجلس أو تقف أو تركض أو تلعب لكن دون أن تخرج من القطارأي دون أن تخرج عن الطريق الرباني وعن أوامر المولى عز وجل,

أرسلها الى كل من يقول لك أنا حر في تركي لأمر الاهي ولك الأجر ان شاء الله تعالى