بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المسلمون جميعا .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي المسلم .. هل تريد أن تعرف لماذا أسلم القس عبد الأحد داود صاحب كتاب الإنجيل والصليب؟ .. لقد اكتشف الرجل أن الدين المسمى بالمسيحية ليس هو الدين الذي جاء به المسيح بن مريم عليه السلام .. و لكن المسيحية المعاصرة هي ذلك الدين الذي أقامه قسطنطين عدو المؤمنين.

- ولكي نعرف كل شيئ فتعال معا نبحر في أعماق العهد القديم من الكتاب المقدس و تحديدا في سفر دانيال الإصحاح السابع .. ولنقرأ معا نص البشارة التي بسببها اهتدى عبد الأحد داود .. أجاب دانيال وقال "كنت أرى في رؤياي ليلاً وإذا بأربع رياح السماء قد هيجت البحر الكبير. وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد وله جناحا نسر وكنت أنظر حتى انتتف جناحاه وانتصب عن الأرض وأوقف على رجلين كانسان وأعطى قلب إنسان وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد وفي فمه ثلاثة أضلع بين أسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحما كثيرا وبعد هذا كنت أرى و إذا بآخر مثل النمر وله على ظهره أربعة أجنحة طائر. وكان للحيوان أربعة رؤوس وأعطي سلطانا. بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم وبينما كنت أرى إذ وضعت عروش وجلس القديم الأيام لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة نهر نار جرى وخرج من قدامه ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه فجلس الدّيِّن وفُتحت الأسفار. كنت أنظر حينئذ من أجل صوت الكلمات العظيمة التي بها القرن. كنت أرى إلى أن قُتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار أما باقي الحيوانات فتُنـزع عنهم سلطانهم ولكن أعطوا طول حياة إلى زمان ووقت كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان ( اللفظه الاراميه بارناشا كالعبرية بن آدم) أتى وجاء الى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له "تطيعه" كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لا يزول وملكوته مالا ينقرض. أما أنا دانيال فحزنت روحي في وسط جسمي وأفزعتني رؤى رأسي. فاقتربت إلى واحد من الوقوف وطلبت منه الحقيقة في كل هذا. فأخبرني وعرفني تفسير الأمور. هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي أربعة هي أربعة ملوك (أربعة ممالك) يقومون على الأرض. أما قديسو العلي فيأخون المملكة الى الأبد والى الآبدين. حينئذ رمت الحقيقة من جهة الحيوان الرابع الذي كان مخالفا لكلها وهائلا جدا وأسنانه من حديد وأظافره من نحاس وقد أكل وسحق وداس الباقي برجليه وعن القرون العشرة التي برأسه وعن الآخر الذي طلع فسقطت قدامه ثلاثة وهذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره أشد من رفقائه. وكنت أنظر واذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم حتى جاء القديم الأيام وأعطي الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة. فقال هكذا: أما الحيوان الرابع فتكون مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك فتأكل الأرض كلها وتدوسها وتسحقها. والقرون العشرة من هذه المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك. و يتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات (الأعياد) والشريعة Law) ) ويسلمون ليده إلى زمان وأزمنة ونصف زمان (إلى زمان وزمانين ونصف زمان في النسخ القياسية وبعض النسخ *********. فيجلس الدين وينـزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلى المنتهى. والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي "الله". ملكوته ملكوت أبدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون إلى هنا نهاية الأمر"

- هنا يرى النبي دانيال عليه السلام وحوشاً تخرج متتابعة من البحر.. ويُفسر الملاك لدانيال النبي الرؤيا (فاقتربت إلى واحد من الوقوف وطلبت منه الحقيقة في كل هذا) بأنّ هذه الوحوش تُمثِّل أربعة ممالك ستقوم متتابعةً على الأرض بدءاً من زمانه و ستكون كالتالي:
1- أسد .. مملكة البابليين (المملكة الأولى 612-539 قبل الميلاد) هذه التي تمت خلالها الرؤيا
2- دبّ .. مملكة الفرس ( المملكة الثانية 539-331 قبل الميلاد) التي قضت على حكم البابليين
3- نمر ذو أربعة رؤوس وأربعة أجنحة.. دولة الإغريق (331 -63 قبل الميلاد) فهي التي قضت تاريخياً على المملكة الفارسية وقد صرّح كتاب دانيال نفسه باسمها في الإصحاح الثامن بعنزة ذات قرن كبير بارز من بين عينيها ينكسر ويقوم مكانه أربعة قرون أخرى تمثل الأجزاء التي تنقسم إليها مملكة الإغريق من بعد وفاة الإسكندر المقدوني .. انتيجوناس Antigonus تملك آسيا .. وسيطر سيليوسيد Seleucus على بابل والشعوب التي جمعت إليها .. وكاساندر Cassander على مقدونيا .. وبطليموس Ptolemy على مصر.
4- وحش رابع هائل .. و هي مملكة الرومان التي قضت على اليونانيين (الإغريق) وتم لها انتزاع الأرض المباركة منها عام 63 ق.م وظلت حاكمة للأرض المباركة حتى عام 638م حين انتزعتها منها دولة الإسلام مملكة العلي. ويرى دانيال على رأس هذا الحيوان الرابع "دولة الرومان" عشرة قرون .. يفسرها له الملاك بأنها تمثل عشرة ملوك ضمن ملوك هذه المملكة الرابعة.

- وما يهمنا هنا من تلك المملكة الرابعة "الرومان" هي فترة حكمهم للأرض المباركة بين عامي 63 ق.م إلى 638 م. إن مملكة العلي ( دولة الإسلام) التي انتزعت منهم الأرض المباركة هي نفسها التي قضت عليهم تماماً فيما بعد واحتلت عاصمتهم فيما بعد "القسطنطينية" .. فلا مفر بأن المملكة التي تبعت مملكة الروم كانت هي دولة الإسلام .. وعن الملوك العشرة ضمن المملكة الرابع فإن هؤلاء العشرة من ملوك المملكة الرابعة هم ممّن سيحكم الأرض المباركة من ملوكها .. ثمّ يأتي بعدهم قرن آخر (ملك آخر) يقلع ثلاثة قرون (ملوك) ويختلف تماماً عمن سبقه فله عينين وفم متكلم بعظائم وفسره الملاك لدانيال بأنه ملِك آخر يختلف عن العشرة السابقين له وأنه سيغلب ثلاثة ملوك وأنه سيضطهد المؤمنين ويبتليهم وسيتكلم بكلام ضد العليّ ويغيّر أعياد المؤمنين ويغيّر دينهم وسيظل المؤمنين تحت حكمه لمدة ثلاثة أحقاب زمنية ونصف الحقب إلى أن يظهر قدّيسي العلي (عباد الله الصالحين .. المسلمين) فينتزعون الأرض ويقيمون مملكة الله الأبديّة التي يخضع لها سلاطين الأرض .. وتنضوي تحتها شعوب الأرض .. ويبقى أن نعود مرة أخرى إلى البشارة لنتعرف على هذا الملك الروماني الذي سيأتي بعد عشرة ملوك سابقين عليه ومختلفين عنه ومن المناسب هنا أن نذكر أنه لم يهتد إلى تفسير هذه الرؤيا سوى عبد الأحد داود رحمه الله وقد كان أستاذاً في علم اللاهوت المسيحي فآمن وأسلم وألف كتابًا عن البشارات بالرسول صلى الله عليه وسلم .. فاهتدى إلى معرفة هذا الملك الروماني صاحب الإفك العظيم على الله عزّ وجل ّ.. والذي تحدثت عنه البشارة أعلاه و صفاته تتلخص فيما يلي:
- أنه من ملوك الروم.
- أنه سيأتي بعد عشرة ملوك سابقين عليه.
- أن سياسته ستكون مخالفة للعشرة ملوك الذين سبقوه.
- أنه سيغلب ثلاثة ملوك.
- أنه سيحارب المؤمنين ويبتلون به.
- وأنه سيُغيّر أعيادهم .
- وأنّه سيُغير دين المؤمنين وشريعتهم .. وقد ذكر الدين باسم الشريعة Law
- أنّه ذكي وداهية فالقرن الذي يمثله يتميز بأن له لسان وعيون.
- أنّه سيتكلم بكلام عظيم ضد الله عزوجلّ.
- أنّ حكمه سيستمر لمدة ثلاثة أحقاب زمنية ونصف إلى أن تقوم مملكة الله فتنتزع الأرض المباركة من حكمه ..
.. إنه قسطنطين بلا شك.. إن المملكة الرابعة هي مملكة الرومان بلا شك .. فما بقي إلاّ أن نبحث في التاريخ الروماني عن عشرة ملوك تبعهم ملك يختلف عنهم ويحمل المواصفات المذكورة أعلاه.

- تذكر كتب التاريخ أسماء العشرة الأباطرة الذين قاموا بتعذيب اتباع المسيح عليه السلام واضطهادهم وهم: نيرون ودوميشان وتراجان واوريلياس وسيبتيمياس سويسرس ومكسيمن وديسيوس وفالريان وأوريليان وديوكليتيان.

- وهنا نستدل بقول أحد النصارى وهو ناشد حنا فـي كتابـه " دانيال آية آية " ( الطبعة الثانية ص 53): " ثم في أيام الأباطرة العشرة الذين اضطهدوا المسيحيين اضطهاداً مريراً" .. والإشارة إلى هؤلاء العشرة أباطرة الذين حكموا الأرض المباركة مناسبة هنا لموضوع البشارة الذي يستعرض تعاقب الممالك والملوك الظلمة السابقين لمجيء مملكة الله لحكم الأرض المباركة.

- وقد جاء بعد هؤلاء الأباطرة العشرة قسطنطينُ (305 -337 م) كحاكم بسياسة مختلفة تماماَ عن سابقيه فبدلاَ من مواصلة الحرب على النصرانية .. سعى إلى مزجها بالوثنيات أيام عصره وتوحيدها في دين واحد تتبناه الدولة .. توحيداً وتثبيتاً لها كما يذكر المؤرخون .. وقسطنطين هو الذي حارب ثلاثة ملوك .. فقد كان للإمبراطورية حاكم أو إمبراطور واحد حتى عهد قسطنطين حيث أصبحت الإمبراطورية الرومانية للمرة الأولي بتاريخها تحت حكم أربعة أباطرة .. كل منهم على جزء مستقل .. وجاء قسطنطين إلى الحكم عام 305 م ليجد أمامه ثلاثة أباطرة آخرين هم فاليريوس ليسنيوس Valarius Licinius وماكسيمن دانا Maximin Dana في الجزء الشرقي من الإمبراطورية وماكسنتيوسMaxentius بجانبه في الجزء الغربي من الإمبراطورية.

- اتفق قسطنطين مع ليسنيوس Licinius الذي صاهره وزوّجه أخته قسطنطينه Constantia وارتبط معه بحلف في ميلانوعام 313م قبل معركة الأخير مع خصمه ومنافسه بالشرق ماكسيمن دانا Maximin Dana فقضى قسطنطين على ماكسنتيوس الذي ينازعه حكم الجزء الغربي في معركة جسر ميلفيان (Milvian Bridge) عام 312 م . ثم ساعد صهره ليسنيوس (Licinius) في التخلص من خصمه ماكسيمن دانا في السنة التالية ثم تواجه مع ليسنيوس نفسه بعد ذلك في سلسلة من الحروب بدءاً من عام 313 حتى غلبه عام 323 م باستسلام ليسنيوس ومعه ثلاثين ألفاً شريطة الحفاظ على حياته إلا أنّ قسطنطين غدر به بعد ستة أشهر من استسلامه وقتله عام 324 م واسترق ابنه الذي كان يوما من الأيام متوجاً مع ابن قسطنطين كخلفاء للأباطرة ( قياصرة) .. فقضى قسطنطين بذلك على ثلاثة أباطرة.

- وكان وثنياَ يؤمن بعبادة الشمس وأنها الإله الأوحد وملأ بشعار ديانته الوثنية هذه كل شعارات الدولة وأعلامها وعملتها ونصب لها التماثيل في كل ناحية وتصرف طيلة عمره كله كرئيس كهنة ديانة عبادة الشمس وسمي عهده بعصر إمبراطورية الشمس و من الثابت أنه لم يعمد كمسيحي إلا عند احتضاره عام 337.

- وقد سعى قسطنطين بمكر إلى خلط الأديان وتقريبها وتوحيدها لتكون للدولة ديانة واحدة متجانسة ومتعايشة ويذكر هنا أن قضية الإيمان لدى قسطنطين هي باختصار قضية سياسية وأي إيمان سيدعم هدف الوحدة فسيُعامل بتلطف وإذ يبني قسطنطين كنيسة في ناحية من المدينة ينصب صنماَ لمعبودهم الأم سيبيل وآخر للشمس المعبودة في نواحي أخرى من المدينة كما صنع بالقسطنطينية عند افتتاحها عام 330 م ( أي بعد مجمع نيقية بسنوات!).

- وحتى تكسب ودّه الكنيسة النصرانية التابعة لمدرسة بولس فقد جارته فيما يريد فاتخذت يوم الشمس sun-day أو الأحد بالعربية اتخذته يوماَ للراحة الأسبوعية بدلاَ من السبت الذي كان النصارى بخلفية دينهم اليهودية مازالوا يعظمونه وكان كل يوم من أيام الأسبوع ينسب لكوكب فالسبتSatur-day هو يوم زحل Saturn والأحد Sun-day هو يوم الشمس Sun والاثنين Mon-day هو يوم القمر Moon وكان قسطنطين عام 321 م قد أصدر أمراَ بإغلاق المحاكم في يوم الشمس ( يوم الأحد) واعتبره يوم الراحة الأسبوعية وتبعته في ذلك الكنيسة النصرانية وقامت الكنيسة فاتخذت من يوم ولادة الشمس ( يوم التحول عن الشتاء بالجزء الشمالي من الكرة الأرضية أو بدء تطاول النهار بعد بلوغ تقاصره منتهاه) وهو يوم 25 ديسمبر اتخذته يوماً وعيداً لميلاد للمسيح وقد كان عيداَ للوثنيات التي ألّهت الشمسَ وعبدتها بفارس والروم كما هو ثابت.
- وكانت أشد نقاط التغيير بالمسيحية هي دعوة قسطنطين لمجمع نيقيةNicaea عام 325 م وقد اجتمع عدد كبير من علماء المسيحية ذكر بعض المؤرخين أنه تجاوز الألفين ولكن قسطنطين تبنى رأي أقلية ( 318 قسيساً) قائلة بتأليه المسيح وتدخل مباشرة- على وثنيته- في صياغة النص العقدي الذي تبناه مجمع نيقية وفرضه على كل المسيحيين بالإمبراطورية واعتبر أن كل ما يخالف ذلك هرطقة وردّة.

- وكان من أخطر ما أقدم عليه إصداره مرسوما في العام التالي لمجمع نيقيه بمصادرة وتدمير كل أعمال وكتابات المناهضين لقرارات نيقيه ثم إصداره عام 331 م أمرا بإصدار نسخاً جديدة من الكتاب المقدس مما اعتبره مؤلفوا المرجع The Messianic Legacy "واحداً من أهم القرارات الأحادية التي أثرت على كل التأريخ المسيحي ويذكر هنا أن الإمبراطور ديوكليتيان كان قد أحرق كل ما أمكن الحصول عليه من الكتب المسيحية ويرى المؤلفون للمرجع أعلاه أن هذا قد أخلى المجال لأصحاب نيقيه للحذف والزيادة في الكتب بما يرونه متفقاً مع عقيدتهم. حتى يذكر المؤلفون أعلاه " أنه من بين الخمسة آلاف نسخة قديمة موجودة للعهد الجديد ( الأناجيل والرسائل المسيحية) لا توجد نسخه واحدة سابقة للقرن الرابع الميلادي. وفي هذا يذكر مؤلفو كتاب The messianic Legacy أعلاه يقولون : "إن من العدل القول بأن المسيحية التي نعرفها اليوم لم تنبثق من أيام عيسى بل من مجمع نيقيه ولأن مجمع نيقيه كان جلّه من صنع يديّ قسطنطين فإنّ المسيحيّة (أي مسيحيّة اليوم ) مدينة له بالفضل".

- ومن هنا فقسطنطين هو الملك الروماني الذي جاء بعد عشرة يختلفون عنه ضمن المملكة الرابعة وهو الذي هزم ثلاثة أباطرة روم آخرين وهو الذي غيّر أعياد المؤمنين الأسبوعية والسنوية وغيّر دينهم وغير كتبهم وطارد المؤمنين الصادقين وصادر كتبهم و حرقها وهو الذي استغل بدهاء ومكر كما يذكر المؤرخون الدين ليوحد مملكته ويثبت حكمه وهو الذي تكلم على الله بكلام عظيم حين تبنى القول بأن لله ابناَ وصاغ بنفسه للنصارى – كما تذكر جميع المصادر- عبارة أن الابن مولود من الأب لكنه مساو له ومؤلف من نفس مادته .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ً.. هذه العبارة التي أصبحت جوهر عقيدة كل النصارى وقد ذكر في كتاب الله العزيز المرسل إلى خاتم الأنبياء أن هذه الكلمات تكاد تتفطر لها السماوات .. فقسطنطين بذلك هو الملك الروماني الذي تكلم ضد العلي عزّ وجل ّ.. هذا وقد استمرت الأرض المباركة محكومة من قبل قسطنطين وخلفائه بطراز جديد من الحكم الروماني حتى دخـلت تماما فـي ظـل الخلافة الإسلامية ( مملكة الله المنتظرة) بعد 334 عاما ميلاديأً (من عام 305 م حتى 638 م وكان فتح القدس عام 638م أي بعد 346 عاما تماماً من الأعوام القمرية اليهودية أو بعد ثلاثة قرون ونصف قرن ( ثلاثة أزمنة ونصف) من بدء حكم الملك الروماني المفصلة صفاته بوضوح بالبشارة أعلاه وقد قال بعض النصارى أن مدة حكم هذا "الملك الضال" كما لقبوه ستستمر لخمسة وثلاثين عاما (فهماً من أخبار النبوءة بأنها ثلاثة فترات زمنية ونصف) وهو فهم ينطبق أيضاً على مدة حكم قسطنطين المباشرة والتي استمرت حوالي 34 عاما قمرياً على التقويم اليهودي أو تزيد .. وهذا من تمام انطباق صفات الملك الخبيث المذكور بالبشارة على شخصية قسطنطين أن تنطبق على فترة حكمه المباشر أو على فترة الحكم الذي أنشأه على الأرض المباركة بفلسطين مدة ثلاثة أزمنة ونصف سواءً فسر الزمن بعقد أو بقرن.

- إنه لو وُصف قسطنطين بصفة واحدة لكفت لتحديده فمَن مِن أباطرة الروم مَن يشاركه في أي صفة منها؟ فكيف وقد وصف بعشر صفات لا يشاركه في أي منها أحد؟ .. فهو الملك الروماني الذي جاء بعد عشرة ملوك قبله لكنه مختلفا عنهم وهو الذي تخلص من ثلاثة ملوك آخرين وهو الذي غير أعياد المؤمنين الأسبوعية والسنوية وليس في التأريخ من يشاركه في ذلك وهو الذي غيّر دين المؤمنين وكتبهم وهو الذي تقوّل على الخالق عزّ وجل بكلام عظيم جداً وهو الملك الماكر الخبيث الذي استخدم ذكاءه في المكر بالمؤمنين ومُيّز في النبوة بأنه القرن ذو الفم والعينين الأشد من القرون قبله وهو الذي اضطهد المؤمنين وطاردهم وهو الذي استمر الحكم الذي وضعه بالأرض المقدسة مدة ثلاثة قرون ونصف تامة على الحساب القمري المستخدم بالتوراة.. أبعد كل هذا يبقى هناك أي مجال لأي تفسير بديل.. وهل يزيدنا ذكر اسم قسطنطين يقينا بأنه هو الملك المقصود بعد أن اجتمعت كل هذه الصفات ولم يجتمع لأي ملك آخر منها شيء.

- ولا يقدم النصارى أي تفاسير أخرى مقبولة .. ولعلَ أقوى ما قدم هنا هو القول بأن هذا الملك المفصلة صفاته أعلاه هو انطيوخيوس الرابع Antiochus 175-163 قبل الميلاد وهذا خلط واضح فانطوخيوس هذا من ملوك المملكة الثالثة اليونانية وليس من ملوك الرومان المملكة الرابعة ولا تنطبق عليه أياً من الصفات التفصيلية الأخرى التي فصلها الإصحاح السابع والتي رأينا أعلاه كيف انطبقت تماما على قسطنطين إن الإصحاح الحادي عشر قد تحدث بوضوح عن انطوخيوس كأحد ملوك اليونان صراحةً و هذا الإصحاح ( الحادي عشر) لا علاقة له بدانيال الذي عاصر نبوخذنصر وأن كاتبه كان معاصراً للأحداث أيام انطوخيوس وأنه كان يعتقد أن مملكة الله المنتظرة ستعقب انطوخيوس مباشرة وأنه كتب هذا الإصحاح أثناء عهد انطوخيوس فجاءت نبواته عن بقية عصر انطوخيوس بالتالي غير صحيحة مما يضع استفهاما بارزاً عند معظم الباحثين حول صحة تأليف الإصحاح الحادي عشر.

- ثم يذكر دانيال النبي أنه رأى في رؤى الليل مع سحب السماء مثل ابن الإنسان (ابن آدم) وقد رفع إلى قديم الأيام عزّ وجلّ وقرّب إليه حيث أعطاه السلطان والمجد والمملكة التي سينضوي تحتها كل الناس والأمم والألسن في سلطان أبدي ومملكة لا تـنقرض .. وهذا مايؤكده القرآن حين يقول "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى".. وهي التي ستقضي على المملكة الرابعة .. وهكذا فإن مملكة الله الأخيرة والباقية إلى منتهى الأزمان سينشئها ويقيمها إنسان مختار من أبناء آدم يعرج به إلى السماء ويلتقي فيها بدانيال ويعطى هنالك التأييد والمكانة المرموقة أو المجد فينشئ مملكة الله التي ستنـزع الأرض المباركة من أيدي دولة الروم (المملكة الرابعة) وتنضوي تحت لوائها مختلف شعوب الأرض وألسنتها .. وكذلك كانت دولة الإسلام وأمته باقيةَ إلى يوم القيامة .. تنضوي تحت لوائها مختلف شعوب الأرض وألسنتها .. قد جاءت من بعد دولة الروم فعلاً وانتزعت منهم حكم الأرض المباركة .. ومن بين كل مَن حكم الأرض المباركة بفلسطين لم يُقِم أحدٌ حُكماً باسم الله تعالى غيرَ المسلمين .. فاستحق لذلك حكمهم وحده ان يسمى بمملكة الله .. وهو فقط الذي جاء فعلاً بعد المملكة الرابعة .. الرومانية.

- فهل رتب المسلمون مملكتهم لتأتي بعد الرومان في حكم الأرض المقدسة بفلسطين؟ أم هل رتب المسلمون تأريخ قسطنطين فجاء ضمن الإمبراطورية الرابعة منذ عصر دانيال ومختلفاً عن عشرة أباطرة اضطهدوا المسيحيين جاء هو بعدهم وجاء بدهاءٍ فريد فغير دين المؤمنين وغير كتبهم وغير أعيادهم الأسبوعية والسنوية تماما كما ذكر بالبشارة .. وهل رتب له المسلمون هزيمة ثلاثة ملوك رومانيين آخرين؟ وهل أوحوا إليه بالتقول على الله حتى تنطبق عليه أخبار البشارة؟ ثم هل رتب المسلمون له ولخلفائه حكم الأرض المباركة لثلاثة قرون ونصف ( ثلاثة أحقاب ونصف) قبل أن يرثها المسلمون؟ وهل أوحوا إلى رسولهم الأمي أثناء ضعفه وتكذيب الناس له في بداية دعوته أن يأتي الناس بما لايسهل تصديقه بخبر معراجه إلى السماوات ليلا ولقائه بأنبياء الله قبل أن يقدّم إلى قديم الأيام عز وجل. فيعود إلى الأرض لإقامة مملكة الله. ثم كيف رتبوا له ولأنفسهم هذا الإرث السريع للأرض المباركة وما حولها فانطوت تحت مملكتهم الشعوب من مختلف الألسن والأجناس؟ وما زال المسلمون بالأرض المباركة وإن حَكَم الصليبيون واليهود أجزاء منها لفترات من التاريخ وهل يزيدنا يقينا ذكر اسم دولة الإسلام بأنها المملكة المقصودة من بعد الإمبراطورية الرومانية؟ وهل يحتاج القارئ أي توضيح ليعلم أن ابن الإنسان ( ابن آدم) صاحب المعراج السماوي الليلي إنما هو "سيد ولد آدم" محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعلن للناس عن معراجه ولقائه بالأنبياء قبل إنشائه لمملكة الله الربانية بسنوات؟