بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
جميل أن نجمع بين الكلمات لنفهم قواعد أنسانية أخلاقية معينة قد نظن بها التعارض إذ بها تتكامل مع بعضها البعض فتبرز الصورة أمامك كأجمل ما يكون و هنا أسأل بعض الأسئلة ليفكر فيها كلانا كاتب و قاريء لنتبادل وجهات النظر في حوار متحضر متمدن فنحن لسنا في حلقة مصارعة بل نحن في حياة أنسانية راقية .
السؤال الأول كيف لمحمد صلى الله عليه و سلم يأتي إليه الرجل فيجذبه من ملابسه جذبه شديدة فيبتسم و لا يرد الإساءة بالإساءة و هو قادر على ذلك فهو بين أصحابه لو أشار فقط لأنتهي الأمر و هذا مثال فقط أذكره عن الحلم و التسامح و لكن في نفس الوقت نجد الله يأمره في القرآن بقوله ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ( فيأمر بالقصاص فهل يكون هذا تعارض ؟
السؤال الثاني يقول المسيح في الإنجيل أحبو أعداءكم و لكن في نفس الوقت يقول ما جئت سلاما بل جئت سيفا و أيضا المسيح صنع سوط من حبال و ضرب باعة الهيكل و أخرجهم منه بالقوة فهل يعتبر ذلك تعارض أيضا و معلوم أن لا يوجد مسيحي يحب الشيطان و هو من الأعداء .
السؤال الثالث و البوذية فهي أيضا تدعو للتسامح حتى أن الملحد قد يقارن بين حكم بوذية و آيات أسلامية ليبين على قدر ما فهم و جمع من معلومات أن البوذية أفضل من الإسلام في معني التسامح و لمن من العجب أن البوذيين هم أنفسهم واضعين لعبة الكنغ فو على يد الراهب بودا هارما و كثير مننا يسمع عن معبد شاولين .
فهل أيضا يعتبر تعارض مع مبدأ التسامح ؟
قد يخلط الإنسان بين هذه الأمور و يظن أن الصور تبدو متعارضة و متشابكة و لكن لنحاول سويا معرفة قواعد الإسلام في ذلك فأعتقد أنك تكتشف أنها شاملة لجميع السابق و هي الأقرب للواقع العملي الذي يسري على كل إنسان فنجد أن الإسلام يفرق بين حقوق الفرد و حقوق الغير فيمكن الشخص نفسه التسامح في حقوق نفسه بنفسه و لكنه لا يستطيع التسامح في حقوق غيره سواء شخص أو مجتمع أو دين فالدين في هذه الحالة يعتبر حق مجتمعي فأنت تستطيع أن تسامح رجل سرق مالك و لكن لا تستطيع أن تهرب من الشهادة على رجل سرق أخر أو سرق شركة بحجة أنك متسامح و أيضا الإسلام أعطي للمعتدي عليه الحق في رد الاعتداء فليس من العدل سلب ذلك منه و لكنه في ذات الوقت رغبه في التسامح و بين أن مقام الإحسان و التسامح أفضل و أعلى و أرقي و أبين شيء أخر أن المتسامح لكي يكون متسامح لابد أن يكون لديه القدرة على التسامح فلا يكون التسامح من ضعف و إنما يكون من قوة فالضعيف لا يقال متسامح بل يقال جبان فعندما ندخل النبي صلى الله عليه و سلم مكة فاتحا قويا قال في قمة قوته أذهبوا فأنتم الطلقاء وفي حالة الضعف يكون صبر لا عفو و إليك بعض النصوص الإسلامية التي توضح ذلك في قول عائشة رضي الله عنها عندما وصفت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل (و قال الله تعالي ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
و قال تعالى : (ولا تستوى الحسنه ولا السيئه ادفع بالتى هى احسن فأذا الذى بينك وبينه عداوه كأنه ولى حميم ومايلقاها الا ذو حظ عظيم ) وقال الله تعالى [ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ] وقال تعالي (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ( و هذه بعض النصوص التي تدل على ذلك فهل من متدبر و متأمل لها و هل من عارضها على قلبه و عقله و مقارنها مع واقعه وفي نهاية الحوار أشكركم جميعا و أتمني لكم الهداية و الغفران.