سكينة الإيمان:


دومًا فإنَّ الإيمانَ يدعوك إلى أن تكون مسالِمًا مع نفسك ومع الآخرين، وتُقبِل على أيِّ عمل من شأنه أن ينمِّي حالةَ السلم هذه في نفسك، إنَّ علاقتَك الكبرى والأولى هي مع الله، ومن ثَمَّ مع نفسك، وأنت يُمكنك أن تحصل الطمأنينة والسكينة لنفسك ما دُمت ترفع عنك وعن غيرك الضر، وتُحقق لنفسك ولغيرك النفع.

يُمكنك أن تُصغي إلى نفسِك، فتقول لك بأنَّ السارق ليس هو ذاك الذي يَمُدُّ يديه إلى ممتلكات الناس فحَسْب، السارق كذلك هو الذي يَمد أذنيه، فيسترق كلمةً ليست له، يَمد عينيه؛ ليختلس نظرة ليست له، وأمام ذلك ترى هذا الشخص يترفَّع عن نفسه، فيقفل سَمَّاعة الهاتف عندما يرد على هاتفه صوتٌ مُتشابك، وكما أنه يرتقي في ألاَّ يَمد يديه إلى جيب جاره، فيسرق ماله، فإنه يرتقي ألاَّ يمد بصره؛ ليسترقَ عرض جاره.

فتعاليم الايمان فيها الخير كل الخير، لقد كان الناس بحاجة إلى دفء السلم أكثر مما كانوا بحاجة إلى صقيع الحروب، فجاء الايمان؛ ليُخرجهم من صقيع الحروب إلى دفء وسكينةِ السلم بالكلمة الطيبة، وبواسطة أنبياء حملوا كتبًا، ولم يحملوا سيوفًا إلا لتحقيق الأمن والأمان والسلم في المجتمع, بَنَوْا اماكن تَجمع الناس، وتزرع فيهم المحبة لله وللناس.يُمكن لك أن تعيشَ مع صفحات الايمان حياةً سعيدة هادئة، بعيدة عن ردَّات الفعل، ورعود الاضطراب، تكون متمسكًا بحالة الهدوء العامَّة في حواسك، وتعطي لكل وقت وقته، ولكل أمر أمره، ولكلِّ فعل فعله، وأنت تنظر في شخص مضطرب يقول:
لساني يقول ولا أفعل، وقلبي يريد ولا أعمل، وأعرف رشدي ولا أهتدي، وأعلم لكنَّني أجهل، ويدركك حينئذ نور أن تفعل وتعمل وتهتدي وتعلم ولا تجهل.فالحقُّ عيوف، والباطل شنوف، والشيطان مُتكئ على شماله يَدِبُّ بين الناس بالعَداوة والشَّحناء، عياذًا بالله من فتنة جاهل مغرور، أو خديعة فاجر ذي دهاء وفجور يَميل به الهوى، ويزين له الشيطان طريق الغواية والردى.