تفسير الإنجيل بالقرآن (15)
رد الشبهات
المدلول الصحيح لكلمة الروح القدس
الروح القدس فى القرآن :
مفهوم الروح القدس فى القرآن واضح الدلالة والمعالم ، وبغير منطق القرآن للروح القدس لا يستقيم الفهم أبدا.
بل كل ما أوردناه سلفا ، من كون المسيح رسول الله ، أنزل الله عليه الوحى بالإنجيل وأيده به ، ينسجم تماما ويستقيم مع مفهوم الروح القدس فى القرآن .
قال تعالى:
{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ }
[الشعراء:192-193].
فبين سبحانه فى هذه الآية أن الروح القدس ، هو الملك – جبريل عليه السلام – الموكل بالتنزيل السماوى على المرسلين .
وقال سبحانه:{ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } [مريم:17].
الروح - جبريل عليه السلام – نزل على السيدة مريم فى صورة بشرية ، لبشرها بعيسى بن مريم.
وهنا ، ينبغى أن نلحظ أن جبريل فى حالة نزوله بالوحى ، أو لمخاطبة البشر ، يتمثل فى صورة بشرية ، وذلك من البديهيات ، فلا يمكن التفاهم مع البشر ، إلا أن يكون بصورة بشرية .
ومثل فى حديث – مسلم – عن عمر بن الخطاب ، مرفوعا :" بينما نحن جلوس فى المسجد ، إذ طلع علينا رجلا شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ..." إلى قوله صلى الله عليه وسلم :" هذا جبريل جاء يعلمكم أمور دينكم "
وبهذا الفهم عن الروح القدس يمكن أن نفسر ما جاء فى الإنجيل تفسيرا صحيحا ، إلا أن يكون فى اللفظ تحريفا ، فإنه لا يلتئم معنا ، غير أنك ستلحظ اعوجاج النص إذا خالف ما ورد فى القرآن الكريم عن مفهوم الروح القدس.
النص الأول : " ولم أقدم كلامى ورسالتى بكلمات مقنعة من الحكمة البشرية ، بل ببرهان الروح وقوته ، وذلك لكى لا يعتمد إيمانكم على حكمة البشر ، بل على قوة الله" (1كو:2-5:4).

النص الثانى: " روح الرب عليّ ، لأنه مسحني لكى أعلن البشارة للفقراء. أرسلني لأنادي للأسرى بالحرية ، وبالبصر للعميان .." ( لوقا:4- 18).
النص الثالث : " وعاد يسوع إلى إقليم الجليل بقوة الروح القدس "( لوقا:4-14)
فى النص الأول دليل واضح أن الروح القدس – جبريل عليه السلام – نزل بالوحى على عيسى عليه السلام ، بدلالة :
إقرار المسيح بنزول الرسالة عليه ، فقال :" ورسالتى " ، ونفى عن الرسالة أنها حكمة بشرية ، ونسبها إلى الله ، فقال " بل على قوة الله ".
وفيه أن الكلام الصادر من المسيح ليس قوله ، وأن المسيح بشر، حيث نفى عن الكلام المنزل إليه " الحكمة البشرية " ومعلوم أن القول صدر المسيح ، وبالتالى فليس هو صاحب الحكمة ، فيما يقول ، بل الحكمة منزلة من الله .
وفى النص الثانى: نزول الوحى على المسيح ، وهذا قوله " روح الرب على" ، وبين سبب نزول الملك عليه ، فقال " لكى أعلن البشارة .. أرسلنى لأنادى .." أى ليبلغ وينادى فى الناس يدعوهم إلى الله ، ولم يكن نزول الروح عليه ، ليكون إلها مع الله ، ولا ابنا من النسب ، وهذا يتفق مع سابقه .
وفى النص الثالث: بيان تأييد الله للمسيح بجبريل ، فإن الله يؤيد المرسلين بالملائكة .
فهذه ثلاثة نصوص من الإنجيل ، ورسالة بولس ،تبين حقيقة الروح القدس ، والذى هو جبريل ، وليس بإله ثالث مع الله ، ولا هو جزء ثالث من إله واحد .
هذا ونسأل الله أن ييسر لنا سعة فى الوقت وتوفيقا فع العمل ، لبيان تفسيرات النصارى لمعنى الروح القدس (المحرف) والرد على ذلك ، مع بقية هذه السلسلة .