لماذا نعجز عن انتقاد الكبار
خالد حربي
انتقاد الكبار البعض يعتبرها تجرد ..والبعض الاخر يعتبرها عيب خطير
حتى نعرف الاجابة لابد ان نحدد معني "كبار"
الكبار لفظ يمثل السلطة او القدوة .. والإنسان يتدرج في مراحل نموه العقلي والوجداني والأخلاقي تماما كما يتدرج في نموه الجسدي
والفرق بين الاثنين ان النمو الوجداني والأخلاقي يحتاج لتربية خاصة وعناية فائقة لا ترتبط بالنمو الجسماني
هناك تجربة شهيرة علمية شهيرة خاصة بهذا الشأن أجريت على أسرتين تتكون كلا منهما من والديين وابن صغير وأخر أكبر وكلاهما تحت سن 12 سنة
في كلتا الاسرتين كلف الابناء بمهام متساوية .. لكن في الاسرة الاولى تم مكافأة الابن الصغير بهدية كبيرة والكبير بهدية صغيرة
وفي الأسرة الثانية تم العكس
وبعد عدة أيام جلس علماء النفس يناقشون الأبناء
فقالوا للابن الكبير الذي حصل على هدية صغيرة بخلاف أخيه الصغير الذي حصل على هدية كبيرة رغم تساوي مهامهما
إلا ترى أنك ظلمت ؟ .. لماذا حصل الصغير على هدية أكبر منك ..لقد اخطاء والديك بلا شك
فرد الكبير بالدفاع المستميت عن والديه وبرر تصرفهما أنه كبير وحصل على هدايا كثيرة من قبل أما أخيه الصغير فهو حديث عهد بالهدايا
وفي الاسرة الثانية وجه نفس الكلام للصغير الذي حصل على هدايا صغيرة فرد بنفس المنطق الذي يبرر أفعال الوالدين قائلا: أنا صغير فتناسبني الهدية الصغيرة وأخي الكبير تناسبه الهدية الكبيرة ..وأنا امامي وقت طويل احصد فيه الهدايا عكس اخر الكبير الذي لن ينال هدايا بعد وقت قصير .!
جلس العلماء لتحليل الموقف وخرجوا بالنتيجة التالية :
أنه في مرحلة الطفولة تكون السلطة الأبوية الكبار" هي كل شيء بالنسبة للطفل وهو لا يستطيع ان يتصور انها تخطئ لان هذا يعني بالضرورة ان الحياة ذاتها تخطئ وان لا شيء صحيح اخر .
الاطفال في هذه المرحلة غير قادرين على تجزئة المشاعر المواقف وبالتالي هو واقع تحت المطلق ..فالمثل الاعلى او السلطة او القدوة بالنسبة للطفل تحت سن 12 سنة اما مصيب في كل شيء او مخطئ في كل شيء
وبالتالي هو مجبر عقليا على تبرير كل تصرفاتهم لان رؤيته مطلقة و يدرك لا يستطيع مواجهة الحياة بدونهم .
النمو الجسدي والعقلي لا يعني ابدا النمو الاخلاقي والوجداني ..ولهذا تجد الكثير من البالغين يتعاملون مع الكبار بعقلية الاطفال دون الثانية عشر.
الاحكام المطلقة والنظرة الكلية التي تجرد الكبار من انسانيتهم وتضعهم في مكانة النموذج الاسمي المنزه على العيوب والذي يمثل المساس به مساس بحياة الصغير نفسه .
كثير من الشباب توقف نموهم الوجداني والاخلاقي عند سن الثانية عشر واذا كان عدم اعترافهم بهذا هو مشكلة ..فان الازمة او الكارثة حين يدرك الكبار هذه الخلل ويحاولون استغلاله لتقديس ذواتهم واضفاء العصمة على افكارهم وسلوكياتهم !
ما يتغافل عنه هؤلاء ان هذه الحالة الطفولية في التعامل مع القضايا المصيرية والهامة للأمة هو سبب كل كوارثها تقريبا .
ليس فقط بل انه يسلب هذه الامة اهم مميزتها وخصائصها التي تضمن لها الاستمرارية على الحق بعد توقف الوحي .