التوحــــيد


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واجزه ياربنا
خيرَ ما جَالزى نبيًّا مِنْ أنبيائهِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ وعلى كلِ رسولٍ أرسلَهُ أمَّا بعدُ فيَا عبادَ اللهِ أُوصيكُمْ ونفسيَ بتقوَى اللهِ العليِ العظيمِ، يقولُ اللهُ تعالَى في كتابهِ العزيزِ: ï´؟فَاعْلَمْ أنّه لا إلـهَ إلا اللهُ واستغفرْ لذنبِكَ وللمؤمنينَ والمؤمناتِï´¾ سورة محمّد.
ï´؟فَاعْلَمْ أنّه لا إلـهَ إلا اللهُï´¾ قُدِّمَ الأمرُ بمعرفةِ التَّوحِيدِ عَلَى الأَمْرِ بِالاسْتِغْفَارِ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ مَعْرِفَةَ التوحِيدِ إِشَارَةٌ إلَى عِلْمِ العَقِيدَةِ. لذَلِكَ قَالَ الشافعيُّ رضيَ اللهُ عنهُ: "أحْكَمْنا هذا قبلَ ذاكَ" أيْ عِلْم التوحيدِ قَبلَ فروعِ الفِقْهِ ولذلكَ قالَ الإمامُ أبو حنيفةَ رضيَ اللهُ عنهُ: "اعْلَمْ أنَّ الفِقْهَ في الدِّينِ أَفْضَلُ مِنَ الفِقْهِ في الأحْكامِ" وإنَّمَا سُمِّيَ عِلْمَ التوحيدِ لأشهَرِ مَبَاحِثِهِ وَهِيَ تَوْحِيدُه تَبَاركَ وتعَالى في الذِّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ وَعَدَمِ مُشَابَهَتِه لِشَىْءٍ مِنْ مَخْلوقَاتِه.
فاعلَمْ أخي المسلمَ، إذا قالَ لكَ قائلٌ مَنْ تعبدُ؟ فقلْ أَعْبُدُ اللهَ الذي لا إلـهَ إلاَّ هوَ، لا إلـهَ إلا اللهُ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلا اللهُ، لا أحدَ يستحقُّ العبادةَ إلا اللهُ أَيْ لا أَحَدَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةَ التَّذَلُّلِ إلاَّ اللهُ الذِي لَيْسَ مُتَحَيِّزاً في الأَرْضِ وَلا في السَّمَاءِ، رَبُّنا لا يسْكُنُ الأرضَ ولا السماءَ، كانَ قبلَ الأرضِ والسماءِ وَكُلِ العَالَمِ، كَانَ قَبْلَ المكانِ وَالزَّمانِ وَهُوَ الآنَ كَمَا كَانَ.
فَاللهُ تَعالَى لا يَتَغَيَّرُ وَاسْمَعُوا مَعِي هَـذَا الدليلَ المفحِمَ على أنَّ اللهَ لا يتغيَّرُ وهُوَ أنَّ إبراهِيمَ الخليلَ عليهِ السَّلامُ لما رَأَى الكوكبَ قالَ لقَوْمِه الذِينَ يَعبُدونَ الكواكبَ مِنْ دُونِ اللهِ وَكانَ قَوْلُه هذَا رَدًّا عليهِمْ وحُجَّةً أقامَها عليهِمْ قالَ لهُمْ: ï´؟لا أُحِبُّ الآفلينَï´¾ سورة الأنعام/76. أَفْهَمَهُمْ أنَّ هذا الكوكبَ لا يستحقُّ العبادةَ لأنّهُ يَأْفُلُ يعنِي يَغيبُ يعنِي يَتَغيَّرُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ يعني مُحتَاجٌ لِمَنْ يُغَيِّرُهُ والمحتاجُ عاجِزٌ والعَاجِزُ لا يَصِحُّ في العَقْلِ أنْ يكونَ إلـهاً. كثيرٌ مِنَ الناسِ لا يَعْلَمُ مَعْنَى الآيةِ ï´؟اللهُ الصمَدُï´¾ سورة الإخلاص/2. أيِ اللهُ لا يحتاجُ إلى غيرهِ هوَ المستَغْنِي عَنْ كُلِ مَا سِواهُ الْمُفتَقِرُ إليهِ كلُّ مَا عَداهُ فَربُّنا يُغَيِّـِرُ ولا يتغيَّـرُ كانَ قبلَ المكانِ بِلا مَكَانٍ وبعدَ أنْ خَلَقَ المكانَ هوَ موجودٌ بِلا مَكَانٍ.
وهُنا سأقِفُ وِقْفَةً لأقولَ إنَّ بلالاً الحبَشِيَّ مُؤَذّنَ رسولِ اللهِ تعرَّضَ للضَّرْبِ والجَلْدِ والإهانةِ وأَبَى إلاَّ أنْ يَقُولَ أَحَدٌ أَحَدٌ، أَحَدٌ أَحَدٌ، ونحنُ نُعَلِّمُ هذهِ العقيدَةَ الْحَقَّةَ هذهِ العقيدَةَ المحمَّدِيَّةَ الأشعريَّةَ ونأبَى إِلا أَنْ نقولَ اللهُ موجودٌ بِلا مَكانٍ، اللهُ موجودٌ بِلا مَكانٍ، وَاللهُ تعالى لا يُمكنُ تصويرُه في القلبِ لأنهُ لا شَبِيهَ له في الموجوداتِ. فقدْ قالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "مهمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ" أيْ لا يُشْبِهُ ذلكَ.
فإنْ قالَ لكَ مشبّهٌ مجسّمٌ كيفَ نعبُدُ مَا لا نَستَطِيعُ أنْ نَتَصَوَّرَهُ. يُقَالُ لهُ مِنَ المَخلُوقِ مَا لا نستطيعُ أنْ نتصوَّرَهُ لكِنْ نؤمنُ بهِ وهُوَ أنَّ النُّورَ وَالظَّلامَ لم يَكونا، فَلا يستطيعُ أحدٌ مِنَّا أن يَتصوَّرَ في نفسِهِ كيفَ يكونُ وقتٌ ليسَ فيهِ نورٌ ولا ظلامٌ ومعَ هذا واجبٌ علينا أنْ نؤْمِنَ بأنّهُ مضَى وقتٌ لم يكنْ فيهِ نورٌ ولا ظلامٌ لأنَّ اللهَ تعالى قالَ: ï´؟الحمْدُ للهِ الذي خَلَقَ السمـواتِ والأرْضَ وجَعَلَ الظّلماتِ والنورَï´¾ أيْ خَلَقَ الظلماتِ والنورَ أيْ أَوجَدَ الظلامَ والنّورَ بعدَ أنْ كانَا معدومَينِ فبالأولى عنِ اللهِ الذي قالَ عنْ نفسِهِ ï´؟ليسَ كمِثْلِهِ شىءٌï´¾ لا يُتصوَّرُ في الوَهْمِ ولا تحيطُ بهِ العقولُ.
أيُّها الأحبّةُ المسلمونَ الصائمونَ إنَّ ممّا يُفسِدُ الصيامَ الوقوعَ في الردَّةِ والعياذُ باللهِ ولَوْ كانَ جَادًّا أوْ مازِحًا أوْ غَضبانَ، وأُذَكّرُكُمْ بأنْ تكْسروا أنفسَكُمْ وتمنعُوهَا مِنَ الغضَبِ والتوتُّرِ في أثناءِ الصّيَامِ. والردَّةُ هيَ قَطْعُ الإسْلامِ إمَّا بقولٍ أوْ بفعْلٍ أوْ باعتقادٍ. إمَّا بقولٍ كسَبِ اللهِ أوْ نبيٍ أوْ مَلَكٍ كسيّدِنَا عَزرائيلَ عليهِ السلامُ. أوْ بفعْلٍ كرَمْيِ المصحفِ في القاذوراتِ أو باعتقادٍ كاعتقادِ أنَّ اللهَ جسْمٌ والعياذُ باللهِ.
ومَنْ كانَ وقعَ في شىءٍ مِنْ هذا لا يعودُ إلى الإسلامِ إلا بالشهادتيِن أَشهَدُ أنْ لا إلـهَ إلا اللهُ وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ. أمَّا مَنْ بقيَ على الكفْرِ والضلالِ على غيِر الإيمانِ فهذا لا صيامَ لهُ . اللّـهُمَّ لا تجعَلْ مصيبتَنا في دِينِنا، اللّـهُمَّ إنّا نسألُكَ حبَّكَ وحُبَّ مَنْ يحبُّكَ والعمَلَ الذي يبلّغُنَا حُبَّكَ، اللّـهُمَّ اجعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إلينا مِنْ أنفُسِنا وأهْلِنَا والماءِ الباردِ، اللّـهُمَّ اقْبَلْ مِنَّا صيامَنا وقيامَنا وركوعَنا وسجودَنا يا رَبَّ العالمين يَا اللهُ. هذا وَأَستغْفِرُ اللهَ ليْ ولَكُمْ.
أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ. لا شَكَّ إخْوةَ الإيمانِ أنَّ هناكَ الكثيرَ مِنْ عِلْمِ العقيدةِ يجبُ على كُلِ مسْلمٍ بالغٍ أَنْ يتعلَّمَهُ، لذلكَ احرصُوا على المواظبة على تعلم العقيدة، فواللهِ الواحدُ مِنَّا لا يقوَى على جمرةٍ مِنْ جمراتِ الدنيا، كيفَ يقوَى على نارٍ وَقودُها الناسُ والحجارةُ اللّـهمّ أجِرْنا منها يا رَبَّ العالمينَ. فوقايةُ النفسِ والأهْلِ مِنْ هذهِ النارِ تكونُ بتعلُّمِ ما أوجَبَ اللهُ علينا معرفتَه مِنْ عِلْمِ الدِينِ.
واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ: ï´؟إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًاï´¾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا .