قصيدة الواعظ الأندلسي في مناقب أم المؤمنين الصديقة عائشة رضي الله عنها

ما شَأنُ أُمِّ المؤمنين وشَانيِ


هُدِي المُحبُّ لها وضلَّ الشَّانيِ

إنِّي أقُول مُبينِّاً عنْ فَضْلها
وَمُترجماً عَنْ قَوْلِها بلسَانيِ

يا مُبْغِضِي لا تأْتِ قَبْر مُحَمَّد
فالبَيتُ بَيتي والمكَانُ مَكَانيِ

إِنَّي خُصصْتُ عَلى نِسَاء مُحَمَّدٍ
بِصَفَاتِ بر تَحْتَهُنَّ مَعَانيِ

وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضائِلِ كُلِّها
فالسَّبْقُ سَبَقي والعنَانُ عِنَانيِ

مَرَضَ النَّبيُ وماتَ بينَ تَرَائِبي
فاليومُ يَوْمِي والزَّمَانَ زَمَانيِ

زَوْجي رَسُولَ الله لَمْ أَرَ غْيرُهُ
اللهُ زَوَّجَني بِهِ وحَبَانيِ

وأتاهُ جبريلُ الأمين بصُورتي
فأَحبَّني المُخْتَارُ حِينَ رآني

أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرَّهُ
وضَجِيعُه في مَنْزِلي قَمَرانِ

وَتَكَلَم الله الْعَظِيمُ بِحُجَّتِي
وَبَراَءتي فِي مُحْكَمِ القُرآنِ

والله خَفْرَني وعَظَّمَ حُرْمَتِي
وعلى لِسَانِ نَبيِّهِ بَرَّانيِ

والله في القرآن قد لعن الذي
بعد البراءة بالقبيح رماني

واللهُ وَبَّخ مَنْ أراد تَنَقَّصي
إِفكَاً , وسَبَّحَ نَفْسَه في شَانيِ

إنّي لَمحصَنَة الإِزارِ بَريِئَة
ودليلُ حُسن طَهَارَتي إحْصاني

والله أحصنني بخاتم رُسله
وأذل أهل اَلإفك والَبهتانِ

وسَمعْتُ وَحْي الله عِنْدَ مُحَمَّدٍ
من جِبْرَئِيلَ وَنُورُه يَغْشَانيِ

أَوْحَىَ إِلَيْهِ وَكُنْتُ تحْتَ ثِيَابِهِ
فَحَنَى عليَّ بِثَوبِه وخَبَّانَي

مَنْ ذَا يُفَاخِرُنيِ وينْكر صُحْبَتِي
ومحمَد في حجْرِه رَبَّاني

وأَخَذتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ
وَهُما على الإِسلامِ مصْطحِبانِ

وأبي أَقَام الدِّين بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فالنَّصلُ نصلي والسِّنان سِنَانيِ

والفَخْرُ فَخْرِي , والخِلاَفَةُ في أبي
حَسْبي بِهذا مفْخَراً وكَفاني

وأنا ابنَةُ الصِّدِّيق صاحِبِ أَحْمَدٍ
وحَبِيبهِ في السِّرِّ والإِعلانِ

نَصَرَ النبيِّ بمالِهِ وفِعَالِه
وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِنَ الأوطانِ

ثانيه في الغارِ الذي سَد الكُوَى
بِردائِهِ , أَكْرِم بهِ مِنْ ثاني

وجَفا الغنى حتَّى تَخَلَّل بالعَبَا
زاَهْداً وأَذْعَنَ أَيَّما إِذْعَانِ

وَتَخلَّلتُ مَعَهُ مَلائِكِةُ السَّما
وَأَتَتْهُ بُشرى اللهِ بالرِّضوانِ

وهو الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمةَ لائمٍ
فيِ قَتْل أهل الَبغْيِ والعُداونِ

قَتَل الأُولى مَنَعوا الزَّكاة بكُفْرِهِم
وَأَذَل أَهْلَ الكُفَر والطُّغيانِ

سَبَقَ الصَحَابَة والقَرَابَةَ لِلهُدى
هو شَيْخُهُمُ في الفضلِ والإحْسانِ

والله ما استَبَقُوا لِنَيلِ فضيلةٍ
مِثْلَ استباقِ الخيلِ يَومَ رِهانِ

إلا وطار أبي إلى عليائها
فمكانه منها أجل مكان

ويل لعبد خان آل محمد
بعداوة الأزواج والأختان

طوبى لمن والى جماعة صحبه
ويكون من أحبابه الحسان

حب البتول وبعلها لم يختلف
من ملة الإسلام فيه اثنان

أكرم بأربعة أئمة شرعنا
فهم لبيت الدين الأركان

بين الصحابة والقرابة ألفة
لا تستحيل بنزعة الشيطان

نسجت مودتهم سدى لحمه


فبناؤها من أثبت البنيان

رحماء بينهم صفت أخلاقهم
وخلت قلوبهم من الشنآن

هم كالأصابع في اليدين تواصلاً
هل يستوي كف بغير بنان

الله ألَّف بين ود قلوبهم
ليغيظ كل منافق طعان

فدخولهم بين الأحبة كلفة
وسبابهم سببٌ إلى الحرمان

حصرت صدور الكافرين بوالدي
وقلوبهم ملئت من الأضغان

وإذا أراد اللهُ نُصرة عبده
من ذا يطيق له على الخذلان

جمع الإله المسلمين على أبي
واستبدلوا من خوفهم بأمان

من حبني فليتجنب من سَبني
إن كان صان محبتي ورعاني

وإذا محبي قد ألفظَّ بمبغضي
فكلاهما في البغض مستويان

إني لطيبة خلقت لطيب
ونساء أحمد أطيب النسوان

إني لأم المؤمنين فمن أبى
حُبي فسوف يبوءُ بالخسران

الله حببني لقلب نبيه
وإلى الصراط المستقيم هداني

والله يكرم من أراد كرامتي
ويهين ربي من أراد هواني

والله أسأله زيادة فضله
وحمدته شكراً لما أولاني

يا من يلوذ بأهل بيت محمد
يرجو بذلك رحمة الرحمن

صلْ أمهات المؤمنين ولا تحد
عنا فتسلب حلة الإيمان

إني لصادقة المقال كريمةٌ
إي والذي ذلت له الثقلان

خذها إليك فإنما هي روضةٌ
محفوفة بالروح والريحان

صلى الإله على النبي وآله
فبهم تتم أزاهر البستان