تفسير الإنجيل بالقرآن (9)
عبادة المسيح لله
النص الأول: " وابتعد يسوع عنهم قليلا ، وسجد ووجهه إلى الأرض وبدأ يصلى .." (متى: 39:36)
النص الثانى: " وابتعد ثانية ليصلى فقال : يا أبى ،إن لم يكن من الممكن عبور هذا الكأس عن ، بل ينبغى أن أشربها ، فلتكن مشيئتك . ثم عاد ثانية فوجدهم نياما ، لأن النعاس أثقل عيونهم . فتركهم وذهب مرة ثالثة ليصلى فقال الكلمات نفسها التى قالها أولا " (متى: 26-45:42)
النص الثالث: " وابتعد يسوع عنهم قليلا ، وجثا على الأرض وصلى أن تتجاوزه ساعة الألم هذه إن كان ممكنا " (مرقس: 14- 35)
النص الرابع : " وفى تلك الأيام خرج يسوع إلى جبل ليصلى ، وأمضى الليلة فى الصلاة " (لوقا: 12:6)
النص الخامس: " وكان يسوع يصلى فى مكان ما " (لوقا: 1:11)
هذه خمسة نصوص إنجيلية ، تبين صلاة المسيح لله عز وجل ، ولا شك أن الرجل ما كان يصلى لنفسه ، ذلك لأن الصلاة مع كونها عبادة ، فهى كسائر العبادات قربة إلى الله عز وجل ، ولا يتقرب أحد لنفسه ، ولا يعبد أحدا نفسه.
وانظر النص الآتى :
" لكن عندما تصلى ، ادخل إلى غرفتك وأغلق بابك ، وصل إلى أبيك فى السر ، وأبوك الذى يرى ما يحدث فى السر ، سيكافئك " (متى: 6:6)
ترى فيه المسيح يأمر بعبادة الله بالصلاة ، ويرتب على الصلاة مكافئة
فجنس العبادة- الصلاة – التى أمر المسيح أن يتعبد بها الناس إلى الله ، هى نفسها التى كان يفعلها المسيح .
وإذا لم يؤمن النصارى ، بثبوت عبودية المسيح لله فى الإنجيل ، فهم فى ورطة عقلية لا يخرجون منها ، وتتمثل هذه الورطة العقلية ، فى أننا لو حاولنا تفسير النصوص السابقة ، وفق عقيدة القوم الباطلة ، كان الآتى :
أن الله ، صلى لنفسه ، ليكافىء نفسه ، بالنجاة من النار ودخول الجنة ، وغير ذلك من العطايا .
وكأن الله يقول ، صليت لى ، وطلبت منى أن أرحمنى ، وأن أغفر لى ، وأن أقضى حاجاتى ... إلخ ؟؟
لو كنت ممن يصدق ذلك ، فأنا لا أكلمك أنت ، إنما أكلم غيرك .
قال تعالى : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا } [مريم:27-30]
قدر الله سبحانه للمسيح ابن مريم أن يتكلم بالتوحيد ، فى المهد ، وذلك لعلم الله عز وجل أن هناك خلق كثير سيضلون فيه ، وبسبب ميلاده المعجز .
مع أن المسيح نطق ليبرئ أمه من تهمة الزنا ، فكان المتوقع أن ينطق بما يبرؤها ، ولكنه نطق بما يرد افتراء النصارى فيه ، فى المستقبل .
فسبحان الله علام الغيوب .
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.