دور الطبيب المســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلم

دراسة منهجية

الجزء الثاني

طالبات الطب
ينطبق عليهنّ ما ذُكِر أعلاه وزيادة.. فهنّ على ثغرٍ عظيم و مطالبات أكثر من غيرهنّ بالحفاظ على حيائهنّ وحشمتهنّ ، وهنّ مطالبات بتصحيح وضع الطبيبة المسلمة وأن يكنّ طبيبات داعيات بأخلاقهنّ وتعاملاتهنّ.. ، وكم من طالبة طب بخلقها وحيائها و علمها و ذكائها سحرت الألباب ، فكانت داعية مسدّدة تنشر الخير أينما حلّت و أينما ذهبت في المجامع الدعوية النسائية ، و هذه بعض التوجيهات:
1- الحفاظ على الحجاب الشرعي الكامل والتمسّك به في مختلف الظروف، فهو بحدّ ذاته دعوة ، فلتستشعر الطالبة أنها في حالة عبادة ما دامت ترتديه ، بل و بعض الطالبات تذكر أن حجابها الشرعي الكامل كان ومازال أداة دعوية صامتة للمريضات والزميلات.
2- التمسّك بخلق الحياء المحمود وعدم تعريض النّفس لما يخدشه بل ينبغي لطالبة الطب أن تبتعد عن كل جارح وناقص للإيمان، فتتجنّب الاختلاط في أروقة المستشفى والأجنحة بدون غرض تعليمي، وأن تغضّ بصرها وتحافظ على الأدب و عدم الخضوع بالقول في خطابها أستاذها.
3- الصبر والاحتساب واستشعار عظَم الأجر والمسئولية فيما تواجهه من صعاب أو تلاقيه من مواقف.
4- الرّفع للمسؤولين في كل أمرٍ منكر تتعرّض له ، وتكون قويّة في الحق، لا تقدّم التنازلات في دينها مهما كان، فهي تتعبّد لله بطلبها هذا العلم ، وغيرتها في الحق و امتناعها عن كل منكر دين تدين الله به ، وأمر محمود .
5- أن تُعنَى عناية خاصة في إتقان ما يتعلّق بطبّ النساء ، ليس طب النساء والولادة فحسب، بل كل ما يصيب النّساء من أمراض وكيفية التعامل معها، فهي لم تدخل هذا المجال إلا للقيام بفرض كفاية وسدّ حاجة النساء الشرعية للطبيبات المسلمات.
6- العناية عناية خاصة في دعوة الزميلات ،خاصة في مسألة الحجاب الشرعي و مخاطبة الرجال والتعامل معهم، ودعوة المريضات ونصحهنّ عن رؤية بعض المخالفات الشرعية منهنّ، بل وتوعية العاملات في المستشفى بشأن الحجاب ودعوتهنّ إلى الدين الصحيح في أماكن وأوقات تجمعهنّ، وقت الغداء مثلاً.
7- الحرص على الاتصال بالداعيات والإفادة منهنّ دعوياً في عقد دروس في مصلى النساء والطالبات في المستشفى، و دعوة الزميلات إليها.
8- مصاحبة الخيّرات من داخل وخارج الحقل الطبّي ، والاستفادة من خبرات من سبقنهنّ من الطبيبات الملتزمات واستشارتهنّ في كل ما يعرض لهنّ .
حديث قلب إلى طالبة طب
تستصعبين الطريق..؟!! لن يريد الأمر أكثر من حماسٍ للخير.. ! ونفسٍ معطاءة تحمل همّ الدين والدعوة إليه..! و جنّان متّقد بحبّ العقيدة ونشر الفضيلة..! تهتمّ بمعالي الأمور! و تترفّع عن رذائلها! نفس تتوق للسموّ ..! للعلياء..! تعانق بعطائها السماء..! لن يحتاج الأمر أكثر من نفسٍ ترين في عينيها سحر المُستقبل المشرق للطبّ الإسلامي..! وتلتمسين من كلماتها عُمق الحماس والاعتزاز بالإسلام والغيرة على شعائر الدّين..!من ملامحها يختطّ الطموح سبيله..! و بصدقها وإخلاصها تفعل المستحيــــــل..!اهتمّي ببناء ذاتك..! و املئيها بالإيمان والرضا..! زوّديها بالعلم والحكمة..! فإذا تكلّمتِ أسمعتِ..! وإذا أعطيتِ وجدتِ..!حينها سينعكسُ غنى نفسكِ..! وجمال ذاتكِ..! وسعة أفقكِ..! ورغبتكِ الصادقة في الإصلاح ..! على من حولك..! في مجتمعكِ..! وستجدين آثارها يوماً بعد يوم..! فتسعدين بها وتسعد بكِ..! وتتمتمين حينها لك الحمد ربنا حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمدُ بعد الرضى..! تأمّلي هذا الهدف.. الطبيبة الداعيـــــة..! اغرسيه في ذهنك.. ! وازرعيه في قلبك..! امتثليه في حياتك..! و قوّمي من أجله نهجك..! و لتصدّقه كلماتكِ ومظهركِ..! وستُفلِحِين بإذن الله..! وما أعذَبَ العُقبَى وإنْ نلنا في الدّرب ما نلنا من معوّقات وعقبات! أخيّتي المباركة..! لا يؤخّر سيركِ في هذا الدرب كثرةُ الهلكى..! انظري لمن نجى .. كيف نجى..! تأملي أسباب النجاة واعتصمي بها..! وتذكري أن لا نجاة لنا إلا بـ ( إن هذا الدين يهدي للتي هي أقوم).. و ( عضّوا عليها بالنواجذ)..!تأمّلي (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) نعم أخية.. كيف ينجح في الامتحان من لم يدخله أصلاً؟!!!أسأل الله لي ولكِ الثبات حتى الممات.. كم تنشرح النفس وتسعد وتطمئن برؤية أمثالكِ وسط هذا الغثاء! أحيي فيكِ هذه الحماسة، وأسأل الله أن نلتقي على دروب العزّة حاملاتٍ للواء ومدافعاتٍ عن حقّ أمّـتنا في طبٍّ إسلامي لا امتهانَ فيه للعورات، ولا استهتار فيه بالمحرّمات! طبّ إسلامي يكون فتحاً في العالمين بإذن الله ..!
زملاؤك الأطبـــاء.. كيف تدعوهـــــم..؟
نفوس الأطباء من أيسر النفوس لتقبل الدعوة ، كما هو مشاهد فـي كلـيـات الطب من كثرة الصالحين عند مقارنتها على سبيل المثال بكليات أخرى مثل الآداب أو الاقـتصاد أو غيرها ، فالطب وعلومه يدعو إلى التأمل في خلق الإنسان: مـرضـه وصـحـته، حياته موته.. كما أنهم - أي الأطباء - أعلم الـنـاس بـقـدرة الله علـى تـحـريـك أي خـلـيـة تسبب مرضاً سرطانياً، أو انقباضاً شريانياً يودي بحياة الإنسان، أو فيروساً يضع المريض في موقف القائل :
وحسب المنايا أن يكن أمانياً *** كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً
و دعوتهم مـن أوجـب الواجبات لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة)) ، وهم أولى الناس بها لأنهم زملاء العمل ورفاق الـمـهـنـة ، يـعـيـش الإنسان بينهم أكثر مما يعيش مع أهله أو أقاربه ، ومن الغريب أن تجد بعض الصالحـيـن مـن الأطـبـاء شــعـلـة من النشاط مع عامة الناس خارج المستشفى وفي ذات الوقت ليس عندهم ما يقدمونه داخـل المستشفى، فـتـظـهـر الازدواجية بكل معانيها وما يترتب عليها من سلبيات.كـمـا أن فـي دعـوة هؤلاء الزملاء إقامة للحجة ، كما قال الله عز وجل : (( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) (الأعراف:164) .ولا شـك أن فـي الـتـعـاون على البر والتقوى مع هؤلاء الزملاء خيراً كبيراً في نشر المعروف وإزالة المنكرات التي تعج بها المستشفيات.
ومن وسائل دعوتهم:
1- أن يخصص الطبيب المسلم لهؤلاء وقتاً يجلس لهم فيه، يـراعـي فـيه أن يكون مناسـباً للجميع، ولا يتعارض مع وقت العمل ، حتى لا يكون هناك تضييع لحق المرضى، وكلمة فيها من الجدية الشيء الكثير.
2- السعي في حاجاتهم الدنيوية : من مساعدة في العمل ، وبالذات ما يتعلق بالمناوبات وحل للمشاكل ، وعطف ومشاركة فـي الهموم .
3- القدوة الحسنة في أمور الدنيا والدين.
4- الزيارة المنزلية لما فيها من التحبب ورفع الكلفة.
5- الهدايا الحسية مثل : الأشرطة والكتيبات بل قد تكون كتباً طبية أو حتى قلماً الخ..
6- الهدايا المعنوية : من ذكرهم بالخير ، والإشادة بالمبرزين في حقول اختصاصهم بالحق.
7- الاحترام ، الابتعاد عن التفاهات ، الترفع عن التكالب على أمور المعاش ، الابتعاد عن تصيد الأخطاء.. هذه وغيرها أمور ينبغي أن يتحلى بها الداعية عند دعوته لزملائه.
لماذا يجب أن نتفاءل بنجاح الدعوة في المستشفيات..؟
الدعوة في المستشفيات يمكن أن تنجح أكثر من أي مكان آخر، فعلى العاملين في المجال الطبي التفاؤل بنجاح دعوتهم – بإذن الله – وذلك للأمور التالية:
1- أن الشريحة التي تدخل المستشفيات ليست بالعموم هي التي تحضر المحاضرات والدروس أو صلاة الجماعة.
2- أن المريض يكون في حالة ضعف ، و له أذنٌ صاغية لكل ما يمليه عليه الطبيب.
3- تعلّق المرضى بالأطباء فهم يرون فيهم المنقِذ.
4- كثرة الأطباء فلا يوجد في المملكة أكثر من 200 داعية مسجّلين في وزارة الشئون الإسلامية في حين أنه يوجد عدد لا محدود من الأطباء فلو أصبحوا أطباءً دعاة لرأينا النتيجة.
5- أن هناك من النّاس من يعيش في الحضر أو البادية، منهم من يستوحش الحضور للمساجد، ويجلبه المرض للمستشفى.
6- أن المستشفيات غير مهيأة للدعوة وإنما للتطبيب فيحسُن بالمطبب أن يكون داعية يقوم بواجبه تجاه دينه.
7- إطلاع الطبيب على أسرار المريض ، وأمور من فسادٍ ومعاصٍ لا يصرّح بها المريض غالباً إلا للأطباء.
8- أن سهم الدعوة الذي يتهرّب منه المريض فيبتعد عن المساجد ومواطن الدعوة ؛ قد يصيبه من طبيب ماهر وداعية موفّق.
9- كثرة الأطباء الذين تظهر عليهم سيما الخير والصلاح والمظهر الصامت بحد ذاته دعوة، فكيف إذا تكلم فأحسن ووعظ فأدّب وقال فأجاد..؟!، فالقدوة الصالحة أعظم وسيلة صامتة ومتحدثة، قائمة وقاعدة، ساكنة ومتحرّكة.
مرضـــــاك .. كيف تدعوهم..؟
• احتسب الأجر عند الله وحده عند علاجهم لقول الله تعالى : (( وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )) (المائدة:32) ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- : "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة". وإن أصابك من وراء علاجهم شهرة أو كسب مادّي فهو فضل من الله ، لا تغترّ به .
• الصبر عليهم عند علاجهم ، وبالذات على كبار السن توقيراً لهم ، وعلى الأطفال رحمة بهم ، وعلى الملهوفين في الحالات الطارئة ، لقوله -صلى الله عليه وسلم- : "في كل ذات كبد رطبة أجر".
• ادع لهم ، و اطلب الدعاء منهم : وبالذات من الضعفاء منهم الذين لا يملكون إلا الدعاء ، وقد يكون فيهم من لو أقسم على الله لأبره.
• انصحهم، وبالذات في قضايا العقيدة من رقى وتمائم وأحجبة وغيرها ، والمريض يكون عادة في حالة من الضعف يتقبل فيها ما يشير عليه الطبيب ، ثم حضهم على الصلاة والحجاب وغير ذلك ، ويجب ترتيب الأولويات في الدعوة ، فمثلاً قد يبدأ الطبيب بِحَثِّ المريض على عدم التدخين على الرغم من مقارفة المريض لشركيات وكبائر ينبغي البدء بها أولاً.
• تفقد أحوال المرضى مع الطهارة وأداء الصلاة.
• تذكيرهم بالله ، وذلك عن طريق رد النتائج إلى الله عز وجل ، وأن الطبيب ما هو إلا أحد الأسباب التي تجري عليها أقدار الله.
• السؤال عن أحوالهم في البيت وعن أولادهم أو آبائهم ، والتلطف معهم مما يؤدي إلى تكوين علاقة شخصية ودية ليس فيها طابع الرسمية ، بشرط البعد عن المبالغة في رفع الكلفة ، الأمر الذي قد يؤدي إلى الابتذال المذموم.
• إعداد بعض الأشرطة أو الكتيبات وإهدائها إلى هؤلاء المرضى. فيمكن للطبيب أن يحمل مطويات تتعلق بالمرض ، ويمكنه أن يدلّ المريض إلى كتب تناسبه في حال مرضه ، لأن المريض عنده وقت فراغ كبير.
• احترام المريض والمحافظة على حقوقه , ومن ذلك : الاهتمام بفهم المريض لمرضه وخطة علاجه مع تقدير رأي مريضه وإشعاره بالاهتمام به , وشرح النواحي الطبية بأسلوب مفهوم ومبسط حتى لا يكون هناك مجال للقلق أو سوء الفهم لبعض الفحوصات المطلوبة أو طريقة العلاج مع أخذ إذن المريض قبل الإجراءات الطبية , ومراعاة الضوابط الشرعية في الكشف على المرأة عند الضرورة , وعدم كشف العورة للرجل أو المرأة إلا عند الضرورة , وكذلك حفظ وقت المريض وتقدير ظروفه والتزاماته الأسرية وعمله ودراسته , والاهتمام بحفظ سر المريض وفق الضوابط الشرعية , مع الاهتمام بالدعاء والرقية الشرعية للمريض , فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول : " اللهم رب الناس أذهب البأس , اشف أنت الشافي لا لشفاء إلا شفاؤك , شفاء لا يغادر سقماً " [متفق عليه]. وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسمه , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل : بسم الله – ثلاثاً – وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر "[رواه مسلم] .
• تذكيرهم بقراءة القرآن والرقية الشرعية و الأذكار.
• إذا قدر أن أحد المرضى حضر أجله فيجب أن تلقنه شهادة أن لا إله إلا الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ))، ولكن التلقين يكون برفق، فلا تقول له يا فلان قل لا إله إلا الله لأن أجلك قد حضر، ولكن يمكن أن تذكر الله عنده ، فإذا ذكرت الله عنده تذكر. و إن كان كافراً تقول له قل لا إله إلا الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب حين حضرته الوفاة: (( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله )) ، وقال للغلام اليهودي في المدينة وقد عاده النبي صلى الله عليه وسلم وقد حضر أجل الغلام فعرض عليه الإسلام فالتفت الغلام إلى أبيه كأنه يستأذنه فقال له:( أطع أبا القاسم)، فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الحمد لله الذي أنقذه من النار))
• احتسب الأجر في زيارة المريض ،فقد كان الصحابة يذكر بعضهم بعضاً بهذا. جاء في حديث ثوير عن أبيه أخذ علي بيدي فقال انطلق بنا إلى الحسن بن علي نعوده فوجدنا عنده أبا موسى الأشعري، فقال علي لأبي موسى عائداً جئت أو زائراً؟، فقال علي: إن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ولا يعوده مساء إلا صلى عليه سبعون ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة )) (27).
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ عَادَ مَرِيضًا مَشَى فِي خِرَافِ الْجَنَّةِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِي الرَّحْمَةِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وُكِّلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ذَلِكَ الْيَوْم)) رواه مسلم.
• تذكّر في كل زيارة للمريض في سريره قوله صلى الله عليه وسلم : ((ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي)) ، وما أجمل أن تُوضَع في لوحة صغيرة وتعمّم على جميع غُرَف المرضى.
• يمكنك تشغيل بعض الأشرطة النافعة في العيادة ليسمعها من ينتظر دوره في الكشف، على أن تُراعي أن يكون المتحدّث ذا أسلوب حَسَن سلس ، مع التنويع في مادة الأشرطة ومراعاة أحوال المرضى؛ فلا ترفع الصوت عالياً ، و تعمل على إيقاف التشغيل إذا كان الصوت يضايقهم. و يمكنك أن تضع بعض الكتيبات صغيرة الحجم، مركّزة ، ومنوّعة ، عن الصلاة.. التوبة.. حب الله.. فضل الذكر.. ، وبعض المطويّات والمجلات النافعة. كما يمكنك أن تضع لوحة في حجرة الاستقبال يُوضَع عليها كل يوم آية أو حديث يحضّ على سلوك معيّن.
• احرص على تطييب خاطر المرضى بالكلمات الطيبة كـ (( لا بأس طهور إن شاء الله ))، وتذكيرهم بفائدة المرض وأنّه كفّارة وطهور لهم.
دعوة أقارب المريض:
وينطبق عليهم ما ذكر آنفاً ، إضافة إلى وجوب حرص الطبيب على الجلوس معهم ومقابلتهم لشرح حالة المريض لهم ، وبالتالي التأثير عليهم من خلال مناصحتهم.
كيف تدعو العاملين في المستشفى..؟
والمقصود غير الأطباء من ممرضين وفنيين وإداريين وسائقين وغيرهم ، وهناك أمور منها(30) :
• مراعاة التركيز على كل الطبقات ، فلا ينبغي استصغار أحد لجنسه أو وظيفته أو غير ذلك.
• الاهتمام برؤساء الأقسام ممن فيهم سيما الصلاح ، لأنهم أهل الحل والربط ، وقد ينفع الله بهم من خلال تعميم لا يكلف بضع دقائق مما يوفر الجهد والوقت.
• الاهتمام بغير المسلمين بدعوتهم وتقديم الكتب والأشرطة إليهم ، ومعاملتهم معاملة تقربهم إلى الإسلام ، ولا تنفرهم منه بضوابطها الشرعية ، وقد أثمرت هذه الجهود في كثير من المستشفيات ، ورأينا أن الكثير من هؤلاء العاملين قد دخلوا في الدين الله أفواجاً ، ويكفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)).
• الحذر عند التعامل مع النساء ، من المبالغة في التحادث بحجة الدعوة أو حتى العمل الطبي ، مما قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من معاصٍ وفتن أو سوء فهم.
دعوة الإدارة
وهم كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)) وبيدهم - بعد الله - الإصلاح أو التسبب في الفساد العريض ، لذا كان من الواجب الاهتمام بدعوتهم من خلال الكتابة لهم ونصحهم مع استخدام أسلوب مناسب مع المترددين منهم ، وينبغي أن يشارك في هذا الأمر كل غيور على دينه حريص على دنياه وآخرته ، مع استخدام أسلوب التخويف بالله والترغيب فيما عنده ، أما الصالحون من الإداريين فينبغي التحبب إليهم ومساعدتهم والوقوف بجانبهم ودعمهم معنوياً. والحرص على شكرهم وتشجيعهم عند إصدارهم أي قرارات إيجابية .
دعـــوة بلا حـــدود
أطباء بلا حدود التي تجوب الأرض، من أقصاها إلى أقصاها، تنشر مبادئها وأوبئتها ، ليست بأحسن حال من الطبيب المسلم الداعية الموحّد الذي يملك جناناً متقداً وحماسة للعمل الدعوي لا حدود لها ، فينبغي له أن يتجاوز حدود مشفاه ومدينته ودولته في عمله الطبي الدعوي بشكل لا يطغى على واجباته الطبية والأسرية.

ويمكن للطبيب أن يجعل يوماً في الأسبوع أو الأسبوعين للمبرّات الخيرية ، عبارة عن عمل إنساني في عيادة مصغّرة، فلعل الله أن ينفع بها خاصّة وأن أكثر الأمراض والمعاصي الفتّاكة من مخدرات و غيرها تكون في الفقراء، فتكون زكاة علمٍ لعلّ الله أن ينفع به . ويمكنه كذلك أن يخصص أسبوعين في السّنة للدعوة والطب في الأقطار المحتاجة للإغاثة والعلاج والدّعوة.

كم هو جديرٌ أن ينهض عددٌ من الأطباء للتخطيط لمشروع المستشفى الطبي الطائر ضمن مؤسسة خيرية رسمية، وأن يعدّوا دراسة متكاملة عنه، ثم يكوّنوا له هيئة استشارية ومجلس إدارة ، وعدداً من الدعاة ، وفريقاً طبياً في مختلف التخصصات، ثم يعد ترتيب محدد لزيارة البلدان الفقيرة وغير الفقيرة في أصقاع الدنيا ، مع الاستفادة من خبرة رابطة العالم الإسلامي ومكاتبها و المؤسسات الإسلامية الخيرية الأخرى، ويتم من خلال هذا المشروع تقديم الخدمات الطبية والدعوية، ليتحقق من خلال ذلك دعوة غير المسلمين، وإن كانوا مسلمين أغنوهم عن منّة النصارى وابتزازهم ، وجنّبوهم التشكيك في الدّين والصدّ عنه.
فن تغييـــر المنـــكر
عندما يرى الطبيب المسلم منكراً من المنكرات في المستشفى أو في محيط عمله أو في طريقه فإنه يتذكر واجباً شرعياً وركناً أساسياً وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيسعى في إنكار المنكر بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه بشرط أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والتزام الرفق واللين والبعد عن الغلظة ورفع الأصوات وإثارة الآخرين ، وألا يترتب على ذلك مفسدة ، فالمسلم مأمور بالتوجيه والإرشاد وليس عليه تحقيق النتائج فإن التوفيق والهداية بيد الله عز وجل.

وهذا الجانب يحتاج إلى فقه الداعية في أساليب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وألا تترك هذه إلى اجتهادات شخصية بل يجب أن يكون ذلك وفق أدب وأخلاق المسلم المتفقه في دينه الذي يدعو إلى الله على بصيرة، ولعل مما يساعد على ذلك ما أنشأته وزارة الصحة حديثاً من مكاتب دينية في المستشفيات للقيام ببعض هذه المهمات وفق أسس وأنظمة المستشفى حتى لا يترتب على ذلك مفاسد .

ويجب الحذر من السكوت عن المنكرات ، فإن ذلك قد يؤدي إلى استمرائها ، ومـــن ثــم الانحراف والنكوص على الأعقاب والله المستعان.
الطبيبــة التي نـريد
نريدها طبيبةً داعية، والطبيبة الداعية ينطبق عليها ماذكرنا ، فهي أولاً امرأة مسلمة، والدّعوة إلى الله والعمل الإسلامي لا يقتصر على قطاع الرجال فقط بل لابد من النساء القيام بهذا الواجب في مختلف مواقعهن، المرأة في ذلك مثل الرجل تماماً، بل قد يكون دور المرأة في الدعوة إلى الله أخطر لأن المرأة هي المدرسة الأولى للأجيال، فإذا صلحت صلُح المجتمع.

ومما يؤكد لنا أهمية وضرورة ممارسة المرأة للدعوة وجود نصوص من الكتاب والسُنَّة تفيد اشتراك المرأة مع الرجل في خطاب التكليف كقوله تعالى: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(آل عمران:104) . كذلك وجود نص صريح خاص بتكليف النساء بالدعوة كقول الله تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم : ((وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً))(الأحزاب:34) .

وقد تكون الطبيبة أعظم مسئولية من غيرها من النّساء لأنها الأكثر علماً ولأن البعض قد يقتدي بها ولمخالطتها المجتمع بأكمله على اختلاف طبقاته ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه)). وبالمقابل فإن تحقيق هذا الواجب في حق الطبيبة سهل ولله الحمد فالناس يتقبلون من الطبيب مالا يتقبلون من غيره ، والطبيب يأتي إليه الناس دون أن يكلّف نفسه عناء الذهاب إليهم.

الطبيبة الداعية تعلم أن الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء و باب للأجر تستطيع أن تبني به جبال من الحسنات ولأن يهدي بها الله امرأة واحدة خير لها من حمر النعم.

الطبيبة الداعية تعلم أن الدنيا معبر لدار المستقر و تعلم أنها محاسبة على كل صغيرة وكبيرة.

الطبيبة داعية بأخلاقها وتعاملها، داعية بحجابها و حشمتها،داعية بحيائها وامتثالها للأوامر الإلهية مهما كلفها ذلك، داعية بلسانها ومالها، داعية بسنّها السنن الحسنة و الصلابة في الحق و عدم تقديم التنازلات وأن لا تخاف في الله لومة لائم، داعية بتغييرها المنكر .

الطبيبة داعية بنشرها الخير وأمرها بالمعروف بين زميلاتها، الطبيبة داعية بتواضعها و تسامحها و نصح مريضاتها، الطبيبة داعية بتفقيههن بأحكام الطهارة والصلاة وتذكيرهن بتجديد التوبة واللجوء إلى الله والتوكل عليه.

الطبيبة الداعية تعلم أن النصرانية ما انتشرت إلا على كفوف الأطباء فتسعى حثيثة لأن تقدم الدعوة للدين الحق والعلاج بل وتحرص على دعوة من يخالطنها في مجال العمل من غير المسلمات.

الطبيبة الداعية مشعل هداية في مواجهة العقبات و آفات الطريق، بدأت بنفسها فربتها، وأصلحت شأنها، سلاحها التقوى، شكرت نعمة الله أن هداها و رزقها الثبات في زمنٍ يموج بالفتن والشهوات والشبهات.

الطبيبة الداعية تقوم بالعمل لهذا الدين ، علماً وتعليماً ودعوة وأمراً بالمعروف و نهياً عن المنكر، وتبذل في ذلك الغالي والنّفيس.

الطبيبة الداعية تصبر نفسها مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه الله، الطبيبة الداعية تحتسب ما قد تلاقيه من صنوف الأذى فهي داعية قبل أن تكون طبيبة، بل داعية وهي على مقاعد الدراسة في كلية الطب.

الطبيبة الداعية أدركت أهمية العلم الشرعي فسعت حثيثة في طلبه فهي تعلم أنها متى ما أخلصت النية فالله تعالى يبارك في أوقاتها وعملها .

الطبيبة الداعية تعلم أنها مطالبة بإتقان عملها و تحتسب هذا العمل فتقلب عملها ودراستها إلى عبادة تثاب عليها.

الطبيبة الداعية تعلم أن الطب أرض خصبة للدعوة ، لإنارة المشاعل ، لهداية الحائرين ، الطب طب للأرواح قبل الأبدان .. طب للنفوس والأفئدة التائهة .. علاج للقلوب المضطربة .. إنارة لدروب الحيارى بآي القرآن..!!.

الطبيبة الداعية داعية بحفاظها على التوازن و إعطاء كل ذي حق حقه في حياتها العلمية والعملية و حقوقها الأسرية تجاه زوجها وأولادها وأهلها.

الطبيبة الداعية أمل الأمة فلتعد كل طالبة طب نفسها لتكون هي ولتنشط كل طبيبة لتدارك ما فاتها.

هل فكّرت في عملِ بر وخيرٍ وأجرٍ غير منقطع في بيئة عملكِ أو دراستك..؟

هذا شتاتٌ متفرّق من أفكار دعوية مناسبة لبيئة المستشفيات، نحسب إن سُخّر لها عاملاً مخلصاً متفانياً أن تؤتي أُكلها وثمارها اليانعة بإذن الله، ولا يلزم أن يقوم بها الأطباء بأنفسهم لضيق وقتهم وانشغالهم وإنما يوجّهون من يقدرون على تطبيقها:
• توزيع الأشرطة و المطويات النافعة وتعليق المجلات الحائطية ، ومتابعتها بالمواضيع والأطروحات الدعوية النافعة والمتجددة ومراعاة انتقائها ومناسبتها حسب البيئة والزمان .
• عمل مكتبة إسلامية مصغرة مقروءة وسمعية ومرئية بالغتين العربية والإنجليزية ، لتنمية الثقافة الإسلامية وتعليم الإسلام الصحيح ودعوة غير المسلمين .
• إيجاد مكتبة صوتية إسلامية تجارية على هيئة كشك أو محل في صالة الاستقبال ونحو ذلك ، تُأجر على إحدى التسجيلات الإسلامية ، ويباع فيها الشريط الإسلامي ، و الكتيب الإسلامي ، والمجلات الإسلامية فقط . وفي هذه الفكرة خير عظيم إن شاء الله تعالى .
• إلقاء الكلمات الوعظية في المساجد والمصليات التابعة للمستشفى ، والدروس العلمية ، المحاضرات والندوات.
• إقامة الندوات العلمية الطبية التي تبين إعجاز الله في خلق الإنسان .
• تبصير الناس بالأمراض الناتجة عن معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
• التنسيق مع مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات في إعداد المحاضرات الإسلامية باللغتين في قاعة المحاضرات بالمستشفى ، كما يمكن تخصيص بعض المحاضرات للنساء وباللغتين.
• إعداد قناة صوتية موزعة إلى غرف المرضى مرتبطة بإذاعة القرآن الكريم ، تسمع عن طريق سماعات الرأس لتفادي التشويش على الآخرين ، مع إمكانية توزيع الجدول الشهري لبرامج إذاعة القرآن الكريم في أماكن مختلفة في المستشفى بصفة دورية ، كما يمكن عن طريق القناة الصوتية عرض بعض الأشرطة الصوتية في فضل الصبر على المرض والابتلاء وأحكام المرضى وزيارتهم وما يعينهم في أمور دينهم ودنياهم .
• إعداد مسابقة إسلامية خاصة بالموظفين لزيادة الوعي الشرعي ، ومسابقة خاصة بغير المسلمين تتلخص في الإجابة على أسئلة عن الإسلام في أوراق معدة مع كتيب ومطوية عن الإسلام ويمكن أن يضاف إليها شريط بلغتهم ، ويتم وضع جوائز تشجيعية للمتسابقين ، والهدف هو إطلاعهم على نقاط حساسة عن الدين الحق والغاية من الحياة ودعوتهم بصورة غير مباشرة .
• توزيع المجلات الإسلامية التربوية الهادفة التي تراعي مستوى العامة والمثقفين وأفراد الأسرة ، حيث يمكن الحصول على كميات كبيرة من الأعداد السابقة بأسعار دعوية زهيدة جداً لنشر الفائدة ، ومن ثم توزيعها في أماكن الانتظار في المستشفى وفي غرف المرضى .
• وضع لوحة خاصة لطرق الاستفادة الإسلامية من شبكة الإنترنت لتثقيف الموظفين في هذا الجانب ، ولإرشاد غير المسلمين لمواقع تعليم الإسلام الصحيح بلغاتهم .
• إعداد هدية الولادة وهي عبارة عن هدية شبيهة بالتي تقدم من قبل بعض الشركات في بعض المستشفيات وما تحمله من أدوات للمولود والمولود له ، ولكن تُرفَق بشريط و كتيب عن تربية الأبناء وحقوقهم ، مع تهنئة رقيقة كـ (( بورك لك في الموهوب وشكرتَ الواهب وبلغ أشده ورزقت برّه )).
• وضع رقم خاص للخدمات الشرعية في المستشفى يتصل عليه المرضى أو الموظفون في حال رغبتهم في الاستفسار عن شيء من أمور دينهم ، حيث يتم توجيههم مباشرة، أو الاستفسار لهم وربطهم بالعلماء الموثوقين.
• تعليق الجدول الشهري لأوقات الصلاة في أماكن متفرّقة في المستشفى يستفيد منه من فاته سماع الأذان لنوم أو انشغال، والتأكد من وجود ما يشير إلى جهة القبلة الصحيحة في غرف المرضى.
• تعليق لوحات تحتوي على تعليمات مختصرة في صلاة المريض وطهارته.
• إقامة دورات شرعية للأطباء والممرضين في الفقهين ، الأكبر العقيدة ، والأصغر الأحكام.
• تقديم الهدايا النافعة للمرضى بعد شفائهم وبها كتيبات ومطويات دعوية.
نحو عملٍ طبّي برؤية إسلاميّـــة
1-الدعوة إلى الله واجب الجميع وتتأكد في المجال الطبي.
2- الحرص على عدم التهاون في تطبيق الشريعة الإسلامية.
3- عقد لجنة لإعداد منهج شرعي إلزامي لطلبة الطب و بعدد مقرر من الساعات في الضوابط الشرعية لمهنة الطب.
4- السعي إلى تخصيص كليات طب للنساء والولادة و تحت إشراف أساتذة الطب الموثوق من أمانتهم والتزامهم.
5- السعي لبناء مراكز صحية غير مختلطة وعمل دراسات ومخططات لذلك و جعل شروط لفتح المراكز الصحية تحقق الفصل.
6- التقليل من الاستقدام وتوظيف غير المسلمين.
7- التعاقد في تخصص النساء والولادة مع النساء.
8- الاعتناء بالجاليات المسلمة في المستشفيات وإقامة الندوات والمؤتمرات الشرعية لهم.
9- دعم مكاتب التوعية الدينية للمستشفيات ، وإمدادهم بالكوادر الطبية الشرعية والتأكيد على أن من واجباتها المرور على المرضى بصفة يومية وتعليمهم شئون دينهم من طهارة وصلاة وغيره وحضور كل حالات الاحتضار.
10- توثيق الأعمال الدعوية فنحن نعاني من الفردية في الأعمال الدعوية، فلابد من التوثيق والنشر بين الأطباء.
11- تفعيل القرارات والتعاميم الصادرة والاستفادة منها ( بخصوص الحجاب الشرعي – منع التدخين – منع الخلوة – منع الاختلاط – صلاة الجماعة .....) ، و ترجمتها بلغات العاملين في المستشفى.
12- مشاورة الأخيار من الأطباء ، فاتباع الكِبر والغرور قد يؤدي إلى بعض الاجتهادات الخاطئة التي قد تفسد ما بناه الآخرون ، والله عز وجل أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالشورى فقال : ((وشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) (آل عمران:159) .
أملٌ وعمــــــل
إن ما يُرى ويسمع في هذه الأزمنة يشرح الصدور ويبهج النفوس ،أعني بذلك إقبال كثير من شباب المسلمين على دراسة الطب علماً وعملاً فاستغلظ ذلك النبات واستوى على سوقه ، فرأينا شباباً ورجالاً صالحين تبوَّؤا المناصب وزاحموا أعداء الأُمة وأثبتوا أنهم محل الثقة وكانوا أحق بها وأهلها . فتعلموا وعلِموا فعملوا وعلّموا فنفعهم الله ونفع بهم ، فجمعوا لمرضاهم بين طب القلوب وطب الأبدان ، فكان الدواء ناجعاً والأثر نافعاً . فهنيئاً لنا بهم ولتسعد بل ولتفخر تلك الصحوة بهم ، فهم على ثغر عظيم وجبهة واسعة ولزاماً علينا أن نشاركهم في آمالهم وآلامهم . أعانهم الله وسدّد خطاهم وبارك في جهودهم . وليعلموا أن مكانتهم مرموقة منزلتهم عالية ، بل إن بعض الفتاوى الشرعية تُبنى على ضوء ما يقررونه ويقولونه.

هذا غيض من فيض، لكن؛ ليتذكر كل طبيب أن الله قد خلقه لعبادته ، وأن الحياة ليست عبثاً ولا معطفاً أبيض وسماعة فحـسـب ؛ بل هي جهاد واحتساب حتى يأتي الله بأمره ، وأن الأمة تنتظر منه أن يحـمـــل هم الدين عنها - في مجاله على الأقل - في عصر اجتمعت فيه أمم الكفر على ضرب الإســـــلام عن قوس واحدة ، ولا ينسى أنه قد قطع من العهود والمواثيق بينه وبين الله أثناء دراســتـه على مقاعد الكلية أن يقوم بأداء مهمته خير قيام حال تخرجه ، قال تعالى: ((ومِنْـهُـــم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّــن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وتَوَلَّوْا وهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وعَدُوهُ وبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)) [التوبة75-77] نعوذ بالله من سخطه وأليم عقابه.
الطب والدّعوة.. قرينان
لنعترف بتقصيرنا ولنجدّد النيّة..، لنترك التعامل مع المرضى على أنهم حالات ولها أرقام فقط، بل كإخوانٍ لنا في الدّين، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. لنمثّل الإسلام في صورنا، في كلماتنا و حركاتنا و سكناتنا ولباسنا، و معاملاتنا ، بحسن الخلق وإصلاح النفس. لنكن دعوة تمشي على الأرض.

ما نحن إلا زرّاع .. نضع البذور ونلقي بها هنا وهناك.. نستبشر خيراً بالنماء و ظهور الثمار.. وفي ذات الوقت لا يصيبنا الغم والانتكاسة والتردد في حال فشلنا، فهناك بذور كامنة قد تعطي الغراس ولو بعد حين ، وهناك زروع فيها خير ، قد تعطي الثمار ولو بعد ألف من السنين.

الزموا الصبر..، فالصبر خلق النبيين.. و أداة الدعاة والمصلحين.. ، ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )) ( الأحقاف:35). فالصبر أصل عظيم .. وأحسب أن من وصل هذه المنزلة ؛ منزلة الصابرين قد قطع أغلب المهمة ((وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))(لأنفال:46) .. ولتعلّموا هذه الفضيلة مرضاكم.

رغم ما قد تلاقونه من إعراض و نفور ؛ إياكم والضعف والخور و السقوط في براثن الانهزامية، قد تكون أداة الإنقاذ شريط أو كتاب أو كلمة.. ، المهم إياكم والتخاذل والتردد ((فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ))(آل عمران:146) .

تعلموا كيف تمتلكون القلوب والأفئدة، كيف تكونون محبوبين ، كيف تخالطون الناس على مختلف توجهاتهم وأفكارهم، كيف تحاورونهم، كيف تحادثونهم، كيف تقنعونهم، كل ذلك باللين والبشاشة والابتسامة والكلمة الطيبة والعطاء غير المحدود.

عليكم بالدعوة على بصيرة، فاطلبوا العلم ولتكن دعوتكم على علم ويقين وبرهان و أدلة شرعية وعقلية ، و كونوا سبباً في إحياء سنة وإماتة بدعة و تأملوا سيرته صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى أن يخبر الجن والإنس أن هذه هي سبيله في الدعوة : ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ))(يوسف:108) .

عليكم بالصحبة الصالحة الناصحة تستشيرونها وتصبركم على ما تلاقونه وتشاركون بعضكم في الأفكار والنقاش ، وليكن لكم شيخكم أو داعية تثقون فيه و تستشيرونه فيما يشكل عليكم.

لا تنسوا الدعاء..، ما أحوجكم أن تقفوا بين يدي الله داعين طالبي الرحمة والمغفرة والهداية، لليل سهام لا تخطيء ، فلا تهملوا هذا الأصل فهو سلاح عظيم أهمله البعض نسياناً.

لا تحقروا من المعروف شيئاً..! ، و لا تستعجلوا الثمرة ، و تأكدوا أن الثمرة تحصل وإن كان القبول جزئياً.

اعلموا أنكم لست أوصياءً على الناس، ولستم محاسبين على تقصيرهم ، اعملوا جهدكم، ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))(النحل:125) ، ((فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ))(الزمر:41) .
بيدكم المفتــــاح
أعلم أنني أثقلت عليكم بهذه الكلمات ، ربما سمعتموها وقرأتموها في مكان غير هذا المكان ، ولكن هي المفتاح.. ، نعم.. انظروا كيف أنه بالمفتاح الصغير نفتح أعظم وأكبر الأبواب ..!!
كونوا أنتم المحرِّكين لا المحرَّكين.. كونوا المفاتيح.. ليكن كل واحدٍ منكم طبيباً داعية.. لا يثنيه عن عزمه نفور البعض وانتقادهم واستهزاءهم..، استعلوا واستشعروا العزة و ثبتوا أنفسكم على الطريق و سيروا على بركة الله و اصبروا صبراً جميلاً ، فالعاقبة للمتقين!.
قد يكون الطريق مليء بالشوك.. بالرماح .. بالمعوقات والعقبات.. ، وقد تكون البداية صعبة .. مؤلمة.. محرقة.. ولكن تأكدوا أن النهاية ستكون بإذن الله مشرقة!.
اخدموا الإسلام بآرائكم.. بأقلامكم.. بأوقاتكم.. بأموالكم .. بجهودكم.. بعلمكم.. بعملكم..
ليكن لسان حالكم إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى.
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم