باب سلطان المسيح على الشريعة

في هذا الباب يريد البابا ان يقول ان للمسيح سلطان على الشريعة وليس هناك من له سلطان على الشريعة سوى الله ، لذلك فالمسيح هو الله نفسه .

يقول البابا :

1 الشريعة هي شريعة الله. والوصايا هي وصايا الله.

وقد منح الله الشريعة منذ البدء. وهو الذي سلمها مكتوبة لموسي النبي (خر20).

2 ولكن السيد المسيح وضع لنا شريعة العهد الجديد.

في العظة على الجبل، وفي قوله لتلاميذه " وصيه جديدة أنا أعطيكم..." (يو13: 34) وفي كل التعاليم الروحية التي تركها، وقيل إنه فيها " كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتيبة" (متى7: 28).

الرد :

يستدل البابا بقول المسيح "وصيه جديدة أنا أعطيكم" بأن المسيح قد وضع شريعة جديدة ، وكما تعودنا وللإنصاف ، لنراجع دليل البابا في سياقه الاصلي لنعرف ما هي هذه الوصية الجديدة هل هي شريعة جديدة فعلا أم ماذا ؟

يو-13-34: وصية جديدة أنا أعطيكم: أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا.
يو-13-35: بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان لكم حب بعضا لبعض)).

إذاً ، الوصية الجديدة ليست شريعة جديدة كما يريد البابا ان يوهم القاريء ، بل هي وصية للتلاميذ والمؤمنين بأن يحبوا بعضهم بعضا ، وهي ليست جديدة
تماما ، إذ ان المسيح قد وصى بها أو في الحقيقة قد ذكر بها الناس لآنها موجودة أصلا في التوراه :

مت-22-35: وسأله واحد منهم ، وهو ناموسي ، ليجربه قائلا :
مت-22-36: ((يا معلم ، أية وصية هي العظمى في الناموس؟))
مت-22-37: فقال له يسوع: ((تحب الرب إلهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ، ومن كل فكرك.
مت-22-38: هذه هي الوصية الأولى والعظمى.
مت-22-39: والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك.
مت-22-40: بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء)).

نعم ، فهنا المسيح يذكرهم فقط بالوصية الموجودة أصلا في التوراه وليس في الأمر أي شريعة جديدة كما يوحي البابا .

بل ان المسيح قد قال صراحة وبكل وضوح أنه لم يأت ليلغي الناموس بل ليكمل :

مت-5-17: ((لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل.
مت-5-18: فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.
مت-5-19: فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا ،يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم ،فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات.

أما قول البابا "وقيل إنه فيها " كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتيبة" (متى7: 28) ، فنقول ان سلطان المسيح مستمد من الله كما اعترف هو من قبل
كما انه من الطبيعي ان الانبياء مكلفين من الله بإبلاغ الناس بأي تغييرات في الشريعة او الوصايا مستمدين هذا السلطان من الله ، بدون ان يقال أن هذا السلطان بسبب طبيعتهم اللاهوتية كما ورد في متى :

مت-7-28: فلما أكمل يسوع هذه الأقوال بهتت الجموع من تعليمه،
مت-7-29: لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة.

نعم ، كان المسيح يعلمهم ليس كالكتبة ولكن كمن له سلطان ، لآنه فعلا له سلطان من الله ببيان اي وصية إلهية جديدة في زمانه .
حتى القرآن الكريم قد ذكر ذلك في سورة أل عمران :


وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ {50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {51}

وهنا القرآن يبين ان المسيح كان يستطيع ان يحل لليهود بعض الذي حرم عليهم ‘ أي له سلطان فعلا لكنه مستمد من الله ، ولذلك اعقب هذه الآية بتذكيرهم
بأن الله هو ربه وربهم ، أي ان سلطانه ومرجعه هو الله وليس له سلطان مطلق على الشريعة .

وقد اعترف المسيح من قبل بأن الكلام الذي يعلمهم إياه ليس له بل سمعه من الآب :

يو-14-24: الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي. والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني.

إذاً ، ما يقوله المسيح ليس من عند نفسه ، بل من عند الآب ، لذلك فهو يتكلم كمن له سلطان ، وقد كان ، ولكنه مستمد من الآب كما أكد هو نفسه .

وهذا الكلام السابق ينطبق على قول البابا :


يتضح في عبارته العجيبة القوية التي تكررت مراراً في العظة على الجبل " سمعتم إنه قيل للقدماء... أما أنا فأقول لكم..." (متى5: 22، 27، 32، 34، 39، 44). ليس لأحد مطلقاً سلطان كهذا على شريعة الله، إلا الله وحده.

إذاً ، عبارة " سمعتم إنه قيل للقدماء... أما أنا فأقول لكم" ، هي من باب السلطان الذي اعطاه الله للمسيح على الشريعة .
بل ان المسيح بدوره قد أعطى للتلاميذ سلطان الحل والربط وهم مجرد بشر (بحسب انجيل متى) :


مت-18-18: الحق أقول لكم: كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء ، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء.

ها هم التلاميذ لهم ايضا سلطان على الشريعة ، فلماذا لم يعتبروا ألهة ايضا طالما كان هذا هو المقياس ؟

وأخيرا قول البابا :

لم يجرؤ إنسان مطلقاً أن يتكلم هكذا عن الشريعة " أما أنا فأقول لكم".. بل كان موسي والأنبياء يستخدمون عبارة " يقول الرب"... ولا يمكن أن يتحدث المسيح بهذا السلطان " أما أنا فأقول لكم " إلا لو كان هو الله...

الرد :

بل يوجد من هو أقل من الانبياء ويقول (أنا قلت لكم) ، والمثال على ذلك هو آساف اللاوي المرنم في سفر المزامير :

مزمور لآساف

مز-82-6: أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم.
مز-82-7: لكن مثل الناس تموتون وكأحد الرؤساء تسقطون.

هنا نجد ان آساف هذا ليس سوى مرنم ، ومع ذلك يتكلم بصيغة الجزم التي قال البابا أنه لا يجرؤ نبي ان يتكلم بها

الخلاصة :

سلطان المسيح على الشريعة مستمد من الله وليس من كونه لاهوتا .

باب سلطان المسيح على الحياة والموت

يقول البابا :

تحدث السيد عن علاقته بالحياة، فذكر أنه هو نفسه الحياة.

قال " أنا هو القيامة والحياة " من آمن بي ولو مات فسيحيا. ومن كان حياً وآمن بي، لن يموت إلى الأبد" (لو11: 25، 26). وقال أيضاً أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6). فهل يستطيع بشري أن يقول " أنا الحياة والقيامة والحق "؟!

الرد :

ما معنى : " أنا هو القيامة والحياة " ؟
المعنى طبعا مجازي ويفسره بقية العبارة وهي : "من آمن بي ولو مات فسيحيا. ومن كان حياً وآمن بي، لن يموت إلى الأبد"

لآنه هل فعلا على وجه الحقيقة من آمن بالمسيح ولو مات سيحيا ؟ هل من كان حيا وآمن به فلن يموت ابدا ؟
إذا قبلنا المقطع الثاني من العبارة على وجه الحقيقة وليس المجاز فسنقبل المقطع الاول على الرغم من غموضه
ولكننا لا يمكن ان نقبل على وجه الحقيقة ان من آمن بالمسيح فلن يموت ابدا لآن هذا خلاف الواقع .
إذاً ، العبارة على سبيل المعنى المجازي الروحي . إذاً ، أول العبارة ايضا معناه مجازي وقد يعني ان من آمن بالمسيح فسيقام يوم القيامة ويحيا حياة ابدية
كريمة . ولماذا لم يقل المسيح بوضوح : أنا هو الله ؟ بدلا من قوله : أنا هو القيامة والحياة ويترك الناس تختلفون هكذا ؟
البعض يقولون خوفا من اليهود !! فهل يخاف الله من عبيده ؟ وماذا يملك له اليهود ؟ ان يصلبوه ؟ عز الطلب . ألم تكن هذه خطته من الاصل ؟

الخلاصة :
ان هذه العبارات مبهمة ويمكن حملها على أكثر من تفسير . والعقائد يجب ان تؤخذ من المتيقن الواضح من الآيات .

في قول البابا :

وعن سلطانه على الموت، قال عنه الرسول " مخلصنا يسوع المسيح الذي ابطل الموت، وأنار الحياة والخلود" (2تي1: 10). والرب نفسه شهد عن نفسه في سفر الرؤيا قائلاً " ولي مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ1: 18). ويقول " إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يري الموت إلى الأبد" (يو8: 51).

الرد :

استشهد البابا بقول بولس :

" مخلصنا يسوع المسيح الذي ابطل الموت، وأنار الحياة والخلود" (2تي1: 10).

حسنا ، كيف ابطل المسيح الموت ؟ هل منع موت البشر من بعد قيامته ؟ طبعا لا
سيقولون أنه قام من الاموات ، حتى بفرض صحة ذلك ، ما الجديد ؟ كل البشر سيموتون حتما ثم يقومون وهو الذي سيذوقه الجميع حتى المسيح .
وقد سجل العهد القديم بعض الاموات الذين قاموا ايضا من الموت فما هو الجديد ؟


أما عن استشهاد البابا من سفر الرؤيا الذي كان محل جدل كبير بين الكنائس في القرون المسيحية الاولى ، فقد اثبتنا أنه لا يصلح ان يكون مصدرا للعقائد
وهو مجرد رؤيا (الله أعلم بها) من شخص (الله أعلم به) ، بها الكثير مما يناقض الأناجيل كما سبق وبينا في بداية هذا الكتاب .

وما معنى ان من يحفظ كلام المسيح فلن يموت ابدا ؟ تفسير روحي مجازي ؟ نعم ، وكذلك الكلام عن ابطال الموت ومفاتيح الهاوية ، كله مجاز في مجاز .


في قول البابا :

من هذا الذي له سلطان على الموت وعلى الحياة، إلا الله نفسه، لأن كل البشر كانوا جميعهم تحت حكم الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رو5: 12). أما المسيح فهو الذي أبطل الموت...

الرد :

هل قال المسيح ان له سلطان على الموت و الحياة ؟ اللهم لا

ولكن نراجع السياق الذي اقتبس منه البابا :

رو-5-12: من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع.
رو-5-13: فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم. على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس.
رو-5-14: لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي.
رو-5-15: ولكن ليس كالخطية هكذا أيضا الهبة. لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون فبالأولى كثيرا نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين!

بولس يقول ان الموت اجتاز الى جميع الناس بخطية آدم ، فهل بعد الفداء تحرر الناس من سلطان الموت ؟ طبعا لا ، لازال الجميع يموتون حتى بولس الذي
ظن أنه لن يموت حتى يرجع المسيح للعالم مرة أخرى ، بل يتغير لجسد روحي ليقابل المسيح في الهواء بدون ان يذوق الموت .


الطريف ان (رو-5-15) يقول بولس فيها : "بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح "

يعني يشهد ان يسوع المسيح انسان محض ، حتى لو كانت عقيدة الارثوذكس ان يسوع إله متأنس ، فهذا لا يسمى ابدا انسانا .

الخلاصة :
السياق الذي استشهد منه البابا على سلطان المسيح على الموت يثبت أنه انسان .