من أمثال العرب ...
وسأحاول أن أعرض ما تيسر لي من أمثال العرب وشيءٍ من معناها ؛ لما فيها من الفوائد البديعة ,
والمعاني البليغة التي تطرب أسماع محبي لغة الأعراب . وهذه دعوة للأخوة للمشاركة .

- إنَّ الرثيئة تفثأ الغَضَبَ .
الرثيئة : اللبنُ الحامض يُخْلَطُ بالحلو .
الفَثْء : التسكينُ .
زعموا أنّ رجلا نزل بقوم وكان ساخِطاً عليهم , وكان مع سُخطه جائعا فسَقَوْهُ الرثيئة فسكن غضبُه.
يُضربُ في الهَدِيَّة تُورِثُ الوِفَاقَ وإن قلَّت .

- إنَّ وَرَاءَ الأكَمَةِ مَا وَرَاءَهَا .
الأكَمَة : التل .
أصله أن أَمَةً واعدت صديقها أن تأتيَه وراءَ الأكمَة إذا فرغَت من مِهنةِ أهلها ليلا , فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل فقالت حين غلبها الشوقُ : حَبَسْتموني , وإن وراءَ الأكَمَة ما وراءها .
يُضربُ لمن يُفشي على نفسِه أَمْرا مستورا .

لا عطرَ بعد عَرُوسٍ " .
جاء في " مجمع الأمثال " لأبي الفضل النيسابوري :
قَال المفضل : أولُ من قَال ذلك امرَأةٌ من عُذْرَةَ , يُقَال لها : أسماءُ بنت عبد الله ، وكان لها زوج من بنى عمها يُقَال له : عروس فمات عنها , فتزوجها رجلٌ من غيرِ قومِها يُقَال له : نَوْفَل . وكان أعْسَرَ (فقيرا ) أَبخَرَ (لفمِه رائحةُ كريهة ) بخيلا دميمًا ( قبيحَ المنظر ) . فلما أراد أن يَظْعَنَ بها قَالت له : لو أذِنْتَ لي فرثَيْتُ ابنَ عمّي وبكيتُ عند رَمْسِه ( قبره ) . فَقَال : افعلى .
فَقَالت : أبكيك يا عروسَ الأعراس , يا ثعلبًا في أهله وأسَداً عند البَاس ( في نسخة " وأسدا عند الناس " ) مع أشياء ليس يعلمها الناس .
قَال : وما تلك الأشياء ؟
قَالت : كان عن الهمّةِ غيرَ نَعَّاس , ويُعْمِل السيفَ صبيحاتِ الْبَاس
.ثم قَالت : يا عروسَ الأغرَّ الأزهرَ الطيبَ الخِيمِ الكريمَ المَخْبَر ( في نسخة " الكريم المحضر " ) مع أشياءَ له لا تُذكرُ .
قَال : وما تلك الأشياء ؟
قَالت : كان عَيْوفاً للخَنَا والمنكر , طيّبَ النَّكْهة غيرَ أبخرَ , أيسرَ غير أعسرَ . فعرف الزوجُ أنها تُعَرِّض به , فلما رَحَل بها قَال : ضُمِّي إليك عِطْرَك , وقد نظر إلى قَشْوَةِ ( قشوة العطر : وعاؤه ) عِطرها مطروحةً , فَقَالت : لا عطرَ بعد عَرُوس . فذهبت مَثَلاً .
ويُضرب هذا المثل في الاستغناءِ عن ادِّخار الشىءِ ؛ لعدم من يُدَّخرُ له.

ويروى أيضاً : لا مَخْبأ لعطرٍ بعدَ عروسٍ . قيل : أصلُه أنّ رجلاً هُديت إليه امرأة فوجدها تفلةً ، فقال لها : أين الطيب ؟ فقالت: خبّأتُه . فقال ذلك .
وعلى هذا يُضرب في ذمّ ادخار الشيءِ وقت الحاجةِ إليه .

* قطعتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيبٍ .
أصله أنّ قومًا اجتمعوا يخطبون في صُلحٍ بين حيَّيْن قتَلَ أحدُهُما من الآخَر قتيلاً , ويسألون أنْ يرَضوْا بالدِّية , فبينا هم في ذلك إذ جاءت أمَةٌ يُقَال لها : "جَهِيزة " فَقَالت : إنَّ القاتلَ قد ظَفِرَ به بعضُ أولياءِ المقتولِ فقتله , فَقَالوا عند ذلك : " قَطَعَتْ جهِيزةُ قولَ كلِّ خطيب " أي : قد استُغنِيَ عن الخُطَبِ .
- يُضربُ لمن يقطعُ على الناس ما هم فيه بَحَمَاقةٍ يأتي بها .

* أنا كَلِفٌ، وأنت صَلِفٌ، فكيف نأتلِف؟
الكَلَف : العِشقُ والولوعُ بالشيء . يقال: كلِف الرجلُ بكذا يَكْلَف به , فهو كلِفٌ .
والصَّلَف : عدمُ الحُظوةِ . ويقال: صَلِفَتِ المرأةُ , إذا لم تكن لها مكانةٌ عند زوجِها ، فهي صَلِفةٌ , وهن صلائِف .
- هذا المثل يُضربُ للمتباينين في الأخلاق .

استنوق الجمل .

- يُضْربُ مثلاً للرجل الواهنِ الرأيِ ، المُخلِّطِ في كلامِه .
والمثلُ لطَرَفةَ بنِ العبدِ , وكان بِحضْرةِ بعضِ الملوكِ , والمُسَيَّبُ ينْشُدُ شِعْراً، فقال فيه :
وقد أتناسى الهمَّ عند احْتِضارِه ... بناجٍ عليه الصَّيْعَريَّةُ مُِكْدَمِ
بناجٍ , يعني : جملاً .
مُِكْدَم : من الكَدْمَةِ , وهي الوَسْمُ والأثرُ .
والصَّيْعريَّةُ: سِمةٌ [ من الوَسْمِ ] في عُنُقِ الناقةِ خاصةٌ , لم يكن يُوسَمُ بِها إلا النُّوقُ .
فقال طَرَفةُ : اسْتَنْوقَ الجملُ ، أي : صار الجملُ ناقةً ، فغضب المُسَيَّبُ وقال : لَيَقتُلَنَّه لِسانُه ! فكان هلاكُه بلسانه ؛ هجا عمرَو بنَ هندٍ فقتله .

الى اللقاء مع مزيد من الدرر العربية ....