من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    24
    آخر نشاط
    28-11-2007
    على الساعة
    02:05 PM

    افتراضي من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

    من كان يعبد الله فليتأمل هذه الآية العظيمة
    : ( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) سورة البقرة
    (( اللّهُ ))
    بدأت هذه الآية العظيمة بهذا الاسم العظيم الذي تفرد الله به..
    (( اللّهُ ))
    فلا يمكن لأحد أن يتسمّى بهذا الاسم إلا الله تعالى (هل تعلم له سميا)..
    هذا الاسم العظيم الذي تطمئن إليه القلوب، وترتاح إليه النفوس، وتسكن الآلام والهموم.. لما يقول العبد المسلم: اللّهُ!!..
    إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، إذا أتتك المصائب والهموم والغموم، ماأن تقول: الله إلا وتطمئن النفس ويرتاح البال وتهدأ الأعصاب..
    فبدأ الله عز وجل هذه الآية العظيمة باسمه العظيم فكان كالتاج لهذه الآية المباركة..
    ((اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))
    الحي القيوم: هذان الاسمان العظيمان لله تعالى، الذي إذا سُأل الله تعالى بهما أجاب، ما سرُّ هذين الاسمين؟!
    السر فيهما هو تجلي معاني الكمال الذاتي والكمال السلطاني لله تعالى...
    الحيُّ: فالله تعالى الحي الذي لا يموت أبداً، (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال ولاإكرام) ( وتوكل على الحي الذي لايموت)
    القيومُ: القائم بنفسه، الذي لا يحتاج إلى غيره جل وعلا، بل الخلق أجمعون كلهم محتاجون إليه، الناس كلهم فقراء إلى الغني العظيم..
    إذن كمال ذاتيٌ وكمال سلطانيٌ في هذين الاسمين.
    أتأمل حالك -أيها الأخ الكريم- كيف وأنت تردد هذه الآية بخشوع وتمثلٍ لهذه المعاني العظيمة.. ((اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))
    سوف تستشعر أنك بحاجة إلى الله، وأنك لا غنى لك عن الله عز وجل. أما هو فهو غنيٌ عن العالمين ، هو لا يأكل ولا يشرب ، هو يُطعِم ولا يُطعَم، هو يجير ولا يُجار عليه.. جل جلال الله، الله أكبر!!. ردد أيها العبد (( الحي القيوم)) واستشعر تلك العظمة!..
    فإذا كنت تعلم أنك ضعيفٌ و محتاجٌ إلى الله في كل لحظةٍ وفي كل خطوةٍ ومع كل نفسٍ، محتاج إلى توفيقه وإلى ستره وإلى رزقه، فكيف يجرأ العبد الفقير على سيده فيعصيه؟! ثم يعصيه ثم يعصيه ويقع فيما حرَّم ولا يرجع إليه مستغفرا منيباً..
    عجباً لهذا المخلوق! عجباً لهذا الإنسان المتكبر المتجبر! يعلم ضعفه وفقره، ثم يصيبه التكبر و التجبر!!
    ((لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)) أي لا يعتريه أي نوع من أنواع الغفلة ولا التقصير ولا النقص، والنوم صفة نقص، والنوم أقوى من النعاس جاء في الحديث ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)) سبحانه وتعالى، فهو رقيب على خلقه، بيده هذا الكون لا يغفل عنه لحظة جل جلاله!
    ((لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ))
    كل ما في هذا الكون لله، الخلق ..كل شيء، ما في السموات وما في الأرض، فكل شيء له لله الواحد الأحد، استشعر ضعفك يا عبد الله، فعند المصيبة تقول إنا لله وإنا إليه راجعون، هل تستشعر حقاً أنك لله وأنك إليه راجع؟!، ومن كان لله وأنه إليه راجع وواقف: كيف سيكون حاله مع سيده وهو يردد آية الكرسي ؟!.
    ((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ))
    أي من عظمته -جل وعلا- لا يجرأ أحدٌ -مهما كان- أن يشفع عند الله إلا بإذن الله!!
    رسول الله على جلالة قدره لا يشفع عند الله إلا بإذن الله. يوم القيامة يسجد النبي الكريم تحت العرش ولا يرفع رأسه حتى يقول الله له: (( يا محمد قلْ واسمع ،وسلْ تعط، واشفع تشفع))
    أين الشفعاء؟ ..أين أصحاب الملك؟.. أين المتكبرون والجبارون؟!!
    ((يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ))
    يعلم ما أمامهم مستقبلاً وما وراءهم، والمقصود إحاطة علمه بأمورهم الماضية والمستقبلية.
    ((وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء))
    أي لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه أي بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. المقدار الذي يشاؤه نوعاً وقدراً.
    ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ))
    أي كرسيٍّ هذا الذي يسع السموات السبع والأراضين السبع!!
    ما هو الكرسي؟
    كثيرٌ من الناس يظن الكرسي هو العرش وهذا ظنٌ خاطئ، فكما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما الكرسي ((هو موضع قدمي الرحمن!!! )) فلا إله إلا الله! سبحان الله!
    السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي -موضع قدمي الرحمن!!- كحلقة أُلقيت في فلاة، درهم أُلقي في صحراء..
    فكيف تكون إذن عظمة العرش!!
    وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة!
    فكيف هي إذن عظمة الله تعالى العظيم جل جلاله!!
    هنا يمتلئ القلب تعظيما لله تعالى، هنا يستشعر المسلم عظمة هذه الآية، فتهزه وترجه لما يقرأها صباح مساء..ولا يملك إلا أن تسيل دمعته على خديه تعظيماً وحباً ورهبةً لله العظيم...
    ((وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا))
    لا يعجزه حفظهما ولا يتعبه أمرهما...
    ((وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ))
    وهو العلي بذاته جل وعلا، هو العلي علو ذاتٍ .. علو قهرٍ.. علو قدر..
    هذه هي اللذة الرائعة لهذه الآية التي هي أعظم آيات الله جل وعلا وتبارك وتعالى جده!!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    7,696
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    09-08-2017
    على الساعة
    09:57 AM

    افتراضي

    اقتباس
    هذه هي اللذة الرائعة لهذه الآية التي هي أعظم آيات الله جل وعلا وتبارك وتعالى جده!!
    اعظم اية
    والقران كلة عظيم
    ان هو الا وحى يوحى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    2,286
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-11-2014
    على الساعة
    06:18 PM

    افتراضي


    جز اكى الله خيرا اختى حور ية الا سلام
    فالله سبحانة وتعالى هو لا يغفل ولا ينام يسلم الية المسلم امورة فى الحيا ة كلها فتطمئن جوا رحة وقلبة لا انة سلم امرة الى القوى العزيز
    ولذالك فقد كان عمر بن الخطاب ينام فى عين الشمس تحت ظل شجرة ولا يخشى احد الا الله
    ولذالك امرنا الر سول بان نستعيز بالله من الجن وشر ما خلق فنحن لا نستطيع ان نو اجة الجن بقو تنا وا سلحتنا ولا كننا عندما نستعيز بالله تطمئن قلو بنا لا اننا تر كنا الا مر الى القادر سبحانة وتعالى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    34
    آخر نشاط
    19-05-2008
    على الساعة
    11:19 AM

    افتراضي

    دعونا نقف بالتأمل الآن عند قوله الحق:

    " الله لا إله إلا هو".

    إن كلمة " الله " هي علم على واجب الوجود. وعندما نقول: " الله " فإن الذهن ينصرف إلى الذات الواجبة الوجود. ما معنى " واجبة الوجود "؟

    إن الوجود قسمان:
    1- قسم واجب.
    2- وقسم ممكن.

    والقسم الواجب: هو الضروري الذي يجب أن يكون موجودا، والحق سبحانه وتعالى حين أعلمنا باسمه " الله " أعطانا فكرة على أن كلمة " الله " هذه يتحدى بها ـ سبحانه ـ أن يسمى بها سواه. ولو كنا جميعا مؤمنين لكان احترامنا لهذا التحدي نابعا من الإيمان. ولكن هنا كافرون بالله ومتمردون وملحدون يقولون: " الله خرافة "، ومع ذلك هل يجرؤ واحد من هؤلاء أن يسمي نفسه " الله " ؟
    لا يقل أحد هذا ، لأن الله تحدى بذلك ، فلم يجرؤ واحد أن يدخل في هذه التجربة. وعدم جرأة الكفار والملاحدة في أن يدخلوا في هذه التجربة دليل على أن كفرهم غير وطيد في نفوسهم ، فلو كان كفرهم صحيحا لقالوا: سنسمي ونرى ما يحدث، ولكن هذا لم يحدث.
    إذن " الله " علم واجب الوجود المتصف بكل صفات الكمال.
    وبعد ذلك جاء بالقضية الأساسية وهي قوله تعالى:

    " لا إله إلا هو "

    وهنا نجد النفي ونجد الإثبات ، النفي في " لا إله " ، والإثبات في " إلا هو". والنفي تخلية والإثبات تحلية. خلى سبحانه نفسه من وجود الشريك له ثم أثبت لنا وحدانيته. و" لا إله إلا الله " أي لا معبود بحق إلا الله. ونعرف أن بعضنا من البشر في فترات الغفلة قد عبدوا أصناما وعبدوا الكواكب. ولكن هل كانت آلهة بحق أم بباطل؟ لقد كانت آلهة بباطل.
    ودليل صدق هذه القضية التي هي " لا إله إلا الله " ، أي لا معبود إلا الله أن أحدا من تلك الآلهة لم يعترض على صدق هذه القضية. إذن فهذا الكلام هو حق وصدق.
    وإن أدعى أحد غير ذلك ، نقول له: إن الله قد أخبرنا أنه لا معبود بحق غيره ، لأنه هو الذي خلق وهو الذي رزق ، وقال: أنا الذي خلقت. إن كان هذا الكلام صحيحا فهو صادق فيه ، فلا نعبد إلا هو. وإن كان هذا الكلام غير صحيح ، وأن أحدا غيره هو الذي خلق هذا الكون فأين هذا الأحد الذي خلق ، ثم ترك من لم يخلق ليأخذ الكون منه ويقول: " أنا الذي خلق الكون " ؟ إنه أمر من اثنين.
    الأمر الأول: هو أنه ليس هناك إله غيره. فالقضية ـ إذن ـ منتهية.
    والأمر الآخر: هو أنه لو كان هناك آلهة أخرى ، وبعد ذلك جاء واحد وقال: " أنا الإلهة وليس هناك إله إلا أنا ". فأين هذه الآلهة الأخرى؟ ألم تعلم بهذه الحكاية؟
    إن كانوا لم يعلموا بها ، فهم لا يصلحون أن يكونوا آلهة ، وإن كانوا قد علموا فلماذا لم يقولوا: لا. نحن الآلهة ، وهذا الكلام كذب ؟ وكما بعث الله رسلا بمعجزات كان عليهم أن يبعثوا رسولا بمعجزات. فصاحب الدعوة إذا ادعاها ولم يوجد معارض له، تثبت الدعوى إلى أن يوجد منازع.
    إذن كلمة " لا إله إلا الله " معها دليل الصدق ، لأنه إما أن يكون هذا الكلام حقا وصدقا فتنتهي المسألة ، وإن لم يكن حقا فأين الإله الذي خلق والذي يجب أن يعبد بعد أن سمع من جاء ليأخذ منه هذه القضية؟ وبعد ذلك لا نسمع له حسا ولا حركة ، ولا يتكلم، ولا نعلم عنه شيئا ، فما هو شأنه؟ إما أنه لم يعلم فلا يصح أن يكون إلها ، لأنه لو كان قد علم ولم يرد فليست له قوة.
    ولذلك ربنا سبحانه يأتي بهذه القضية من ناحية أخرى فيقول:

    { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا "42" سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا "43" } ..... (سورة الإسراء)

    فلو كان عند تلك الآلهة المزعومة مظاهر قوة لذهبوا إلى الله سبحانه وتعالى وأنكروا ألوهيته ، ولو كان هناك إله غير الله لحدثت معركة بين الآلهة ، ولكن هذا لم يحدث. فالكلمة "لا إله إلا الله" صدق في ذاتها حتى عند من ينكرها ، والدليل فيها هو عدم وجود المنازع لهذه الدعوة ، لأنه إن لم يوجد منازع فقد ثبت أنه سبحانه لا إله إلا هو؟
    إذن " لا إله إلا الله " هي قضية تمتلئ بالصدق والحق ، والله هو المعبود الذي يتوجه إليه بالعبادة ، والعبادة هي الطاعة. فمعنى عابد أي طائع ، وكل طاعة تقتضي أمرا وتقتضي نهيا ، ومادامت العبادة تقتضي أمرا وتقتضي نهيا ، فلابد أن يكون المأمور والمنهي صالحا أن يفعل وصالحا ألا يفعل. فعندما نقول له: افعل كذا كمنهج إيمان ، فهو صالح لئلا يفعل. وعندما نقول له: لا تفعل فهو صالح لأن يفعل ، وإلا لو لم يكن صالحا ألا يفعل أيقول له " لا تفعل " ؟ إن ذلك غير ممكن.
    إذن لابد أن يكون صالحا لهذه وتلك وإلا لكان الأمر والنهي عبثا ولا طائل من ورائهما. لذلك عندما أرادوا أن يقصروا الإسلام في العبادات الطقسية التي هي شهادة لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، قالوا: هل هذا هو كل الإسلام ، وقالوا: إنه دين يعتمد على المظاهر فقط ، قلنا لهم: لا، إن الإسلام هو كل حركة في الحياة تناسب خلافة الإنسان في الأرض ، لأن الله يقول في كتابه الكريم:

    {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } .....(من الآية 61 سورة هود)

    " واستعمركم فيها " أي طلب منكم أن تعمروها ، فكل حركة في الحياة تؤدي إلى عمار الأرض فهي من العبادة ، فلا تأخذ العبادة على أنها صوم وصلاة فقط ، لأن الصوم والصلاة وغيرهما هي الأركان التي ستقوم عليها حركة الحياة التي سيبني عليها الإسلام ، فلو جعلت الإسلام هو هذه الأركان فقط لجعلت الإسلام أساسا بدون مبنى ، فهذه هي الأركان التي يبني عليها الإسلام ، فإذن الإسلام هو كل ما يناسب خلافة الإنسان في الأرض.

    " الله لا إله إلا هو الحي القيوم "

    و" الحي " هو أول صفة يجب أن تكون لذلك الإله ، لأن القدرة بعد الحياة ، والعلم بعد الحياة ، فكل صفة لابد أن تأتي بعدها الذكر وإلا فليست صفة من صفات الله أسبق من صفة ولا متقدمة عليها فكلها قديمة لا أول لها ، فلو كان عدماً فكيف تأتي الصفات على العدم ؟ ، وكلمة " حي " عندما نسمعها نقول: ما هو الحي؟.
    " الحي ": هو الذي يكون على صفة تبقى له صلاحيته لمهمته.
    مثال ذلك النبات ، مادمت تجده ينمو ، إذن ففيه حياة تبقى له صلاحية مهمته ، فلو قطع لانتهت الصلاحية. ومثال ذلك الإنسان ، عندما يموت تنتهي صلاحيته لمهمته ، والعناصر الجامدة عندما تأتي مع بعضها تتفاعل ، هذا التفاعل فرع وجود الحياة ، لكنها حياة مناسبة لها وليست مثل حياتنا.
    ونقول: ماذا يقابل الحياة في القرآن؟ إنه الهلاك بدليل أن الله قال:

    { ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينةٍ } ..... (من الآية 42 سورة الأنفال)

    إذن فالحياة مقابلة للهلاك. و"الحي" غير هالك. والهالك لا يكون حياً.

    ويقول تعالى في الآخرة:

    { كل شيء هالك إلا وجهه }..... (من الآية 88 سورة القصص)

    ومعنى ذلك أن كل الأجناس من أعلاها إلى أدناها ، سواء الإنسان ، أو الملائكة ، أو الحيوان أو النبات ، كلها ستكون هالكة ، ومادام كل شيء سيهلك يوم القيامة فكأنه لم يكن هالكاً قبل ذلك ، وله حياة مناسبة له ، أليست الحجارة شيئاً ، وستدخل في الهلاك يوم القيامة؟. إذن فهي قبل ذلك غير هالكة ، لكننا نحن البشر لا نفطن إلى ذلك ونفهم الحياة فقط على أنها الحس والحركة الظاهرة ، مع أن العلماء قد أثبتوا أنه حتى الذرة فيها دوران ، ولها حياة ، وأنت عندما تنظر بالمجهر على ورقة من النبات ، وترى ما بها من خضر وخلايا ، وتشاهد العمليات التي تحدث بها ، وتقول: هذه حياة أرقى من حياتنا ، وأدق منها.
    إذن فكل شيء له حياة ، وانظر إلى مهمة الحق ، ما شكلها ؟ إنها الحياة العليا ، وهو الحي الأعلى وحي لا تسلب منه الحياة ، لأن أحدا لم يعطه الحياة ، بل حياته سبحانه ذاتية ، فهذا هو الحي على إطلاقه.
    إذن فالحي على إطلاقه هو الله والحق سبحانه وتعالى قال:

    " الله لا إله إلا هو الحي "

    وأثر صفة هذه موجود في كل الصفات الأخرى.

    فقال:

    " القيوم "

    والقيوم: هو صفة مبالغة في قائم ، ومثلها قولنا:
    " الله غفور " لكن ألا يوجد غافر؟ يوجد غافر ، لكن " غفور " هي صفة مبالغة.
    وقد يقول قائل: هل صفات الله فيها صفة قوية وأخرى ضعيفة ؟.
    نقول: لا ، فصفات الله لا يصح أن توصف بالضعف أو بالقوة ، صفات الله نظام واحد.
    وحتى نفهم ذلك فنضرب هذا المثل ـ ولله المثل الأعلى ـ نحن نقول: كلنا نأكل كي نستبقي حياتنا، فكل واحد منا " آكل " ، لكن عندما نقول: فلان أكول ، فمعنى ذلك أنه أخذ صفة الأكل التي كلنا شركة فيها وزاد فيها فنقول عليه: " أكال " أو " أكول ".
    والحق هنا يقول: " قيوم " وهذه صفة مبالغة من قائم ، فالأصل فيها: القائم على أمر بيته ، والقائم على أمر رعيته ، والقائم على أمر المدرسة ، والقائم على أمر هذه الإدارة ، ومعنى قائم على أمرها: أنه متولي شئونها ، فكأن القيام هو مظهر الإشراف ، فمعناها أنه أوسع في القيام ، كيف جاء هذا الاتساع ؟. لأن القائم قد يكون قائماً بغيره ، لكن حين يكون قائما بذاته ، وغيره يستمد قيامه منه ، فهو قائم على كل نفس.
    إن الحق سبحانه قائم بذاته ، وقائم على غيره ، والغير إن كان قائما إنما يستمد منه القيام.
    فلابد أن يكون " قيوماً "، ومن قيومته أنه:

    " لا تأخذه سنة ولا نوم "

    وقيل في كتب العلم: إن قوم بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام: أينام ربنا ؟.
    فأوحى الله إليه: أن آت بزجاجتين وضعهما في يد إنسان ، ودعه إلى أن ينام ، ثم انظر الجواب ، فلما وضع في يده الزجاجتين ونام ، انكسرت الزجاجتان فقال: هو كذلك، هو قائم على أمر السماء والأرض ، ولو كانت تأخذه سنة أو نوم لتحطمت الدنيا.

    وهو سبحانه " لا تأخذه سنة ولا نوم ". و" السنة " هي أول ما يأتي من النعاس ، أي النوم الخفيف ، فالواحد منا يكون جالساً ثم يغفو، لكن النوم هو " السبات العميق "، فلما قال: " لا تأخذه سنة " قالوا: إنه يتغلب على النوم الخفيف لكن ، هل يقدر على مقاومة النوم العميق؟. فقال الحق عن نفسه: " لا تأخذه سنة ولا نوم ".
    أتريدون تطميناً من إله لمألوه ، ومن معبود لعابد ، ومن خالق لمخلوق أكثر من أنه يقول للعابد المخلوق: " نم أنت ملء جفونك ، واسترح ، لأن ربك لا ينام "، ماذا تريد أكثر من هذا؟ هو سبحانه يعلم أنه خلقك ، وأنك تحتاج إلى النوم ، وأثناء نومك فهناك أجهزة في جسمك تعمل.
    أإذا نمت وقف قلبك؟
    أإذا نمت انقطع نفسك؟
    أإذا نمت وقفت معدتك من حركتها الدودية التي تهضم؟ أإذا نمت توقفت أمعاؤك عن امتصاص المادة الغذائية؟ لا ، بل كل شيء في دولابك يقوم بعمله ، فمن الذي يشرف على هذه العمليات لو كان ربك نائما ؟
    إذن فأنت تنام وهو لا ينام ، وبالله هل هذه عبودية تذلنا أو تعزنا ؟
    إنها عبودية تعزنا ، فالذي نعبده يقول: ناموا أنتم ، لأنني لا تأخذني سنة ولا نوم ، وإياك أن تفهم أنه لا تأخذه سنة ولا نوم ، وأن شيئا في كونه يخرج على مراده ، لا ، لأن كل ما في السماوات والأرض له ، فلا شيء ولا أحد يخرج عن قدرته.

    ولذلك يقول الحق:

    " له ما في السماوات وما في الأرض ".

    ويتابع سبحانه بقوله:

    " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه "

    إنه سبحانه وتعالى يوضح: أنا أعطيتك الراحة في الدنيا ، وحتى الكافر جعلته يتنعم بنعمي ، ولم اجعل الأسباب تضن عليه ، وأعطيته مادام قد اجتهد في تلك الأسباب مما يدل على أنني ليس عندي محاباة ، قلت للأسباب: يا أسباب من يحسنك يأخذك ولو كان كافرا بي ، لكنه سيأتي يوم القيامة وليس للكافر إلا العذاب ، لأنه مادام قد عمل في الدنيا واحسن عملا فقد أخذ جزاءه ، فإياكم أن تظنوا كما قالوا:

    " هؤلاء شفعاؤنا عند الله "

    وجاء فيهم قول الحق:

    { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون "18" } ..... (سورة يونس)

    ويأمر الحق سبحانه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المشركين: قل لهم يا محمد: هل تخبرون الله بشريك لا يعلم الله له وجودا في السماوات ولا في الأرض ، وهو الخالق لكل ما في السماوات والأرض ومنزه سبحانه عن أن يكون له شريك في الملك. لقد أرادوا أن يخلوا بقضية التوحيد ويجعلوا لله شركاء ويقولون: إن هؤلاء الشركاء هم الذين سيشفعون لنا عند الله. فيقول الحق سبحانه: إن الشفاعة ليست حقا لأحد. ولكنها عطاء من الله.

    لذلك يقول:

    " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ".

    ويقول الحق:

    " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ".

    ساعة يتعرض العلماء إلى: " ما بين أيديهم وما خلفهم " يشرحون لنا أن ما بين اليدين أي ما أمامك ، وما خلفك أي ما وراءك ، وما بين يدي الإنسان يكون: مواجها لآلة الإدراك الرائدة وهي العين ، فهو أمر يشهد ، والذي في الخلف يكون غيبا لا يراه ، كأن ما بين اليد يراد به المشهود والذي في الخلف يراد به الغيب ، فهو " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " أي يعلم: مشهدهم وغيبهم ، ويطلق " ما بين اليد " إطلاقا آخر. إننا قد نسأل عما بين يديك ، هل هو مواجه لك أو غير مواجه ؟ فلو كان أمامك بشر، فهل هم قادمون إليك أو راحلون عنك؟
    إنهم إن كانوا راحلين عنك فقد سبقوك وقد جئت أنت من بعدهم ، ومن وراءك سيأتي من بعدك.
    أي أن الحق سبحانه يخبرنا أنه يعلم الماضي والمستقبل ، فمرة يعلم الحق ما بين أيديهم:
    أي العالم المشهود ويسمونه: " عالم الملك "
    وما خلفهم أي الغيب ، ويسمونه: " عالم الملكوت ". إنه يعلم المشهود لهم والخفي عنهم.

    وكما يقول الحق:

    { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين "59" } ..... (سورة الأنعام)

    إن عند الله علم جميع الغيب ويحيط علمه بكل شيء ، ولا تخفى عليه خافية ، إنها إحاطة من كل ناحية.
    " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ".
    إنه الحق يعلم مطلق العلم ، وكون الحق يعلم فإن ذلك لا ينفي أن يكون غيره يعلم أيضا ، لكن علم البشر هو بعض علم موهوب من الخالق لعباده.

    ويقول سبحانه:

    " ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء "

    و"العلم" هو الصفة التي تعلم الأشياء على وفق ما هي عليه ، هذا هو العلم ، وصفة الله وعلمه أعظم من أن يحاط بهم ، لأنها لو أحيطت لحددت ، وكمالات الله لا تحدد ، مثلما ترى شيئا يعجبك فتقول: هذه قدرة الله ، هل هي قدرة الله أو مقدور الله؟ إنها مقدور الله أي أثر القدرة.
    فعندما يقول: " ولا يحيطون بشيء من علمه " أي من معلومه.
    " ويحيطون " هي دقة في الأداء ، لأنك قد تدرك معلوما من جهة وتجهله من جهات ، فأوضح سبحانه: أنك لا تقدر أن تحيط بعلم الله أو قدرته ، لأن معنى الإحاطة أنك تعرف كل شيء ، مثل المحيط على الدائرة ، لكن ذلك لا يمنع أن نعلم جزئية ما ، ونحن نعلم بما آتانا الله من قوانين الاستنباط ، فهناك مقدمات نستنبط منها نتائج ، مثل الطالب الذي يحل مسألة جبر، أو تمرين هندسة ، أيعلم هذه الطالب غيبا ؟ لا ، ولكنه يأخذ مقدمات موضوعة له ويصل إلى نتائج معروفة سلفا لأستاذه. وأنت لا تحيط بعلم إلا بما شاء لك الله أن تحيط.
    وقول الله: " إلا بما شاء " هو إذن منه سبحانه بأنه سيتفضل على خلقه بأن يشاء لهم أن يعلموا شيئا من معلومه ، وكان هذا المعلوم خفيا عنهم ومستورا في أسرار الكون ، ثم يأذن الله للسر أن ينكشف ، وكل شيء اكتشفه العقل البشري ، كان مطمورا في علم الغيب وكان سرا من أسرار الله ، وبعد ذلك أذن الله للسر أن ينكشف فعرفناه ، بمشيئته سبحانه ، فكل سر في الكون له ميلاد كالإنسان تماما ، أي أن له ميعادا يظهر فيه ، وهذا الميعاد يسمى مولد السر ، لقد كان هذا السر موجودا وكان العالم يستفيد منه وإن لم يعلمه.
    لقد كنا نحن نستفيد ـ على سبيل المثال ـ من قانون الجاذبية ولم نكن نعلم قانون الجاذبية ، وكذلك النسبية كنا نستفيد منها ولم نكن نعلمها ، وهذا ما يبينه لنا الحق في موضع آخر من القرآن الكريم.

    قال تعالى:

    { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد "53" }..... (سورة فصلت)


    مادام قال سبحانه: " سنريهم " ، فهذا يعني أنه سبحانه سيولد لنا أسراراً جديدة ، وهذا الميلاد إيجاداً وإنما هو إظهار ، ولذلك يقول الناس عن الأسرار العلمية: إنها اكتشافات جديدة ، لقد تأدبوا في القول مع أن كثيرا منهم غير متدينين ، قالوا: اكتشفنا كذا ، كأن ما اكتشفوه كان موجودا وهم لا يقصدون هذا الأدب. إنما هي جاءت كذلك ، أما المؤمنون فيقولون: لقد أذن الله لذلك السر أن يولد.
    وقوله: " لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " فيه تحد واضح ، فحتى إذا اجتمع البشر مع بعضهم فلن يحيطوا بشيء إلا بإذنه ، وهذا تحد للكل حين يشاء سبحانه أن يجد إظهار سر في الوجود ، فهذا السر يولد ، وقد يكون إظهار السر موافقا لبحث الناس مثل العالم الذي يجلس في معمله ليجرب في العناصر والتفاعلات ، ويهتدي لهذه وهذه ، إنه يتعب كثيرا كي يعرف بعضا من الأسرار ، ونحن لا ندري بتعبه وجهده إلا يوم أن يكشف سره.
    لقد أخذ المقدمات التي وضعها الله في الكون حتى إذا تتبعناها نصل إلى سره ، مثلما نريد أن نصل إلى الولد فنتزوج حتى يأتي ، وقد يأذن الله مرارا كثيرة أن يولد السر بدون أن يشتغل الخلق بمقدماته ، لكن ميعاد ميلاد السر قد جاء ولم ينشغل العلماء بمقدماته ، فيخرجه الله لأي مخترع كنتيجة لخطأ في تجربة ما. وعندما نبحث في تاريخ معظم الاكتشافات نجدها كذلك ، لقد جاءت مصادفة ، فهناك عالم يبحث في مجال ما ، فتخرج له حقيقة أخرى كانت مخفية عنا جميعا ، لقد جاء ميعاد ميلادها على غير بحث من الخلق ، فجاء الله بها في طريق آخر لغيرها ، وفي بعض الأحيان يوفق الله عالما يبحث المقدمات ويكشف له السر الذي يبحث عنه.
    إذن، فـ" لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " تعني أن الإنسان قد يصادف السر بالبحث ، ومرة يأتي سر آخر في مجال البحث عن غيره ، فالله لا يضن بكشف السر حتى لو لم يشتغلوا به ونسميها نحن ـ مصادفة ـ إن كل شيء يجري في الكون إنما يجري بمقدار، وهذا هو الذي يفرق لنا بين معرفة غيب كان موجودا وله مقدمات في كون الله نستطيع أن نصل إليه بها ، وشيء مستور عند الله ليست له مقدمات ، إن شاء سبحانه أعطاه من عنده تفضلا ، من باب فضل الجود لا بذل المجهود وهو سبحانه يفيضه في " المصادفة " هنا ويفيضه فيما لا مقدمات له على بعض أصفيائه من خلقه ، ليعلم الناس جميعا أن لله فيوضات على بعض عبيده الذين والاهم الله بمحبته وإشراقاته وتجليه.
    لكن هل هذا يعني أن باستطاعتنا أن نعرف كل الغيب؟
    لا ، فالغيب قسمان:
    1-غيب جعل الله له في كونه مقدمات: إن استعملناها نصل إليه ، ككثير من الاكتشافات ، وإذا شاء الله أن يولد سر ما ولم نبحث عنه فهو يعطيه لنا " مصادفة " من باب فيض الجود لا بذل المجهود.
    2-وغيب ليست له مقدمات: وهذا ما استأثر الله بعلمه إلا أنه قد يفيض به على بعض خلقه.

    كما يقول سبحانه:

    { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا "26" إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا "27" } ..... (سورة الجن)

    إن الله هو عالم الغيب فلا يطلع أحدا من خلقه على غيبه إلا من ارتضاه واصطفاه من البشر ، لذلك فلا أحد يستطيع أن يتعلم هذا اللون من الغيب ، ولذلك فلا يوجد من يفتح دكانا لعلم الغيب يذهب إليه الإنسان ليسأله عن الغيب.

    إن الحق يقول:

    { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين "59"} ..... (سورة الأنعام)

    وهو سبحانه لا يعطي المفتاح لأحد من خلقه ، وقد يريد الله أن يعطي لواحد كرامة ، فأعطاه كلمة على لسانه قد يكون هو غير مدرك لها! فيقول: من يسمح هذا القول وينتفع به ، فلان قال لي: كذا وكذا .. يا سلام! وهذا فيض من الله على عبده حين يبين الله لنا أنه يوالي هؤلاء العباد الصالحين.
    وقوله الحق: " ولا يحيطون بشيء " نجد أن كلمة " شيء " تعني أقل القليل.

    وقوله سبحانه:

    " من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض "

    يعلمنا أن الحق فيما يتكلم به عن نفسه ولخلقه فيه نظائر ، كالوجود ، هو سبحانه موجود وأنت موجود ، كالغني هو غني وأنت غني ، كالعلم هو عالم وأنت تكون عالماً ، فهل نقول: إن الصفة لله كالصفة عندنا ؟
    لا ، كذلك كل ما يرد بالنسبة للغيب فيما يتعلق بالله إضافة أو وصفاً ، لا تأخذها بالمناسب عندك ، بل خذها في إطار: " ليس كمثله شيء ".
    فإذا قيل لله يد ، قل: هو له يد كما أن له وجودا ، وبما أن وجوده ليس كوجودي فيده ليست كيدي بل افهمها في إطار " ليس كمثله شيء ".
    فإذا قال: " وسع كرسيه " نقول: هو قال هذا ، ومادام قال هذا فسنأخذ هذه الكلمة في إطار " ليس كمثله شيء ". فلا تقل له كرسي وسيقعد عليه مثلنا ، لا.
    لقد وجدنا من قال: أين يوجد الله؟!! متى وجد؟!! وقلنا ونقول: "متى" و"أين" لا تأتي بالنسبة لله ، إنها تأتي بالنسبة لكم أنتم ، لماذا؟ لأن "متى" زمان و"أين" مكان. والزمان والمكان ظرفان للحدث ، فالشيء الحادث هو الذي له زمان ومكان ، مثال ذلك أن أقول: " أنا شربت " ومادام قد حدث الشرب فيكون له زمان ومكان ، لكن هب أنني لم أشرب ، أيكون هناك زمان أو مكان؟! لا، فمادام الله ليس حدثاً فليس متعلقاً به زمان أو مكان ، لأن الزمان والمكان نشأ عندما خلق الله وأحدث هذا الكون ، فلا تقل: "متى" لأن "متى" خلقت به ، ولا تقل "أين" لأن أين خلقت به ولأن "متى" و"أين" ظرفان ، هذه للزمان ، وهذه للمكان ، والزمان والمكان فرعا الحديث ، وعندما يوجد حدث فقل زمان ومكان.
    اذن فمادام الله ليس حدثاً ، فإياك أن تقول فيه متى ، وإياك أن تقول فيه أين ، لأن "متى" و"أين" وليدة الحدث.
    وقوله الحق: " وسع كرسيه " نأخذه ـ كما قلنا في إطار " ليس كمثله شيء " ، الكرسي: في اللغة من الكرس ، والكرس هو:التجميع ، ومنه الكراسة وهي عدة أوراق مجمعة ، وكلمة " كرسي " استعملت في اللغة بمعنى الأساس الذي يبنى عليه الشيء ، فمادة "الكرسي" (الكاف والراء والسين) تدل على التجميع وتدل على الأساس الذي تثبت عليه الأشياء ، فنقول: اصنع لهذا الجدار كرسيا ، أي ضع لهذا الجدار أساساً يقوم عليه ، وتطلق أيضا على القوم والعلماء الذين يقوم بهم الأمر فيما يشكل من الأحداث ، والشاعر العربي قال: " كراسي في الأحداث حين تنوب " أي يعتمد عليهم في الأمور الجسيمة.
    وحين ينسب شيء من ذلك للحق سبحانه وتعالى. فإن السلف لهم فيها كلام والخلف لهم فيها كلام.
    1-السلف يقولون: كما قال الله نأخذها ولكن نضع كيفيتها وتصورها في إطار " ليس كمثله شيء "
    2-والخلف يقولون:نؤولها بما يثبت لها صفة من الصفات.
    والعلماء قالوا عن الكرسي: إنه ما يعتمد عليه ، فهل المقصود علمه؟ نعم.
    وهل المقصود سلطانه وقدرته؟ نعم.
    لأن كلمة " كرسي " توحي بالجلوس فوقه، والإنسان لا يجلس عن قيام إلا إذا استتب له الأمر، ولذلك يسمونه " كرسي الملك " ، لأن الأمر الذي يحتاج إلى قيام وحركة لا يجعلك تجلس على الكرسي ، فعندما تقعد على الكرسي ، فمعنى ذلك أن الأمر قد استتب ، إذن فهو بالنسبة لله السلطان ، والقهر ، والغلبة ، والقدرة.
    أو نقول: مادام قال: " وسع كرسيه السماوات والأرض " فوسع الشيء أي: دخل في وسعه واحتماله.
    " والسماوات والأرض " نحن نفهمها أنها كائنات كبيرة بالنسبة لنا.

    إنه سبحانه يقول:

    { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون "57" } ..... (سورة غافر)

    وعندما يقول: إن الكرسي وسع السماوات والأرض ، إذن ، فهو أعظم من السماوات والأرض أي دخل في وسعه السماوات والأرض.

    ولذلك يقول أبو ذر الغفاري رضي الله عنه:

    ( سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال: يا أبا ذر ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة. وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة ).

    إن الحق يقول: " وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهم ا"، ومعنى أده الشيء ، أي أثقله.
    وحتى نفهم ذلك هب أن إنسانا يستطيع أن يحمل عشرة كيلوجرامات ، فإن زدنا هذا الحمل إلى عشرين من الكيلوجرامات فإن الحمل يثقل عليه ، ويجعل عموده الفقري معوجا حتى يستطيع أن يقاوم الثقل ، فإن زدنا الحمل أكثر فقد يقع الرجل على الأرض من فرط زيادة الوزن الثقيل.
    إذن فمعنى " ولا يؤوده حفظهما " أي أنه لا يثقل على الله حفظ السماوات والأرض ، إن السماء والأرض وهما فوق اتساع رؤية البشر ، فقد وسعهما الكرسي الرباني. وقال بعض المفسرين: إذا كان الكرسي لا يثقل عليه حفظ السماوات والأرض فما بالنا بصاحب الكرسي!!؟

    هاهو ذا الحق سبحانه وتعالى يطمئنا فيقول:

    { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا "41" } ..... (سورة فاطر)

    إنه الحق وحده سبحانه وتعالى الذي يحفظ السماوات والأرض في توازن عجيب ومذهل ، ولئن قدر لهما أن تزولا ، فلن يحفظهما أحد بعد الله ، أي لا يستطيع أحد إمساكهما ، فهما قائمتان بقدرة الواحد القهار، وإذا أراد الله أن تزولا فلا يستطيع أحد أن يمسكهما ويمنعهما من الزوال ، وإذا كانت هذه الأشياء الضخمة من صنع الله وهو فوقها ، فإنه عندما يصف نفسه بأنه "علي" و"عظيم" فذلك أمر طبيعي.
    إن الحق سبحانه وتعالى يعطينا تذييلاً منطقياً يقتضيه ما تقدمت به الآية الجليلة: آية الكرسي.

    إنه الحق يقول:

    " وهو العلي العظيم "

    وكلمة "علي" صيغة مبالغة في العلو ، و"العلي" هو الذي لا يوجد ما هو أعلى منه فكل شيء دونه.

    هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها نعرفها بآية الكرسي ، لأن كلمة " الكرسي " هي الظاهرة فيها. وكلمة " الكرسي" فيها: تعني السلطان والقهر والقدرة والملكية وكلها مأخوذة من صفات الحق جل وعلا.

    إنه لا إله إلا هو. إنه الحي. إنه القيوم. إنه الذي لا تأخذه سنة ولا نوم. والشفاعة عنده مأذون فيها بإرادته هو وحده وليس بإرادة سواه. وهو العليم بكل شيء. الذي يسع كرسيه السماوات والأرض وهو العلي فلا أعلى منه. وهو العظيم بمطلق العظمة.

    وتتجمع كل هذه الصفات لتضع أمامنا أصول التصور في العقيدة الإيمانية ، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة ، ومنها نستخلص أنها آية لها قدرها ومقدارها عند الله.

    فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    " سورة البقرة فيها سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه ـ آية الكرسي ".

    وعن أبي أمامه قال:

    " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ دبر كل صلاة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ".

    وعن علي كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

    " من قرأها ـ يعني آية الكرسي ـ حين يأخذ مضجعة آمنه الله تعالى على داره ، ودار جاره ، وأهل دويرات حوله ".

    كل هذه المعاني قد وردت في أفضال هذه الآية الكريمة ، وقد جلس العلماء يبحثون عن سر هذه المسألة فقال واحد منهم: انظروا إلى أسماء الله الموجودة فيها.

    وبالفعل قام أحد العلماء بحصر أسماء الله الحسنى فيها ، فوجد أن فيها ستة عشر اسماً من أسماء الله ، وبعضهم قال: إن بها سبعة عشر اسماً من أسماء الله الحسنى ، وبعضهم قال أن فيها واحداً وعشرين اسماً من أسماء الله ، كل ذلك من أجل أن يستنبطوا منها أشياء ، ويعلموا فضل وفضائل هذه الآية الكريمة.

    وهذه الآية الكريمة قد بينت ووضحت قواعد التصور الإيماني ، وأنشأت عقيدة متكاملة يعتز المؤمن أن تكون هذه العقيدة عقيدته ، والآية في ذاتها تتضمن حيثيات الإيمان ، إنه مادام هو الله لا إله إلا هو ، ومادام هو الحي القيوم على أمر السماء والأرض ، وكل شيء بيده ، وهو العلي العظيم ، فكل هذه مبررات لأن نؤمن به سبحانه وتعالى ، وأن نعتز بأن نعتقد هذه المعتقدات ، وتكون هي الدليل على أن المؤمن فخور بهذا الدين الذي كان أمر الألوهية المطلقة واضحا وبينا فيه.

    ( إقتباس مع تصرف )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    2,401
    آخر نشاط
    06-04-2012
    على الساعة
    11:13 PM

    افتراضي



    جزاكِ الله خيرا اختي حورية الاسلام على هذا الموضوع القيم فعلا,,,,فتأمل هذه الايه هو تأمل لوحدانية الله و قدرته,,, وجزاك الله خيرا اخي داون تاون على اضافتك المثمره,,,

    تقبلي مروري وتعقيبي اختي الكريمه,,
    لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "الحشر 21-"

    القرآن الكريم


    اقتباس
    متى27 :6 فاخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل ان نلقيها في الخزانة لانها ثمن دم.

    أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    862
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    26-09-2014
    على الساعة
    04:41 PM

    افتراضي

    جزاك الله كل خير
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفوا احد
    Dis : " Lui, Dieu, est Un ! * Dieu est le Soutien universel ! * Il n'engendre pas et Il n'est pas engendré, * et Il n'a pas d'égal. "


من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سؤال في هذه الاية الكريمة ومن لم يجعل الله له نورا*فما له*من نور؟
    بواسطة بنت الجوابر في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 20-05-2014, 12:27 PM
  2. شبهة حول حد الردة, الاية رقم 72 من سورة ال عمران
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18-05-2010, 08:35 PM
  3. النصراني مستعد يعبد أي شخص إلا الله
    بواسطة خالد بن الوليد في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 29-11-2006, 03:47 PM
  4. تفسير الاية 12 من سورة التحريم عند النصارى
    بواسطة أنصار الحق في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 25-10-2006, 07:50 PM
  5. الذى يعبد آخر غير الله
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 31-08-2005, 02:28 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!

من كان يعبد الله فليتأمل هذه الاية !!