رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    4
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    24-12-2011
    على الساعة
    10:13 PM

    افتراضي رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

    هذه القصة حدثت في مدينة البصرة في العراق وبطلها يدعى أبو اليزيد وهي مذكورة في التاريخ وذكرها الشيخ الجليل عبدالحميد كشك رحمه الله حيث رأى أبا اليزيد في منامه هاتفاً يقول له قم وتوضأ واذهب الليلة إلى دير النصارى وسترى من آياتنا عجبا فذهب ..
    وهو العارف بالله ابواليزيد البسطاني عندما سمع الهاتف بعد صلاة الفجر توضأ ودخل الدير عليهم وعندما بدأ القسيس بالكلام قال لا أتكلم وبيننا رجل محمدي قالوا له وكيف عرفت ؟
    قال : سيماهم في وجوههم .. فكأنهم طلبوا منه الخروج ولكنه قال : والله لا أخرج حتى يحكم الله بيني وبينكم ..!!
    قال له البابا : سنسألك عدة أسئلة وإن لم تجبنا على سؤال واحد منها لن تخرج من هنا إلا محمولاً على أكتافنا .. فوافق أبو اليزيد على ذلك وقال له اسئل ما شئت :

    قال القسيس :

    ما هو الواحد الذي لا ثاني له ؟
    وما هما الاثنان اللذان لا ثالث لهما ؟
    ومن هم الثلاثة الذين لا رابع لهم ؟
    ومن هم الأربعة الذين لا خامس لهم ؟
    ومن هم الخمسة الذين لا سادس لهم ؟
    ومن هم الستة الذين لا سابع لهم ؟
    ومن هم السبعة الذين لا ثامن لهم ؟
    ومن هم الثمانية الذين لا تاسع لهم ؟
    ومن هم التسعة الذين لا عاشر لهم ؟
    وما هي العشرة التي تقبل الزيادة ؟
    وما هم الاحد عشر أخا؟
    وما هي المعجزة المكونة من اثنتى عشر شيئا؟
    ومن هم الثلاثة عشر الذين لا رابع عشر لهم ؟
    وما هي الاربع عشر شيئا اللتي كلمت الله عز وجل؟
    وما هو الشيء الذي يتنفس ولا روح فيه ؟
    وما هو القبر الذي سار بصاحبه ؟
    ومن هم الذين كذبوا ودخلوا الجنة ؟
    ومن هم اللذين صدقوا ودخلوا النار؟
    وما هو الشيء الذي خلقة الله وأنكره ؟
    وما هو الشيء الذي خلقة الله واستعظمه ؟
    وما هي الأشياء التي خلقها الله بدون أب وأم ؟
    وما هو تفسير الذاريات ذروا ، الحاملات وقرا ، ثم ما الجاريات يسرا والمقسمات أمرا ؟
    وما هي الشجرة التي لها اثنا عشر غصناً وفي كل غصن ثلاثين ورقة وفي كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها بالظل واثنان منها بالشمس ؟

    فقال له ابو اليزيدالواثق بالله تعالى ... الواحد الذي لا ثاني له هو الله سبحانه وتعالى ..
    والاثنان اللذان لا ثالث لهما الليل والنهار ( وجعلنا الليل والنهار آيتين ) ..
    والثلاثة الذين لا رابع لهم أعذار موسى مع الخضر في إعطاب السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ..
    والأربعة الذين لا خامس لهم التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم ..
    والخمسة الذين لا سادس لهم الصلوات المفروضة ..
    والستة التي لا سابع لهم هي الأيام التي خلق الله تعالى بها الكون وقضاهن سبع سماوات في ستة ايام فقال له البابا ولماذا قال في آخر الاية (وما مسنا من لغوب) ؟
    فقال له : لأن اليهود قالوا أن الله تعب واستراح يوم السبت فنزلت الاية ..
    أما السبعة التي لا ثامن لهم هي السبع سموات (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى من خلق الرحمن من تفاوت) ..
    والثمانية الذين لا تاسع لهم هم حملة عرش الرحمن (ويحمل عرش ربك يومئذٍ ثمانية) ..
    والتسعة التي لا عاشر لها وهي معجزات سيدنا موسى عليه السلام .. فقال له البابا اذكرها !
    فأجاب أنها اليد والعصا والطمس والسنين والجراد والطوفان والقمل والضفادع والدم ..
    أما العشرة التي تقبل الزيادة فهي الحسنات (من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها والله يضاعف الأجر لمن يشاء) ..
    والأحد عشر الذين لا ثاني عشر لهم هم أخوة يوسف عليه السلام ..
    أما المعجزة المكونة من 12 شيئاً فهي معجزة موسى عليه السلام (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنا عشر عيناً) ..
    أما الثلاثة عشرة الذين لا رابع عشر لهم هم إخوة يوسف عليه السلام وأمه وأبيه ..
    أما الاربع عشر شيئاً اللتي كلمت الله فهي السماوات السبع والاراضين السبع (فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين)
    وأما الذي يتنفس ولا روح فيه هو الصبح (والصبح إذا تنفس) ..
    أما القبر الذي سار بصاحبة فهو الحوت الذي التقم سيدنا يونس عليه السلام ..
    وأما الذين كذبوا ودخلوا الجنة فهم إخوة يوسف عليه السلام عندما قالوا لأبيهم ذهبنا لنستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ، وعندما انكشف كذبهم قال أخوهم (لا تثريب عليكم) وقال أبوهم يعقوب (سأستغفر لكم) .. أما اللذين صدقوا ودخلوا النار فقال له إقرأ قوله تعالى (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ) (وقالت النصارى ليست اليهود على شئ) ..
    وأما الشيئ الذي خلقه الله وأنكره فهو صوت الحمير (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) ..
    وأما الشيء الذي خلقه الله واستعظمه فهو كيد النساء (إن كيدهن عظيم) ..
    وأما الأشياءالتي خلقها الله وليس لها أب أو أم فهم آدم عليه السلام ، الملائكةالكرام ، ناقة صالح ، وكبش اسماعيل عليهم السلام .. ثم قال له إني مجيبك على تفسير الايات قبل سؤال الشجرة ..

    فمعنىالذاريات ذروا هي الرياح أما الحاملات وقرا فهي السحب التي تحمل الأمطار وأما الجاريات يسرا فهي الفلك في البحر أما المقسمات أمرا فهي الملائكة المختصه بالارزاق والموت وكتابة السيئات والحسنات .. وأما الشجرة التي بها اثنا عشر غصناً وفي كل غصن ثلاثين ورقة وفي كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها بالظل واثنان منها بالشمس ، فالشجرة هي السنة والأغصان هي الأشهر والأوراق هي أيام الشهر والثمرات الخمس هي الصلوات وثلاث منهن ليلاً واثنتان منهن في النهار ..

    وهنا تعجب كل من كانوا في الكنيسة فقال له ابو اليزيد إني سوف أسألك سؤالا واحداً فأجبني إن إستطعت فقال له البابا اسأل ما شئت فقال : ما هو مفتاح الجنة ؟
    عندها ارتبك القسيس وتلعثم وتغيرت تعابير وجهة ولم يفلح في إخفاء رعبه ، وطلبوا منه الحاضرين بالكنيسة أن يرد عليه ولكنه رفض فقالوا له لقد سألته كل هذه الاسئلة وتعجز عن رد جواب واحد فقط فقال إني أعرف الإجابة ولكني أخاف منكم فقالوا له نعطيك الأمان فأجاب عليه ، فقال القسيس الإجابة هي : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله !!
    وهنا أسلم القسيس وكل من كان بالكنيسة ، فقد من الله تعالى عليهم وحفظهم بالإسلام وعندما آمنوا بالله حولوا الدير إلى مسجد يذكر فيه اسم الله ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    699
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-11-2012
    على الساعة
    02:50 PM

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    71
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    12-10-2015
    على الساعة
    09:30 PM

    افتراضي

    موضوع وغير صحيح
    يرجى تحرى الدقه فى نقل المواضيع
    أعاننى الله سأتيكم بالرد المفصل

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    71
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    12-10-2015
    على الساعة
    09:30 PM

    افتراضي

    عد قراءتي لهذه القصة اندهشت جداً من انتشارها ، و مما زاد أسفي أن إخواننا الذين يستعملون الإنترنت ، بدأوا يتناقلون هذه القصة رغبة منهم - كما بدا لي - في نشر الخير ، و لكنهم أخطأوا في ذلك ( و كم مِن مُريدٍ للحق لم يُدركه ).


    فاستجمعتُ قواي بعد التوكل على الله ، و شرعت في كتابة هذه الكُـليْـمات المتواضعة جداً ، و قد سميتها ( الخطوط الرئيسة في نقد القصة العجيبة في الكنيسة ) ، و التي أسأل الله أن يغفر لي ذنوبي بها ، و أن يجعلها قربة له يوم القيامة.اللهم آمين .



    الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص


    قال الشيخ محمد الحصين " أنزل الله كل كتبه وأرسل كل رسله وشرع كل شرائع دينه موعظة لخلقه ؛ قال الله تعال عن رسوله موسى وكتابه التوراة : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ }الأعراف:145.


    وقال الله تعال عن رسوله عيسى وكتابه الإنجيل : { وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } المائدة:46 .


    وقال تعالى عن خاتم رسله وكتابه القرآن : { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } البقرة:231 ، بعد ذكر أحكام الطلاق في سورة البقرة ؛ قال أكثر المفسرين الأوائل القدوة : الحكمة هي السنة ،وقال بعضهم : الحكمة الدين ، وقال آخرون : الحكمة الشرع والمعنى واحد .


    وقال الله تعال في بيان كفارة الظهار : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ } القصص:3 .


    وقال تعالى عن قول الإفك : { يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } النور:17 .


    وقال تعالى عن كل أمره ونهيه: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } إلى قوله : { يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } النحل:90


    وقال تعالى عن موعظة لقمان لابنه : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لقمان:13 ، { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } لقمان:17 ، وكان الأمر بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك بالله في عبادته أول ما دعا إليه رسل الله ( صلوات الله وسلام وبركاته عليهم أجمعين ) في مواعظهم لأقوامهم استجابة لأمراً الله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } النحل:36 ، ثم التزام ما أمر الله به من حقوق التوحيد ، واجتناب ما نهى الله عن مما هو دون الشرك كما قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } النساء:48 .


    وعلى هذه السنة ثبت فقهاء القرون المفضلة لا يرون الموعظة إلا الدعوة إلى الله على بصيرة من الكتاب والسنة تذكيراً بالله وحثاً على فعل ما أمر به ، ونهياً عما نهى عنه ، وتعليماً لأحكام شريعته في الاعتقاد أولاً ثم العبادات ثم المعاملات .


    ثم خلقت من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون ؛ وبخاصة بعد أن ذرّ قرن الفكر الموصوف زوراً بالإسلامي بعودة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من باريس ودعوتهما إلى ( تحرير الفكر من قيد التقليد ) ، وكانت بداية الانحراف - في هذا العصر - عن الوحي والفقه إلى الفكر والظن والعاطفة ، وهان على كثير من المسلمين - مهما كان مبلغهم من العلم وجوداً أو عدماً - القول على الله والحكم على شرعه حسب فكرهم واقتناعهم أي : حسب هواهم ، وقد حذّر الله عباده من سوء هذا المنقلب فقال تعالى { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } النجم:23 .


    وتبعاً لذلك تحول أكثر مشاهير شباب الدعاة عن منهاج النبوة في الدعوة إلى الله من الموعظة الحسنة بآيات الكتاب المبين والصحيح من سنة الرسول الكريم كما فهمها سلف الأمة المعتدَّ بهم ( لتثبيت الاعتقاد وتعليم أحكام الإسلام ، وتحبيب الخالق إلى خلقه وترغيبهم في ثوابه وترهيبهم من عقابه ) إلى ما أنتجه الفكر غير المعصوم من تلاعب بالألفاظ وتخيلات ظنّية لأخبار ظنّية عن الحوادث والطوارئ السابقة واللاحقة ، وتحولت الدعوة إلى الله موعظة شرعية للفرد أو الجماعة إلى ( محاضرات ) و( ندوات) و ( مهرجانات) يختلط فيها الحق بالباطل والآية ( المحكمة والمتشابهة ) والحديث ( الصحيح والضعيف والموضوع ) بالقصص والشعر والأمثال والفكاهة وفنون اللغة الدّارجة ، يغلب عليها الاهتمام بالأدنى دون الأعلى وبالمهم (أو غير المهم ) قبل الأهم " ا.هـ من مقال للشيخ الحصين بعنوان ( الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص ) .


    إنّ المتأمل بعمق في الكلمات السابقة يتضح له بجلاء أنّ الدعوة إلى الله تعتمد على الموعظة الحسنة ، التي تُنتقى من كتاب الله و من سنة رسوله- صلى الله عليه و سلم - الصحيحة ، و إنّ مِن أهم المواعظ الوعظُ بالتوحيد و مآل أهله و التحذير من الشرك و مآل أهله. ومن المعلوم أنّ المصدرين السابقين - أي القرآن و السنة - كافيان للتأثير على القلوب السليمة و الأنفس الطيبة ، و القلب إذا لم يتأثر بكلام الله سبحانه و تعالى و بحديث نبيه - صلى الله عليه و سلم - فَـكَـبّر عليه أربعاً .


    القصص و القُصاص


    و قد ظهر في أمة النبي - صلى الله عليه و سلم - أقوامٌ يعتمدون على القصص في الدعوة ، سواء كانت صحيحة أم ضعيفة ، و قد سمّوهم السلف الصالح بـ القصاصين أو القُصاص ، و لمعرفة حالهم و حكم السلف فيهم ، إقرأ هذا المنشور الذي بعنوان" التحذير من القُُصاص " .
    جاء فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - . و بعد :إن مما حل علينا في هذا الزمان بعض من الناس يقال لهم علماء أو دعاة أو وعاظ وهم في الحقيقة ليسوا كذلك بل هم من جملة القصَّاصين الذين يرتادون المساجد وأماكن تجمع الناس وقد حذَّرمنهم السلف أشدَّ تحذير لما يعود على الأمة الإسلامية بسببهم من أضرار جسيمة في دينهم وبخاصة كبار السن والنساء وفي هذه الوريقات سنبين من هم القصَّاص الذين حذر منهم السلف الصالح .


    معنى القصص : القصص- بالفتح- الخبر المقصوص ، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه .
    وفي الاستعمال : هو فن مخاطبة العامة بالاعتماد على القصِّة .


    سؤال قد يطرأ على البعض : قد يقال إن هؤلاء القصِّاص يذكرون ويعظون الناس حتى يقربونهم إلى الله بالقصص فلماذا ينكر عليهم وهم يفعلون الخير ؟


    فنقول : " الموعظة هي مرادفة للفظ التذكير إنما كانت في شرع الله وسنة رسوله - صلى الله عليه و سلم - بياناً لأحكام الشريعة وترغيباً فيها وترهيباً من تجاوز حدود الله فيها قال الله تعالى : { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } البقرة: من الآية231 . والحكمة هي السنة وقال الله تعالى عن قصص الوحي في القرآن : { وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } هود:120 ، وفي قصص الوحي اليقيني ما يغني الداعي إلى الله على منهاج النبوة عن قصص الفكر الظني " . من كتاب مهذب تحذير الخواص من أكاذيب القُصاص [ص6ٍٍ]


    أثر القُصاص السئ : " استطاع هؤلاء القُصَّاص أن يؤثروا على العامة تأثيراً سيئاً ، ويتمثل هذا الأثر في أن حقيقة الإسلام قد شُوِّهت في أذهانهم بسبب ما يسمعون من أولئك القصَّاص ؛ فاعتقدوا البدعة سنة ، والسنة بدعة وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدين الثابتة ، وشاعت بين العامة بسبب القُصَّاص الأحاديث الموضوعة والضعيفة ".


    ولذلك فإن العوام ودعاة الابتداع كانوا ابتدأً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء ، وقد أشاد ابن قتيبة رحمه الله إلى أثرهم السئ فقال : " فإن القُصَّاص يُمِيلُون وجوه العوام إليهم ، ويستدرُّون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الأحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن فِطَر العقول ، أو كان رقيقاً يحزن القلوب ويستغزر العيون " .


    ومن استعراض الأحاديث الشائعة بين عامة الناس نجد أن معظم الأحاديث الباطلة إنما سمعوها من القصَّاص . ولذلك تراهم رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة وسرورهم أكثر من حرصهم على تقويمهم وعلى تعليمهم حتى أضحى القاص كالمُغَنِّي الذي لا هم له إلا إطراب السامعين إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام ، وغايتهم أن يستحوذوا على إعجاب السامعين .


    القصَّاص والكذب على رسول الله- صلى الله عليه و سلم - بذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة


    قال الدارقطني في مقدمة " كتاب الضعفاء والمتروكين " : توعد - صلى الله عليه و سلم - بالنار من كذب عليه بعد أمره بالتبليغ عنه ، ففي ذلك دليل على أنه إنما أمر أن يبلغ عنه الصحيح دون السقيم والحق دون الباطل لا أن يبلغ عنه جميع ما روى لأنه قال صلى الله عليه و سلم: " كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ، فمن حدَّث بجميع ما سمع من الأخبار المروية عن النبي - صلى الله عليه و سلم - ولم يميز صحيحها وسقيمها وحقَّها من باطلها باء بالإثم وخيف عليه أن يدخل في جملة الكاذبين على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بحكم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أنه منهم في قوله : " من روى عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " فظاهر هذا الخبر دال على أن كل من روى عن النبي - صلى الله عليه و سلم - حديثاً وهو شاك فيه : أصحيح أو غير صحيح ؛ يكون كأحد الكاذبين لأنه - صلى الله عليه و سلم - قال : " من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب ..." ولم يقل : وهو يستيقن أنه كذب .



    الأحاديث والآثار الدالة على الحذر من القُصَّاص


    1- قال صلى الله عليه و سلم : " سيكون في آخر الزمان أناس من أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم" ذكره مسلم في خطبة كتابه من حديث أبي هريرة وهو صحيح على شرط الشيخين .


    قال الحافظ زين الدين العراقي في كتابه المسمى بـ[ الباعث على الخلاص من حوادث القُصَّاص]: " ثم إنهم- يعني القُصَّاص - ينقلون حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم - من غير معرفة بالصحيح والسقيم قال : وإن اتفق أنه نقل حديثاً صحيحاً كان آثماً في ذلك ؛ لأنه ينقل مالا علم له به وإن صادف الواقع كان آثماً بإقدامه على ما لا يعلم " .


    2- روى الطبراني عن خبَّاب بن الأرت رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال :" إن بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا" قال : فأشار عمر إلى تميم أنه الذبح لما يخشى عليه من الترفع عليهم والإعجاب بنفسه .


    يقول الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ج/3 ) " وأقول: ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وعَّاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرِّف الناس بدينهم فيحملهم ذلك على العمل الصالح لمَّا فعلوا ذلك هلكوا وهذا شأن كثير من قصَّاص زماننا الذين جل كلامهم في وعظهم الاسرائيليات والرقائق والصوفيات نسأل الله العافية " .


    3- و روى الطبراني ، عن عمروبن زرارة قال : وقف علىَّ عبدالله بن مسعود وأنا أقص ، فقال : ( ياعمرو لقد ابتدعت بدعة ضلالة أو إنك لأهدى من محمد - صلى الله عليه و سلم - وأصحابه ) . فقال عمرو بن زرارة : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني ما فيه أحد .


    قال الحافظ زين الدين :" ثم إنهم ينقلون حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم - من غير معرفة بالصحيح والسقيم " .
    قال :" ولو نظر أحدهم في بعض التفاسير المصنفة لا يحل له النقل منها ؛ لأن كُتُب التفاسير فيها الأقوال المنكرة والصحيحة ومن لا يميز صحيحها من منكرها لا يحل له الاعتماد على الكتب " .
    قال : " وليت شعري كيف يقْدُم من هذه حاله على تفسير كتاب الله ؟ أحسن أحواله أن لا يعرف صحيحه من سقيمه " .


    4- وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن ابن عمر قال :" لم يقص على عهد النبي - صلى الله عليه و سلم - ولا عهد أبي بكر ولا عهد عمر ولا عهد عثمان ، إنما كان القصص حيث كانت الفتنة " .


    5- وأخرج المروزي عن سالم أن ابن عمر كان يُلقَى خارجاً من المسجد فيقول :" ما أخرجني إلا صوت قاصكم هذا ".


    6- وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم أبي النضر قال : سأل رجل محمد بن سيرين : ماتقول في مجالسة هؤلاء القُصَّاص ؟ قال : لا آمرك به ، ولا أنهاك عنه . القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج .


    7- وأخرج أحمد في [ الزهد] عن أبي المليح قال : ذكر ميمون القصَّاص فقال : لا يخطئ القاص ثلاثاً ...
    إمَّا أن يُسَـمّنَ قوله بما يهزل دينه.
    وإمَّا أن يُعْجبَ بنفسه
    وإمَّا أن يَأمُر بما لا يفعل .


    8- قال ابن الحاج في [ المدخل] " مجلس العلم ..المجلس الذي يذكر فيه الحلال والحرام واتباع السلف لا مجالس القصَّاص فإن ذلك بدعة . وقد سئل مالك- رحمه الله- عن الجلوس إلى القصَّاص فقـال : " ما أرى أن يجلس إليهم
    وإن القصص لبدعة ".



    ذكر في كتاب [ القُصَّاص والمذكرين] تأليف الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي وفيه فوائد لم يتقدم لها ذكر قال في أوله :
    سأل سائل فقال : نرى كلام السلف يختلف في مدح القصَّاص وذمهم فبعضهم يحرض على الحضور عندهم وبعضهم بنهى عن ذلك ونحن نسأل أن تذكر لنا فصلاً يكون فصلاً لهذا الأمر .


    فأجبت:" إنما كره بعض السلف القصص لأحد ستة أشياء :


    أ*- أن القوم كانوا على الإقتداء والإتباع فكانوا إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أنكروه .


    ب*- أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .


    ت*- أن التشاغل بذلك يشغل عن المهم من قراءة القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .


    ث*- أن في القرآن من القصص وفي السنة من العظة ما يكفي عن غيره ممَّا لا يتيقن صحته .


    ج*- أن أقواماً قصُّوا فأدخلوا في قصصهم ما يفسد قلوب العوام .


    ح*- أن عموم القُصَّاص لا يتحرون الصواب ولا يحترزون من الخطأ لقلة علمهم وتقواهم " .



    ثم أخرج بسنده عن جرير بن حازم قال : سأل رجل محمد بن سيرين عن القصص فقال : بدعة إن أول ما أحدث الحرورية القصص- والحرورية هم الخوارج - .


    قال : ولمَّا أظهرت الخوارج القصص وأكثرت منه كُرِه التشبه بهم .



    فتوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضوا هيئة كبار العماء بالمملكة العربية السعودية


    السؤال/ لقد ذكر السلف القصَّاص وذموهم فما هي طريقتهم وما موقفنا تجاههم ؟


    الجواب: حذَّر السلف - رحمهم الله- من القصَّاص لأنهم في الغالب يتوخون في كلامهم ما يؤثر على الناس من القصص والآثار التي لم تصح ولا يعتمدون على الدليل الصحيح ولا يعنون في تعليم الناس أحكام دينهم وأمور عقيدتهم لأنهم ليس عندهم فقه ويمثلهم في وقتنا الحاضر جماعة التبليغ بمنهجهم المعروف مع ما عندهم من تصوف وخرافة وكذلك هم في الغالب يعتمدون على نصوص الوعيد فيقنِّطون الناس من رحمة الله تعالى " أهـ . من كتاب الأجوبة المفيدة ص/109


    قال الدكتور محمد الصبَّاغ في كتابه " تاريخ القصاص" نقلاً من محقق كتاب " المذكرة والتذكير والذكر" ص/30 بتصرف : " وقد يظن ظان أن موضوع إفساد القصَّاص لم يعد موجوداً الآن وإنما هو أمر تاريخي بحت لا يتصل اليوم بواقع الحياة والناس وهذا ظن خاطئ بعيد عن الصواب ذلك لأن هؤلاء القصَّاص ما زالوا مع الأسف موجودين بأسماء أخرى يعيثون في الأرض فساداً ولئن كان المخادعون الدجالون يظهرون تحت عنوان ( القصَّاص) فيما مضى فإنهم يظهرون في أيامنا هذه تحت عنوان ( الداعية) و(الموجه) و( المربي) و ( الأستاذ) و ( الكاتب) و ( المفكر) ... وما إلى ذلك من الألقاب الرنَّانة ويبدو أن المجاملة التي ليست في محلها ساهمت في تأخير كشف حقيقة هذا النَّفر ... فما يزال كثير من الناس لا يعرفون هؤلاء القوم على حقيقتهم ويخلطون بين هؤلاء الجهال وبين الدعاة إلى الله الواعين الصادقين " أهـ .


    أخواني الأحبة بعد أن عُرض عليكم بعضاً من الأدلة من أقوال السلف في ذم القُصَّاص الذين قد فَتَنُوا الأمة بجهلهم فقد يحضر للقاص الآلاف المؤلَّفة ولا يحضر للعالم المتبحر في العقيدة وفي أمور الدين إلاَّ القليل القليل النادر . فياليت قومي يعلمون !!!


    ملاحظة/ مجمل هذا الكلام من كتاب " مهذب تحذير الخواص من أكاذيب القُصَّاص".تأليف جلال الدين السيوطي المتوفي911هـ ..." ا.هـ . من منشور بعنوان ( التحذير من القُُصاص ) .


    المنهج الذي يسير عليه القُصاص
    و إنّ العجب كل العجب من هؤلاء القُصاص - إلا مَن رحم ربي - كيف أنهم وجّهوا الوعظ و الإرشاد إلى غير وجهته الصحيحة ، فأعرضوا عن التوحيد و العقيدة ، و سلكوا طريقاً في الوعظ لم يسلكه النبي T و لا أصحابه رضوان الله عليهم.
    و الناظر في سنة النبي T يجد أن التذكير بالعقيدة و التوحيد كانت من أُسس دعوته صلوات ربي و سلامه عليه ، و ما حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - عنكم ببعيد . فـعَن العرباض بن سارية قال: قام فينا رسول الله ‏ ‏ T ‏ذات يوم فوعظنا ، موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقيل : يا رسول الله وعظتنا موعظة مودع فاعهد إلينا بعهد . فقال : ‏عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا وسترون من بعدي اختلافا شديدا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها ‏ ‏بالنواجذ ‏ ‏وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة . رواه ابن ماجه و هو صحيح .
    فانظروا - رعاكم الله بحفظه - كيف أنّ النبي T عندما يعظ و يُذكر، فإنه يُركز على العقيدة و التوحيد . فهل يا تُرى هؤلاء الوعاظ يعلمون ذلك ؟! .
    و إنّ العجب كل العجب من هؤلاء القُصاص - إلا مَن رحم ربي - كيف أنهم تساهلوا جداً في إيراد الأحاديث الضعيفة و الآثار الموضوعة عند حديثهم عن موضوع معين ، مما ساهم في نشر كثير من القصص و الأحاديث الموضوعةعلى النبي - صلى الله عليه و سلم - و أصحابه ، و هذا أدى إلى ظهور بعض العقائد الباطلة ، و التي انتشرت بين كثير من المسلمين .


    مثال ذلك ؛ اعتقاد كثير من المسلمين أن الله خلق الخلق لأجل النبي - صلى الله عليه و سلم - و من نوره ، و من أدلتهم في هذا الإعتقاد الباطل ، حديث مكذوب على النبي - صلى الله عليه و سلم - و فيه أنه قال ( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب بحق محمد إلا غفرت لي . فقال الله : يا آدم و كيف عرفت محمداً و لم أخلقه ؟ قال آدم : يا رب لما خلقتني بيدك و نَفَختَ فيّ مِن روحك ، رَفعتُ رأسي فرأيتٌ على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فَعلمتُ أنك لم تُضِف إلى اسمك إلا أَحَبّ الخلق إليك ، فقال الله : غفرتُ لك ، و لو لا محمد ما خلقتك ) ، و حديث آخر مكذوب جاء فيه قوله عليه الصلاة والسلام ( إنّ الله خلق الكون من نور نبيك يا جابر ) .


    و لذلك ترى الشاعر الصوفي السمّاني عبد الرحيم البرعي يقول في قصيدة له بعنوان ( مهبط الوحي ) و هو يتحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم :


    توسّل للمولى بجاهه آدم فتاب عليه جابراً للخواطر


    و لولاه لم يُخْلق و لم يكن عالماً بأسماء كل الكائنات الظواهر


    و لم تسجد الأملاك بل و لا و لم يكن الله في الذكر الحكيم بذاكر


    و لولاه لا نار و لم تكن جنة و ما الله للأكوان كلاً بفاطر


    و قال في قصيدة بعنوان ( دينك هدانا ) و هو يغلو في النبي عليه الصلاة و السلام :


    الرسل و الأملاك و العرش و الأفلاك


    قاصرين عن سامي عُلاك لم يُخلقوا لولاك


    و السبب في انتشار مثل هذه العقائد الباطلة هو تساهل الوعاظ – إلا من رحم ربي – في ذلك . و إنّ الواجب على كل داعية إلى الله على بصيرة أنْ يتّقي الله عز و جل في أمة النبي – صلى الله عليه و سلم – فيما يُحدّث به ، و عليه بالتثبت من صحة الأحاديث التي يرويها عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - أو عن غيره .


    أمْرُ الشارع الحكيم بِحفظ اللسان


    و قد عَقَدَ الإمام النووي - رحمة الله عليه - باباً في كتابه القيم ( رياض الصالحين ) بعنوان ( باب تحريم الغيبة و الأمر بحفظ اللسان ) ، و بعد أن ذكر رحمه الله الآيات التي تنهى عن الغيبة و تأمر بحفظ اللسان ، قال " إعلم أنه ينبغي لكل مُكلّفٍ أنْ يَحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة ، و متى استوى الكلام و تركُهُ في المصلحة ، فالسنّة الإمساك عنه ، لأنه قد يَنْجرّ الكلام المُباح إلى حرام أو مكروه ، و ذلك كثير في العادة ، و السلامةُ لا يَعْدلها شيءٌ " ا.هـ .


    ثم أورد رحمه الله حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال ( مَن كان يُؤمن بالله و اليوم الآخر فلْيَقل خيراً أو لِيَصمُت ْ ) متفق عليه . قال الإمام النووي بعدما أورد هذه الحديث " و هذا صريح في أنه لا يَتَكلَّم إلا إذا كان الكلام خيراً ، و هو الذي ظهرت مصلحته ، و متى شكّ في ظهور المصلحة ، فلا يَتَكلّم " ا.هـ


    أَعِد أخي الكريم - من فضلك - كلام الإمام النووي رحمه الله مرة ثانية و تَدبّره جيداً . فإذا تدبّرت الكلام جيداً ؛ بان لك تقصير أولئك القصاصون ، فَهُم يوردون الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، و بعضهم يَعْلمُ ذلك و الكثير منهم يَجْهله . و أخشى أن لا يكونوا معذورين بجهلهم ، لأن النبي - صلى الله عليه و سلم - أَمَر بأمْرين : الأول ( قول الخير ) ، و الأحاديث الضعيفة شر بلا شك . فإن قال القاصُّ : لا أعلم أنه صحيح أم ضعيف ؟ . قلنا : عليك بالأمر الثاني و هو ( الصمت ) . أمّا أن تُحدّث الناس بأحاديث و قصص لا سند لها بِغَرض الإثارة ، فهذا يُعرّضك للإثم و العقوبة .


    قال سبحانه و تعالى مخاطباً نبيه - صلى الله عليه و سلم - { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء : 36 . جاء في ابن كثير رحمه الله (...وقال قتادة لا تقل رأيت ولم تر وسمعت ولم تسمع وعَلمتُ ولم تَعْلم ، فإن الله تعالى سائلك عن ذلك كله ) ثم قال ابن كثير ( ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم بل بالظن الذي هو التوهم والخيال... ) ، فيا سبحان الله ، المولى عز و جل ينهى خليله عن القول بلا علم ، فَـهَل يا تُرى قرأ أولئك القصاصون هذه الآية و تدبروا معناها ؟! .


    و جاء في صحيح الإمام مسلم - عليه رحمة الله - عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( كفى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحدّث بِكلّ ما سَمِع ) . أي يكفيه كذباً أنْ يُحدّث الناس بكل ما سمعه من الأخبار الصحيحة و المكذوبة . بل لو كانت صحيحة ، فعليه بالنظر في المصالح و المفاسد ، فإن كانت المصلحة راجحة ؛ تَكَلّم . و إنْ كان غير ذلك فعليه بالصمت . راجع مرة أخرى كلام الإمام النووي رحمه الله .


    و جاء في الصحيحين حديث رهيب ، يجب على كل مسلم أن يجعله نُصْبَ عينيه ، فَـعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه و سلم - يقول ( إنّ العبد لَيَتكلّم بالكلمة ما يتبيّن فيها ؛ يَزِلُّ بها إلى النار أَبْعَدَ مما بين المشرق و المغرب ) متفق عليه . قال النووي رحمه الله ( و معنى " يتبيّن " يُفكّر أنها خيرٌ أم شر ) .


    فهذه إخوة الإيمان ، بعض الأدلة من القرآن و السنة الصحيحة ، تُوضح بجلاء و تُركّز على أهمية حفظ اللسان ، خاصّة عند الحديث عن دين الله . لأن الخوض في الدين بغير العلم يُعتبر تَقَوّلاً على الله و على رسوله صلى الله عليه و سلم .


    و القول على الله بغير علم هو أصل الشرك، لأنّ الشرك ظهر في الأرض ، بعدما زعم بعض الناس أنّ دعاء الأولياء الصالحين الأموات عند قبورهم لا يَضر ، و بالتدريج وقع الناس في الشرك. لذلك جعل الله القول عليه بغير العلم أكبر من الشرك في الحرمة ، لأنه السبب فيه ، قال تعالى ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) الأعراف : 33 .



    لماذا هذا التركيز الشديد على أؤلئك القصاصين ؟


    و الجواب : اعلم - حفظك الله - أنّ أهل السنة و الجماعة عندما يُنكرون شيئاً ، فإنهم يُنكرونه عن علم ، و السبب في ذلك هو أنّ أغلب هؤلاء القصاصين :


    1- لا يُحدّثون الناس - إلا من رحم ربي- عن التوحيد و لا يُحذّرونهم من الشرك .


    2- و لا يُربّون الناس على حب السنة و تطبيقها ، فترى أولئك القصاصون يتساهلون في تطبيق السنة تساهلاً عجيباً - إلا من رحم ربي- ، فتراهم حليقو اللحى و مُسبِلوا الإزار . بل إني لأعلم أحد الدعاة الذين تُوفّوا - أسأل الله أن يرحمه - كان من المدخنين . و الله المستعان .


    3- و لا يُحذّرون الناس من البدع و أهلها، بل أكثرهم - إلا من رحم ربي - واقعون في البدع .


    4- يُورِدون الأحاديث الضعيفة الموضوعة ، و هذا شر مستطير لا يعلم خطره إلا الله سبحانه و تعالى .



    الأحاديث الضعيفة و الموضوعة كانت أحد الأسباب في ظهور الشرك


    و قد ذكرتُ لكم أنّ الأحاديث الضعيفة و الموضوعة كانت أحد الأسباب في ظهور العقائد الباطلة بين المسلمين . و حتى أزيدكم من الطيب نفحة ، ها أنا ذا أنقل لكم كلاماً قيّماً للإمام ابن القيم - رحمه الله - يُدَعِّـمُ قولي السابق .


    فَـبَعد أن بين ابن القيم مكائد الشيطان التي أوقع عُبّاد القبور - أي المتصوفة - في حبالها، فأصبحوا يدعون و يستغيثون الأموات ، قال رحمه الله " فإنْ قيل : فما الذي أوقع عُبّاد القبور في الإفتتان بها ، مع العلم بأنّ ساكنيها أموات ، لا يملكون لهم ضراً و لا نفعاً ، و لا موتاً و لا حياتاً و لا نشوراً ؟
    قيل : أوقعهم في ذلك أمور :
    منها : الجهل بحقيقة ما بعث الله به رسوله... .
    و منها : أحاديث مكذوبة مختلقة ، وضعها أشباه عُبّاد الأصنام : من المقابرية ، على رسول الله صلى الله عليه و سلم تُناقض دينه ، و ما جاء به ، كحديث ( إذا أعيَتْكم الأمور فـعليكم بأصحاب القبور ) و حديث ( لو أحسن أحدكم ظنّه بحجر نفعه ) ، و أمثال هذه الأحاديث التي هي مُناقضة لدين الإسلام . وضعها المشركون ، و راجت على أشباههم من الجُهّال و ضُلاّل . و الله بعث رسوله بِـقَتْلِ مَن حَسّن ظنه بالأحجار ، و جَنّب أمته الفتنة بالقبور بكل طريق ، كما تقدم ." ا.هـ إغاثة اللهفان ص332-333 .


    أباطيل مبنية على حديث موضوع


    و في الأحاديث الضعيفة تغيير لشرع الله سبحانه و تعالى ، و إليك هذا المثال ، فبالمثال يتّضِحُ المقال . حديث (إذا أعيَتْكم الأمور فـعليكم بأصحاب القبور ) ، و هذا حديث موضوع و مكذوب على النبي محمد - صلى الله عليه و سلم - و هذا الحديث الموضوع أتى بأباطيل كثيرة ، و خالف الشرع من أوجه عديدة :


    أولاً : صادم هذا الحديث أصلاً عظيماً من أصول الدين ، و هو إفراد الله سبحانه و تعالى بالعبادة ، فالله يقول في القرآن
    { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } الجن : 18 ، و الحديث يدعو إلى دعاء غيره .


    ثانياً : صادم هذا الحديث قاعدة مُؤصّلة عند أهل السنة ، و هي أنّ الميت لا ينفع و لا يضر ، و هذه القاعدة مأخوذة من الكتاب و السنة ، و لو كان الميت ينفع و يضر ، لـ نفع نفسه و لـ حماها مِن أن تتعرىّ يوم تغسيله ،قال تعالى { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُون نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ َ } الأعراف : 197 .


    ثالثاً : َصادم هذا الحديث الموضوع قاعدة مُؤصلة عند أهل السنة ، و هي أنّ الأموات لا يسمعون شيئاً ، قال المولى عز و جل { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ . إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } فاطر : 13-14 .


    رابعاً : هذا الحديث سَنَّ سُنّة باطلة ، و هي جواز زيارة القبور لـطلب الحاجات و كشف الكربات ، و هذا بلا شك أمر غير صحيح ، لأنّ زيارة القبور ما شُرِعت إلا للتذكير بالموت و بالآخرة و للدعاء للميت لا دُعاءه .
    و الدليل على ما قلنا ، ما جاء في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ( زوروا القبور ، فإنها تُذكِّر الموت ) ، فهذا هو الدليل على التذكير بالموت .


    و روى الإمام أحمد رحمه الله ، عن علي بن أبي طالب : أنّ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال ( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تُذكّركم الآخرة ) ، و هذا هو الدليل على التذكير بالآخرة .


    و روى الإمام مسلم في صحيحه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنّ جبريل أتاه ، فقال : إنّ ربك يأمرك أنْ تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم . قالت قلتُ : كيف أقول لهم يا رسول الله ؟ . قال : قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين ، و يرحم الله المستقدمين منا و المستأخرين ، و إنا إن شاء الله بكم لاحقون ) .


    و عن سليمان بن بُريدة عن أبيه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يُعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا ( السلام على أهل الديار - و في لفظ : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين و المسلمين - و إنّا إنْ شاء الله بكم لاحقون . نسأل الله لنا و لكم العافية ) رواه مسلم . و هذا هو الدليل على الدعاء للميت مِن قِبَلِ الزائر .


    و الناظر بعمق في هذين الحديثين ؛ يتبيّن له بجلاء بأن المشروع عند زيارة القبور هو السلام على الموتى و الدعاء لهم :
    * لأنه جاء في الحديث ( قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين و المسلمين ، و يرحم الله المستقدمين منا و المستأخرين ) ، فالزائر يُسلّم على الميت و يدعو الله له بأنْ يَرحمه.
    * ولأنه جاء في الحديث ( نسأل الله لنا و لكم العافية ) و لم يقل لهم النبي عليه الصلاة و السلام- و هو في موضع التبيين و التعليم - قولوا ( إسألوا لنا و لكم العافية ) . فَـهل قومي يعلمون ؟!


    خامساً : هذا الحديث المكذوب على الرسول – صلى الله عليه و سلم – فَتَح الباب على مصراعيه لدعاء أصحاب القبور الموتى سواءً كانوا أئمة المتقين أو سادة الفاسقين . و الله المستعان .


    سادساً : هذا الحديث الباطل يُعطي للقبور ميزة ، و يجعلها أرضاً مباركة يُستجاب فيها الدعاء . و هذا ضلال مبين ، أسأل الله أن يُعيذني و المسلمين أجمعين منه . و بالتالي سيعتقد الجهال بأن للقبور بركة مُتعدية ، و هذا سيؤدي إلى أن يتمسّحوا بالقبور و جدرانها ، و إلى أن يتبرّكوا بترابها و حصبائها . و هذا مشاهد عند الأضرحة . فَـهل قومي يفهمون ؟!


    فهل أدركت أخي القارئ الكريم - حفظك الله و رعاك - مدى خطورة هذه الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، و هل استيقنت ما قُلتُه لك من أنّ هذه الأحاديث أَدخَلت العقائد الباطلة إلى أمة الحبيب المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه .


    من مضار الأحاديث الضعيفة و الموضوعة إعلاء مكانة أهل الضلال


    و إنّ من أخطار و مضار هذه الأحاديث ؛ رَفْعُ أهل الباطل و الفساد ، و تلميع ذِكْرهم عند العباد ، و مِن أقوى الأمثلة على ما ذكرت لك أخي الفاضل ، تلك القصة التي استلمتُها - و لعلك قرأتها - عبر البريد الإلكتروني ، و فيها أنّ أبا يزيد البسطامي ناظر قسيساً في كنيسة ، فأسلم أهل الدير كلهم بما في ذلك القسيس . و العاميُّ من الناس قد تعجبه هذه القصة ، لأنها تسبّبت في نشر الإسلام ، و ما عَلِمَ المسكين أنّ مثل هذه القصة قد دُسّ فيها السم الزعاف القاتل .


    فهذه القصة من نسيج خيالات أهل التصوف ، و هي ليست صحيحة السند ، و لو قُدّر أنها صحيحة السند ، فلا يجوز تناقُلها و حكايتها للعوام ، لأنّ فيها مدحاً و ثناءً لأهل البدع و الفساد من أهل عقيدة الحلول و الإتحاد ، و هذه العقيدة تحوي الزندقة و الكفر بالله ، ما الله به عليم .


    و كأنّك - و الله أعلم - قد تساءلت هذه الأسئلة :


    1- كيف أَثْنت هذه القصة على مبتدع ضال ؟ و مَن هو ؟ و ما حاله؟ .


    2- ما هي عقيدة الحلول الإتحاد . و غيرها من الأسئلة .


    و الجواب أن نقول : لقد أثنت هذه القصة المكذوبة على أبي يزيد البسطامي ، فهذه القصة يَعُدّها أهل التصوف كرامةً من كرامات هذا الشيخ .


    و أبو يزيد هذا اسمه طيفور بن عيسى بن سروشان البسطامي . و جده - سروشان - كان مجوسياً فأسلم ، و هو من بلدة بين خراسان و العراق تُسمى ( بسطام ) .


    و أبو يزيد طيفور كان له إخوان ، و هو الثاني بـحسب الترتيب : آدم ثم طيفور ثم علي ، و كلهم كانوا من الصوفية ، و لكن أبا يزيد كان أشهرهم ، و كان له أحوال و أقوال لم يُسبق إليه ، مثال ذلك قول أبو يزيد طيفور ( لقد خُضنا بحراً ، وَقَـف الأنبياء بـساحله ) .


    و بعض المتصوفة يعتقد أنّ في رؤية طيفور هذا فضلٌ عظيم و أجر كبير ، و لعلك ستندهش عندما أنقل لك ما ذكره أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين ( باب حكاية المحبّين و مُكاشفاتهم ) ، حيث ذَكَر قصةً دارت بين رجل يُكنى بأبي تراب و صديقٍ له ، جاء فيها :
    قال أبو تراب يوماً : لو رأيتَ أبا يزيد ! .
    فقال له صديقه : إني عنه مشغول ، قد رأيْتُ الله فأغناني عن أبي .
    قال أبو تراب : ويلكَ تَغْتر بالله عز و جل ، لو رأيتَ أبا يزيد مرةً واحدةً ، كان أنفع لك من أنْ ترى الله سبعين مرة .


    ثم عَلّق أبو حامد الغزالي على هذه القصة بقوله ( فأمثال هذه المكاشفات لا ينبغي أن يُنكرها المؤمن ) . قال الشيخ الحلبي السلفي محمد بن جميل زينو - حفظه ربي و أطال عمره في طاعته - بعدما أورد القصة السابقة و قول الغزالي ، قال حفظه الله ( أقول للغزالي : بل يجب على المؤمن أن يُنكرها لأنها كذب و كفر تُخالف القرآن و الحديث و العقل ) . من كتاب للشيخ بعنوان ( مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد و المجتمع ) ج 2 / 214 .


    و الحاصل أنّ أبا يزيد هذا كان و لا يزال عند المتصوفة من العلماء و الأولياء ، و كان من الدعاة إلى عقيدة الحلول و الإتحاد.
    و عقيدة الحلول و الإتحاد( التي يعتقدها كثير من المتصوفة تتلخص في أنّ العبد إذا وصل إلى مقام معين من مقامات الولاية - أي صار ولياً من أولياء الله حقيقة - حَلّ الله سبحانه و تعالى فيه ، كما يَحِلُّ الماء في الكأس ، و أصبحت صفات ذلك العبد كصفات الله تماماً ، و هذه هي عقيدة الحلول.
    و بعضهم يقول إنّ الله يَتّحد بعبده كما يَتّحد الماء باللبن، فيُصبح هو الله لا فرق بينه و بين الله في ذاته و صفاته و أفعاله ، و هذه هي عقيدة الإتحاد . و هذه المرحلة التي يتّحد فيها الله مع عبده أو يَحِلُّ فيه هي الغاية المنشودة عند أئمة المتصوفة ، بل عندهم مَن لم يصل إلى هذه المرحلة فإنه لم يصل إلى معرفة الله حقيقة . و السبيل عندهم لبلوغ هذه الغاية كما زعموا تمرينُ النفس بأنواع الرياضات و المجاهدات... ) نقلاً من كتاب ( شعر البرعي في ميزان الكتاب و السنة ) للشيخ : عمر التهامي
    إذاً فصاحب هذه العقيدة يعتقد أنّ الله حَلّ فيه - عياذًا بالله - كما يحل الماء في الكأس ، و أول مَن دعا إلى هذه العقيدة رجل يُسمى حسين الحلاج ، و هو من أصل فارسي مجوسي ، و قد قتله علماء عصره من أهل السنة ردةً ، لأنه زعم بأنّ الله حل فيه ، و كان الحلاج يقول ( إنّ إلهكم الذي تعبدون تحت قدمي هذه ) .


    و أصل عقيدة الحلول و الإتحاد مأخوذُ من عقائد الهنود الوثنية ، ثم انتقلت إلى النصارى ، و لذلك ترى أنّ النصارى يعتقدون أنّ الرب عز و جل قد حلّ في عيسى عليه السلام ، و هذا بلا شك كفرٌ و زندقة .


    و جاء في كتاب ( اللمع ) لأبي نصر السراج الطوسي ص 382 أنّ أبا يزيد قال ( رفعني الله فأقامني بين يديه ، و قال لي : يا أبا يزيد إنّ خَلْقي يُحبون أنْ يَروك . فقلتُ : زيّني بوحدانيتك و ألبسني أنانيتك ، و ارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا : رأيناك . فتكونُ أنت ذاك و لا أكونُ انا هناك ) ا.هـ .


    و قد ألّف أحد المتصوفة - و يُدعى أبو الفضل علي بن الحسين بن أحمد بن الحسن الهمذاني ت 427 هـ - كتاباً سمّاه ( النور من كلمات طيفور ) جاء فيه أنّ أبا يزيد قال:
    " من ثلاثين سنة كان الحق مرآتي ، فَصِرتُ اليوم مرآة نفسي ، لأني لست الآن من كنته ، و في قولي : أنا و الحق إنكار لتوحيد الحق ، لأني عدم محض " .
    و قال " سبحاني سبحاني ما أعظم شأني ، حسبي من نفسي حسبي " .
    و قال أيضاً " عَجِبتُ مِمّن عَرَف الله كيف يعبده " .
    و قال " سبحاني سبحاني أنا ربي الأعلى " و غيرها من الأقوال ، فأرجو مراجعة كتاب ( النور من كلمات طيفور ) .


    أيها الأخ الفاضل ، كان ما سبق نذراً يسيراً جداَ - و أرجو أن لا يكون مُخلاً - عن أبي يزيد البسطامي ، و عن العقيدة التي كان يدعو إليها .


    فهل بان لك أخي الكريم مدى الخطر الكبير و الشر المستطير من هذه القصة التي استلمتُها عن طريق الإيميل ، فإنّ العامي إذا قرأ هذه القصة فَـسَيَغْترّ بأبي يزيد البسطامي ، و سَيَظنّه من كبار الأولياء و الفضلاء ، و إذا وقع في يده كتاب للبسطامي - او لغيره فيه ثناء و استدلال بأقوال البسطامي - فَسَيظنّ انّ ما يقوله حقاً ، و لعل المادة المقروءة هي عقيدة الحلول و الإتحاد ، التي سيقتنع بها هذا العاميُ ، و تكون نهايته إذا لم يتب منها قبل موته الـ...؟!


    و إني لأعجب من الشاعر عبد الرحيم البرعي حينما يمدح و يُثني على حسين الحلاج - صاحب عقيدة الحلول و الإتحاد - الذي قال ( إنّ إلهكم الذي تعبدون تحت قدمي هذه ) ، و يتباكى على قتل حسين الحلاج . فقال في قصيدة بعنوان ( قمر السماء ) من ديوانه المسمى ( رياض الجنة ) :


    يتهافتون على الربا بضراوة و على التكاثر منه و الإنتاج
    إلى أن قال :
    سفكوا دماء الأبرياء ظلموا كما سفك الذين خلوا دم الحلاج


    و في قصيدة بعنوان ( اذكر إلهك رب العرش ) أثنى البرعي على كل من البسطامي و حسين الحلاج ، فقال :


    قال الحسين على معبودكم قدمي وضعته يا له من عارف كاسِ


    و قائلٌ خِضْتُ بحراً زاخراً وَقفتْ بساحل منه رُسُلٌ سادةُ الناس


    فإنا لله و إنا إليه راجعون




    نصائح و توجيهات قبل الختام


    و قبل الختام أقول : رأي - المتواضع - في هذه القصة أنها باطلة و مكذوبة ، و فيها مدح لدعاة البدع و الشرك بالله ، فلا يجوز تناقُلها حتى لا يَغْترّ بها العوام ، ثم إنّ سندها مجهول و غير معلوم - للناقل و القارئ إلا من رحم ربي - و إذا كان الحال كذلك فلا يجوز نقلها و لا تحديث الناس بها . لأنّ نبينا و إمامنا صلوات ربي و سلامه عليه قال : ( إنّ العبد لَيَتكلّم بالكلمة ما يتبيّن فيها ؛ يَزِلُّ بها إلى النار أَبْعَدَ مما بين المشرق و المغرب ) متفق عليه . قال النووي رحمه الله ( و معنى " يتبيّن " يُفكّر أنها خيرٌ أم شر )هذا المصير سينتظر كُلَّ مَن تَكلّمَ بكلامٍ لا يدري أَخَيْرٌ هو أم شر ، أَحَقٌ هو أم باطل .


    و صدق من قال :
    احـفـظ لـسانك أيـها الإنسان لا يـلدغـنك إنـه ثعبان
    كـم في الـمقابر مـن قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
    و قال آخر :


    يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
    فـعثرته بلسانه تذهب رأسه وعـثرته برجله تبـرأ عـلى مهـل


    كما أني أنصح بإستماع الأشرطة العلمية المؤصلة لعدة مشايخ منهم :
    العلامة المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله .
    و الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله .
    و فقيه العصر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
    و فضيلة الشيخ محمد بن علي الجامي رحمه الله .
    و فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله .
    و فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله . و غيرهم


    أما الشيخ عبد الحميد كشك - أسأل الله أن يرحمه - فمعلوم أنه في كثير من أشرطته لا يتحرزّ من مسألة نقل الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، و قصتنا هذه خير دليل على ما قلنا .


    كما أني أنصح الأخ الكريم بتعلّم العلم الشرعي الصحيح ، القائم على الكتاب و السنة بفهم الصحابة و من اقتفى أثرهم ، قال ابن القيم رحمه الله :
    الــعـلـم قـــال الله قـــال رســولــه قـال الصحـابة هـم أولي العرفان


    ما العلم نصبك للـخـلافـة سـفاهـة بـيـن الـرسـول و بـيـن قول فلان


    و عليك - أخي الكريم - بأخذ العلم من أهله العلماء الربانيين لا من القصاصين و غيرهم ، و اجعل كلمات الإمام الأوزاعي - عليه رحمة الله - دوماً بين ناظريك ، قال رحمه الله " اتقوا الله معشر المسلمين ، و اقبلوا نصح الناصحين ، و عظة الواعظين ، و اعلموا أن هذا العلم دين ، فانظروا ما تصنعون ، و عَمّنْ تأخذون ، و بِمَنْ تقتدون ، و مَن على دينكم تأمنون ...) تاريخ دمشق 6/362 .
    و في الختام


    أسأل الله العلي العظيم أنْ يَمُنّ علينا و عليكم بالعلم النافع ، و العمل الصالح ، و أنْ يُوفقنا و إياكم للخير و السداد ، و أنْ يُجنّبُنا الباطل و أهله .إنه ولي ذلك و القادر عليه .
    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


    منقول من المقتدي بالسلف



    الرد منقول للأفاده

رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قصة الراعي الهندي الذي أسلم على يديه 1800 إنسان‎
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-11-2011, 06:42 PM
  2. عندما عاد إلى قريته أسلم على يديه أكثر من 80 ألف شخص .. !!
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-07-2010, 03:48 AM
  3. الطفل التنزاني الذي أسلم على يديه الآلاف وأبواه مسيحيان
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 06:43 PM
  4. طفل معجزة عمره 5 سنوات أسلم على يديه المئات
    بواسطة muad في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 10-04-2008, 03:39 PM
  5. مصرى مسلم عامي يسلم على يديه 4 نصارى
    بواسطة عبد الرحمن احمد عبد الرحمن في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 29-04-2006, 02:11 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة

رجل مسلم أسلم على يديه كل من كان في الكنيسة