ابن القسيس الذي اسلم.. قصة عجيبة ومؤثرة


كنت في مدينة جوهانسبرج, وكنت أصلي مرة في مسجد, فاذابطفل عمره عشر سنوات يلبس ثياباً عربية, أي ثوباً أبيض, وعباءة عربية خليجية تحملهاكتفاه, وعلى رأسه الكوفية والعقال. فشدني منظره, فليس من عادة أهل جنوب أفريقيا أنيلبسوا كذلك, فهم يلبسون البنطال والقميص, ويضعون كوفية على رؤوسهم, أو أنهم يلبسون الزي الإسلامي الذي يمتاز به مسلمو الهند والباكستان.. فمر من جانبي, وألقى عليتحية الإسلام, فرددت عليه التحية, وقلت له: هل أنت سعودي؟
فقال لي: لا, أنا مسلم, أنتمي لكل أقطار الإسلام, فتعجبت, وسألته: لماذا تلبس هذا الزي الخليجي, فردعلي: لأني أعتز به, فهو زي المسلمين.. فمر رجل يعرف الصبي, وقال: أسأله كيفأسلم؟فتعجبت من سؤال الرجل, بأن أسأل الغلام, كيف أسلم.. فقلت للرجل: أو ليسمسلماً ?! ثم توجهت بسؤال للصبي: ألم تكن مسلماً من قبل, ألست من عائلة مسلمة؟!!.. ثم تدافعت الأسئلة في رأسي, ولكن الصبي قال لي: سأقول لك الحكاية من بدايتها حتى نهايتها, ولكن أولاً.. قل لي من أين أنت؟
-
أنا من مكة المكرمة. وما أن سمعالطفل جوابي, بأني من مكة المكرمة, حتى اندفع نحوي, يريد معانقتي وتقبيلي, وأخذيقول: من مكة!! من مكة!! وما أسعدني أن أرى رجلاً من مكة المكرمة بلد اللّه الحرام.. اني اتشوق لرؤيتها.. فتعجبت من كلام الطفل, وقلت له: بربك أخبرني عن قصتك.. فقال الطفل:ولدت لأب كاثوليكي قسيس, يعيش في مدينة شيكاغو بأمريكا, وهناك ترعرعتوتعلمت القراءة والكتابة في روضة أمريكية, تابعة للكنيسة. ولكن والدي كان يعتني بيعناية كبيرة من الناحية التعليمية, فكان دائماً ما يصحبني للكنيسة, ويخصص لي رجلاًيعلمني ويربيني, ثم يتركني والدي في مكتبة الكنيسة لأطالع المجلات الخاصة بالأطفالوالمصبوغة بقصص المسيحية.
وفي يوم من الأيام بينما كنت في مكتبة الكنيسة, امتدتيدي الى كتاب موضوع على احد ارفف المكتبة, فقرأت عنوان الكتاب فاذا به كتابالإنجيل.. وكان كتاباً مهترئاً. ولفضولي, أردت أن أتصفح الكتاب, وسبحان اللّه, ماأن فتحت الكتاب, حتى سقطت عيناي (ومن أول نظرة) على سطر عجيب, فقرأت آية تقول: وهذهترجمتها بتصرف: (وقال المسيح: سيأتي نبي عربي من بعدي اسمه أحمد( ..فتعجبت من تلك العبارة, وهرعت إلى والدي وأنا أسأله بكل بساطة, ولكن بتعجب:
-
والدي, والدي أقرأت هذا الكلام, في هذا الإنجيل? فرد والدي: وما هو? هنا في هذه الصفحة كلام عجيب.. يقول المسيح فيه إن نبياً عربياً سيأتي من بعده.. من هو يا أبي النبيالعربي, الذي يذكره المسيح بأنه سيأتي من بعده? ويذكر أن اسمه أحمد?.. وهل أتى أم ليس بعد يا والدي.؟فإذا بالقسيس يصرخ في الطفل البريء, ويصيح فيه: من أين أتيت بهذا الكتاب؟ منالمكتبة يا والدي, مكتبة الكنيسة, مكتبتك الخاصة التي تقرأ فيها..
-
أرني هذاالكتاب, ان ما فيه كذب وافتراء على السيد المسيح..
-
ولكنه في الكتاب, فيالإنجيل يا والدي , ألا ترى ذلك مكتوباً في الإنجيل..مالك ولهذا, فأنت لاتفهم هذه الأمور, أنت لا زلت صغيراً... هيا بنا إلى المنزل, فسحبني والدي من يديوأخذني إلى المنزل, وأخذ يصيح بي ويتوعدني, وبأنه سيفعل بي كذا وكذا, إذا أنا لم أترك ذلك الأمر.. ولكنني عرفت أن هناك سراً يريد والدي أن يخفيه علي. ولكناللّه هداني بأن أبدأ البحث عن كل ما هو عربي, لأصل إلى النتيجة.. فأخذت أبحث عنالعرب لأسألهم فوجدت مطعماً عربياً في بلدتنا, فدخلت, وسألت عن النبي العربي, فقال لي صاحب المطعم:اذهب إلى مسجد المسلمين, وهناك سيحدثونك عن ذلك أفضل مني.. فذهب الطفل للمسجد, وصاح في المسجد:هل هناك عرب في المسجد, فقال لهأحدهم:ماذا تريد من العرب?.. فقال لهم:أريد أن أسأل عن النبي العربيأحمد?.. فقال له أحدهم: تفضل اجلس, وماذا تريد أن تعرف عن النبي العربي؟ قال: لقد قرأت أن المسيح يقول في الإنجيل الذي قرأته في مكتبة الكنيسة أننبياً عربياً اسمه أحمد سيأتي من بعده. فهل هذا صحيح ? قال الرجل: هل قرأتذلك حقاً?... إن ما تقوله صحيح يا بني.. ونحن المسلمون أتباع النبي العربي محمد صلىاللّه عليه وسلم. ولقد ذكر قرآننا مثل ما ذكرته لنا الآن.
فصاح الطفل, وكأنه وجد ضالته: أصحيح ذلك?!!
-
نعم صحيح... انتظر قليلاً.. وذهب الرجل واحضر معهنسخة مترجمة لمعاني القرآن الكريم, وأخرج الآية من سورة الصف التي تقول: {ومبشراًبرسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} فصاح الطفل: أرني إياها.. فأراه الرجل الآيةالمترجمة.. فصاح الطفل: يا الـهي كما هي في الإنجيل... لم يكذب المسيح, ولكن والديكذب علي.. كيف أفعل أيها الرجل لأكون من أتباع هذا النبي (محمد صلى اللّه عليهوسلم).. فقال: أن تشهد أن لا اله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله, وأن المسيحعيسى بن مريم عبده ورسوله.. فقال الطفل: أشهد أنه لا إله إلا اللّه وأنمحمداً عبده ورسوله, وأن عيسى عبده ورسوله, بشر بهذا النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم. ما أسعدني اليوم.. سأذهب لوالدي وأبشره.. وانطلق الطفل فرحاً لوالده القسيس.. والدي والدي لقد عرفت الحقيقة.. ان العرب موجودون في أمريكاوالمسلمين موجودون في أمريكا, وهم أتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم, ولقد شاهدتالقرآن عندهم يذكر نفس الآية التي أريتك إياها في الإنجيل.. لقد أسلمت.. أنامسلم الآن يا والدي.. هيا أسلم معي لابد أن تتبع هذه النبي محمد صلى اللّه عليهوسلم. هكذا أخبرنا عيسى في الإنجيل.. فاذا بالقسيس وكأن صاعقة نزلت على رأسه.. فسحب ابنه الصغير وأدخله في غرفة صغيرة وأغلق عليه الباب, ساجناً إياه.. وطلب بعدمالرأفة معه.. وظل في السجن أسابيع.. يؤتى إليه بالطعام والشراب, ثم يغلق عليه مرةأخرى.. وعندما خاف ان يفتضح أمره لدى السلطات الحكومية - بعد أن أخذت المدرسة التييدرس فيها الابن, تبعث تسأل عن غياب الابن- وخاف أن يتطور الأمر, وقد يؤدي به إلى السجن.. ففكر في نفي ابنه إلى تنزانيا في أفريقيا, حيث يعيش والدا القسيس.. وبالفعل نفاه إلى هناك, وأخبر والديه بأن لا يرحموه, اذا ما هو عاد لكلامه وهذيانهكما يزعمون.. وان كلفهم الأمر بأن يقتلوه فليقتلوه هناك.. ففي إفريقيا لن يبحث عنه أحد!! سافر الطفل إلى تنزانيا.. ولكنه لم ينس إسلامه.. وأخذ يبحث عن العربوالمسلمين, حتى وجد مسجداً فدخله وجلس إلى المسلمين وأخبرهم بخبره.. فعطفوا عليه.. وأخذوا يعلمونه الإسلام.. ولكن الجد اكتشف أمره.. فأخذه وسجنه كما فعل والده منقبل, ثم اخذ في تعذيب الغلام.. ولكنه لم ينجح في إعادة الطفل عن عزمه, ولم يستطع انيثنيه عما يريد ان يقوم به, وزاده السجن والتعذيب, تثبيتاً وقوة للمضي فيما أراد لهاللّه.. وفي نهاية المطاف.. أراد جده أن يتخلص منه, فوضع له السم في الطعام.. ولكناللّه لطف به, ولم يقتل في تلك الجريمة البشعة.. فبعد أن أكل قليلاً من الطعام أحسأن أحشاءه تؤلمه فتقيأ, ثم قذف بنفسه من الغرفة التي كان بها إلى شرفة ومنها إلىالحديقة, التي غادرها سريعاً , إلى جماعة المسجد, الذين أسرعوا بتقديم العلاجاللازم له, حتى شفاه اللّه سبحانه وتعالى.. بعدها أخبرهم أن يخفوه لديهم.. ثم هربوهإلى أثيوبيا مع أحدهم.. فأسلم على يده في أثيوبيا عشرات من الناس, دعاهم إلىالإسلام..
قال لي الغلام: ثم خاف المسلمون علي فأرسلوني الى جنوب إفريقيا.. وها أنذا هنا فيجنوب أفريقيا. أجالس العلماء واحضر اجتماعات الدعاة أين ما وجدت.. وأدعو الناسللإسلام.. هذا الدين الحق.. دين الفطرة.. الدين الذي أمرنا اللّه أن نتبعه.. الدينالخاتم.. الدين الذي بشر به المسيح عليه السلام, بأن النبي محمد سيأتي من بعده وعلىالعالم ان يتبعه.. ان المسيحيين لو اتبعوا ما جاء في المسيحية الحقيقية, لسعدوا فيالدنيا والآخرة... فها هو الإنجيل غير المحرف, الذي وجدته في مكتبة الكنيسةبشيكاغو, يقول ذلك.. لقد دلني اللّه على ذلك الكتاب, ومن أول صفحة افتحها, وأول سطرأقرأه.. تقول لي الآيات: (قال المسيح ان نبياً عربياً سيأتي من بعدي اسمه أحمد).. يا الـهي ما أرحمك, ما أعظمك, هديتني من حيث لا احتسب.. وأنا ابن القسيس الذي ينكرويجحد ذلك!! .. لقد دمعت عيناي وأنا استمع إلى ذلك الطفل الصغير.. المعجزة.. في تلك السن الصغيرة, يهديه اللّه بمعجزة لم أكن أتصورها.. يقطع كل هذه المسافات هارباً بدينه..
لقد استمعت إليه, وصافحته, وقبلته, وقلت له بأن اللّهسيكتب الخير على يديه, ان شاء اللّه... ثم ودعني الصغير.. وتوارى في المسجد.. ولنأنسى ذلك الوجه المشع بالنور والإيمان وجه ذلك الطفل الصغير.. الذي سمى نفسه محمداً..فجلست في مكانيوأنا أردد: )إنك لا تهدي من أحببت ولكن اللّه يهدي من يشاء(
وسافرت مرة إلىجنوب أفريقيا, وصورة الطفل محمد في مخيلتي لم تتركني, وأخذت أسأل عنه.. فكانوايقولون لي إنه كان هنا وسافر إلى مدينة أخرى, يدعو الناس إلى اللّه.. وكنت متشوقاًأن ألقاه.
انتهى من قصص مؤثرة