هذا، وتتضمن الرواية خمس شخصيات أساسية هى ماجد وأبوه عبود وأمه مرام ومهرة وزوجها مصطفى نور الدين، فضلا عن عدد من الشخصيات الأخرى التى لم يتلبث الكاتب عند بعضها، وهؤلاء لا يهموننا، وبعضها قد أعطاه دورا وأطال الوقوف عنده وأراد أن يوهمنا أنه شىء مهم فى الرواية رغم أنه ليس كذلك على الإطلاق. ومن ثم كان المستحسن أن يُحْذَف أصلا منها أو تكون الإشارة إليه عارضة لأن هذا هو فعلا حجمه الحقيقى. ذلك أن هذه الشخصيات ليس لوجودها أى داع، وقد انتهت الرواية دون أن نعرف ماذا حدث لها، علاوة على أنها لم يعترها أى تطور، بل لم تؤد أى دور كما قلت. أقصد شخصيتى إكرامى والجنرال عفارم. فأما إكرامى فمجرد زميل عارض لماجد لا تربطه به أية صداقة أو أية صلة على الإطلاق سوى أن الكاتب أراد أن يختلق قصة الفلم الإباحى الذى جعله مدارا لسقوط مهرة مع الولد الأجرب المنتن المسمى: ماجد. وكان يمكنه أن يقول إن الولد المنتن قد حصل من أحد زملائه على شريط جنسى، والسلام ختام، ولا داعى لاستدعاء إكرامى أو أحمد شوبير فى الرواية، فنحن لسنا فى مباراة كرة قدم.
لكن الكاتب المسكين، الذى يصعب علىَّ حاله المتدنى لا فى سلم الفن بل فيما تحت السلم، قد خصص عددا طويلا من الصفحات يحكى لنا فيها المجهود الخارق الذى بذله ماجد حتى وصل إلى شارع عباس العقاد حيث يسكن إكرامى، وشاهد عجائب الدنيا السبع فى ذلك الشارع، الذى أخذ عينى الولد النصرانى بعماراته الشاهقة فانخرط فى عد الطوابق التى تتكون منها كل عمارة حتى بهر عينيه ضوء الشمس، فقرر (ويا للهول!) أن يشترى نظارة شمسية لهذا السبب، إلى جانب فصل آخر كامل يسرد لنا فيه هذا الإكرامى ما حدث بينه وبين ماجد حين زاره تلك الزيارة التى لا معنى لها، إذ لا تربط بين الولدين أية صلة كما قلنا ولا هما من نفس المستوى المادى والاجتماعى ولا من نفس الدين، علاوة على أن ملابس ماجد، حسبما تقول الرواية، كانت تظهر فيها آثار الرقع، مما من شأنه أن يدفع إكرامى إلى التفكير فى إعطائه عنوانه كى يمر عليه ويأخذ الأمانة (يقصدان الفلم الإباحى)، وبخاصة أنه كان بإمكانه أن يُحْضِر هو الفلم إلى الجامعة ويأخذه ماجد منه هناك. وهذا إن كان لا بد أن يشاهده ماجد العبيط أصلا، إذ ليس عنده فيديو لمشاهدته. أما الحل الذى قدمه لنا القعيد، وكأنه يخاطب ناسا بلهاء معتوهين، فهو أن الولد الأجرب قرر أن يشاهده لدى أبله مهرة، تلك السيدة التى كانت يوما من نجوم المجتمع والإعلام والفن، وكانت تتميز بالجمال الباهر والأناقة الساحرة، ثم تحجبت وتركت هذا كله وراءها واعتزلت الناس وتشددت وتنطست حتى إنها لم تكن تصافح الولد النصرانى مجرد مصافحة كيلا ينتقض وضوؤها.
بالله عليكم أيها القراء هل يمكن تصور هذا ولو فى الأوهام؟ ترى كيف جرؤ الولد الأجرب أن يقرر هذا الأمر وكأنه شىء مفروغ منه؟ ومهرة، كيف تقبلت منه هذا التصرف حين صارحها به وكأنه يعرض عليها عَزْمه على أن يدخل الإسلام، فلم تنهره وتضربه بالشبشب الذى فى قدمها؟ إن هذا هو ما تقتضيه الواقعية يا سيد قعيد لا ما رفدتْك به أوهامك العبيطة. وعلى كل حال فقد اختفى إكرامى من الوجود عقب ذلك، وكأنه فص ملح وذاب، أو ربما ذهب للاحتراف فى أوربا وأعجبه البقاء هناك. وبهذا نحذف ستا وعشرين صفحة، فتقل بذلك صفحات الكتاب السمج وتكون معاناتنا بسببه أقل بقدر ست وعشرين صفحة. يا قوة الله! غُمّة وانزاحت، والعُقْبَى فى الباقى. أما إذا كان بعضنا يكره الإسلام والمسلمين فليكرههما كما يشاء، لكن باب الفن والإبداع ضيق عسير، ومن يفعل ذلك فهو، بحمد الله، أبيض غشيم فى الكار!
وقد سكت الناقد الانتهاكى فى مقاله الانتهاكى عن الروائى المنتهك فلم يقل شيئا عن إكرامى، على العكس مع الجنرال عفارم، الذى مدح ناقدُنا المنتهكُ القعيد بسببه فقال يمدحه لبراعته فى "تخليق النماذج المدهشة" على حد قوله، ومنها شخصية الجنرال عفارم: "ينجح في تخليق نماذج مدهشة من الشخصيات التي تعلق بالذاكرة وتستقر في الضمير الأدبي. "الجنرال عفارم"، الذي يطلع علينا من هذه الرواية يختلف عن دراويش نجيب محفوظ بأنه صريع الجمال ومجنون غانية فريدة، وهي "مهرة"، التي تَمَثَّلها باعتبارها مليكة مصر، وهو واليها المنتظر، طبقا لمبدإ تناسخ الأرواح".
ذلك ما قاله ناقدنا المنتهك، فهل الأمر فعلا كما قال؟ لننظر ونَرَ: فأما لقب "الجنرال عفارم" فلا ندرى من أطلقه عليه ولا الظروف التى أطلقه عليه فيها، بل نجد الرجل أمامنا مباشرة بهذا اللقب خَبْط لَزْق فى عنوان الفصل الذى خصصه الكاتب له كى يمارس هو أيضا نجوى ذاته. ولم لا؟ هل هو أقل من الآخرين؟ وهذا الذى فعله الكاتب الانتهاكى عيب شديد. وكل ما هنالك أننا نستنتج مما نقرؤه فى الرواية أنه كان قاضيا ثم تعلق بمهرة فترك عمله أولا إلى المحاماة ثم تفرغ لحبيبة الفؤاد وأخذ يتبعها كظلها، بل رابَطَ تحت نافذتها. أما أين نشأ؟ وهل كان متزوجا قبل ذلك أو لا؟ وإذا كان فهل له أولاد؟ فأين هم؟ وأين كان يسكن؟ كذلك لا بد أن تكون له أسرة ينتمى إليها، أم ترى أولاد الحلال عثروا عليه فى لَفّة أمام الجامع؟ فأين تلك الأسرة؟ وما موقفها منه ومن انقلاب حاله؟ ولقد كان لمهرة أسرة، وكان لمصطفى نور الدين أسرة، وكان لماجد أب، لكن عبثا نسأل: أين ذهب كل هؤلاء؟ لقد بدت مهرة ومصطفى زوجها وعشيقها وماجد وكأنهم مقطوعون من شجرة. ومثلهم فى ذلك عفارم، الذى نجهل كل شىء عن أسرته. وهو عيب آخر فى الرواية. إن لكتابة الرواية أصولا لا بد من مراعاتها، أما الشغل الجهجهونى هذا فلا ينفع ببصلة. ليس من حق أحد أن يكتب ما يشاء دون رقيب أو حسيب من القواعد الفنية ثم يظن أنه مبدع لم تلد مثله ولادة. لا بد أن يكون كل شىء فى الرواية مبررا أو معللا، أما الانطلاق من كل قيد والتصور بأن الكاتب من حقه أن يكتب ما يشاء بغير تعليل أو تبرير فهو دليل على هشاشة موهبته، إن كانت له موهبة.
ثم ما دور عفارم فى الرواية؟ لقد وقع فى غرام مهرة. يا فرحتى! وماذا فى هذا مما يخدم العمل القصصى؟ لا شىء. فنحن نعرف أنها ساحرة الجمال، ومن الطبيعى أن يقع فى غرامها الرجال كلهم لا عفارم فقط. ولكن ماذا ترتب على غرام هذا العفارم بها؟ لا شىء. لقد كان يمكنه مثلا أن ينجدها فى أزمتها السخيفة التى اختلقها الكاتب اختلاقا ليبرر إسلامها جسدها للولد النصرانى الأجرب، فتطلب منه أن يقرضها مثلا ثلاثمائة الجنيه التى كانت للولد وأمه فى ذمتها. وكان معه فلوس كما تبين لنا الرواية، ربنا يزيد ويبارك. بل إنه أعطى للولد النصرانى عشرة جنيهات بحالها، ودون أى ضمان، وكل ذلك من أجل خاطر شجرة الدر (أقصد مهرة)، مع أن الولد النصرانى كان يريد جنيها على أقصى تقدير لأنه كان من ركاب الأوتوبيسات الرخيصة مثلنا لا الأوتوبيسات الصغيرة ا لمحندقة ولا عربات السرفيس. لكن الكاتب لم يصنع شيئا من ذلك الذى كان ينبغى أن يصنعه، فكان الجنرال عفارم عبئا على الجنرال القعيد. ولكن كيف نتوقع من الجنرال قعيد أن يترك عفارم يهب إلى نجدة مهرة، وهو إنما كتب الرواية من أجل أن تنتهى بالمشهد الجنسى المذكور؟ وهذا دليل على أنه روائى فاشل، إذ يفرض ما يريد على الرواية ولا يتركها تسير سيرها الطبيعى وتنمو نموها التلقائى الحر. كذلك تقول الرواية إن عفارم كان يتبع مهرة كظلها إذا خرجت، ويمكث فى مدخل العمارة التى تقطنها إذا كانت فى المنزل بحيث يرى كل داخل إليها أو خارج من عندها. لكنها لم تتعرض فى أى من خروجاتها إلى ما يحتاج تدخل عفارم لمعاونتها أو يتصرف هو تصرفا شاذا يضعها فى موقف حرج يكشف من شخصيتها ما كان خافيا علينا. كما أن ماجد قد دخل شقتها فى ثانى أيام الرواية وبات عندها ولم يخرج حتى الصباح، وظل يمارس الجنس معها طوال الليل ويتلقى منه على يديها "الفنون الجميلة"، ومع ذلك لم يلحظ الشيخُ عفارم شيئا من ذلك، بل نام على صماخ أذنه لا يدرى من أمرها ولا من أمر نفسه شيئا كأى "مقطف" أصيل. إِسْفُخْص عليك يا جنرال عفارم! ثم يسميه الكاتب بعد ذلك كله: "عفارم"، ويعطيه رتبة "الجنرال" فوق البيعة! قل إنه "خُرُنْج". قل إنه "شُرّابة خرج". قل إنه "خيبة الأمل راكبة جمل". أما أن تقول إنه "عفارم" و"جنرال" أيضا، فاسمح لى أن أقول لك إنك فى الفن لا جنرال و لا عفارم.
ثم إن المفترض فى شخص كهذا أن يكون مخلول العقل. لكنه، فيما عدا الادعاء بأنه المعز لدين الله، يتصرف ويفكر على نحو طبيعى جدا، وفوق ذلك يحلل الأمور ويزنها تحليلا ووزنا سديدا لا يدل أبدا على أن فى عقله خللا، بل على العكس من ذلك تماما. ومن يرجع إلى الصفحات الخمس عشرة التى شغلها بأفكاره ومناجاته لنفسه (ص55- 69) يتيقن من صحة ما قلت. وهذه من الثغرات الخطيرة فى الرواية. كذلك فهو ممن يؤمنون بتناسخ الأرواح. عظيم! فكيف إذن ينفر من مصافحة ماجد تجنبا لانتقاض الوضوء، ثم حين يفعل ذلك لا يفعله إلا مضطرا؟ إن معنى هذا أنه مسلم، بل مسلم متحمس لدينه. ويزيدنا تأكدا من ذلك أنه، حتى فى إيمانه بتناسخ الأرواح، لا يرى نفسه إلا المعز لدين الله، ولا مهرة إلا شجرة الدر، وهما حاكمان مسلمان، والأخيرة منهما قد انتصرت، كما يؤكد هو نفسه فى ابتهاج بالغ، على الصليبيين، الذين يتمنى أن تعود هذه السيدة إلى التربع على عرش مصر كرة أخرى كيلا يرفعوا رؤوسهم. ثم صار يسمى نفسه بعد ذلك: "ابن تيمية"، ومهرة "رابعة العدوية". فالإسلام إذن ضارب فيه "حتى النخاع" كما يقول الأوربيون (to the marrow; jusqu'à la moelle). وليسمح لى القراء بحتّة الحذلقة هذه ولا يقفوا عندها طويلا. ولكن كيف يجتمع إيمان عفارم بتناسخ الأرواح، وهو مما يعتقده الهنادكة والبوذيون والسِّيخ والوثنيون وأمثالهم، مع تحمسه الشديد للإسلام؟ بل كيف صار تناسخيا أصلا؟ لقد كان لا بد أن يرينا الكاتب هذا التطور العقيدى الغريب علينا وعلى بيئتنا.
ومع ذلك كله ينسى القعيد كل ما قاله عن عفارم ويصوره فى نهاية الصفحات الخمس والعشرين شيوعيا حقيرا يكره الجماعات الإسلامية ويتهمهم بما يتهمهم به الشيوعيون من أنهم يريدون توزيع "أَنْجَر الفَتَّة" على أنفسهم وأنهم إرهابيون! أى أنجر يا أخانا وأى فتة، وهم فى أغلب الأوقات نزلاء السجون؟ وهل كانوا يَتَوَلَّوْن المناصب الكبرى فى البلد ابتداء من رئيس الجمهورية، وانتهاء برئيس الجمهورية أيضا، إذ هو الكل فى الكل؟ وبدلا من أن يرينا القعيد شجاعته فى الوقوف ضد الحاكم المستبد اللص القاتل العميل لأمريكا ولإسرائيل المملوء بعقد النقص التى فى الدنيا جميعا نراه "يعمل شجاعا" على المضطهدين نزلاء المعتقلات. سمك، بل سَمَكْمَك، لبن، تمر هندى! وبالمناسبة فلقد كنت أريد من الكاتب أن يوضح لنا كم "أَنْجَرًا" من الفتة تستطيع مائة ألف جنيه أن تشترى؟ الفتة أُمّ لحمة طبعا لا الفتة القرديحى التى لا نأكل نحن الغَلابَى سواها. ولا داعى لذكر المائة ألف جنيه الأخرى. ثم انتهت الرواية دون أن نعرف إلام انتهى بعفارم أو بغير عفارم المصير. ومن هنا فإنى أرى أن الخمس عشرة صفحة التى خصصها الكاتب لجنرالنا لا بد من حذفها. يا مهوِّن! ما زال باقيا أمامنا مائتان وست وعشرون صفحة تحتاج هى أيضا إلى الحذف. الله المستعان!
ألا بالصبر تبلغ ما تريدُ * وبالتُّقْيَا يلين لك الحديدُ
وتتبقى إشارة الناقد الانتهاكى إلى نجيب محفوظ، وهذه الإشارة تذكِّرنى بما كان يفعله بعض الأقزام من التلزق بذلك العملاق متصورين أن وجودهم إلى جانبه سوف يضفى عليهم ما ليس فيهم. وهو تصور خاطئ ومغشوش، إذ كيف يتحول الأقزام الذين لايطاولون حذاء محفوظ فيطاولوه هو نفسه ويقتربوا من هامته؟ إن هذا نوع من الجنون، ربنا يشفى!
أما الشخصيات الرئيسية فى الرواية فهى شخصيات مضطربة تأتى الفعل ونقيضه، وتتصرف تصرفات غير متوقعة وغير واقعية، وتتحدث بأفكار وآراء ليست فى مستواها: وعندنا أولا ماجد، الذى ظهر فى الرواية أولا، ولهذا سآخذه أولا، ربنا يأخذه! فماجد هذا، حسبما هو واضح من كلامه عن نفسه، شاب ساذج بائس يحتاس لأقل شىء، لا يختلط هو وأمه بأحد، ولا يخرج من اللوكاندة الحقيرة الفقيرة إلا للجامعة، التى تختفى فى الظل فلم تظهر ولو فى مشهد واحد، أو لأبله مهرة مرة كل شهر. ولهذا لم يكن مثلا قد سمع قبل ذهابه إلى صديقه إكرامى، الذى يسكن مع أسرته فى شارع عباس العقاد، أن هناك شارعا فى القاهرة بهذا الاسم. تصوروا! كما أنه، حين أراد أن يذهب إلى إكرامى فى مدينة نصر خارجا بذلك على المسار الذى اعتاده كل شهر من أحمد حلمى حتى المعادى حيث تسكن مهرة، قد دون هذا فى ورقة كان ينظر فيها كل قليل حتى لا يضطرب فيضلّ سواء السبيل، وكأنه مقبل على صناعة القنبلة النووية. ومع ذلك كله نرى هذا البائس الساذج الغر المحتاس يؤكد أن حى المعادى إنما بُنِىَ ليسكنه الجواسيس وأن عدد المصريين فيه لا يكاد يُذْكَر. كيف عرف ذلك يا ترى؟ إننى، وأنا الذى نيفت على الستين بأربع سنوات وقرأت ما لا يحصى من الكتب واستمتعت إلى أطنان وأطنان من الأحاديث بكل أنواعها، لا أعرف هذا الذى يقول. وهنا نقطة ألمسها على الماشى، وهى أن هذه لم تكن المرة الأولى التى يرى فيها الولد الأجرب حى المعادى، ورغم هذا نراه يصفه وَصْفَ من يراه لأول مرة فيقف مبهورا عند البيوت المنخفضة والمساحات الخضراء المائلة إلى اللون الرصاصى حسبما يقول... إلخ، وكأنه لم ير هذا من قَبْلُ قَطّ. وهذا عيب فنى شنيع يؤاخَذ عليه الكاتب المنتهك المفتون به ناقدنا المنتهك، ولا ذنب للولد الأجرب فيه. كما نرى الولد العبيط المحدود الأفق الذى يخاف من خياله يدلى برأيه فى المجتمع وأعقد قضاياه ببساطة شديدة.
كذلك كيف تُوَاتِى هذا الأجربَ المصنّن الذى لا تسمح له مهرة بأن يصافحها، وكل ما يفعله عندها هو أن يقف ذليلا على باب الشقة حتى تعطيه المبلغ ويوقع لها على إيصال، كيف تواتيه نفسه على أخذ شريط جنسى من زميله واثقا تمام الثقة أنه سوف يشاهده عند مهرة بما يعنيه هذا من أنه سوف يدخل الشقة ويمكث هناك ثلاث ساعات هى مدة عرض الشريط طبقا لما قال هو لا أنا والله العظيم، وكأنها شقته التى ورثها عن أمه وأبيه؟ ليس هذا فقط، بل إنها عندما تسأله عن طبيعة الشريط، الذى سلمه إياها قائلا إنه سوف يأتى فى اليوم التالى لمشاهدته (طبعا: إِيزِى مِيزِى يا جدع!) يجيب بكل بساطة أنه شريط جنسى. آسف، بل قال: "فِلْم سِكْس" ناطقا كلمة "سكس" بالإنجليزية كما وضح لنا سيادته، خيبة الله على سيادته، ولعن الله سيادته، وأرانا الله عجائب قدرته فى سيادته. يا له من معتوه! ترى كيف تصور هذا الغبى الأحمق أن السيدة المتشددة كل ذلك التشدد الذى رأيناه منها فى الرواية، ورآه هو قبلنا بزمن طويل، أى قبل أن يسخّم الكاتب أوراقه بهذا القىء، ستقبل منه، وهى المسلمة، وهو النصرانى، فضلا عما يفصلهما من اعتبارات اجتماعية هائلة تقاس بالسنين الضوئية، تلك الوقاحة ولا تضربه بـ"أبو وردة" كما كان زميل لى يسمى الشبشب؟ لقد كان الولد الأجرب يخرس فى كل مرة تقبض مهرة يدها عنه فلا تصافحه، فمن أين جاءته كل هذه الجراءة؟ لكنْ مرة أخرى أقول إن العيب ليس عيبه، بل عيب من وزّه على ذلك لإهانة المسلمين. ولسوف يأتى اليوم الذى يعرف فيه كل من انحاز ضد الإسلام والمسلمين قيمته الحقيقية ويندم على ما جنت يداه فى حقهما ساعة لا يصلح الندم!
بل كيف يذهب أصلا لإكرامى، وإكرامى طالب مسلم أسرته غنية تعيش فى شقة من دورين فى عباس العقاد، بينما هو شاب فقير فقرا مدقعا ويلبس ملابس عليها آثار الترقيع، وذلك لأخذ الشريط الإباحى منه؟ بالله منذ متى يفكر مثله فى الجنس على هذا النحو؟ لا تقل لى إنه شاب، فشعوره الحاد بالشهوة وانشغاله بالنساء أمر طبيعى، إذ كان ينبغى أن يبرز الكاتب ذلك قبلا ويريناه من خلال بعض المواقف التى تبين أنه ملتهب الشهوة لا يصبر على نارها الموقدة فى جسده. لكنه بالعكس قد صوره ولدا خامدا كل همه أن يستذكر مبكرا وينام مبكرا ويهرب من الدَّيّانة جيدا، ويبتعد عن الناس بكل ما يستطيع من عزيمه، ولا يغسل يديه قبل الأكل ولا بعده ولا فى أى و قت، ومن هنا أتت رائحته المنتنة، ثم على عكس كل التوقعات المنتظرة نُباغَت به يفعل ما قلناه دون مقدمات أو تمهيدات.
ولدينا أيضا مهرة، التى من المفترض أنها تابت وأنابت وتركت الجمل بما حمل وغادرت مسارح الشهرة سواء فى التمثيل أو فى التلفاز رغم كل المغريات ورغم جمالها الذى كان يجعل منها مركز الأضواء والاهتمام فى أى مكان تحل فيه. ومع ذلك كله نراها، حين تتحدث عن توابع هذه التوبة، تسخر من الجماعات والشخصيات الإسلامية، التى تابت عن طريقها أو بتشجيعٍ أو تزيينٍ منها. بل إنها لتسخر من الحجاب وتصفه بأنه يلفها كالكفن. ثم إنها، حين شرعت تتذكر وقائع تحول حياتها نحو التدين، قالت: "لا أستطيع الإمساك باللحظة التى بدأت فيها الكارثة، وأطلَّت المصيبة" (ص97). وعندما سردت الوقائع لم تسرد إلا كل ما يثير الاشمئزاز والسخرية من الرجال الذين يمثلون التدين، والذين يمر موكب المهتدين من أمثالها بهم. تستوى فى ذلك ملابسهم وأشكالهم وملامحهم وأذواقهم وأخلاقهم. فكيف يكون هذا وذاك؟
كذلك ما دامت مهرة قد تابت وأنابت وطلقت بالثلاثة (أو بالأحرى: خَلَعَتْ) حياتها الماضية المنفلتة العيار فلم إذن ظلت تحتفظ بالجوزة وزجاجات البيرة فى شقتها؟ أتراها كانت تنوى أن تبيعها لتاجر الروبابيكيا لقاء بعض قروش تساعدها على صعوبة الحياة لأنها بعد التوبة والصلاح قد أصبحت فقيرة مسكينة (يا كبدى عليها!) تجوز عليها الحسنة؟ أيضا لماذا تحتفظ بحق السماء بصور نساء عاريات تماما فى غرفة نومها بعد التوبة والإنابة وتبدى ابتهاجها بالنظر إليها؟ ثم كيف يخطر أصلا لامرأة مثلها متنطسة التدين إمكان تقديم الويسكى كواجب ضيافة للولد حين جاءها قبل المرة الأخيرة لتسلم المبلغ؟ هل يقدم النصارى أنفسهم الويسكى عادة فى مثل تلك الظروف؟ لا شك أن الكاتب هو المسؤول عن هذا السخف المتنطع بما يترتب عليه من اضطراب فى رسم الشخصية.
بل إنها، بعد التوبة والإنابة، لتظل تتذكر بفخرٍ وفرحٍ كيف كانت تقضى الليالى فى الفراش مع زوجها السابق يمارسان الزنا بعد طلاقها منه، وكيف كانت تسمى هذا البغل الأسترالى بـ"الطلوقة"، أى الثور الذى يخصصه صاحبه للقفز على الجواميس والأبقار، وكيف كان "يطبق فيها" بنص عبارتها، وكيف كان يشير إلى اسمها: "مهرة" بوصفها دَابَّةً تُرْكَب. تتذكر كل هذا وكأنها قحبة محترفة! ترى كيف يكون ذلك، والمفترض أنها قد تابت وأنابت وصارت متدينة متشددة فى التدين؟ الغريب أنها لم تتذكر أى شىء مما كان يقع بينها وبينه فى الفراش أيام كان لا يزال زوجها. فكيف تتذكر الزنا ولا تتذكر الحلال؟ ومن ذلك أيضا سردها لنا كيف كان مصطفى نور الدين يصر، وأذان الفجر ينطلق من مكبرات الصوت المختلفة، على أن تنزل معه من شقته إلى شقتها هى ليكملا هناك ممارسة الجنس. وخذ بالك جيدا أيها القارئ من دلالة حرص الكاتب على توقيت مثل تلك الواقعة بأذان الفجر!
وأسوأ من ذلك وأضلّ سبيلا زعمها أنها، وهى واقفة على باب شقة زوجها السابق تنتظر أن يفتح لها حين ذهبت إليه فى آخر الرواية أملا فى أن تستدين منه ثلاثمائة جنيه لتعطيها الولد النصرانى، قد جال فى خاطرها أنه ربما يمارس الجنس مع امرأة بالداخل، ثم عقبت بأنها قد احمرّ وجهها من الخجل (ولا أدرى كيف عرفت أنه احمرَّ أو اصفرَّ أو ازرقَّ، وهى لم تكن تنظر إلى نفسها فى المرآة بل كانت ملطوعة على الباب، وفى الظلام بالمناسبة)، ثم تتساءل: "هل أصبحتُ مراهقة أفكر فى هذه الأمور أكثر مما ينبغى وأُقْحِمها فى جميع الخيالات؟". لا طبعا، فأنت سيدة كاملة مكمَّلة، ولا تخطر مثل تلك الخيالات على بالك إلا ألف مرة فقط فى اليوم والليلة! ووجه السوء فى ذلك أنها، كما رأينا، لا تجد أدنى حرج ولا يحمر وحهها أبدا وهى تستعيد ذكريات زناها مع نفس الرجل، موردةً كلمات تبعث على الخجل الشديد. فكيف بالله يستوى هذا وذاك؟ لا شك أن هذا اضطراب شنيع فى رسم الشخصية.
وفى حديثها عن بداية تعارفها هى وزوجها تقول إن عينيه، حين التقت بعينيها ذات مساء فى أحد الأماكن العامة، قد اصطادتهما اصطيادا، واستولت على فؤادها، ولم تستطع أن تخرجه من ذهنها أبدا لدرجة أن غيابه كان يثير قلقها. ثم إنها تقول بعد ذلك مباشرة إنها، حين اتصل بها وعرّفها أنه صاحب تلك النظرات الصامتة، استراحت إلى صوته (ماشِ رغم أن لفظة "الاستراحة" لا تكفى فى وصف مشاعرها نحوه طبقا لما قالته هى عن تلك المشاعر كما رأينا لتونا)، وإنها دخلت اللعبة معه من باب العبث. أى عبث يا هانم؟ لقد قلت إنه استولى عليك حتى إنك لم تستطيعى أن تخرجيه من عقلك ولا بالطبل البلدى، والآن تقولين: عبث؟ ومرة أخرى ليس ذلك فقط، إذ إنها فى تذكرها لعلاقاتها مع الجنس الآخر قبل الزواج قد اقتصر حديثها اقتصارا على بعض العلاقات العاطفية العارضة التى لم تتعدّ الحب من طرفها هى. وكان أقصى ما ذكرته فى هذا الباب تبادل الهمسات واللمسات، وكان الله يحب المحسنين. أى أنها، لا سمح الله، لم تقارف الفاحشة. وهذا واضح من حديثها عن تلك الفترة من حياتها وضوحا لا يقبل نقضا ولا إبراما، وبخاصة تأكيدها أنها، عندما اشتغلت بالفن، كانت تريد أن تكون فنانة وكفى، فلا تعرف أحدا من رجال الأعمال أو السياسة أو تجار المخدرات. لكنها فى موضع آخر من الرواية تذكر أنها كانت تمارس الزنا قبل الزواج بكل حرية ودون أدنى خالجة من ندم، وأن من الذين زنت معهم مصطفى نور الدين، الذى صار زوجها فطليقها فعشيقها فيما بعد. ومرة أخرى كيف يتسق هذا وذاك؟ فهذا اضطراب آخر فى رسم شخصيتها يُسْأَل عنه الكاتب الغشيم!
ولدينا أيضا مصطفى نور الدين، الذى تتحدث عنه مهرة زوجته وعشيقته السابقة فلا تذكر إلا كل ما يثبت أنه رجل اجتماعى: فهو، حين أراد خطبتها، كان يتبعها من مكان عام إلى مكان عام، وهو صياد ماهر استطاع أن يرمى شباكه حولها حتى اقتنصها وتزوجها، وأنه عند دخوله بلدته فى الصعيد قد دخلها دخول الفاتحين. كما كان معجبا بنفسه إلى درجة أنه كان مثارا للتعليقات، وكان متفائلا أبدا... إلخ (ص91- 94). لكننا نفاجأ بها تقول فى موضع آخر من الرواية إنها اجتماعية، أما هو فـ"بِرَّاوِى" ينفر من مخالطة الناس، ويؤثر الاختلاء بنفسه أطول وقت ممكن، ويحب البقاء فى البيت على النقيض منها، إذ كانت ترى أن البيت لا يصلح إلا للنوم وإعداد الطعام وغسل الملابس ثم التهيؤ للخروج مع امرأة جميلة (ص163- 164). تقصد نفسها وعشقها للحفلات. وتناقض آخر فى شخصية مصطفى هو أنه كان يضع على جدار البهو فى شقته بعد تحوله إلى الدين وإطلاقه لحيته عينا فرعونية. فهل يمكن أن يعلق متشدد فى الدين عينا فرعونية وثنية فى شقته؟ ثم هل يعقل أن زوجا وعشيقا سابقا، ودعنا من أنه صار متدينا يحب التقرب إلى الله بعمل الخير، يخيب ظن زوجته وعشيقته السابقة وزميلته حاليا فى التدين المتشدد، فلا يقرضها، ودعك من أن يهبها، ثلاثمائة الجنيه التى أتت بعد وقت طويل لم ير فيه أحدهما الآخر تلتمسها عنده، حتى لو كلفه ذلك أن يعيش طول الشهر جائعا، و هو بكل تأكيد لن يجوع لأن أهله على الأقل كانوا يسندونه ماليا كما قالت مهرة من قبل؟ وأمعن فى السخف أن يقول لها إن من الممكن أن يكون الذين يعطونها المبلغ الشهرى يفعلون ذلك من أجل توريطها فى الأعمال الإرهابية. ذلك أنه ضابط، والضابط لا يخطر له هذا التفسير العبيط ككل شىء فى الرواية.
وبالنسبة إلى مرام أم ماجد نراها مثلا تقول إن ابنها سوف يجد مشكلة لدن عودته من الخارج إلى اللوكاندة بسبب تراكم الإيجار، الذى لم يدفعاه لصاحب اللوكاندة منذ ستة شهور، ثم تقول عقب ذلك إن هذا التأخر الطويل فى الدفع هو نفسه ضمان وأى ضمان لعدم طرده لهما من اللوكاندة. إذن ما دام الأمر محلولا بهذه الطريقة السهلة فلم تَقْلَقين وتُقْلِقيننا معك من البداية؟ على أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل تمضى فتقول إن الولد قد استطاع أن يتسحب بجوار الحائط فلم يره موظفو الاستقبال، ومن ثم مر الأمر على خير إذ لم تكن هناك فرصة لأن يطالبوه بدفع الإيجارات المتأخرة. تقول لنا هذا الكلام الأبله، وكأن ابنها لن يخرج غدا وبعد غد وكل يوم بعد ذلك معرضا نفسه فى كل مرة لنفس الموقف التى تصوِّره لنا مرة صعبا غاية الصعوبة، ومرة سهلا غاية السهولة كما شاهدنا، بل كأن موظفى الاستقبال يمكن ألا يَرَوْه وهو داخل، وهذا مستحيل، إذ هو نفسه قد وصفهم بأن كلا منهم يحتل نقطة فى طريقه من باب اللوكاندة إلى الغرفة مشكلين بذلك طابورا، أو كأنهم لا يعرفون كيف يصلون إلى الغرفة ليطالبوه هو وأمه بما يريدون أن يطالبوهما به. وهذا كله خبص ولبص يدل على أن الكاتب لا يحسن رسم الشخصية، بل يقول أى كلام، والسلام.
ولو قُدِّر للقارئ أن يقرأ كلام المؤلف عن تمنى ماجد انقطاع النور عن اللوكاندة حتى يستطيع التسلل إلى الغرفة لتقايأ من الثرثرة والسماجة اللتين يبدو أن نصيب فن الكاتب منهما هائل يكفى بلدا كمصر ويفيض منها للتصدير إلى بقية أرجاء العالم العربى. يا ألله على ثقل الظل ووخامة النفس! عشرون سطرا أنفقها القعيد على تتبع دبيب هذه الأمنية فى خاطر أبى الأمجاد وتلونها حالا بعد حال (ص104- 105). والمصيبة أن ماجد ليس هو الذى يحكى خواطره هذه بل أمه، ولا أظنه قد روى لها كل هذا بالتفصيل والثرثرة المسئمة اللذين لا يحتملهما أى إنسان عنده شغلة تشغله، كما لا أظنها تهتم بإيراد ما رواه لها بهذا التفصيل وتلك الثرثرة. ألا خيبة الله على الغشم الفاشلين!
كما تظهر بلاهة مرام، التى يُسْاَل عنها الكاتب الفاشل فى رسم شخصية واحدة مقنعة، فى وصفها لمهرة بأنها نداهة ندهت عبود زوجها فلم يعد منذ اللحظة التى ندهته فيها، واصفة إياها بأنها خليلته. الواقع أنْ لو كان الكاتب موهوبا ولو عُشْرَ موهبة لما جعلها تقول ما قالته عن مهرة. ذلك أن مهرة موجودة فى القاهرة، وابنها يذهب إليها فى كل شهر ليتسلم منها المبلغ، وفوق ذلك ترسل إليها مع ابنها كل مرة بسلامها وتحياتها، فكيف تكون قد أغوته وأخذته منها حتى لكأنها "ضرة" لها كما قالت؟ وتمضى هذه الملتاثة، وإن كان المؤلف، إن سميناه: "مؤلفا" من باب التجاوز، هو المسؤول عن ذلك، فتقول إن مهرة قد تكون على علم بعنوان عبود ورقم هاتفه فى الغربة وعلى اتصال به، وقد تسافر إليه يوما فتتزوجه بعد أن يغير دينه ويدخل الإسلام. طيب إذا كان الأمر كذلك فلم صَدَّعْتِنا قبل ذلك يا امرأة بقصة التهديدات التى طالما تلقاها زوجك والولاية التى رفض مرؤوسوه المسلمون أن تكون له عليهم والهجرة إلى الخارج وترتيباتها السرية، وكأنها أسرار القنبلة النووية؟ أذنك من أين يا جحا؟ ألم يكن أحرى به أن يعتنق الإسلام من البداية ويتزوج تلك السنيورة التى تشبه "لهطة القشدة" بدلا من أن يضع بُوزَه طول النهار فى وجه "بُوز الإِخْص" هذه، ويضمن فوق ذلك، وما ذلك بالقليل، ألا يتمرد عليه مرؤوسوه المسلمون الإرهابيون السفاحون بسبب رغبته، حتى لو لم تقتصر على تولى الإمامة الصغرى: منصب مدير الشركة، بل تمتد إلى منصب الإمامة العظمى ذاتها: الخلافة، فيتولاها بالهناء والشفاء، وبكل الاحترام والإكرام، وننشد له حينئذ:
أتته الخلافة منقادةً * إليه تجرِّر أذيالَها
فلم تَكُ تصلح إلا له * ولم يَكُ يصلح إلا لها
ويُطْلَق عليه لقب "المتحول إلى دين الله"، على غرار "المعتضد بالله" و"المتوكل على الله" و"المعز لدين الله" و"الحاكم بأمر الله"، وكله لله فى لله، وأخرج أنا والقراء من المولد بلا حمص، وأمرنا إلى الله؟
ومن الاضطراب فى رسم الشخصية كذلك عند القعيد ما يوحى به المشهد الذى جرى فى اللوكاندة حين كانت مرام تتمشى فى بهوها على مرأى من أحد عمالها ونزيل من النزلاء، إذ تكلما بصوت سَمِعَتْه عَرَضًا عن مدى صلاحيتها لقضاء وَطَر الرجال، فقال العامل إنها أرض لم تُرْوَ، ومهرة لم تُرْكَب. فقال له النزيل: لكن لها ابنا. فرد العامل بأنها منذ عشرين عاما لم تستحم. يقصد أنها لم تمارس الجماع كما وضح القعيد على لسان النزيل. وكلام العامل يوحى بأنها تُشْتَهَى، وهذا غير صحيح، فقد وصفت هى نفسها شكلها وجسدها وملابسها وصفا منفرا، وقالت إن لها شاربا، وإن من المكن إجراء عملية جراحية لها تتحول بعدها إلى رجل (ص107- 108، 132- 133).
يتبع ........