والآن يا عِرّة الكذابين، وإن كنت متيقنا أنك لم تتفوه بكلمة مما هو منسوب إليك، بل وُضِع الكلام على لسانك وضعا: هل كانت هناك فى يوم من الأيام فتاة أو امرأة مسلمة تضع حلية عليها صورة قاتل السادات فوق صدرها أو فوق ظهرها يا كذابا من سلالة كذابين؟ وهل كانت الحكومة لتسكت على هذا أيها الكذاب، وقد كانت مصر أوانئذ تعيش فى رعبٍ مُشِلٍّ بحيث لا يجرؤ أى صائغ على صنع مثل تلك الحلية أو تجرؤ أية امرأة على إعلان موافقتها على مقتل السادات، فضلا عن الاحتفاء علنا على هذا النحو الفِجّ بقاتله؟ ثم هل حَدَثَ، يا وقح، أن رسم صانعو الحلى المسلمون فى مصر على مصوغاتهم صورة لأى شخص؟ ومنذ متى تحرّم النساء المسلمات على أنفسهن الذهب أيتها الدمية التى تردد دون فهمٍ ما يُلْقَى إليها من سخفٍ تافهٍ تفاهةَ عقل مُلْقِيه وسخافتَه؟ أَوَبَلَغَ بالقعيد التنطع أن يقيم من ولد نصرانى فقيها يفتى للمسلمات فى أمور الذهب والفضة فيحرّم عليهن ويبيح لهن حسب هواه؟ لم يبق إلا هذا، فهذا ما كان ينقصنا! أأنا فى علم أم فى حلم يا ربى؟ الواقع أن هذا الكلام لا يقوله إلا حشاش مسطول! ترى هل وصل الهوان بالمسلمين أن يلفق أحدهم رواية غبية ينال فيها منهم ومن نسائهم بتلك الطريقة التى لا ترعى فيهم ذمةً ولا إِلاًّ دون أن يخشاهم أو يعمل لهم حسابا؟
لكنى أعود فأقول كما أقول دائما: إن المسلمين هم الذين جلبوا هذا على رؤوسهم ببلادتهم وصمتهم ورضاهم بالهوان حتى وصل الأمر أن كتب قعيد هذه الرواية يبهدلهم فيها كل هذه البهدلة وهو مطمئن أنهم سيسكتون فلا يصنعون شيئا! والله لقد عشنا وشفنا! أوملابس نسائكم، أيها المسلمون، خيام متحركة، وذيولها تثير الغبار وأوراق الأشجار؟ أو يقال لكم إنكم متخلفون جامدون لا تتغيرون ولا تتغير ملابس نسائكم تبعا لتغير الفصول ثم تصمتون؟ طيب يا سيد ماجد، فلماذا لم تقل لنا ما الذى تلبسه أمك فى كل فصل من فصول العام؟ أتراها مثلا فى فصل الصيف تلجأ إلى الإستربتيز هربا من حر القاهرة الحارق؟ لقد فاتك هذا، فنرجو ألا يفوتك إذن فى الرواية التالية التى سوف يؤلفها لك القعيد لتستكمل فيها قلة أدبك وتنفض بقية سخائمك التى ما زالت تحيك فى صدرك!
وحين تدخل مهرة المطبخ لتصنع شيئا تقدمه لماجد أثناء زيارته لها يحاول المؤلف "أبو دم يلطش" أن يتظرف، ويا ويل من تفرض الأقدار عليه أن يتعامل مع شخص دمه يلطش لكنه مع ذلك يحاول أن يبدو ظريفا، فيصورها وقد وقعت فى حيص بيص وأخذت تستعرض ما كان يمكنها أن تقدمه له لو كان متاحا عندها، من كركديه لم تشأ تقديمه له لأنها لا تتحبه لتخفيضه ضغط الدم، وكأنها هى التى ستطفحه، أو بيرة تقول إنه لم يتبق منها لديها منذ الأيام الخوالى، أيام كانت تمشى على حل شعرها، إلا الزجاجات الفارغة، ولا أدرى لماذا تحتفظ ممثلة تائبة قطعت كل علاقاتها بالماضى بفوارغ البيرة، أو ويسكى، مع أنه لم يسبق لها فى الرواية أن أتت على ذكر الويسكى بما يدل على أنها لم تكن تشربه أو على الأقل: ليس لديها منه شىء، بالإضافة إلى أنها لا يمكن أن تفكر فى تقديمه لضيفها أبدا ما دامت قد تابت وأنابت، إلا أن أبا دم يلطش لم يجد عذرا تتعلل به أمام نفسها لعدم تقديمها الويسكى للولد النصرانى إلا أنه ينقض الوضوء. ألا ترى معى، يا صديقى القارئ العزيز، أن هذا كلام يفقع المرارة ويفقع شيئا آخر غير المرارة؟ بالله ماذا يمكن أن يقول الإنسان منا للقعيد أو يفعله لو رآه بعد هذه الرواية؟ ثم إن مهرة قد صنعت فى نهاية المطاف للولد النصرانى شايا (ص82- 83). يا حلوللى! شاى؟ وهل كان هذا يحتاج إلى كل تلك المناجاة الباردة برود البطلة ومختلقها؟
يا قعيد، إن كل الناس فى مصر يقدمون لضيوفهم الشاى دون أن يدخلوا فى تلك المتاهة التى تفوقت فى صعوبتها وتعقيدها على صنع القنبلة الهيدروجينة، ودون أى شىء من ذلك السخف والتنطع الذى فلقتنا به أنت وبطلة روايتك المتخلفة، اللهم إلا بيتى، إذ نحن لا نشترى شايا ولا قهوة، بل نقدم لمن يزورنا مشروبا باردا، ولا تجلس زوجتى فى المطبخ تضرب الودع حتى تستقر على نوع المشروب الذى ستقدمه للضيف، ممسكة بوردة تقطف أوراقها ورقة ورقة وهى تقول: كركديه؟ لا. بيرة؟ لا لا. ويسكى؟ لا لا لا. شاى؟ أعوذ برب الأرض والسماوات! بل تحسم أمرها مرة واحدة وتقدم للضيف "واحد كانز وصَلّحه"، وأنا أقول لها: ولم لا تقدمين زجاجة بيبسى بدل الكانز؟ إلا أنها تصر دائما على ما تفعل، وأنا أصر دائما على ما أقول. ولكن، كما تعرفون، ليس القول كالفعل.
وفى ص111 تدعى الكذابة بنت الكذابين، مرام أم ماجد، أن واحدا من أعضاء الجماعات الإسلامية صعد إليها يوم الجمعة عند الصلاة وسألها لماذا لا يصلى المحروس ابنها الجمعة حاضرا؟ وأنها لم تدر بماذا تجيبه، فانصرف وهو يتمتم تمتمة لم تفهم منها حرفا واحدا، بل رأت فقط لحيته الكثيفة تتحرك فى غضب، وأنها قالت لنفسها إن حيرة النصارى مع المسلمين لا حدود لها: إنْ علقوا الصليب فى مكان ظاهر غضبوا، وإن أَخْفَوْه كما تصنع هى صعدوا إليها وطلبوا من ابنها أن يصلى الجمعة حاضرا بطريقة فيها تهديد ووعيد، وأنها لم يبق أمامها بعدما باعت الصليب الذهب إلا أن تأتى بصليب خشبى وتعلقه على باب الغرفة التى ينزلون فيها من اللوكاندة حتى يفهم هؤلاء القوم الباردون أنهم نصارى!
هذا ما قالته الكذابة بنت الكذابين حسبما طلب منها المؤلف أن تفعل. ولكن فات المؤلف الفاشل أن صلاة الجمعة ليس فيها حاضر وقضاء، بل صلاة جمعة فقط. خيبة الله على كل جاهل سخيف! وهذا يذكرنى بما قاله علاء الأسوانى فى روايته الشذوذية: "عمارة يعقوبيان" حين صور المسجد يوم الجمعة والخطيب يخطب خطبة مثيرة للمشاعر فيتحمس المصلون ويضجون بالهتافات، وتلعلع المصليات بالزغاريد، ولم يبق إلا أن يقول إن إحداهن قد غلبتها الحماسة فتحزمت ورقصت عشرة بلدى! وفات القعيد أيضا، لغشمه وضحالة موهبته، أنه هو ذاته قد قال بلسان الأم ضمن تعقيبها على الموضوع إن ماجد لم يكن فى اللوكاندة آنذاك. وإذن فكيف عرف عضو الجماعة الإسلامية أن المحروس لا يصلى الجمعة؟ ألا يمكن، من الناحية النظرية، أن يكون قد ذهب لصلاتها فعلا؟ أرأيت أيها القارئ مدى الصفاقة فى التحرش بالإسلام والمسلمين؟
ولكن أين يا ترى يمكن أن نعثر على تلك الجماعة الإسلامية التى تمر على البيوت، واللوكاندات فوق البيعة، وتطلب من أصحابها وقاطنيها النزول لتأدية صلاة الجمعة، وحاضرا؟ إن السعودية ذاتها، وفيها هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، التى تتلخص مهمتها تقريبا فى التثبت عند كل أذان من أن الناس تذهب إلى المسجد وتؤدى الصلاة، لا تفعل هذا، بل تكتفى بالمرور بسياراتها فى الشوارع والنداء على المسلمين أن يصلوا، ولا تصعد أبدا إلى البيوت ولا تدخل الفنادق بتاتا، بل لا تتعرض لأى إنسان راكب سيارته فى الشارع أثناء الصلاة. ثم ما السر يا ترى فى أن أعضاء الجماعة الإسلامية لم يصعدوا إلى الفندق ليطلبوا من "المحروس" النزول لصلاة الجمعة إلا الأسبوع الفائت فقط، وهو وأمه ينزلان فى اللوكاندة منذ سنين؟ حل لنا هذه الفزورة يا عم الشيخ قعيد، الله لا يسوؤك! على أى حال نحن مدينون لقعيد بالشكر لأنه اكتفى بذلك ولم يقل إن أعضاء الجماعة الإسلامية قد أحرقوا الغرفة التى تنزل فيها المرأة وابنها. الواقع أن هذا كرم حاتمى لا ينبغى أن يمر دون شكر وثناء!
وعجيب أن يقول المؤلف ذلك، وكثير جدا من الناس فى مصر لا يصلى الجمعة، بل يَبْقَوْن جالسين على المقاهى أو سائرين على غير هدى فى الشوارع أو راكبين سياراتهم ساعة الصلاة دون أن يتعرض لهم أحد بشىء، فما بالنا بمن فى المنازل والفنادق؟ بل إن كثيرا من الباعة الذين يفرشون بضاعاتهم يوم الجمعة حول المساجد لا يصلون. بل إن بعضهم نصارى، ولا يفكر أحد أبدا أن يتدخل فى شؤونهم. يا للكذابين السفهاء! أليس هناك بعض من الخجل؟ ولنفترض أن ذلك قد حدث رغم كل ما قلته، فلم يا ترى اكتفت الجماعة الإسلامية بدعوة ابن مرام النصرانى للصلاة وتركت صاحب اللوكاندة وعمالها المسلمين فلم تطلب منهم ترك اللوكاندة والذهاب للصلاة حتى يعودوا من الجامع بعدها فلا يجدوا لا اللوكاندة ولا الزبائن، كى ينبسط الشيخ قعيد؟

يتبع ........