بسم الله والصلام والسلام على رسول الله أما بعد.....

فقد قال الله تعالى (بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)

فهذه أدلة لا يقدر على نفيها الا مكابر معرض عن الحق لا يضر الا نفسه و حاشى لله أن نحصر أدلة الحق بعدد فكل ما فى السماوات والأرض أدلة من الله سبحانه وتعالى ومحاور الموضوع هى
1- الاقرار بالخالق

2- الاقرار بأن الخالق قطعا سيرسل الرسل وسينزل الكتب

3- أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم ينطبق عليه وصف النبوة

4- أن القرآن ينطبق عليه وصف أنه هو كتاب الله

5-رد مجمل على الشبهات التى تثار حول الاسلام ولماذا وجدت هذه الشبهات

الاقرار بالخالق
وسيكون كلامنا فى هذه النقطة فى محورين
المحور الأول هو الخلق
المحور الثانى هو الهداية
كما قال الله سبحانه وتعالى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )
المحور الأول هو الخلق
أولا :السببية

من هذه الآية ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )
فكل شيء فى هذا الكون سواء المادة أو الطاقة صفاتها ناقصة ودليل ذلك أنها تحتاج الى الأسباب لتفعل شيء أو لتبقى على حالها وهذا هو قانون السببية الذى لا يقدر احد على اختراقه فاذا وجدت شيء لا يحتاج الى سبب ليقدر على الفعل ولا يؤثر فيه سبب من خارجه فأخبرنىبه .... ومن هنا نستنتج أنه لا شيء من هذا الكون قام بنفسه لأن قيامه يحتاج الىاسباب قيامه وهو طبعا لا يملكها اذ هو غير موجود بعد فلزم أن يقيمه غيره وهذا التسلسل يستلزم وجود الحى القيوم الأول الذى ينسب له هذا التسلسل ويقوم به وهو سبحانه الغنى عن كل سبب الذى أقام كل شيء ولو لم يكن الله عز وجل قائم بنفسه غنى عن كل شيء لما كان هناك شيء موجود من هذا الكون فهذا التسلسل لو لم يكن فى نهايته الله القيوم الذى ليس كمثله شيء لكانت سلسلة وهمية ليس لها وجود أرئيت لو قلت لك لن أعطيك المال ألا بعد أن تعطينى البضاعة بيوم وأنت قلت لى لن أعطيك البضاعة الا بعد أن تعطينى المال بيوم هل ستوجد هذه الصفقة على أرض الواقع بهذه الشروط أم هذا مستحيل...وكذالك قيام أى مخلوق ناقص لا يتم الا بعلم وقدرة والعلم والقدرة لا تنسب لعدم بل تنسب لشيء قائم فوجب أن يكون الله قائم بنفسه كمال القيام و يستلزم شيء آخر يغيظ الملاحدة وهو كمال الصفات لأن الصفات فرع عن الذات أرئيت أن الحىالذى له ذات قائمة يتكلم ويتحرك ويفعل أشياء فاذا مات انهدم قيام ذاته فلم يعد يفعل شيء ولا يوصف بشيء فكمال الذات الذى عرفناه بكمال القيام لله حيث أنه قائم بنفسه لا يحتاج الى من يقيمه وهذا هو الغنى يستلزم كمال الصفات له سبحانه . فسبحان الحى القيوم الواحد القهار

ثانيا:معنى الخلق:
و فيما أرى أن التفسير المعقول الوحيد لعجائب ميكانيكا الكم هو[معنى الخلق[/الذىتكلم عنه بن تيمية فى كتاب النبوات فى فصل ان الرسول يجب أن يبين أصول الدين وهو أن الذى يخرج من جنس آخر لا ينسب الا للخالق لأن الجنس الأول لو كان يقدر على تغير جنسه والقوانين التى تحكمه لما رأينا هذا الجنس الأول والخلق غير التحويل لأن الثانى لم تتغير قوانينه و لكن جاء سبب فأزال سبب من أسباب قيامه أو أزال سبب من أسباب هدمه فلا يزال محكوما بقوانينه والان أبسط المسألة

فتفسير كوبنهاجن ونظرية الأكوان المتوازية حاصل ما يرمون اليه هو......( بما أن العالم الذرى أو العالم فى الحالة الكمومية فيه تناقضات مثل أن الالكترون يكون جسم ويكون موجة فى نفس الوقت وبما أن الكون كله مكون من هذا العالم الكمومىفى الأصل اذن فالعالم متناقض ولا وجود للسببية والحتمية لهذا الواقع)
والرد على ذلك القياس الفاسد واضح بفضل الله وهو أن العالم الكمومى محكوم بقونين لا تتناقض فى الحقيقة ولا يستطيعون الجدال فى ذلك فمثلا دالة الموجة التىهى احتمالات موضع وسرعة الالكترون وما أشبه ذلك لها حدود معينة فليس من احتمالات الدالة مثلا أن الاكترون مكان النواه والبروتونات والنيترونات تدور حوله فما الذى يمنع ذلك اذا كان الأمر كما أرادوا أن يوهمونّا أنه لا حدود لشيء ولاحقيقة ثابتة ثم اذا كان التواجد فى أكثر من مكان فى نفس الوقت تناقضا فى حقنا فليس تناقضا فى حق هذا العالم الكمومى فقد أخبرنا الله عن مخلوقات غيبية كالروح تكون فى الجسد فىالرض وفى الملأ الأعلى فى نفس الوقت أثناء النوم وهذا ليس تناقضا فى حقها والله على كل شيء قدير ومن هنا نعلم أن السببية تحكم هذا العالم الكمومى وهنا سؤال ملح وهواذا كان هذا العالم الكبير مكون من هذا العالم الصغير فكيف تغيرت القوانين فيستحيل أن يكون الشيء مقهور بحدود لا يستطيع تجاوزها وفى نفس الوقت هو مبدل لها بالكامل قاهر لها فاذا كان للشيء قدر لا يستطيع تجاوزه ويعجز عنده فهو مخلوق مقدّر (كما قال الله تعالى وخلق كل شئ فقدره تقديرا) فمن هو القادر على تغيير تلك الحدود؟
الفيزيائيين يرجعون هذا التحول الى لحظة القياس وأنه هو المسؤل الأول والأخير عن ذلك فعند قياس تلك الحالات الكمومية يحل الربط بين الاحتمالات ويتغير الأمر الى القوانين التى نعرفها فى عالمنا فالاكترون يصبح جسما فقط أو موجة فقط وهذا كمن فسر الماء بالماء .
وهذا دليل على أن العالم الكمومى عالم الذرات ليس هو من خلق العالم الكبير المشاهد وان كان مكون له بل هو من جنس آخر غير جنس العالم الكبير وهذا فى الحقيقة معنى الخلق الذى لا يقدر عليه الا الله تعالى .
وقد قال ذلك شيخ الاسلام بن تيمية فى كتاب النبوات
[قال تعالى ( وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ) ولم يقل خلقتك لا من شيء وقال تعالى ( والله خلق كل دابة من ماء ) ولم يقل خلق كل دابة لا من شيء وقال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي ) وهذا هو القدرة التي تبهر العقول وهو أن يقلب حقائق الموجودات فيحيل الاول ويفنيه ويلاشيه ويحدث شيئا آخر كما قال ( فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ) ويخرج الشجرة الحية والسنبلة الحية من النواة والحبة الميتة ويخرج النواة الميتة والحبة الميتة من الشجرة والسنبلة الحية كما يخرج الانسان الحي من النطفة الميتة والنطفة الميتة من الانسان الحي)
( وخاصية الخلق انما هي بقلب جنس الى جنس وهذا لا يقدر عليه إلا الله كما قال تعالى ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز ) ولا ريب أن النخلة ما هي من جنس النواة ولا السنبلة من جنس الحبة ولا الانسان من جنس المني ولا المني من جني الانسان وهو يخرج هذا من هذا وهذا من هذا فيخرج كل جنس من جنس آخر بعيد عن مماثلته وهذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه وهو سبحانه إذا جعل الابيض أسود أعدم ذلك البياض وجعل موضعه السواد لا أن الأجسام تعدم تلك المادة فتحيلها وتلاشيها وتجعل منها هذا المخلوق الجديد ويخلق الضد من ضده كما جعل من الشجر الاخضر نارا فاذا حك الاخضر بالأخضر سخن ما يسخنه بالحركة حتى ينقلب نفس الاخضر فيصير نارا)
( وخلق الشيء من غير جنسه أبلغ في قدرة القادر الخالق سبحانه وتعالى كما وصف نفسه بذلك في قوله ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) ولهذا قال للملائكة إني خالق بشرا من طين فاذاسويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين وقال ( ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين الى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون ) انتهى كلامه رحمه الله

ثالثا:القدرة والعلم اللازمان للاحكام الخاص:
متى نقول على شيء رأينه هذا متقن صنعه عالم وهذا الآخر عشوائى صنعته الصدفة أو شخص جاهل بما يفعل؟ نقل هذا شيء متقن اذا كان ظاهر على صنعه الفصل بين احتمالات متماثلة وهذا الفصل يسير على خطة واحدة فى كل خطواته فالقدرة اللازمة لاحكام الشيء هى السبب الذى يفصل بين احتمالات متماثلة كانت ستمضى بالتساوىاما بناء واما هدما فتقوم تلك القدرة ببناء البعض وهدم البعض بشكل متدرج يزيد القوة فى الوضع المناسب وينقصها فى الوضع المناسب ولنا هنا أن نطلب أن يعينوا لنا ويسموا لنا قوة من الطبيعة ويقولوا هذه فعلت كذا وكذا فى الحقيقة فليس هناك سبب من الطبيعة يفصل بين عوامل البناء وعوامل الهدم فالقوة الغير موجهه تأتى على الشيء الواحد (الذى هو بالنسبة لها متماثل فى احتمالاته ) بالبناء والزيادة لمادته بالتساوى أو الهدم والنقص منه بالتساوى ويستحيل أن تفرق بين متماثلين بغير سبب فلا يمكن أن ألقى كرتين من نفس المادة بنفس الحجم من نفس الارتفاع فى نفس الوقت فتصل أحداهما قبل الأخرى فهذا مستحيل والا لما كان هناك شيء اسمه قوانين فيزيائية تدرس ما حدث فى ظروف معينة وتطبقه على ما سيحدث فى نفس الظروف المماثلة فقوى الطبيعة لا تستطيع كسر هذه القاعدة بنفسها فتتراكم المادة مثلا فى جزء من المكان وتمتنع عن آخر وتزيل مادة أخىفى مكان ثالث من غير سبب فيجب أن يكون هناك سبب خارجى وكلما كان الفصل بين نفس الاحتمالات أكبر وأكثر نظاما واتقان كان ابعد عن الصدف والتدخلات العشوائية والعكس بالعكس ومغالطة أخرى فوق المغالطة الأولى أنهم يفترضون أن الأمر ممكن اذا كان زمن المادة والطاقة أزلى وهذا فى الحقيقة حجة عليهم وليست لهم فلو فرضنا جدلا أن شيء تكون بالعشوائية فى هذا الزمان المديد فماذا ينفعه تكون ما يحتاج اليهفى قيامه فى زمن آخر فيجب حصول كل المطلوب وانتفاء كل مضاد فى نفس الوقت ليقوم النظام

رابعا:الاحكام العام
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) فالقيام آية على أن كل شيء وضع فى موضعه هذه النقطة تعتبر الدليل العقلىالذى يبين استحالة أن العشوائيات وجدت فى النظام البيولوجىفىآى وقت كما أن الحفريات هى الدليل العملى على ذلك وكما يعلم كل احد فان النظام البيولوجى مكون من سلاسل فى الغذاء والتكاثر وكل النشاطات الحيوية فيجب أن يكون كل كائن فى مكانه وقادر على أداء دوره
وهذا هو دليل الاحكام العام والتوازن العام الذى يربط الأنظمة بداخله ..وباختصار فان هؤلاء القوم يقرون بأن الشيء اذا لم يكن محكما فى نفسه وفى موضعه فى النظام الذى حوله أفناه النظام العام وأزاله ويتناسون أن الشيء الغير محكم أو الموجود فى غير موضعه هو يفنى النظام لأن أى نظام فى الكون ليس قائم هكذا بنفسه وانما لقيامه شروط وأسس ووجود شيء يفسد تلك الأسس يفنى النظام كله وتلك التى تضج مضاجعهم وأضرب مثلا على ذلك بمرض السرطان فىالانسان فما هو السرطان؟ هو خروج خلية واحدة أو أكثر عن النظام العام فى النمو وتكاثرها بشكل مختلف فما هى النتيجة ..هلاك الانسانأى فساد النظام بأكمله
المحور الثانىالهداية
فالهداية الفطرية لكل مخلوق دليل مثل الخلق على القدرة والعلم والقصد والرحمة وغير ذلك....وهؤلاء الضللال يقولون أن هذه الفطر للمخلوقات علوم مكتسبة وهذا مستحيل من من ثلاثة وجوه.
الأول: استحالة البقاء من غيرها فنقول كيف نجح فى البقاء هذا الاب الأول الذى ورث تلك المعرفة للباقين بعده بدون هذه المعارف الأساسية للبقاء .
الثانى :هوشدة التعقيد فيها فلو أنه يقدر على فهم وتعلم تلك العلوم المعقدة فى الصيد والتخفى والهجرات الشاسعة والزواج وحفظ الطعام وتربية الأبناءوغيرها لكان كامل العقل ولاستطاع تعلم ماهو مثلها فى مجالات أخرى وما هو دونها وهذا لم يحدث.
و مثال الأول والثانىفىالانسان ما قال الله تعالى(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)ففى بعض التفاسير أنها هداية المولود للرضاعة فالرضاعة حركة ميكانيكية معقدة فلو أن المولود لم يفطر عليها لن يستطيع تعلمها ولمات جوعا أو اختناقا فكيف عاش اول مولود ولو كان علم هذا بالتجربة و عمره فى الدنيا دقائق لما كان بعد بلوغ عام من عمره يضع القاذورات فى فمه كلما رآها ويضع يده على النار كلما رآها .
الثالث: هو أن العلوم المكتسبة لا تورث أصلا فلو تعلمت الانجليزية ثم أنجبت لن يخرج الولد يتكلم بها والسؤال الأناذا كانت العلوم الفطرية ليست علوما مكتسبة فمن الذى علمها لنا ولكل مخلوق أليس هو الله العليم الحكيم؟ أم أننى يمكن أن أعلم غيرى علما نافعا لا أعلمه؟ فالصدفة جاهلة وفاقد الشيء لا يعطيه