كيف تقولون نحن حكماء و شريعة الرب معنا حقا انه الى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب " أرميا (8 : 8)



يقول اليهود والنصاري بأن كتبهم لم تحرف وإنها بنفس حالتها الأصلية التي أنزلها الله علي رسله ويقولون بإستحالة تحريفها لأن كلام الله لا يمكن ان يحرفه إنسان أو حتي شيطان وهنا نطرح سؤال هل هناك أي نسخة أصلية من أي سفر من الأسفار المزعومة لديهم والموجودة بين دفتي ما يدعي بالكتاب المقدس ؟

والإجابة بحسب ما أضلهم به أحبارهم هي نعم أما الإجابة الصحيحة التي يعلمها خاصتهم هي أنه لا يوجد ولا نص واحد له مخطوطة أصلية علي الإطلاق وأن كل النصوص الأصلية فقدت بأكملها وحتي لا يظن القارئ النصراني أننا نتحدث بلا بينة ولنظل في هذا البحث نقدم الدليل والبرهان سنستشهد علي صحة ما نقول من كتاب " عصمة الكتاب المقدس " للكاتب السير فردريك كينيون" وهو كتيب كما هو واضح من أسمه يدافع عن الكتاب المقدس ويحاول أثبات عصمته من التحريف فنجده يقول تحت عنوان " ضياع النسخ الأصلية " :

(( قد يندهـش البعض إذا عرفوا أن هذه المخطوطات جميعها لا تشتمل على النسخ الأصلية والمكتوبة بخط كتبة الوحي أو بخط من تولوا كتابتها عنهم. فهذه النسخ الأصلية جميعها فقدت ولا يعرف أحد مصيرها.))

إذن النسخ الأصلية فقدت كلها ولا يعرف أحد مصيرها . ثم يتابع محاولا استجداء عطف القارئ وتضليله قائلا :

(( على أن الدارس الفاهم لا يستغرب لهذا قط، لأنه لا توجد الآن أيضاً أية مخطوطات يرجع تاريخهـا لهذا الماضي البعيد. ومن المسلم به أن الكتاب المقدس هو من أقدم الكتب المكتوبة في العالم، فقد كتبت أسفاره الأولي قبل نحو 3500 سنة. ))

أي أنه وببساطة يقارن بين كلام الله وكتبه وبين كتب قدامي البشر مثل الأوديسا والألياذة وملحمة جلجامش مثلا وهو قياس فاسد فلو كان لهذه الكتب قيمة لما سمح الله بفقدانها أما سواء كان للأعمال الأدبية لليونان او الفرس أو المصريين القدماء مثلا ذات قيمة او نفع فلا يملك مؤلفها أن يحفظها من الضياع لأنه لا سلطان له يتيح له هذا لأنه مجرد إنسان لا يضمن ما يفعل بكتبه بعد وفاته أما بخصوص قوله أنه لا توجد مخطوطات ترجع إلي هذا الماضي البعيد فهو أستهانة بعقل القارئ أو إستغلالا لجهله حيث أن هناك العديد من المخطوطات بنفس قدم أو تسبق ظهور مخطوطات الكتاب المسمي بالمقدس لازالت بين أيدينا إلي اليوم مثل كتاب الموتي مثلا الذي كان يقدسه الفراعنه أو ملحمة جلجامش ومن الكتب التي لازالت موجودة أيضا سابقة للتوارة هو كتاب مصري منذ عهد الفراعنة يسمي "قرطاس أحمس" أو "بردية رايند" كتب منذ أكثر من خمسة وثلاثون قرنا وهو موجود في المتحف البريطاني وهو منسوخ من كتاب سابق له كتب في عهد أمنمحات الأول سنة 2200 ق.م أي منذ أكثر من 4200 سنة تقريبا ويوجد أيضا كتاب "فن الحرب" أو " Ping-Fa" ويعود للقرن الرابع قبل الميلاد أي اقدم بحوالي من اربعة قرون عن كتب العهد الجديد .

وهنا لنا الحق أن نسأل ولماذا يسمح الله بضياع كتبه كلها وما هي الحكمة من هذا ؟

فكيف كانت الإجابة من السير فردريك كينيون
(( ونحن نعتقد أن السر من وراء سماح الله بفقد جميع النسخ الأصلية للوحـي هو أن القلب البشري يميل بطبعه إلي تقديس وعبادة المخلفات المقدسـة؛ فماذا كان سيفعل أولئك الذين يقدسون مخلفات القديسين لو أن هذه النسخ كانت موجودة اليوم بين أيدينا؟ أية عبادة لا تليق إلا بالله كانت ستقدَّم لتلك المخطوطات التي كتبها أواني الوحي بأنفسهم؟ ألا نتذكر ماذا فعل بنو إسرائيل قديمـاً بالحية النحاسية التي كانت واسطة إنقاذهم من الموت، وكيف عبدوهـا؟ )).

وياله من سر حقا لقد شهد شاهد من أهلها فهو يقر أمر واقع بالفعل من عبادة وتقديس القديسين ومخلفاتهم عند النصاري وهو ما يصل إلي حد الصلاة لهم والإيمان بأنهم قادرين علي فعل شئ وهو ما نسميه الشرك بالله , وفي محاولة مستميته لأقناع أو إستغفال القارئ يحاول السير فردريك كينيون أن يخلط الأوراق ببعضها حتي يلتبس الأمر علي القارئ متعللا بعبادة بني إسرائيل للحية النحاسية ولا أدري ماهي العلاقة بين كلام الله وبين التماثيل والأوثان والدليل علي زيف كلامه أن معظم النصاري اليوم يظنون أن ما بين أيديهم له نسخ اصلية بخط كتابها وبالرغم من هذا نجد منهم من يقول أو يسمح لهم بقراءته في الحمام مثلا والنصاري كما هو معروف لا يؤمنوا أو يكفروا إلا بما يقول لهم أحبارهم ورهبانهم عليه فقط كصلاتهم وصيامهم اللتان لم يؤمروا بهم في كتبهم والتي هي من أختراع رهبانهم وكهنتهم حتي أن كل جماعة منهم لها صيام خاص بها علي حسب الطائفة التي ينتمي غليها ولعل كتاب الآب متي المسكين حول الصيام الذي أثار زوبعة في الكنيسة الأرثوذكسية والذي أوقف طبعه وسحب من الأسواق لأنه يفضح هذا هو خير دليل علي ما أقول . والسبب الحقيقي وراء ضياع النسخ الأصليه هو أن كل هذه الرسالات السابقة للرسول عليه الصلاة والسلام من آدم إلي المسيح عليهم السلام إنما هي رسالات وقتيه أرسلت لأقوام معينين فقط وليس للعالمين (( أضع علامات حمراء ردا على شبهة النصارى حول بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لجميع البشر)) ولعل قول المسيح للمرأة الكنعانية بحسب إنجيل متي والفينيقة السورية بحسب إنجيل مرقس " لم ارسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة " هو خير دليل علي ذلك وقد يقول قائل نتفق معك من حيث أن الأنبياء كلهم كانت رسالتهم لبني إسرائيل ما عدا المسيح الذي جاء للعالمين مستشهدا بالإنجيل المنسوب لمتي إذ يقول :

28: 19 فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس .

فنقول له وما أكثر ما يمكننا قوله وأثباته لكل من له عقل يعي أن هذا النص إن هذا النص تم أضافته في القرن الرابع الميلادي ولا توجد مخطوطة منسوخة قبل هذا التاريخ توجد بها هذه العبارة وحتي يتأكد القارئ من صحة كلامنا فنحن نستشهد بما فعله التلاميذ أنفسم في ما يسمي بأعمال الرسل فنجد أن بطرس نفسه وهو أعظم التلاميذ فنجده يقول في أعمال الرسل 10 : 28 وهذا بعد قيامة المسيح المزعومة :

" فقال لهم انتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي ان يلتصق باحد اجنبي او ياتي اليه " .

ويقول ايضا في نفس السفر :

" 10: 42 و اوصانا ان نكرز للشعب و نشهد بان هذا هو المعين من الله ديانا للاحياء و الاموات "

أي أن كرازة وتبشير التلاميذ مقصورة علي الشعب فقط أي اليهود وليس للأممين أو للعالم أجمع ولزيادة التأكيد نجد أن التلاميذ أنفسهم لم يغادروا أورشليم إلا مضطرين وحتي لما تشتتوا في إنطاكيا وفينيقية وقبرص لم يقوموا بتبشير أحد سوي اليهود فقط وهذا نراه واضحا في أعمال الرسل إذا يقول مؤلفه متحدثا عن تلاميذ المسيح :


أعمال الرسل 11: 19(( اما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا الى فينيقية و قبرس و انطاكية و هم لا يكلمون احدا بالكلمة الا اليهود فقط )).

فإن كان المسيح قد قال لتلاميذه أن يعمدوا جميع الأمم فلماذا لم يكلم التلاميذ أحد الأممين عن المسيح وأقتصر عملهم فقط علي اليهود ؟

وللمزيد من الأثبات نجد ان بولس نفسه صاحب النصيب الوافر في تأليف ما يدعي بالعهد الجديد لا يبدأ كلامه ولا يحيي أحد بأسم الثالوث المقدس أو الآب والأبن والروح القدس ولكنه غالبا ما يقول : " نعمة لكم و سلام من الله ابينا و الرب يسوع المسيح " ولا يذكر الأقنوم الثالث علي الإطلاق وذلك قطعا لجهله به بل إن كلمة الثالوث المقدس لا وجود لها في العهد الجديد او القديم مطلقا وهي كلمة مستحدثه في أواخر القرن الرابع الميلادي أي في نفس التوقيت الذي أضيف نص " فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس " وهو أيضا نفس التوقيت التي وضع في قانون الإيمان المدعي بواسطة أثناسيوس ونحن الآن أمام ثالوث من نوع جديد فالنص مضاف في اواخر القرن الرابع الميلادي وكلمة ثالوث مقدس ظهرت في القرن الرابع الميلادي (( وضعت كلمة الثالوث للإشارة إلي موضوع أخر سوف نتكلم عليه خارج إطار النقل من كتاب صواعق الحق في موضوع مستقل ان شاء الله ))وقانون الإيمان المعدل والذي اضيف فيه نص :

وأؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن يسجد له، وأؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسوليه وأعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وأترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي، آمين."

حيث أن هذا النص لم يكن موجود في قانون الإيمان الأول الذي كانت صيغته :

"أومن بإله واحد آب ضابط الكل خالق السماء والأرض وكل ما يرى وكل ما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء، وصار إنساناً وصُلب أيضاً عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء. آمين "



بل أن كلاهما من مستحدثات القرن الرابع الميلادي فالنص الأول قبل الإضافة والذي يقول : (أومن بإله واحد آب ضابط ) إلي أن ينتهي بـ (الذي ليس لملكه انقضاء) قد كتب في سنة 325 م في نيقية أما النص المضاف له والمشار له سلفا والخاص بالروح القدس المنبثق فقد تمت إضافته سنة 381 م في المجمع المسكوني الثاني بالقسطنطينية في عهد الأمبراطور الروماني ثيودوسيوس والذي يعتبر اول من عمد بالثالوث ولم يسبقه أحد في هذا علي الإطلاق وهو ما يثبت ايضا أن نص " فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس" إنما هو نص يوضع مع ما يسمي بالتحريف بالزيادة وقد أضيف للإنجيل المنسوب لمتي في أواخر القرن الرابع الميلادي لأنه بديهيا لو كان هذا النص موجود فعلا لما كان هناك حاجة لعقد المجمع المسكوني الثاني ولكان يكفيهم الأستشهاد به والذي كان توصياتة أو قراراته إضافة الفقرة التي تتعلق بالروح القدس فيما يسمي قانون الإيمان ووحدانية المعمودية لغفران الخطايا . ولما كان الأمبراطور الروماني ثيودوسيوس أول من عمد بالثالوث ولكان سبقه الآلاف او الملايين من النصاري السابقين له .

وبأثبات زيف النص القائل : " فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس " . وبوجود النصوص التالية "

" فاجاب و قال لم ارسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة " متي 15: 24

" هؤلاء الاثنا عشر ارسلهم يسوع واوصاهم قائلا الى طريق امم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا . بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة " متي " 10: 5 – 6

والتي تؤكد نهي المسيح لتلاميذه أن يذهبوا للأمم تصريحه للمرأة الكنعانية أو الفنيقية بأنه أرسل فقط لبني إسرائيل يتبين لنا أن المسيح مثله مثل كل الرسل السابقين له أتي برسالة لقوم معينيين وليس للعالم أجمع وضياع كتابه أو كتب من قبله والذي يقر به النصاري واليهود وهو ما أثبتناه بالنص من كتاب " عصمة الكتاب المقدس " للسير فردريك كينيون " أمر بديهي لعدم وجود مصلحة ترتجي من هذه الكتب ولأن الكتب أنتفي الغرض الذي أنزلت من اجله
ولأثبات أن ضياع هذه الكتب لإنتفاء الغرض منها كان حتما مقضيا نسأل اليهود والنصاري :

هل تعهد الله بحفظ هذه الكتب ؟

هل يوجد في ما يدعي الكتاب المقدس إشارة أو تلميح بأن الله تعهد بهذا ؟

ويأتي الرد بسرعة البرق ليحيلنا إلي قول المسيح في إنجيل مرقس :

13: 31 السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول

أو لأنجيل لوقا حيث يقول المسيح إن كان قد قال :

21: 33 السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول

أو لأنجيل متي :

24: 35 السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول



هكذا أفهمهم أحبارهم ورهبانهم وهذا هو الرد الفوري الآلي الاعقلاني الذي دربهم عليه كهنتهم والذي يجيبون به عن سؤالهم عن إذا ما كان الله قد تعهد بحفظ كتابه أم لا , وهنا نقع مع ما يسمي بالتحريف المعنوي والذي يعني إخراج النص عن سياقه الأصلي وإلباسه مفهوم غير الذي يقوله فبمراجعة الأناجيل الثلاثة التي يقول فيها المسيح " السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول" نجد أن الكلام هنا لا علاقة له بحفظ كتاب الله أو كلام الله ولكننا نجد المسيح يتحدث عن الأيام الأخيرة مخبرا عما سيحدث فيها ومبلغا بما يجب أن يفعله الناس يومها وسأورد النص كاملا من إنجيل مرقس 13: 1 – 32 :



" و فيما هو خارج من الهيكل قال له واحد من تلاميذه يا معلم انظر ما هذه الحجارة و هذه الابنية . فاجاب يسوع و قال له اتنظر هذه الابنية العظيمة لا يترك حجر على حجر لا ينقض . و فيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل ساله بطرس و يعقوب و يوحنا و اندراوس على انفراد . قل لنا متى يكون هذا و ما هي العلامة عندما يتم جميع هذا . فاجابهم يسوع و ابتدا يقول انظروا لا يضلكم احد . فان كثيرين سياتون باسمي قائلين اني انا هو و يضلون كثيرين . فاذا سمعتم بحروب و باخبار حروب فلا ترتاعوا لانها لا بد ان تكون و لكن ليس المنتهى بعد . لانه تقوم امة على امة و مملكة على مملكة و تكون زلازل في اماكن و تكون مجاعات و اضطرابات هذه مبتدا الاوجاع . فانظروا الى نفوسكم لانهم سيسلمونكم الى مجالس و تجلدون في مجامع و توقفون امام ولاة و ملوك من اجلي شهادة لهم . و ينبغي ان يكرز اولا بالانجيل في جميع الامم . فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون و لا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس . و سيسلم الاخ اخاه الى الموت و الاب ولده و يقوم الاولاد على والديهم و يقتلونهم . و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص . فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة حيث لا ينبغي ليفهم القارئ فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال . و الذي على السطح فلا ينزل الى البيت و لا يدخل لياخذ من بيته شيئا . و الذي في الحقل فلا يرجع الى الوراء لياخذ ثوبه . و ويل للحبالى و المرضعات في تلك الايام . و صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء . لانه يكون في تلك الايام ضيق لم يكن مثله منذ ابتداء الخليقة التي خلقها الله الى الان و لن يكون . و لو لم يقصر الرب تلك الايام لم يخلص جسد و لكن لاجل المختارين الذين اختارهم قصر الايام . حينئذ ان قال لكم احد هوذا المسيح هنا او هوذا هناك فلا تصدقوا . لانه سيقوم مسحاء كذبة و انبياء كذبة و يعطون ايات و عجائب لكي يضلوا لو امكن المختارين ايضا . فانظروا انتم ها انا قد سبقت و اخبرتكم بكل شيء . و اما في تلك الايام بعد ذلك الضيق فالشمس تظلم و القمر لا يعطي ضوءه . و نجوم السماء تتساقط و القوات التي في السماوات تتزعزع . و حينئذ يبصرون ابن الانسان اتيا في سحاب بقوة كثيرة و مجد . فيرسل حينئذ ملائكته و يجمع مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء الارض الى اقصاء السماء . فمن شجرة التين تعلموا المثل متى صار غصنها رخصا و اخرجت اوراقا تعلمون ان الصيف قريب . هكذا انتم ايضا متى رايتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا انه قريب على الابواب . الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله . السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول . و اما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما احد و لا الملائكة الذين في السماء و لا الابن الا الاب "

أي أن المسيح يقول " السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول " حول ما سيحدث في الأيام الأخيرة وليس حول الكتاب أو كلام الله كما هو مبين في النص السابق وهو ما يوضح تحريف الكهنة وتضليلهم لأتباعهم بإعطائهم إجابات وتفسيرات مغلوطة وهم يعلمون هذا تمام العلم وهو ما يدحض قول اي نصراني بأن الله تعهد بحفظ كتبه المنزلة إليهم أو التي من قبلهم .

وهذا النص السابق من إنجيل مرقس كفيل بتدمير العقيدة المسيحية من جذورها ففيه قدر من التحريف بكافة أشكاله وأنواعه علاوة علي أنه يثبت كذب المسيح علي تلاميذه بإبلاغهم أشياء لم ولن تحدث


ولإيضاح ما سبق نتعرض للأتي :


أولا انواع التحريف الموجودة بالنص :

1. تحريف بالزيادة :

وهو ما نجده في قول المسيح :

" فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة حيث لا ينبغي ليفهم القارئ فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال ".

والكلمات الزائدة التي وضعها محرف الإنجيل بفرض صحة الباقي هي :

" التي قال عنها دانيال النبي قائمة حيث لا ينبغي ليفهم القارئ "

وهي تتضح من جملة ليفهم القارئ والتي وضعها ناسخ الإنجيل ولم تكن موجود في النص الأصلي ومن هنا يتبين أن النص الأصلي كالتالي :

" فمتى نظرتم رجسة الخراب فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال ".

يقول النصاري الحرف يقتل ونجد هنا أحدي عشر كلمة وليس حرف زائدة علي النص ومضافة له

2. تحريف معنوي :

وهو في تفسير الآباء للنص ولإيهامهم أتباعهم بأشياء لم تقال في النص ولم يقصدها النص وكمثال لهذا للنظر تفسير تادرس يعقوب ملطي لهذه الأعداد السابقة من إنجيل مرقس حيث يقول مفسر للنص تحت عنوان علامات المنتهي :

تم هذا التساؤل فيما كان السيد "يخرج" من الهيكل، أما سرّه فغالبًا أن هذا التلميذ أراد أن يسمع من فم معلمه ما جال في خواطر التلاميذ أن السيد جاء ليطهر الهيكل حتى يجعله مركز مملكته وقصره الملوكي، من خلاله يملك على العالم. فجاءت إجابة السيد المسيح تحطم خواطرهم المادية تمامًا، على نقيض ما كانوا يتوقعون، فقد استغل السيد المسيح هذا السؤال ليعُلن لتلاميذه عن إزالة الهيكل تمامًا، وخراب أورشليم، بل ونهاية العالم المادي كله حتى يسحب قلوبهم إلى الملكوت الروحي والمجد السماوي الأخروي.


يقول القديس كيرلس الكبير: [توقع (التلاميذ) أن يُعجب بالمنظر حين يراه، لكنه هو الله، عرشه السماء. أقول في لطفه لم يعطِ اهتمامًا للأبنية الأرضية بكونها تافهة بل وتُحسب كلاشيء تمامًا، إن قورنت بالمواضع العلوية. لقد أوقف الحوار الخاص بهذه الأبنية ووجهه إلى ما هو لازم لنفعهم. إن كان الهيكل بالنسبة لهم يستحق أن ينال كل الإعجاب، لكنه في الوقت المناسب يُخرب من أساساته حين يهدمه الرومان وتُحرق أورشليم بالنار، فينال إسرائيل جزاءه لقتله الرب، فقد حلت بهم هذه الأمور بعد صلب المخلص.].


يأول المفسر هنا هذا النص بخراب هيكل اليهود ويستشهد بأحد الآباء وهو القديس كيرلس لكبير الذي يؤيده في تفسيره هذا ونحن نقول وأي إنسان له عقل يقول أن هذا النص لا علاقة له بموضوع خراب هيكل اليهود لأن هذا عكس ما يقوله النص نفسه . ولو فرضنا جدلا حتي صحة كلام المفسرين بأن هذا النص يتحدث عن خراب هيكل اليهود فسيصبح النص مكذوب لأن هناك شواهد من النص لم ولن تكتمل مثل قول المسيح :

" و حينئذ يبصرون ابن الانسان اتيا في سحاب بقوة كثيرة و مجد . فيرسل حينئذ ملائكته و يجمع مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء الارض الى اقصاء السماء " .

فهل ابصر الناس أبن الإنسان (المقصود به هنا المسيح ) أتيا سواء في سحاب او في غيره ؟؟؟ وهل أرسل ملائكته ليجمع مختاريه ؟؟؟ ولنري المزيد من التحريف المعنوي حول هذه النقطة من المفسر حيث يقول :

(( تحقق قول السيد حرفيًا إذ شاهد بعض السامعين إن لم يكن جميعهم الأحداث الخاصة بخراب الهيكل وتحطيم أورشليم. أما بقية الأحداث فقد تحققت فعلاً بقبول الأمم للسيد المسيح في حياتهم وأنه قد جاء يعلن مجده في داخلهم )).

وياله من أستخفاف بالعقول يحول الكلام عن الشواهد التي ستحدث والتي قال عنها المسيح في النص :

" فاجابهم يسوع و ابتدا يقول انظروا لا يضلكم احد " .

فإن لم يكن ما قاله المفسر تضليل فما هو التضليل إذا يحول أمارات وعلامات يصفها المسيح بتفاصيلها إلي كلام يستغفل به الناس ممن سفهوا أنفسهم ولغوا عقولهم ونقصد هنا قوله :

" أما بقية الأحداث فقد تحققت فعلاً بقبول الأمم للسيد المسيح في حياتهم وأنه قد جاء يعلن مجده في داخلهم " .

ما علاقة إعلان مجده بداخلهم بما يقوله النص من أمارات وإشارات قيام الساعة .

ومع المزيد من التحريف المعنوي نجده يقول حول عدم معرفة المسيح بميعاد يوم القيامة أو الساعة كما يقول النص التالي :

" و اما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما احد و لا الملائكة الذين في السماء و لا الابن الا الاب "

نجد هنا المسيح ينكر علمه بالساعة وينسبه للآب فقط أما مفسرنا فيكمل تضليله نقلا عن الآباء قائلا :

(( أولاً: يقول القديس أمبروسيوس أن السيد المسيح هو الديان وهو الذي قدم علامات يوم مجيئه لذا فهو لا يجهل اليوم. هذا وإن كان يوم مجيئه هو "السبت" الحقيقي الذي فيه يستريح الله وقديسوه فكيف يجهل هذا اليوم وهو "رب السبت" )) .

ونقول سبحان الله... المسيح ينفي معرفته بالساعة ويكذبه القديس أمبروسيوس قائلا أنه لا يجهل هذا إن لم يكن هذا لي لأعناق النصوص وتفسير النصوص بعكس ما ترمي إليه فماذا يكون إذا ؟؟؟
ثم يتابع مفسرنا علي لسان الآباء كاتبا ما نصه :

(( ثانيًا: يرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح لا يجهل اليوم، إنما يعلن أنه لا يعرفه، إذ لا يعرفه معرفة من يبيح بالأمر. لعله يقصد بذلك ما يعلنه أحيانًا مدرس حين يُسأل عن أسئلة الامتحانات التي وضعها فيجيب أنه لا يعرف بمعنى عدم إمكانيته أن يُعلن ما قد وضعه، وأيضًا إن سُئل أب اعتراف عن اعترافات إنسان يحسب نفسه كمن لا يعرفها. يقول القديس أغسطينوس: [حقًا إن الآب لا يعرف شيئًا لا يعرفه الابن، لأن الابن هو معرفة الآب نفسه وحكمته، فهو ابنه وكلمته وحكمته. لكن ليس من صالحنا أن يخبرنا بما ليس في صالحنا أن نعرفه... إنه كمعلم يعلمنا بعض الأمور ويترك الأخرى لا يعرفنا بها. إنه يعرف أن يخبرنا بما هو لصالحنا ولا يخبرنا بالأمور التي تضرنا معرفتها.] )).


ويقول مؤلف الكتاب الداعي للحق
تأمل عزيزي القارئ أستخفافه بعقول القارئ في قوله " أن السيد المسيح لا يجهل اليوم، إنما يعلن أنه لا يعرفه " هل يعني هذا سوي أن المسيح يكذب ؟ فإن أنكر أحدهم معرفته بشئ وهو يعلمه فهو كاذب لا محالة هكذا يقول المنطق وإلا لكان بهذا المنطق الملائكة أيضا تعلم ميعاد الساعة فالإنكار كان ضمني للمسيح ولهم كما يقول النص " و اما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما احد و لا الملائكة الذين في السماء و لا الابن " . أما مثال المدرس وأب الأعتراف فهي تندرج تحت بند القياس الفاسد لأن من يسأل المدرس أو أب الأعتراف يعلم تمام العلم أنه يعرف وإن انكر , اما تلاميذ المسيح فمن أين لهم بعلم التلميذ بأستاذه أو بسأئل أب الأعتراف بالأب , وهذا يتضح جليا إذ عرفنا أن التلاميذ أنفسهم أي من كانوا مع المسيح خطوة بخطوة لم يدركو أنه هو الرب أو أبن الرب حتي قيامته من بين الأموات المزعومة ويؤكد هذا إنجيل مرقس : 9 : 31-32 :

" لانه كان يعلم تلاميذه و يقول لهم ان ابن الانسان يسلم الى ايدي الناس فيقتلونه و بعد ان يقتل يقوم في اليوم الثالث . و اما هم فلم يفهموا القول و خافوا ان يسالوه ".


مما يعني أن التلاميذ أنفسهم لم يفهموا ما يقوله الآباء والكنيسة لأتباعها , وموضوع جهل المسيح لا يتعلق فقط بموضوع الساعة وإنما يتعلق ايضا بصغائر الأشياء البديهية فكما تخبرنا الأناجيل نجد أن المسيح كان يجهل حتي ميعاد أو موسم ظهور التين وهو ما يعرفه أي فلاح وبستاني علي الأقل وياله من إله هذا من يجهل ما يعلمه خلقه وسنورد لكم القصة من إنجيل مرقس 11 : 12-13 :

" وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع . فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا لانه لم يكن وقت التين " .

لا حظوا معي كلمة " جاع " فهل يجوع الإله ؟

ولا حظوا جملة " وجاء لعله يجد فيها شيئا " فهل الذي يجهل ما تحمله الشجرة يعلم ما في نفوس الناس ؟

ولا حظوا ايضا جملة " فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا لانه لم يكن وقت التين " فهل الذي يجهل المواسم يمكن أن يكون جديرا بلقب فلاح أو بستاني ناهيك عن كون إله ؟.

ولنري المزيد من التحريف المعنوي حول هذه النقطة في التفاسير فبخصوص جوع المسيح يقول القديس أغسطينوس:

[أي شيء يجوع إليه المسيح أو يعطش سوى أعمالنا الصالحة؟] لقد جاع عبر الأجيال مشتهيًا أن يجد ثمرًا مفرحًا للسماء، لكن شجرة التين، أي الأمة الإسرائيلية التي قدم لها كل الإمكانيات للإثمار أنتجت ورقًا ظاهرًا دون ثمر.

هل هذا تفسير يقبله عقل النص يقول جاع وذهب ليأكل التين فيحولها فم الكهنه إلي قصص واهية لا وجود لها خارج رؤوسهم.



ويقول المفسر نقلا عن القديس كيرلس الأورشليمي :

أن السيد المسيح يعرف تمامًا أنه ليس وقت للتين، لكنه جاء لا ليلعن الشجرة في ذاتها، إنما لينزع اللعنة التي حلت بنا بلعنه للأوراق التي بلا ثمر.

النص يقول أن المسيح كان جائعا وذهب ليأكل ولم يجد ثمر وهذا دليل علي جهله بموسم التين ولكن المفسر يقول أن المسيح يعرف ويتابع أن المسيح كان يعني الذهاب لينزع اللعنة التي حلت بنا . القارئ العزيز أستحلفك بالله هل يوجد كذب وأفتراء وتحوير وتحريف للكلم عن موضعه مثل هذا؟.

نجد المسيح بعد هذه الفترة يتحدث عن لعن شجرة التين الوارد بعد قصة جهله بأعداد قلائل إذ يقول النص في مرقس :

" فاجاب يسوع و قال لها لا ياكل احد منك ثمرا بعد الى الابد و كان تلاميذه يسمعون ...... و في الصباح اذ كانوا مجتازين راوا التينة قد يبست من الاصول ".

وهو ما يعني أن المسيح غضب لما لم يجد فيها ثمار ولعنها وجعلها تيبس ولنري معا تفسير هذا الجزء أيضا مع المفسر تادرس يعقوب حيث يقول نقلا عن القديس يوحنا الذهبي الذي يقول ردا علي سؤال : كيف يأمر السيد بيبوسة شجرة التين ولم يكن وقت للتين؟ قائلاً أنه لأمر تافه أن نهتم بلعن شجرة ولا نتأمل ما قصده الرب بهذا العمل المعجزي لنمجده! .

أي عمل معجزي يقصد ؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!! إن كان هناك معجزة بحق فهي في عقل ضعاف العقول الذين يتقبلون هذه التحاريف البينة .



ولا ينسي المفسر أن يدلي بدلوه في هذا الشأن فيقول ضاربا بعقول البشر عرض الحائط قائلا :

(( يتساءل البعض: لماذا طلب السيد المسيح ثمرًا في غير أوانه، وإذ لم يجد لعن الشجرة؟

يجيب البعض أن فلسطين قد عُرفت بنوعين من شجرة التين، فإنه وإن كان الوقت ليس وقت تين بوجه عام، لكن وجود الورق على الشجرة يعني أنها من النوع الذي ينتج ثمرًا مبكرًا، وأنه مادام يوجد ورق كان يجب أن تحمل الثمر. ولعل في هذا الأمر أيضًا إشارة إلى حالة العالم في ذلك الحين، فإنه لم يكن وقت تين، إذ كان العالم حتى ذلك الحين لا يحمل ثمرًا روحيًا حقيقيًا، لأنه لم يكن قد تمجد السيد بصليبه، ليقدم ثمر طاعته للآب. وكان يليق بالأمة اليهودية وقد سبقت العالم الوثني في معرفة الله واستلام الشريعة والنبوات أن تقدم ثمرًا، فأخرجت أوراقًا بلا ثمر، لذا استحقت أن تجف لتحل محلها شجرة تين العهد الجديد المثمرة.)).



بقدرة قادر تحولت شجرة التين إلي رمز إلي الأمة اليهودية حقيقة رأيت من الحواة الكثير والكثير ولكن لم أري مثل هذا من قبل .


خلصنا من موضوع شجرة التين ... ننتقل إلى موضوع أخر لإثبات تحريف كتبهم
ونضيف للتحريفات أيضا اخطأ علمية كونية فلو أن الشمس أظلمت لأصبحت الكرة الأرضية في شتاء قارص لا يطيقة حتي الدب القطبي وينتج عنه إنعدام الحياة علي كوكب الأرض وكان لا حاجة للمسيح ان يقول لهم صلوا لكي لا يكون هروبكم في الشتاء لأن لإظلام الشمس وحده كفيل بجعل الشتاء كصيف شديد الحرارة مقارنة به , وايضا نجد أن كاتب هذا النص وبخصوص موضوع نجوم السماء التي ستتساقط فهذا النص يبين جهل الكاتب بنجوم السماء وأحجامها فالنص قد يصور في مخيلة الناس أن نجوم السماء بحجم حبات البرتقال أو الليمون مثلا وانها ستتساقط علي الأرض ولا يعلم أن فيها ما هو أكبر من الأرض الآلاف المرات وبالطبع فكل من يسمع هذا الكلام ليس عليه أن ينتظر لا عودة المسيح ولا عودة الحياة نفسها فأي من إظلام الشمس او تساقط النجوم كفيل بمنع المسيح نفسه عن الآتيان الذي لم ولن يحدث أولا لتدمير الكوكب وثانيا لعدم وجود حياة علي سطح الأرض في حالة إستمرار وجودها وهو ما اعتبره من باب الخيال العلمي .



وبهذا نجد ان نص " السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول " لا علاقة له بحفظ الكتب التي يقدسها اليهود او النصاري ولا يعتد به في الرد من قيب أو من بعيد .

ولعل النص التالي من رؤيا يوحنا ( 22: 18 – 19 )هو خير دليل علي إمكانية التحريف والحذف وإضافة في كتب اليهود والنصاري والنص يقول :

" لاني اشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب . و ان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة و من المدينة المقدسة و من المكتوب في هذا الكتاب . "



البديهي والمعروف أن أي تشريع سماوي أو قانون أرضي حتي يوضع لتجنب حدوث حالة أو فعل قابل للحدوث من الناس أو المواطنين ووجود هذا النص يثبت أن الرب يتوعد الذين سيقومون بتحريف كتابه بعقوبات شديدة مما يؤكد إمكانية تحريفه ولمزيد من الإيضاح دعونا نتخيل مثلا دولة ما أو حكومة ما تصدر قانونا بأن كل من سيسرق تنين سيعاقب بالسجن عشر سنوات أو أن كل من يقتل ملاك يعدم سيكون قطعا قانون أقل ما يوصف به من وضعه أنه مجنون أو متخلف عقليا وذلك لإستحالة حدوث الشياء التي سن من أجلها القانون وسيتم رفع القانون لعدم نفعه وإستحالة حدوث ما صدر من أجله وبالتالي يكون النص السابق من رؤيا يوحنا إما أن يكون دليلا علي إمكانية تحريف الكتب أو ان من وضعه أبله ولا يعي ما يقول .

قد يقول قائل منهم أن المقصود في هذا النص بقوله " و ان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة " هو الكتاب الموجود به النص فقط فهو هنا يثبت علي الأقل إمكانية تحريف سفر الرؤيا . وتظل باقي الأسفار الأخري في العهدين القديم والجديد بلا تعهد من الرب بحفظها .



وقد يخطر الآن علي بال القارئ السؤال التالي : وماذا عن القرآن هل تعهد الله بحفظه فنقول له نعم أقرأ سورة [الحجر : 9] إذ يقول المولي عز وجل :

( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )

وقد يقول قائلهم الآن وماذا يعني الذكر هنا ولماذا يعني القرآن فقط أليس كل كلام الله يعتبر ذكرا ايضا والإجابة في الآيات السابقة لهذه الآية إذ يقول الله سبحانه وتعالي مخبرا عن ما قاله الكفار عن الرسول :

( وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ )[الحجر : 6]

والخطاب هنا كان من مشركي مكة للرسول علية الصلاة والسلام يقولون له فيه يا من إنزل عليه القرآن أنت مجنون ومن سياق الآيات يتضح وبلا ادني شك أن المقصود هنا هو القرآن والقرآن فقط .وقد كان لي بحث كامل في هذا الموضع سوف أنشره بعد الإنتهاء من اثبات تحريف كتب النصارى واليهود ان شاء الله

وربما يآتي احدهم بسؤال أخر ويقول هل يوجد في القرآن أي تحذير من تحريفه مثل الموجود في سفر رؤيا يوحنا فنقول لهم أن الله سبحانه وتعالي كونه تعهد بحفظه كما اوضحنا في الآية السابقة لم يكن له حاجة أن يضع اي عقاب لمن يحاول فعل هذا لأنه أمر مستحيل ضمنه الله عز وجل .

وبهذا نكون قد اثبتنا أن الرب لم يتعهد بحفظ كتبه علي الإطلاق وأنه أعلن عن عقوبة لمن يحرفه وهو ما يدلل كما أثبتنا من قبل علي إمكانية تحريفه.


هل لازل الأمر ملتبس عليكم ؟...
لمزيد من الدلائل حول تحريف ما يسمي بالكتاب المقدس نعرض عليكم الإصحاحات التاية التي تصرخ بأن هذا الكتاب تم تحريف عدة مرات علي مر العصور فلن أعتمد علي النصوص الواضحة التي يحرفها الكهنة تحريف معنوي ولكن سوف أنسف اي إدعاء من جذوره ونبدأ بطرح السؤال التالي :

ماذا تعني توراة موسي التي أنزلها الله عليه ؟

يتفق المسلمون واليهود والنصاري أنها اللوحين اللذان كتبهم الرب وأعطاهم لموسي في جبل حوريب .

ونسأل هل ما كان فب اللوحين كافيا لملء337 صفحة بالخط المنمنم كالذي نجدهم مثلا في نسخة الكتاب المدعو مقدسا ؟ هل هذا يعقل ؟

وللرد علي هذا السؤال يا فرسان البشارة أستوقفكم لحظة لنبحر مع هذا البحث القيم للدكتور حمدي عبد العال من كتاب " كتاب الملة والنحلة في اليهودية والمسيحية والاسلام" والذي انقله بتصرف للتدليل علي حجم التوراة الفعلي وإنه يختلف تمام الإختلاف مع كل هذه الكتب الخمسة المدعوة زورا بأنها التوراة الأصلية وستكون جميع الشواهد من الكتاب نفسه أي كما يقال من فمك أدينك يقول الباحث :



ان مسألة تحريف الكتاب المقدس قد انتهى الجدل فيها بين الثقاة من العلماء والباحثين ، ولم يعد بينهم خلاف يذكر حول تحريف الكتاب المقدس ، والتفاوت بينهم ، إنما هو من حيث الكم والكيف فيما يقدمونه من أدلة ، ونحن فيما نقدمه هنا من أدلة . ليس إلا إضافة أو تذكير بما أقاموه من أدلة :

· تضخم التوراة بفعل اليهود :

وسنعتمد في هذا على التوراة نفسها ، فالتوراة التي بين أيدينا الآن . لا يمكن أن تكون كلماتها بنفس الكم الذي نزلت به ، فنحن نرى أسفارها الخمسة تملأ 379 صفحة بالحروف الصغيرة تزيد أو تنقص بحسب نسخها المختلفة، بينما التوراة نفسها تحدد لنا الصورة التي نزلت بها ، بشكل لا وجه فيه للمقارنة بين حجمها الحالي وحجمها الذي نزلت به ، حيث يذكر سفر الخروج [ 24 : 12 ] ، أن موسى تلقي التوراة مكتوبة على لوحين من حجر :

( وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى : اصْعَدْ إِلَى الْجَبَلِ وَامْكُثْ هُنَاكَ لأُعْطِيَكَ الْوَصَايَا وَالشَّرَائِعَ الَّتِي كَتَبْتُهَا عَلَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ لِتُلَقِّنَهَا لَهُمْ )



ويذكر سفر الخروج أيضاً في [ 32 : 15 ] :

( ثُمَّ نَزَلَ مُوسَى وَانْحَدَرَ مِنَ الجَبَلِ حَامِلاً فِي يَدِهِ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ ، وَقَدْ نُقِشَتْ كِتَابَةٌ عَلَى وَجْهَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَانَ اللهُ قَدْ صَنَعَ اللَّوْحَيْنِ وَنَقَشَ الْكِتَابَةَ عَلَيْهِمَا )

وقد يتبادر إلى الذهن ، أنه لا مانع عقلاً من أن يكون اللوحان من العظم والاتساع ، بحيث يملأ المسطر عليها 379 صفحة من الورق كما نراها الآن وهو مالا يتماشي مع النص السابق من كون ان موسي حمل بيديه لوحي الشهادة منحدرا من الجبل ولكنا دعونا نري ما يقوله الكتاب نفسه حول ذلك :

نجد ان التوراة نفسها تدفع هذا الاحتمال ولا تعطي أي أمل لمؤيديه حين تحدد حجم اللوحين بالتابوت الذي أمر الله موسى أن يصنعه ويحفظ فيه التوراة :

فقد جاء في سفر الخروج [ 25 : 10 ، 16 ] :

( تابوتاً من خشب طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف ، وتضع في التابوت الشهادة التي أعطيك )

ولأن طول المقياس المسمي بالذراع يختلف طوله من زمن إلي زمان ومن مكان إلي مكان فمثلا الذراع الملكي طوله 52.3 سم بينما الذراع العادي يساوي 45 سم أما الذراع المقود في النص السابق والذي كان يعتمد اليهود عليه فطوله 17.5 بوصة أو ما يعادل 44.5 سم . والفروق كما هو واضح بين الثلاثة طفيف بالذات غن الأشياء التي سنقيسها في النص لا تزيد عن ذراعان ونصف فتكون أبعاد التابوت الذي كان يحتفظ فيه باللوحين كالتالي : ( 111.25 سم X 66.75 سم X 66.75 سم ) أو ( 43.75 بوصة X 26.25 بوصة X 26.25 بوصة ).

مما يعني أنه كان في حجم صندوق متوسط الحجم يمكن لطفل صغير أن يجلس بداخله .

وقد يرد على الذهن احتمال أن ما كتب على اللوحين ، بلغت حروفه حداً من الصغر ، بحيث إذا نقلت كلماته على الورق ، ملأت صفحات عديدة ، ونحن نرى الآن القرآن الكريم يكتب في صفحة واحدة لا تزيد كثيراً عن ذراع في ذراع وبالرغم من إستحاله حدوث هذا لأنها لن تمكن القارئ من قراءتها . نجد التوراة نفسها تدفع هذا الاحتمال ، حين تحدد لنا الزمن الذي يستغرقه كتابتها وقراءتها ، بحيث لا يبقى لدينا أدنى شك في تقدير حجمها ، وأنها لا تزيد عن كلمات لا تملأ أكثر من بضع ورقات فيقول كاتب سفر التثنية [ 31 : 9 ]

( وَكَتَبَ مُوسَى كَلِمَاتِ هَذِهِ التَّوْرَاةِ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَإِلَى سَائِرِ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَمَرَهُمْ مُوسَى قَائِلاً: فِي خِتَامِ السَّبْعِ السَّنَوَاتِ، فِي مِيعَادِ سَنَةِ الإِبْرَاءِ مِنَ الدُّيُونِ، فِي عِيدِ الْمَظَالِّ عِنْدَمَا يَجْتَمِعُ جَمِيعُ الإِسْرَائِيلِيِّينَ لِلْعِبَادَةِ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْتَارُهُ، تَتْلُونَ نُصُوصَ هَذِهِ التَّوْرَاةِ فِي مَسَامِعِهِمْ ).

ويحدد لنا سفر يشوع [ 8 :32 ] الزمن بدقة أكثر ، حين يذكر أن يشوع نقش نسخة من التوراة على الحجر وتلاها على الشعب في جلسة واحدة :

( وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى . وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة ، البركة واللعنة ، حسب كل ما كتب في سفر التوراة لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقرأها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل ) .


وقد يدور في الرؤوس إحتمال أخير :

أليس من الجائز أن يكون موسى عليه السلام قد تلقى مع اللوحين نصوص أخرى ، وأن المجموع هو ما يطلق عليه التوراة .



ولكن هذا الاحتمال الأخير نجد ما يرده من سفر الملوك الأول [ 8 : 9 ] حيث يذكر بوضوح أن سليمان حين نقل التابوت إلى المعبد الذي بناه ، لم يكن فيه سوى اللوحين :

( وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ سِوَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ اللَّذَيْنِ وَضَعَهُمَا مُوسَى فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ أَبْنَاءَ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ )



وأخيراً فإن التوراة تحدد لنا على لسان موسى عليه السلام قبل موته مضمون التوراة ، بأنه عبارة عن الوصايا العشر ، وهي فقط ما كتب في اللوحين وهو ما نجده يقال علي لسان موسي في التثنية ( 5 : 1 - 22 ) :



" و دعا موسى جميع اسرائيل و قال لهم اسمع يا اسرائيل الفرائض و الاحكام التي اتكلم بها في مسامعكم اليوم و تعلموها و احترزوا لتعملوها . الرب الهنا قطع معنا عهدا في حوريب . ليس مع ابائنا قطع الرب هذا العهد بل معنا نحن الذين هنا اليوم جميعا احياء . وجها لوجه تكلم الرب معنا في الجبل من وسط النار . انا كنت واقف بين الرب و بينكم في ذلك الوقت لكي اخبركم بكلام الرب لانكم خفتم من اجل النار و لم تصعدوا الى الجبل فقال . انا هو الرب الهك الذي اخرجك من ارض مصر من بيت العبودية . لا يكن لك الهة اخرى اقامي . لا تصنع لك تمثالا منحوتا صورة ما مما في السماء من فوق و ما في الارض من اسفل و ما في الماء من تحت الارض . لا تسجد لهن و لا تعبدهن لاني انا الرب الهك اله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء و في الجيل الثالث و الرابع من الذين يبغضونني . و اصنع احسانا الى الوف من محبي و حافظي وصاياي . لا تنطق باسم الرب الهك باطلا لان الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا . احفظ يوم السبت لتقدسه كما اوصاك الرب الهك . ستة ايام تشتغل و تعمل جميع اعمالك . و اما اليوم السابع فسبت للرب الهك لا تعمل فيه عملا ما انت و ابنك و ابنتك و عبدك و امتك و ثورك و حمارك و كل بهائمك و نزيلك الذي في ابوابك لكي يستريح عبدك و امتك مثلك . و اذكر انك كنت عبدا في ارض مصر فاخرجك الرب الهك من هناك بيد شديدة و ذراع ممدودة لاجل ذلك اوصاك الرب الهك ان تحفظ يوم السبت . اكرم اباك و امك كما اوصاك الرب الهك لكي تطول ايامك و لكي يكون لك خير على الارض التي يعطيك الرب الهك . لا تقتل . و لا تزن . و لا تسرق . و لا تشهد على قريبك شهادة زور . و لا تشته امراة قريبك و لا تشته بيت قريبك و لا حقله و لا عبده و لا امته و لا ثوره و لا حماره و لا كل ما لقريبك . هذه الكلمات كلم بها الرب كل جماعتكم في الجبل من وسط النار و السحاب و الضباب و صوت عظيم و لم يزد و كتبها على لوحين من حجر و اعطاني اياها " .



أي أن التوراة المنزلة علي موسي عليه السلام والتي كتبت علي اللوحين لا تعدو أن تكون حوالي صفحة واحدة من الحجم الصغير A4 وتصبح أقل بعد حذف الأعداد الخمسة الأولي لأنها مقدمة بدأ بها موسي عليه السلام ليروي لبني إسرائيل عن التوراة والعدد الأخير الذي يؤكد لهم موسي فيها بكل وضوح إن هذه هي الكلمات التي كلم الرب موسي بها فقط ولم يزد عنها ولو حرف .

أما باقي ما يسمي بالأسفار الخمسة المنسوبة إلي موسي فهي من تأليف الكهنة وما أنزلها الله بل أفتروها .



هذا بإيجاز فيما يختص بالعهد القديم

يتبع في العهد الجديد ....