السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
اضافة :
( وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ )
لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ مَمْلَكَةَ الرُّومِ
( فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ )
. قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ : قَدْ اُسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ لِأَنَّ آخِرَهُمْ قُتِلَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ , وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَبْقَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ وَلَا قَيْصَرَ بِالشَّامِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ . قَالَ وَسَبَبُ الْحَدِيثِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَأْتُونَ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ تُجَّارًا , فَلَمَّا أَسْلَمُوا خَافُوا اِنْقِطَاعَ سَفَرِهِمْ إِلَيْهِمَا لِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَبْشِيرًا لَهُمْ بِأَنَّ مُلْكَهُمَا سَيَزُولُ عَنْ الْإِقْلِيمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ . وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ قَيْصَرَ بَقِيَ مُلْكُهُ وَإِنَّمَا اِرْتَفَعَ مِنْ الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا وَكِسْرَى ذَهَبَ مُلْكُهُ أَصْلًا وَرَأْسًا أَنَّ قَيْصَرَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَهُ وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ , وَكِسْرَى لَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَزَّقَهُ , فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقَ مُلْكُهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ , فَكَانَ كَذَلِكَ . قَالَ الْخَطَّابُ مَعْنَاهُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ يَمْلِكُ مِثْلَ مَا يَمْلِكُ , وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ وَبِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ الَّذِي لَا يَتِمُّ لِلنَّصَارَى نُسُكٌ إِلَّا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ عَلَى الرُّومِ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ قَدْ دَخَلَهُ إِمَّا سِرًّا وَإِمَّا جَهْرًا , فَانْجَلَى عَنْهَا قَيْصَرُ , وَاسْتُفْتِحَتْ خَزَائِنُهُ وَلَمْ يَخْلُفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْقَيَاصِرَةِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ بَعْدَهُ اِنْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
وفي البداية والنهاية لابن كثير :
قال الشافعي وغيره من العلماء: ولما كانت العرب تأتي الشام والعراق للتجارة، فأسلم من أسلم منهم، شكوا خوفهم من ملكي العراق والشام إلى رسول الله ، فقال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده».
قال: فباد ملك الأكاسرة بالكلية، وزال ملك قيصر عن الشام بالكلية، وإن ثبت لهم ملك في الجملة ببركة دعاء رسول الله حين عظموا كتابه، والله أعلم.
قلت: وفي هذا بشارة عظيمة بأن ملك الروم لا يعود أبدا إلى أرض الشام، وكانت العرب تسمي قيصر لمن ملك الشام مع الجزيرة من الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، والمقوقس لمن ملك الإسكندرية، وفرعون لمن ملك مصر كافرا، وبطليموس لمن ملك الهند، ولهم أعلام أجناس غير ذلك، وقد ذكرناها في غير هذا الموضع، والله أعلم.
وروى مسلم: عن قتيبة وغيره، عن أبي عوانة، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله : «لتفتحن عصابة من المسلمين كنوز كسرى في القصر الأبيض».
فائد :
رقم الحديث: 25
(حديث موقوف) قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا ، وَغَيْرُهُ : ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ , أنا أَبُو يَعْلَى أَيُّوبُ بْنُ عِمْرَانَ الْبَجَلِيُّ , حَدَّثَنِي مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ الْمَخْزُومِيُّ , عَنْ أَبِيهِ , وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً , قَالَ : " لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى , وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً , وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ , وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ , وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ , وَرَأَى الْمُوبَذَانُ إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا , فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا رَأَى مِنْ شَأْنِ إِيوَانِهِ فَصَبَرَ عَلَيْهِ تَشَجُّعًا , ثُمَّ رَأَى أَنْ لَا يَسْتُرَ ذَلِكَ عَنْ وُزَرَائِهِ وَمَرَازِبَتِهِ , فَلَبِسَ تَاجَهُ وَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ وَجَمَعَهُمْ , فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ , قَالَ : أَتَدْرُونَ فِيمَ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ ؟ ، قَالُوا : لَا ، إِلَّا أَنْ يُخْبِرَنَا الْمَلِكُ , فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ , فَازْدَادَ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ , فَقَالَ الْمُوبَذَانُ : وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ , أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ , فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رُؤْيَا , ثُمَّ قَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ ، فَقَالَ : أَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُوبَذَانُ ؟ قَالَ : حَدَثٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْعَرَبِ , وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ , فَكَتَبَ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ : مِنْ كِسْرَى مَلِكِ الْمُلُوكِ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ , أَمَّا بَعْدُ , فَوَجِّهْ إِلَيَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ . فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِعَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ الْغَسَّانِيِّ , فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ ، قَالَ لَهُ : أَلَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ ؟ ، قَالَ : لِيَسْأَلْنِي الْمَلِكُ فَإِنْ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ وَإِلَّا أَخْبَرْتُهُ بِمَنْ يُعْلِمُهُ , فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى , فَقَالَ : عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ ، يُقَالُ لَهُ : سَطِيحٌ , قَالَ : فَائْتِهِ , فَسَلْهُ عَمَّا سَأَلْتُكَ وَائْتِنِي بِجَوَابِهِ , فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى عَلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فَلَمْ يُحِرْ سَطِيحٌ جَوَابًا ، فَأَنْشَأَ عَبْدُ الْمَسِيحِ ، يَقُولُ : أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ أَمْ فَادَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ ، وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ أَزْرَقُ نَهْمُ النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ رَسُولُ قَيْلِ الْعُجْمِ يَسْرِي لِلْوَسَنْ تَجُوبُ بِي الْأَرْضَ عَلَنْدَاةٌ شَزَنْ تَرْفَعُنِي وَجَنًا وَتَهْوِي بِي وَجَنْ ، لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ كَأَنَّمَا أُخْرِجَ مِنْ جَوْفٍ ثَكَنْ ، حَتَّى أَتَى عَارِيَ الْجَآجِي وَالْقَطَنْ تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنْ ، فَقَالَ سَطِيحٌ : عَبْدُ الْمَسِيحِ , جَاءَ إِلَى سَطِيحٍ , وَقَدْ أَوْفَى عَلَى الضِّرِيحِ , بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ , لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ , وَخُمُودِ النِّيرَانِ , وَرُؤْيَا الَمُوبَذَانِ , رَأَى إِبِلًا صِعَابًا , تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا , قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ , وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا , يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ ، إِذَا كَثُرَتِ التِّلَاوَةُ , وَظَهَرَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ , وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ , وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ , فَلَيْسَ الشَّامُ لِسَطِيحٍ شَامًا , يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ , عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ , وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ . ثُمَّ قَضَى سَطِيحٌ مَكَانَهُ , وَسَارَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلَى رَحْلِهِ , وَهُوَ يَقُولُ : شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الْهَمِّ شِمِّيرُ لَا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وَتَغْيِيرُ إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُمْ فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ فَرُبَّمَا رُبَّمَا أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ تَهَابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامٌ وَإِخْوَتُهُ وَالْهُرْمُزَانِ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ إِمَّا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَصْفُودَانِ فِي قَرَنٍ فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخْبَرَهُ بِقَوْلِ سَطِيحٍ ، فَقَالَ كِسْرَى : إِلَى مَتَى يَمْلِكُ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمُورٌ , فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ أَرْبَعَ سِنِينَ , وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلَى آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " . هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ غَرِيبٌ . ( تاريخ الاسلام للذهبي - سير اعلام النبلاء للذهبي )
المفضلات